في ذكرى ال 75 لليوم المشؤوم لقرار تقسيم فلسطين 29/11/1947 التي تحل علينا في ظل انتصار معركة 7 أكتوبر العظيم نعيد نشر الدراسة المعنونة : المياه عامل جوهري في اعاقة إقامة الدولة الفلسطينية ..!!


حزب اليسار العراقي
الحوار المتمدن - العدد: 7809 - 2023 / 11 / 28 - 14:00
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

تنوية :
———-

1- قُدمت هذه الدراسة باللغة الانجليزية كبحث جامعي عام 1993 في جامعة أوربية، ونحن نشهد الآن في 2023 أي بعد ثلاثة عقود معركة طوفان الأقصى الأسطورية..وهي دراسة تتناول مناقشة مدى الإمكانية الواقعية لحل الدولتين، بعد أن رفضت الجامعة مشروع الدراسة الأولى المبني على أساس الدولة الفلسطينية الديمقراطية الواحدة المتحررة من الكيان الصهيوني والضامنة لحقوق جميع السكان دون تمييز على أساس الدين أو العرق أو الجنس ..

2-وكان استنتاج الدراسة النهائي ملخص بالأسطر المعدودة التالية :
( إن تاريخ الحركة الصهيونية وتاريخ نصف قرن من وجود دولة إسرائيل، يؤكدان استحالة أن تتحول هذه الدولة الصهيونية إلى الموقع الذي يطلق عليه "السلام". وعليه، فإن استحالة إقامة الدولة الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، يبقى الاحتمال الأقوى على المدى المنظور. ولعلَّ مقاومة الشعب الفلسطيني ستقرر، في نهاية المطاف، خارطة المنطقة ومصير المنطقة برمتها.)

3-يرجى قراءة " اسرائيل " أينما وردت بالدراسة ( الكيان الصهيوني) حيث يمنع النظام الأوربي عامة والتعليمي خاصة تسمية ( الكيان الصهيوني).

4-صدرت الدراسة ككتاب باللغة العربية عام 2004 عن دار حوران في دمشق التي تضمن المقدمة التالية :
((لعل التطور التاريخي الأكبر منذ أحتلال فلسطين وإقامة الدولة الصهيونية هو إنهيار الاتحاد السوفيتي وما يسمى بالمنظومة الاشتراكية, وقبله الحروب العربية الاسرائيلية , وكذلك إستقلال البلدان العربية عن الاستعمار القديم ووقوعها في براثن الهيمنة الاستعمارية الامريكية الجديدة، و تتويجاً بوقوع العراق بالكامل تحت الاحتلال الامريكي..

غير أن التطور الأعظم كان أنتصار المقاومة اللبنانية الباسلة في تحرير جنوب لبنان وإيقاع الهزيمة باسرائيل في أول أنتصار تاريخي عربي شعبي , وبروز المقاومة الإسلامية الفلسطينية كقوة كابحة لتنفيذ إتفاقيات اوسلو, اذ ساعد ذلك في عرقلة المشروع الصهيوني في الهيمنة المطلقة على المنطقة.

ان سقوط نظام صدام الفاشي واحتلال العراق بالكامل من قبل أمريكا, قد دفع القضية الفلسطينية عربياً الى الوراء, وعراقياً تجري المحاولة لتدمير إهتمام الشعب العراقي بفلسطين , وكأنها قضية مرتبطة بالدكتاتور المخلوع صدام حسين, الذي تبرقع بقناع قومي زائف, وأضر ضرراً كبيراً بالشعب الفلسطيني. لذا فأنه من الواجب الوطني والثوري تحريك الأجواء العراقية في هذا الميدان , واعتبار المسألة العراقية والقضية الفلسطينية وجهان لعملة واحدة, لا فكاك لهما, مصيرهما مشترك نحو التحرر والاستقلال والتقدم, ليقررا بالتالي مصير المنطقة برمتها))


المياه عامل جوهري في اعاقة إقامة الدولة الفلسطينية

سأحاول الاجابة على الأسئلة التالية:

1- هل تعتبر الدولة الفلسطينية هدفاً واقعياً عندما يتصل الأمر بمشكلة المياه؟

2- هل سوف تجبر مشكلة المياه الأطراف المعنية بقبول عناصر المياه كصراع أو تعاون؟

3- ما هي الحلول المحتملة لاستخدام عادل للمياه بطريقة تفيد كل دول هذه المنطقة؟

4- كم من المياه يُستخدم مقارنة بأعداد السكان؟

مشكلة المياه في فلسطين
————————————

المقدمة

إن عقد السبعينيات كان عقد النفط، وعقد الثمانينيات كان عقد الحرب بينماكان عقد التسعينيات عقد الحروب واتفاقية اوسلو,و الصراع حول مصادر المياه المحدودة في الشرق الأوسط.

