مشكلة المنطق _ مناقشة جديدة 2025 ....


حسين عجيب
الحوار المتمدن - العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 16:47
المحور: قضايا ثقافية     

مشكلة المنطق الأولى : التعميم والاستثناء
النص الكامل
1
لنتخيل أحدنا ، استيقظ متأخرا ليجد أن الشمس لم تشرق ، وحتى المساء لم تشرق أيضا . هذا المثال خاص جدا ، وقد استخدمه العديد من العلماء والفلاسفة وغيرهم ، كمثال على نقص مبدأ الاستقراء وعدم كفايته .
أو فتح الصنبور ولم تنزل المياه ، أو رفع فاصل الكهرباء ولا تضيء اللمبة ، أو جاء الموعد وتأخر الصديق _ة ولم يأتي أبدا ...
كلنا نعرف هذه الحالة ، أو التعميم ، حيث الماضي يتنبأ بالمستقبل .
( لا ننتبه لعدم كفاية الاستقراء ، قبل تجربة الخيبة ، كما في الأمثلة السابقة وغيرها كثيرة ومتنوعة جدا )
ما حدث بالأمس ، سيتكرر اليوم ، وفي الغد أيضا .
الموت هو الاستثناء الحتمي ، والمؤكد .
حادثة الموت لا تتكرر ، حادثة الولادة أيضا لا تتكرر ، حوادث المرة الواحدة .
عدا ذلك ، غالبية حياتنا تكرار ظاهري ومباشر .
التعميم تكرار ، والاستثناء لمرة واحدة .
....
لنتخيل العكس ...
استيقظ _ت ( س ) ، وشعر _ ت بالسعادة الغامرة لأن الشمس أشرقت .
عادة تكون الشخصية ( س ) غير عادية ، تلامس العبقرية أو الجنون .
ويمكن للقارئ _ة تكملة المثال أفضل مني ، والقصد تحديد فكرة الاستثناء كما تبدو في الحياة العادية واليومية ، بالمقارنة مع خبرة التعميم .
الحد الأقصى توقع الموت بكل لحظة ، أو توقع الأسوأ بكل لحظة .
وقد خبرت تجربة شخصية ، تستحق الاهتمام كما أعتقد :
كنت أرغب بكتابة موضوع حول الصح ، نعم الصح _ النقيض للخطأ .
وفوجئت بصعوبة الموضوع ، وصدمني ذلك بشدة ، كنت في العقد الخامس ( موسم الثرثرة من الداخل ) !
المهم ،
صديق لي ، مثقف وكاتب ، سألني منذ فترة لم أقرأ شيئا لك ؟
على غير عادتك ، هل توجد مشكلة محددة ؟
ترددت ، ثم أخبرته : أكتب بحثا عن الصح ، ولم أستطع التكملة .
نظر إلي نظرة غريبة ، وقال وهو يثبت عينه في عيني :
معقول لا تعرف الصح ، حتى اليوم !
ارتبكت ، قلت له أخبرني ما هي حدود الصح أو طبيعته ، أو أي شيء سوى أنه عكس الخطأ ونقيضه .
وهنا جاءت الصدمة أقوى من سابقتها :
أنظر إلي ، كم سنة مضت على صداقتنا ؟
وحتى اليوم لا تميز الصح من الخطأ !
ظننته سوف يختمها بنكتة ، وهذا كان توقعي المرجح والمتكرر .
لكنه أكمل بمنتهى الجدية ، أنظر إلى حياتي : تفكيري ، وسلوكي ، وأحاديثي ، كيف أفعل أو أقول أو أفكر : هو الخطأ ،
والصح عكسه تماما .
أنا وحياتي وتفكيري الخطأ ، والعكس تماما هو الصح .
....
مضت على الحادثة حوالي عشرين سنة ، وما تزال تصدمني عندما أتذكرها . وكنت كاشفت الصديق بالفعل ، أعتقد أن عليك طلب مساعدة طبية تخصصية ، لا أصدق ولا أفهم أن أحدا يمكن أن يصل إلى هذا اليأس ويستمر بالعيش .
2
هل تعتبر نفسك منطقيا ؟!
سألني الصديق ، بعد فترة قصيرة .
في الحقيقة لم أفكر بالموضوع ، ولكن نعم بالطبع ...هكذا أتصور نفسي .
....
هل فكرت يوما ما هو المنطق ؟
أنا غير متخصص بالفلسفة ، كما تعرف ، ولكن هذه ثقافة عامة ومشتركة .
هل تشرح لي ما هو المنطق ؟
أجابني بما معناه أو كما فهمته ، وأتذكره : المنطق يعني عدم التناقض ، والعكس صحيح دوما ، التناقض عكس المنطق ونقيضه .
