الحضارة سبب نشوب الحروب!(نظرية عراقية)


قاسم حسين صالح
الحوار المتمدن - العدد: 8383 - 2025 / 6 / 24 - 21:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الحضارة..سبب نشوء الحروب! (نظرية عراقية)
أ.د. قاسم حسين صالح
مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية
ما من موضوع تتعدد وتتنوع اسبابه كموضوع الحروب التي تنشب بين الشعوب . وما من سؤال لم تكن له اجابة متفق عليها كسؤال:لماذا يصعب على البشر ان يعيشوا سلام ؟!
ولأن هذا الموضوع يعدّ اهم موضوع يخص الأنسان ، فانه شغل الفلاسفة وعلماء النفس وعلماء الأجتماع بشكل خاص ، وخرجوا بعدة نظريات لم يتم الاتفاق فيها على واحدة ، وما يهمنا.. ان نسهلها على القاريء العراقي ونضيف لها ما يعدّ تنظيرا جديدا.

• النظرية الماركسية.

نرى هذه النظرية الكلاسيكية أن الحروب تنشأ نتيجة للصراع الطبقي والصراع على الموارد، خاصة في ظل النظام الرأسمالي. وترى أن الصراع الطبقي بين البرجوازية (الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج) (والبروليتاريا - الطبقة العاملة) يؤدي إلى توترات اجتماعية واقتصادية، وقد تتصاعد هذه التوترات لتشمل صراعات مسلحة. بالإضافة إلى ذلك، يسعى الرأسماليون إلى توسيع أسواقهم ومواردهم، مما قد يؤدي إلى صراعات بين الدول الرأسمالية للسيطرة على مناطق معينة ومواردها.

• نظريات علم النفس التطوري

تعدّ نظريات علم النفس التطوري هي الأحدث ،وتنظر في أسباب الحروب من خلال عدسة التطور، وتسعى لتفسير السلوكيات العدوانية والقتالية لدى البشر عبر آليات التكيف والبقاء والتكاثر. وترى أن بعض سمات السلوك البشري التي تظهر في الحروب يمكن ان تكون قد تطورت عبر الزمن لمساعدة الأفراد والجماعات على البقاء والتنافس على الموارد والتزاوج.

وتفترض هذه النظريات أن الحروب متأصلة في طبيعة الإنسان، وأنها نتيجة للتنافس على البقاء من خلال استنساخ الجينات. وتستعير من علم النفس التقليدي توكيده على دور الغرائز العدوانية، والصراعات الداخلية، والتحيزات، والأيديولوجيات، والصور النمطية الخاطئة بالبشر. وتنظر الى العدوان بوصفه آلية تكيف يتم تشكيلها عبر مئات السنين خلال المشاكل التي واجهها في الحروب، او تلك التي تشفرّت في جيناته.
• النظرية البيولوجية

ترى هذه النظرية أن العنف البشري، بما في ذلك الحروب، جزء من طبيعتنا البيولوجية، مثلها مثل سلوكيات الحيوانات الأخرى. ..بمعنى ان غريزة الشر موجودة فطريا في الأنسان..أي ان هناك دوافع فطرية تدفع الأنسان ..شاء أم أبى للقتال. وان من يرى أن الحروب تنشب بقرارات سياسية او بضغوط اجتماعية..يغفل انها تأتي استجابة لتلك الدوافع الفطرية.

• نظرية الحرب العادلة
تتناول نظرية الحرب العادلة ( تبرير كيفية وأسباب خوض الحروب). ويمكن أن يكون التبرير نظريًا أو تاريخيًا. ويهتم الجانب النظري بالتبرير الأخلاقي للحرب والأشكال التي قد تتخذها أو لا تتخذها. أما الجانب التاريخي، أو "تقليد الحرب العادلة"، فيتناول مجموعة القواعد أو الاتفاقيات التاريخية التي طُبقت في حروب مختلفة عبر العصور. على سبيل المثال، تُعدّ الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقيتي جنيف ولاهاي، قواعد تاريخية تهدف إلى الحد من أنواع معينة من الحروب، والتي قد يلجأ إليها المحامون في مقاضاة المخالفين، ولكن دور الأخلاقيات هو فحص هذه الاتفاقيات المؤسسية للتحقق من تماسكها الفلسفي، وكذلك البحث في مدى ضرورة تغيير جوانب الاتفاقيات. قد يأخذ تقليد الحرب العادلة أيضًا في الاعتبار أفكار مختلف الفلاسفة والقانونيين عبر العصور، ويدرس رؤاهم الفلسفية للحدود الأخلاقية للحرب (أو غيابها)، وما إذا كانت أفكارهم قد ساهمت في مجموعة الاتفاقيات التي تطورت لتوجيه الحرب والحرب.(منقول بالنص)
وهناك نظريات اخرى ،اهمها:
• نظرية العولمة..التي تركز على دور العولمة في خلق توترات وصراعات جديدة.،
• ونظرية التغير المناخي ..التي ترى أن التغير المناخي قد يؤدي إلى صراعات على الموارد وشح المياه.
• ونظريات الأمن الإنساني..التي تركز على أهمية حماية حقوق الإنسان وتلبية الاحتياجات الأساسية للأفراد.

• الحضارة..سبب نشوب الحروب ( نظرية عراقية)

مع ان الحضارة تعني التحّضر ، والتحّضر يعني السلوك المهذب، فان عصر الحضارة كان عصر حروب ،لأن تطور الحضارة يفرض او يخلق صراعات تؤدي الى حروب من اجل السيطرة على مصادر الطاقة والمواقع الاستراتيجية والمواد الخام القابلة للتحويل. والأخطر انها انتجت اسلحة فناء مرعب وسريع للبشرية باستخدام التكنولوجيا المتطورة بما فيها الفرط الصوتي والحرب السبرانية والذكاء الاصطناعي .

والحضارة ..هي السبب الرئيس الذي ادى الى انقسام الناس الى ( يسار ويمين) بين المنتمين للدين المسيحي ، والتطرف بين المنتمين للدين الأسلامي ، لدرجة انها اوصلت الأنسان الى قتل اخيه لسبب في منتهى السخافة.. ما اذا كان اسمه حيدر او عمر او رزكار .

والحضارة ..خلقت عاملين للحروب:

الأول: التنافس على صدارة التحّضر
والثاني: تعدد وتنوع ( متع ) الحياة..الجسمية والجنسية و..الرفاهية.

وبسببها ايضا حصلت ثلاث مفارقات :
الأولى : تهروء الضمير الأخلاقي وضعف الوازع الديني،
والثانية:دخول الدين في السياسة ، واستغلال قادة سياسيين متدينيين لشعوبهم،
والثالثة: انتهاك قدسية الحياة..باستسهال قتل الآخر.

ما يعني انها ناقضت مضمون جوهرها الذي يعني احترام قدسية الحياة ،والتمتع بضمير اخلاقي ينعكس في سلوك مهذب.
والمفارقة..ان الدراسات الأجتماعية اثبتت ان الشعوب البدائية تقل فيها الحروب..ما يجعلنا نستنتج ما يشبه النظرية:

أن الحروب ستزداد بازدياد التطور الحضاري..وأن مستقبل البشرية سيحدده من سيمتلكون آخر مبتكرات التكنولوجيا، بما فيها قتل الملايين..ليس بالسيف ولا بالبندقية ولا بقنبلة نووية، بل..بالأرقام!

*