إن علاقات الصراع المقبل يمكن رؤيتها من خلال البحوث، المؤتمرات والدراسات في عدة بلدان، ففي شهر نيسان من عام 1989 عقد اجتماع يضم إحدى عشرة دولة عربية تمثل بخبراء المياه الذين قرروا بأن الأمن المائي العربي لا يقل أهمية عن الأمن الوطني أو الأمن العسكري.

وجد معهد مصادر المياه الأمريكي في فيلادلفيا وواشنطن وبعد بحث طويل، أنه ومن خلال زيادة سكانية تقارب نسبة 4% بالعام في الشرق الأوسط، وبنقص في تدفق المياه إلى مناطق الشرق الأوسط، فإن ذلك سوف يثبت أنه من المستحيل أن يوفر مياهاً كافية للجيل القادم خلال عقد التسعينات. في عام 1987، أثبت تقرير (MacDonald) الصادر عن الولايات المتحدة الأمريكية بأن وجود المناخ الجاف سوف يستمر بسبب التغير في المناخ العالمي والذي لا يمكن السيطرة عليه من قبل العلماء. لذا فإن حرباً قد تنشب على خلفية الحاجة للمياه. وأصدر معهد الدراسات الاستراتيجية تقريراً في عام 1986 سمي باسم "سياسة أمريكا الخارجية في منطقة الشرق الأوسط".سيكون العقد القادم أي عقد التسعينيات، عقد الصراع في الشرق الأوسط، والذي سوف يقطع الروابط الضعيفة بين الدول في المنطقة، مما يعني أنه سوف يكون هناك عدم استقرار لم تشهد المنطقة مثيلاً له من قبل.

معهد الدراسات الاستراتيجية البريطاني، وفي تقرير نشره عام 1984 قال فيه أن حرباً للسيطرة على المياه سوف تظهر في الشرق الأوسط إلى جانب الصراع العربي الإسرائيلي، وذلك بسبب حاجة السكان المتزايدة للمياه في الوقت الذي فيه كميات المياه محدودة.

تحدث أزمة المياه في الشرق الأوسط بسبب سياسة التهور في الاستخدام، مما يعني بأن أزمة مصادر المياه سوف يتم التركيز عليها، علماً بأن مصدر المياه الرئيس في المنطقة هو الأنهار.

إن مشاكل مصادر المياه في الشرق الأوسط تقسم إلى ثلاث مجموعات: 1-أزمة نهر النيل، 2-أزمة نهر الفرات، 3-أزمة أنهار الأردن ولبنان.

ذلك يعني بأن البلدان التي لها علاقة بأزمة المياه هي كل البلدان المحيطة بمنطقة النيل، تركيا، لبنان، العراق، سوريا والأردن، ومناطق فلسطين المحتلة والتي فيها اهتمامات سياسية مختلفة، وهم يرتبطون جميعاً بمشكلة مصادر المياه.

فيما يتعلق بتقريري، أقول أنه من المهم جداً الإشارة إلى أن أزمة المياه الأردنية التي تشمل إسرائيل والأردن والمناطق الفلسطينية، وعندما ينتقل هذا الصراع إلى مناطق الأزمة الأخرى، عندها سوف أشير إلى ذلك.

إن كل الأبحاث المائية تثبت منذ عام 2000 بأن قطرة من الماء سوف تكون أعلى تكلفة من قطرة من النفط، بسبب العدد القليل من المصادر وبسبب اتساع المنطقة ووجود مناطق صحراوية.

إسرائيل ونهر الأردن

يعتقد العديد من الباحثين بأن نهر الأردن سوف يواجه أزمة حقيقية من الآن وحتى العام 2000، حيث أن حاجة إسرائيل من المياه سوف تزداد بنسبة أكثر من 30% مقارنة بمصادر الوقت الحاضر، بينما الأردن يواجه نقصاً بنسبة 20% من المياه الآن. وبنفس الوقت قد تم استخدام المياه في أعلى الأردن بشكل مكثف وبعد حرب 1967 غيرت إسرائيل مجرى النهر باتجاه الغرب وكان لذلك أثراً سلبياً، ذلك يعني أن المياه في جزء النهر الجنوبي قد تم تلويثها. تستخدم إسرائيل الآن 95% من النهر أي ما يعادل 1.755 مليون متر مكعب من المياه المكررة بالعام. ذلك يعني أيضاً أن إسرائيل تستخدم خمسة أضعاف المياه التي يستخدمها جيرانها (مقاسة باستخدام الفرد الواحد من الماء بالعام). وذلك وفقاً لما صرح به Meir Bin Meir المدير الإداري لوزارة الزراعة الإسرائيلية.