والبقية جناية أرسطو على المنطق ، وعلى الثقافة .
ماذا ، على مهلك ...
هل تعرف الثالث المرفوع ، قاطعني ؟
لا أعرف ، سمعت به مثل المنطق .
فكرة أرسطو : الثالث الممتنع ، لكن المترجمون العرب كعادتهم ضيعوا المعنى بسبب حبهم للحذلقة اللغوية .
وأكمل ، كيف أفسد أرسطو الثقافة العالمية لقرون ...
لم أصدقه وقتها ، ولم أفهم فكرته بالأصح .
3
مرت سنوات ، كما ذكرت ، على هذه القصة .
والصديق هو أول من سمعت منه فكرة الكذب أفضل من الصدق .
( الكذب فضيلة ، للكذب قيمة أخلاقية أيضا )
....
الكذب يتضمن الصدق ، والعكس غير صحيح .
الصدق حالة خاصة ، وخيالية ، وليست واقعية .
الكذب قيمة أخلاقية أيضا ، بالإضافة لقيمته المعرفية والنفسية والجمالية .
4
التصنيف الثنائي دوغمائي بطبيعته ، وهو يضلل بقدر ما يوضح ويفسر .
....
ثنائية الصدق _ الكذب ، أحد اكثر الثنائيات شهرة وإثارة للجدل معا .
مثلها ثناية السبب والنتيجة ، ...
أين المشكلة ؟
وهل يمكن حلها ؟ وكيف ؟
ثنائية الصدق الكذب ، يمكن حلها بشكل دقيق وموضوعي ، عبر الانتقال من التصنيف الثنائي إلى الرباعي :
القيم من الأدنى إلى الأعلى ، أو من السلبية إلى الإيجابية :
1 _ الصدق النرجسي ، وهو أدنى القيم السلبية أيضا .
مثال النميمة والوشاية ، والثرثرة القهرية أيضا .
2 _ الكذب ، قيمة سلبية بطبيعته .
يعرفه الجميع ، ولا يحتاج للشرح والتأويل .
3 _ الصدق ، قيمة إيجابية بطبيعته .
أيضا يعرفه الجميع ، ولا يحتاج للمناقشة الإضافية .
4 _ الكذب الإيجابي ، وهو ذروة القيم .
مثاله التواضع ، وانكار الفضل الذاتي .
( إن من يقدم الصدقة بالسر أعظم من موسى . العهد القديم )
....
مشكلة السبب والنتيجة أكثر تعقيدا ، خلال القرن الماضي وتتزايد .
هنا تتدخل الفيزياء الحديثة ، بدلالة ظواهر فيزياء الكم المحيرة ...
التراكب والانحلال ، التشابك الكمومي ، القفزة الكمومية ، وغيرها .
....
الحل الجديد لمشكلة السبب والنتيجة :
النتيجة = سبب + صدفة .
السبب ، أو الأسباب ، يأتي من الماضي .
الصدفة ، أو الصدف ، تأتي من المستقبل .
الحاضر نتيجة الماضي والمستقبل معا وبالتزامن .
الفكرة القديمة ، التقليدية ، التي تعتبر أن الحاضر نتيجة الماضي وسبب المستقبل خطأ ، أو ناقصة وتحتاج للتعديل والتصحيح .
....
خلاصة
مشكلة التعميم القفز فوق المتناقضات .
مشكلة الاستثناء الغرق في التفاصيل .
مشكلة المنطق التعميم والاستثناء .
.....
.....

التعميم والاستثناء _ الجزء الثاني
( مع مناقشة لبعض الأفكار المتفرقة )

مثال التعميم النموذجي المساواة أو التكافؤ ، الانسان تشابه .
مثال الاستثناء النموذجي التراتب أو السلطوية ، الفرد اختلاف .
هل يمكن حل المشكلة ؟
وكيف ؟
الجواب الأول : نعم .
والجواب الثاني : الدولة الحديثة دولة القانون والمواطن .
1
فكرة 1
لماذا تأخر العرب وتقدمت اليابان ؟
خلال القرون الثلاثة السابقة ، كتبت مئات الكتب ، وألوف المقالات لتفسير هذه المشكلة الظاهرة والمباشرة : تقدم اليابان وتخلف العرب .
( بالطبع بشكل نسبي ، ومتفاوت ، من غير المنطقي المساواة بين ليبيا وسوريا واليمن مثلا ، مقابل الكويت والامارات والسعودية )
....
بالتصنيف الثنائي :
الدولة الحديثة تتقدم بطبيعتها ، أو تتحدث ذاتيا وبشكل مباشر ، مثالها السويد وكندا وأستراليا ووريا الجنوبية .