بنفس الوقت يعتقد معهد الدراسات الاستراتيجية في واشنطن بأن إسرائيل سوف تواجه نقصاً في مصادر المياه بحلول عام 2000 مساوياً لـ 800 مليون متر مكعب، وهذا يعادل نصف المياه التي تستخدمها الآن. إن هذا النقص مبني على أساس سياسة إسرائيل المائية المفرطة في استخدام المياه.

في مؤتمر Armont Hammer المنعقد عام 1988، والمتعلق بالتعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط، والذي انعقد في جامعة تل أبيب، طرح مشروع تعاون بين الأردن وإسرائيل لتحويل تدفق نهر اليرموك من المناطق الأردنية إلى بحيرة طبريا.

في شهر تموز من عام 1990، كتبت صحيفة فرنسية بأن إسرائيل حصلت في كل عام على واحد بليون و300 مليون متر مكعب من الماء الطبيعي من البلدان العربية بطريقة الاستجرار الآلي لمياه نهر الأردن إلى بحيرة طبرية. وأن 660 مليون متر مكعب من المياه التي نتجت في زيادة نسبة الملوحة في مياه نهر الأردن و220 مليون متر مكعب أيضاً أزيحت بهذه الطريقة من قطاع غزة.

البيئة الجغرافية

علي أن أستخدم مصطلحاً شائعاً لوصف المنطقة التي كانت فلسطين حتى خطة التقسيم عام 1947، وسميت إسرائيل وقطاع غزة والضفة الغربية حتى حرب 1967، والتي تسمى الآن إسرائيل والمناطق المحتلة، .

إسرائيل والأراضي المحتلة هي جزء من منطقة جغرافية أوسع متواجدة ما بين البحر الأبيض المتوسط والامتدادين الشماليين للمحيط الهندي (البحر الأحمر) والخليج العربي، هذه المنطقة الأوسع تتألف بشكل رئيسي من أراضي منخفضة ومن سهول مرتفعة، وشرقاً بسلاسل جبال طوروس وزغروس الشاهقة. إلى الجنوب المنطقة مفتوحة على الصحراء العربية والتي تخترق بعمق لتصل إلى الصحراء السورية. هذه المنطقة قد تم تسميتها (بالهلال الخصيب)، وقد ساهمت في وضع المرحلة المبكرة من تاريخ البشرية. الحافة الجنوبية الغربية في الهلال الخصيب منفصلة عن البقية بالقناة العميقة لوادي الانهدام الإفريقي العظيم، والتي تخترق المنطقة على شكل خليج العقبة وانخفاض نهر الأردن. إنها تصل إلى البحر الميت إلى المنطقة الأكثر انخفاضاً عن سطح البحر. والانهدام الذي قد يدل على عملية فصل جيولوجي كاملة لجزء من الأرض من المساحة الواسعة في قارة ٍآسيا، وهذا خلق وحدة جغرافية أصغر على طول الساحل المتوسطي المعروفة باسم فلسطين. الحدود الشمالية للمنطقة جغرافياً وكذلك تاريخياً كانت بنشوء الجبال العالية في لبنان والحرمون، ولكن بالواقع في الجنوب والجنوب الغربي لا توجد حدود طبوغرافية حتى الوصول إلى نجد وسيناء الجنوبية أو خليج السويس.

لا بد أن تصنف البيئة الجغرافية لفلسطين بالهامشية كونها تقع على الزاوية الجنوبية الشرقية للمتوسط، وكذلك على الطرف الشمالي الشرقي للبحر الأحمر، والتي هي على أي حال، أراضي داخلية بتأثير الانبثاق عن كتلة قارة آسيا الكبرى. هذا سوف يعني بأن مناخ البحر اللطيف يعترضه أحياناً كتلاً باردة، أمطار، ورياح صحراوية من آسيا. وبعبارة أخرى يمكن القول بأن هذا ينطبق على التأثير العرقي، الحضاري والسياسي. المسافة القصيرة نسبياً من البحر إلى خليج العقبة هي حوالي 200كم، والتي تعطي الجهة الجنوبية من فلسطين صفة البرزخ، التي من جهة تسهل الروابط بين المحيطين، ومن الجهة الثانية تزود وتغطي الجسر البري الوحيد بين أفريقيا وآسيا. هذا البلد، ومن أجل ذلك، أصبح في كل فترات التاريخ وما قبل التاريخ منطقة هجرة ، تم عبورها من قبل الحملات التجارية والعسكرية، وغالباً ما تم غزوها من قوى عالمية خلقت عروقاً خالدة وصراعات اجتماعية.

مصادر إسرائيل من المياه

وفقاً لمصادر المعلومات الإسرائيلية في عام 1988، فإن مصادر المياه لديها تم تقسيمها إلى:

1- المياه الباطنية: 134 مليون متر مكعب، و1.205 مليون هي مياه صالحة للشرب، 15 مليون متر مكعب جيدة للزراعة، و10 مليون متر مكعب هي مياه مالحة.

2- نهر الأردن: 620 مليون متر مكعب من المياه.

3- جداول السيول: 40 مليون متر مكعب، منها 15 مليون متر مكعب مياهاً صالحة للشرب، و15 مليون متر مكعب للزراعة، و10 مليون متر مكعب مياه مالحة.

4- مياه الري المالحة: 110 مليون متر مكعب.

5- الأمطار: إسرائيل تقع على أطراف منطقة الأمطار الشمالية، وهي ترتبط مع هذه المنطقة حتى الوصول إلى المنطقة الجافة في الجنوب، كمية الأمطار لهذه المنطقة ما بين 900-1000 ملم سنوياً، و39 ملم بالعام في منطقة إيلات والعقبة. ولاستخدام مياه الأمطار فإن الحكومة الإسرائيلية قامت بتأسيس بعض المشاريع لجمع مياه الأمطار. المشروع الأول (Manchi) بطاقة 14 مليون متر مكعب، والثاني (Shekmaa) بطاقة 12 مليون متر مكعب.

الأمر الذي يعني أن إسرائيل تستخدم 9110 مليون متر مكعب، والتي تمثل الزيادة في استخدام المياه بسبب التوسع والهجرة. هذه الزيادة قد تغيرت كما يلي: في عام 1949 كانت 350 مليون متر مكعب، تحولت إلى 2110 مليون متر مكعب في عام 1985. مصادر إسرائيل من المياه المحدودة تواجه مشكلة الزيادة في استهلاك المياه.

سياسة إسرائيل المائية في المناطق المحتلة

السياسيون الإسرائيليون يقولون بأن على الدول العربية المجاورة أن توفر المياه للسكان الفلسطينيين في المناطق المحتلة، بحيث تستطيع إسرائيل استخدام مياه المناطق المحتلة لنفسها.

بهذا الأسلوب ستحصل إسرائيل على مصدر إضافي يقدر بـ900 مليون متر مكعب من الماء، ونحن يجب أن نلاحظ بأن إسرائيل تطبق سياسة على السكان في استخدام المياه وفقاً للمتطلبات الإسرائيلية. على سبيل المثال سكان المناطق المحتلة يجب أن لا يستخدموا أكثر من 110 مليون متر مكعب من المياه، بينما احتياجات الزراعة في الضفة الغربية فقط هو 600 مليون متر مكعب من المياه بالعام. ذلك يعني أن إسرائيل تسرق ما بين 300-350 مليون متر مكعب بالعام. ووفقاً لـThomas Naf الخبير المائي في فيلادلفيا، فإن إسرائيل بالواقع تأخذ 40% من مياهها من المناطق المحتلة أيضاً بسبب ازدياد الحاجة للمياه في إسرائيل من أجل تغطية الاحتياجات الجديدة الناجمة عن الهجرة إلى إسرائيل.

في الخامس عشر من شهر آب عام 1967 أصدرت الحكومة الإسرائيلية القرار العسكري رقم 92 حول السياسة المائية والتي أعطت الحاكم العسكري للمناطق المحتلة السلطة المطلقة أن يحد من المياه المستخدمة من قبل العرب في أي وقت يراه ملائماً. كذلك ليعاقب هؤلاء الذين يستخدمون المياه بطرق مخالفة لتلك التي وضعها هو. وفي عام 1982 قررت الحكومة الإسرائيلية أن تضع كل مصادر المياه في الضفة الغربية تحت تصرف شركة Colorot الإسرائيلي الذي أعاق خطط التنمية العربية في المناطق المحتلة، ووفقاً لهذه السياسة، لم يتم السماح للفلسطينيين بحفر الآبار دون الحصول على تراخيص من الحاكم العسكري. وفي الاثنين والعشرين عاماً الأخيرة تم منح التراخيص لحفر عدد قليل من الآبار، ويُمنع الحفر لأعمق من 120-140 متراً. بينما الآبار الإسرائيلية في الضفة الغربية أعمق بكثير وتصل إلى 800 متراً.

التأثير السلبي لهذا كان جفاف الآبار العربية وزيادة نسبة الملوحة فيها، وفي أغلب الحالات فإن Colorot كانت تحفر الآبار لتزود المستوطنين بالماء العذب، بينما السكان العرب يشترون الماء من المستوطنين، والذي تم أخذه من قبل من المدن والقرى العربية. السكان الفلسطينيون يميزون عندما تطبق عليهم السياسة المائية. المستوطنون اليهود يستخدمون خمسة أضعاف كمية المياه التي يستخدمها الفلسطينيون، بينما الفلسطينيون يدفعون تكلفة المياه مرتين للحكومة مقابل نفس كمية المياه.