( اليوم أفضل من الأمس ، وأسوأ من الغد )
الدولة القديمة تتراجع ، او تتخلف بطبيعتها ، مثالها أفغانستان وإيران وكوريا الشمالية .
( اليوم أسوأ من الأمس ، وأفضل من الغد )
2
فكرة 2
الثالث الممتنع أو المرفوع أو المنعدم ، حذلقة وفذلكة الترجمة العربية !
لا يوجد شيء اسمه الثالث الممتنع .
حيلة ( غير الواعية ربما ) أرسطو لتجاوز مشكلة المنطق الثنائية التعميم والاستثناء ، ولتجاوز التناقض بين الفلسفة والعلم خاصة .
....
مثال 1
ثنائية الحياة والموت
ما يزال موقف الثقافة العالمية الحالية 2025 السائد ، والمشترك ، والموروث يعتبر أن الفرد يوجد في أحد الحالين فقط :
في الحياة أو في الموت ، أو خلال الحياة أو بعد الموت .
هذا الموقف مضلل ، بالإضافة لكونه خطأ جسيما ، وهو مشترك بين جميع اللغات والثقافات للأسف .
الحل بسيط ، ومباشر :
يكفي الانتقال إلى التصنيف الثلاثي :
1 _ مرحلة قبل الولادة .
2 _ مرحلة بين الولادة والموت .
3 _ مرحلة ما بعد الموت .
....
للتذكير ، الفضل في هذه الفكرة يرجع إلى تودوروف ، في كتاب مترجم للعربية بعنوان حياتنا المشتركة كما أتذكر . في الكتاب فكرة جديدة ، وهي التمييز بين الانسان والفرد ، وبين أصل الانسان وأصل الفرد .
مرحلة قبل الولادة شديدة الأهمية ، وتكشف عن عدد من الأفكار ، والخبرات ، الجديدة والمدهشة .
وأدعو القارئ _ة لتأمل الوضع الذاتي ، وكيف أن الحاضر يتضمن الماضي بالفعل ، وليس بالقوة والأثر فقط .
( ناقشت الفكرة في نصوص سابقة ، منشورة على الحوار المتمدن لمن يهمهم _ن الموضوع )
....
مثال 2
ثنائية المكان والزمن
هنا تتكشف مشكلة الثقافة العالمية المزمنة ، والمعلقة منذ قرون ، هذه الثنائية خطأ ، ومضللة . ولا بد من الانتقال إلى المنطق التعددي ( الثلاثي في الحد الأدنى ) ، لتتكشف أبعاد الواقع الثلاثة :
المكان والزمن والحياة .
الحياة ممثلة بالفرد ، بعد أساسي في الواقع ، لا يقل أهمية عن المكان أو الزمن .
للتذكير يوجد نقص حاد ، وخطير في الثقافة العربية وربما في غيرها أيضا ، في مجال الحركة الموضوعية للحياة .
( تعتبر حركة الحياة واحدة ، وتقتصر على الحركة الذاتية أو الفردية العشوائية بطبيعتها . بينما الحركة الموضوعية للحياة هي الأهم ، وتتضمن الحركة الذاتية بينما العكس غير صحيح )
الحركة الموضوعية للحياة تتمثل بتقدم العمر من الماضي إلى المستقبل ، ومن الصفر بلحظة الولادة إلى العمر الكامل بلحظة الموت .
وهي _ الحركة الموضوعية للحياة _ مشتركة ومطلقة وثابتة ، ولا تختلف بين فرد وآخر .
تقابل الحركة الموضوعية للحياة ، وتعاكسها دوما ، الحركة التعاقبية للزمن وتتمثل بتناقص بقية العمر من المستقبل إلى الماضي ، ومن بقية العمر الكاملة بلحظة الولادة إلى بقية العمر التي تناقصت للصفر بلحظة الموت .
( أيضا ناقشت هذه الفكرة سابقا ، لمن يهمهم _ن الموضوع )
....
مثال 3
ثنائية اللذة _ الألم ، أو السعادة _ الشقاء ، أو الفائدة _ الأذى
لها أهمية خاصة في علم النفس ، وفي الحياة اليومية والعادية .
بعد الانتقال إلى التصنيف ، المنطق ، الثلاثي :
اللذة والفائدة والسعادة ، مقابل ، الألم والضرر والشقاء ، تتكشف الصورة الكبرى لعلاقة السعادة _ الشقاء .
العلاقة بين اللذة والفائدة أقرب للتناقض ، من التشابه .
أيضا العلاقة بين اللذة والسعادة ، اقرب للتناقض .
الفائدة والمصلحة أو الضرر والأذى ، تتكشفان بدلالة التكلفة _ بشكل نسبي طبعا _ والموضوع شيق وشاق ...
آمل أن يتاح لي الوقت ، والفرصة لتكملته .
....
....