صراع المياه والمملكة الأردنية

في عام 1985 استخدام المياه في الأردن، وصل إلى 870 مليون متر مكعب، ووفقاً لـThomas Naf الخبير المائي، فإن احتياجات الماء سوف تزداد بالعام 2000 إلى 1.000 مليون متر مكعب، مما سيخلق عجزاً ما بين 170-200 مليون متر مكعب العام. توصلت الحكومة الأردنية إلى اتفاق مع الحكومة السورية لبناء سد لتنظيم استخدام نهر اليرموك الذي سوف تكون استطاعته 220 مليون متر مكعب. ولكن عقبة الحكومة الأردنية الأكبر هي نهر الأردن.

سياسة إسرائيل المائية بما يتعلق بمشاكل الأنهار في الشرق الأوسط

إن سياسة إسرائيل المستقبلية وعلى المدى الطويل فيما يتصل بالدول العربية الأخرى، والدول التي تحد العالم العربي في أمور السياسة المائية (تركيا- إثيوبيا) تسمى (البعد الاستراتيجي الثالث في الصراع العربي الإسرائيلي).

إسرائيل عمقت علاقاتها مع هذه الدول لتؤسس تعاوناً استراتيجياً حول مشاكل النقص المائي.

المشكلة يمكن رؤيتها من خلال الموقف التركي تجاه التوزيع المائي. ففي كانون الثاني من 1990 أوقفت تركيا تدفق الماء إلى العراق وسورية من نهر الفرات لتملأ سد أتاتورك الذي يعتبر واحداً من اثني وعشرين سداً تبنى في تركيا. العلاقات بين إسرائيل وتركيا حول صراع المياه يمكن رؤيتها من حقيقة أن الفنيين الإسرائيليين موظفون في بناء السدود التركية، وبنفس الوقت هناك اتفاقية بين إسرائيل وتركيا تبيع تركيا بموجبها الماء إلى إسرائيل.

إسرائيل أيضاً لديها اتفاقيات مختلفة مع إثيوبيا حول السياسة المائية بالتعاون ما بين شركة أمريكية وتقنيين إسرائيليين. نفس المشروع كان قد تم بحثه من قبل السوفييت أيضاً بمساعدة التقنيين الإسرائليين.

موقع سوريا من الصراع المائي

سوريا سوف تواجه أزمة مائية بحلول عام 2000 بنقص ما يقدر بواحد مليون متر مكعب من الماء فيما إذا استمر استخدام الماء بنفس الطريقة. ولمواجهة هذه المشكلة، بُدء في عام 1988 ببناء مشروع هيدرولوجي (مائي) وسدوداً تغطيها نسبة 43% من ميزانية الحكومة والتي تشكل نسبة أعلى إذا ما قورنت بالسنوات العشر الماضية.

موقع لبنان من الصراع المائي

قامت إسرائيل بغزو لبنان عام 1982، وإحدى الخلفيات المجهولة لهذه العملية كانت الوصول إلى نهر الليطاني وسرقة مياهه. وفي آذار 1990 صرح الوفد اللبناني إلى مؤتمر وزراء الخارجية العرب بأن إسرائيل قامت ببناء جدار لتغطي به الأنابيب والأقنية التي تنقل هذه المياه من الأنهار إلى إسرائيل. وهي تسيطر على مساحة ثلاثة كيلو مترات من نهر الليطاني، وكما قال الوفد: ((لا أحد يعلم ماذا يجري هناك...))، إسرائيل قامت بربط شبكة المياه اللبنانية الحدودية بمنطقة "غاليلي" في شمال إسرائيل.

إن الموقع حيث تبين إسرائيل نظام الأنابيب على نهر الليطاني يسمى "بالخردلي" وهو نفسه الموقع الذي اقترح فيه المندوب الأمريكي على اللبنانيين أن يقدموا على توقيع اتفاقية مع الإسرائليين. إن طول الأنابيب يذهب إلى 12 كليو متراً ما بين الموقع في لبنان والموقع في إسرائيل، وينقل ثلث كمية المياه إلى إسرائيل "إلى المطلة".

مشكلة المياه في فلسطين

المياه هي واحدة من المصادر الحياتية الأساسية الأكثر أهمية في عالمنا، وبدونها فلا حياه للنبات أو الحيوان يمكن أن تكون. وهي مطلوبة بكثرة ليس فقط لكي تروي عطشنا وتفي بحاجاتنا المنزلية ولكن أيضاً، وبكميات عظيمة جداً، فهي مطلوبة لإنتاج وتطوير الأغذية التي نتناولها ومن أجل المواد الأخرى الضرورية لخير البشرية.

إن مشكلة توزيع وتقسيم مصادر المياه المحدودة فيما بين اثنين أو أكثر من المجتمعات قديم قدم الحضارة نفسها. ومع زيادة التفجر السكاني في القرن الماضي فقد كان هناك زيادة مطابقة في استخدام مصادر المياه.

في العهد الحديث، هناك تأكيد كبير من الحكومات على تطوير الاقتصاد الداخلي، معززاً ومحفزاً بفرص عظيمة أصبحت ممكنة بتطورات تقنية جديدة، تخطيط اقتصادي وتمويل دولي لمشاريع هامة. ومن أجل ذلك بدأت الحكومات بتطوير خطط لتسخير كل المصادر المتاحة، ومن بينها المياه من أجل الري وتوليد الطاقة الكهرومائية والتي تعتبر جلية وواضحة. اليوم، وبسبب ذلك، فإن اهتمامات البشرية قد بدأت تركز على إدارة مصادر الأحواض النهرية في الأرض، والأهمية الحالية للمشكلة هي نتيجة الظروف المستجدة.

لا ينفصل النزاع على نهر الأردن أبداً عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والسياسات العربية والإسرائيلية التي لا يمكن الاقتراب منها دون الأخذ بعين الاعتبار مسائل سياسية حيوية. قد أصبح النزاع على نهر الأردن مقيداً بالفروقات السياسية الناشئة عن المشكلة الفلسطينية التي أصبح حلها شرطاً أساسياً. وفقط من أجل ظهور حالة المجاملة الدولية بين العرب والإسرائيليين، فإن مبدأ الدمج لتطوير مياه الأردن قد أصبح ممكناً.

إن الدول الشرق أوسطية بحاجة إلى الوصول لحلول للصراعات حول حقوق المياه عبر طرق سلمية واقتصادية كافية.

طرح الإعلان عن دولة فلسطين، قضايا المياه مرة أخرى على مستوى عالي في نهر الأردن الذي يتضمن النزاع حوله على التوزيع ومكان الاستخدام لمياه الأردن فيما بين الدول المحاذية بما فيها دولة فلسطين، سورية ولبنان والتي تنشأ منها المصادر الرئيسية للنهر، الأردن وإسرائيل التي فيها يمر النهر، ومع إسرائيل كونها الدولة المحاذية والمشاطئة العليا للنهر.

مصادر المياه

نهر الأردن هو نقطة رئيسية في هذه الدراسة. دعونا نقوم بوصف الأنهار والفائدة منها. نهر الأردن يتدفق باتجاه الجنوب في الصدع النهري العظيم الذي يمتد من الشمال السوري عبر البحر الأحمر إلى مصر. إن مصادر تغذية الينابيع فيه تزداد في المنحدرات المنخفضة لجبل الحرمون، وتتدفق في ثلاثة منها منفصلة: الحاصباني- بانياس والدان، قبل أن تلتقي بعد حوالي 25 كيلو متر فوق بحيرة طبرية لتشكل أعلى الأردن. وبرفده بينابيع متعددة فإن النهر بعد ذلك يتدفق في قناة ضيقة إلى بحيرة طبرية حيث يهبط 282 متراً في مساره القصير. وبانبثاقه في الجنوب برافده الرئيسي نهر اليرموك وبالمجرى الملتوي في وادي الأردن ليتلاشى في الأعماق المالحة للبحر الأحمر على بعد 110 كيلو متر.

إن وادي الأردن يشكل الجزء الشمالي للبحر الميت وهو حوض التصريف والذي يقع في الصدع العظيم الممتد من خليج العقبة على البحر الأحمر إلى جبال لبنان. فروع نهر الأردن التي تتدفق باتجاه الجنوب خلال الصدع النهري، ترتفع في منحدرات جبل الحرمون وتنتهي في البحر الميت.

تتشكل مصادر الأردن من الحاصباني وبانياس، اللذين ينشآن في لبنان وسورية على التوالي والتي تلتقي في أعلى بحيرة الحلة لتشكل المياه الرئيسية للأردن. هذان النهران فيما بعد يلتقيان بنهر الدان الذي ينشأ في إسرائيل. وحيث تلتقي كل هذه الأنهار فوق بحيرة الحلة بسبعة أميال فهي تشكل نهر الأردن. من نقطة التقاء الأنهار تلك، يتدفق النهر باتجاه الجنوب عبر المناطق الإسرائيلية ومن الضفتين وعبر بحيرة طبرية، والتي تقع جميعها تحت السيطرة الإسرائيلية. وعندما يغادر النهر بحيرة طبرية فإنه ينضم من جهة الشرق إلى نهر اليرموك الرافد الرئيسي له، والذي ينشأ في الجنوب السوري ويشكل في معظم أجزاءه الحدود بين تلك الدولة وبين المملكة الأردنية الهاشمية. لنصف المسافة من بحيرة طبرية إلى حيث يصب في البحر الأحمر فإن نهر الأردن يشكل الحدود بين إسرائيل والمملكة الهاشمية.

المنطقة تحتاج المياه من أجل التقدم، لأن أنظمة الري سوف تزيد المنتجات الإجمالية للزراعة كما أن محطات الطاقة الكهرومائية سوف تكون حلاً معقولاً لاحتياجات المناطق من الكهرباء. وحيث أن فلسطين لا تمتلك الكثير من المواد الخام لتوليد الطاقة أو القدرة لبناء محطات الطاقة الكهربائية الذرية، عندها فإن المياه هي طريقة فعالة من أجل التنمية والتطور.

استخدام المياه في فلسطين

مخطط إسرائيل

إن فكرة استخدام مياه نهر الأردن خارج مجراه النهري الضيق ثم طرحها أولاً من قبلW.C. lowdermilk ونشرت في كتابه: فلسطين أرض الميعاد )1944(.

ومنذ هذا العرض الأول وحتى تطبيقه الأخير عام 1964 طرأ عليها عدة تغييرات في ما يتعلق بالتطورات السياسية والتقنية. ولكن الفكرة الأساسية ظلت كما هي، وعبر التاريخ تدفقت مياه نهر الأردن دون استغلال عبر حوضها العميق المتعرج لتتبخر في البحر الأحمر. كما أن التربة في مجرى النهر منعت استخدام المياه للري، حتى أن المشاريع الحديثة تستطيع فقط أن تستخدم جزءاً منها فقط. وفي السهل الساحلي الجنوبي وفي النجف الشمالي، هناك مساحات واسعة من الأراضي ذات التربة الجيدة والتي تحتاج فقط إلى الماء ليتم حرثها وزرعها. ولكي يتم نقل المياه إلى الخط الفاصل المركزي، فقط اقترح lowdermilk إقامة السدود في أعلى الأنهار وعلى الروافد قرب الحدود الفلسطينية، وجر هذه المياه عن طريق الجاذبية إلى وادي بيت نيتوفا والذي سوف يشكل المخزون الرئيسي، ومن هناك وعبر القنوات والأنابيب إلى النجف. ومن أجل تعويض البحر الأحمر من الخسارة في المياه تم اقتراح إنشاء قناة لتنقل مياه البحر من البحر المتوسط مع استغلال الفرق في الارتفاع الذي يصل إلى 400 متر من أجل توليد الكهرباء. كما أن تفاصيلاً تقنية إضافية زودت من خطة Hays-Savage عام 1964. وهو المشروع الأكثر أهمية وفقاً Yehuda Karmon البروفسور المختص بالشؤون الجغرافية في الجامعة العبرية في القدس.

خارطة مسلك نهر الأردن

1-إن مشروع Yargon-Negev أصلاً كان مبنياً على الينابيع في Rosh Ha Axin وهو يتألف من خطين من الأنابيب الإسمنتية المسبقة التصنيع.

أ-الخط الأول بقطر 66 إنش وأكمل عام 1955 وهو يزود منطقة لاكشين وشمال نيجيف.

ب-الخط الثاني بقطر 70 إنش أكمل عام 1963 يغذي تل أبيب ومجموعة القرى المتقاربة حولها وكذلك السهل الساحلي الجنوبي الغربي.

كلا الخطين يلتقيان في خزان مياه Zohav العملياتي والذي تخرج منه أنابيب صغيرة تنقل المياه لتنظيم الخزانات في Teguma وMagen.

2- الجليل الغربي: إن مشروع Qishon يستخدم الينابيع الكبيرة في الجليل الغربي والجريان الغزير والغني لنهر عيشون والذي يتم تغذيته عدة مرات في الشتاء من بحيرة كفر الباروك ومن ثم يتم ضخه إلى الآبار.

3- من وادي Kinneret-Bet She’anإلى بحيرة Kinneret (طبرية) في الشتاء، وتركها تتدفق مجدداً في الصيف، هي أيضاً فيها نظام الفصل والمزج الأكثر لتخفيف ملوحة مياهها.

4- مشروع Jula- الجليل الشرقي، الذي يضخ المياه من الينابيع إلى وادي الحولة وإلى أعلى التلال لتصل إلى منطقة جنوب البحيرة أو إلى الوادي. مشاريع مناطقية أخرى لا يتم إدارتها من قبل Meqorst، تتواجد في دمج وتكامل على الأعمال الإقليمية في مشروع واحد متكامل من قبل (برنامج المياه الوطني)، مشابهاً لشبكة الكهرباء الوطنية الموحدة.

إن مشروع المياه الوطني (وهو أصلاً يسمى خط نجف الأردن) هو الأعظم والأكثر صعوبة في كل المشاريع المائية وبنيته لم يتم اعتراضها من قبل الطبيعة فحسب، بل أيضاً بالعقبات العسكرية والسياسية.

إسرائيل ومنذ عام 1955 أصبح لها أن تعمل على مشروعها الوطني لتحول مياه الأردن العلوية من مسارها بالأنابيب والقنوات إلى أرض النجف والتي تغطي نصف البلاد. إن مشروع المياه الإسرائيلي يتطابق مع مشاريع إسرائيلية سابقة عرضت قبل أن يتم عرض الخطة الموحدة. وهي تتصور بأن استخدام مياه بحيرة طبرية على أنه خزان المياه الرئيسي لها. المشروع يتألف من مجرى، أي نظام قناة بطول 65 ميل مع خزانات على طول القناة ومحطات ضخ وتقوية. الإدخال يتم في بحيرة طبرية، والتي سوف يتم رفع المياه منها وضخها من مستوى البحيرة إلى مستوى القناة، ومن هذه النقطة وصولاً إلى نهايتها البعيدة في النجف الشمالي، أي ما يقارب مسافة 100 ميل فإن القناة الرئيسية سوف تضم خطوط أنابيب بقطر 108 إنش.

وإجمالي كمية المياه التي سوف يتم تحويلها من نظام يرموك والأردن، وفقاً للسلطات الإسرائيلية، سوف لن تتجاوز كمية المياه الموزعة على إسرائيل من خلال الخطة الموحدة. والمرحلة الأولى من الخطة الإسرائيلية هذه كانت إكماله في عام 1964 وما يزال حتى الآن قيد الإنجاز.

الخطة الموحدة

في عام 1952 طلبت وكالة الأمم المتحدة UNRWA وتشغيل الفلسطينيين وعبر وزارة الخارجية الأمريكية، من سلطة وادي Tennessee أن تحضر خطة إقليمية لتطوير وادي الأردن. استأجرت سلطة وادي Tennessee مؤسسة بوسطن العائدة Charles T. Main وطلبت تحضير دراسة هندسية وأن تضع المعالم الأساسية للخطط الأحادية الجانب المعروضة سابقاً من أجل نظام وادي الأردن. النتيجة كانت ما يسمى بـ(الخطة الموحدة) لتطوير وادي الأردن، أي التطوير الموحد لمصادر المياه فيه.

الخطة الموحدة ثم متابعتها بالحد الأدنى من الافتراضات السياسية. وكان هدفها الرئيسي هو إنتاج خطة رئيسية للاستخدام العملي والأكثر تأثيراً لمصادر وادي نهر الأردن وذلك دون اعتبار الحدود السياسية.

كان جوهر الخطة يوصف باسم Gordon R. Clapp، رئيس سلطة وادي Tennessee وفي رسالة موجهة إلى مدير وكالة الأونروا، وفيها كان يعني بأن الهدف الأساسي من تطوير وادي الأردن هو..... (إيجاد: أي بشكل أساسي الجزء الرئيسي من الرسالة كان عادة يبدأ بكلمات كهذه).

المقارنة بين الخطط الإقليمية

لقد وجدت أنه من الضروري أن أضع جدولاً للخطة الموحدة كاقتراح دولي، خطة عربية وخطة إسرائيلية وذلك بهدف المقارنة بينهما.

سوف أستخدم التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة حول سياسة إسرائيل المائية في المناطق المحتلة والتي تثبت هدف الإسرائيليين في استخدام وجهة نظرهم السياسية كأساس للسياسة المائية.

عدد الدونمات التي سوف تروي الخطة الموحدة الخطة الإسرائيلية

خطة القطن الخطة العربية

إسرائيل 104.000 1.790.000 234.000

الأردن 122.500 430.000 490.000

لبنان - 350.000 35.000

سوريا 7.500 30.000 119.000

إجمالي الهكتارات 1.305.000 2.600.000 878.000

إجمالي الأمتار المكعبة بالعام

إسرائيل 426 1.290.000 182

الأردن - 575.000 698

لبنان 819 450.700 35

سوريا - 30.000 132

2.345.700 1.047

إن الجدول يظهر بأن الخطة كان يقدر لها بأن تكون المنطقة الكلية من الأرض المروية، تحت هذه الخطة سوف تكون 234.000 هكتاراً، منها 104.000 في إسرائيل، 124.5000 في الأردن، و7.500 في سورية. أما كمية المياه المتاحة للري من هذه المناطق فكانت تقدر بـ1305 مليون متر مكعب بالعام، منها 870 مليون متر مكعب أي 67% يجب أن تكون في الدول العربية و426 مليون متر مكعب أو 33% لإسرائيل.

يذكر Gordon R. Clapp في رسالة لمدير الأونروا ((إن واضعي الخطة أدركوا بأن البلدان المختلفة ذات العلاقة لديها خططها الخاصة أي أنهم يعلمون أين سوف تستخدم هذه المياه. أيضاً تم التصريح بأن تقسيم المياه كما هو مصنف في الخطة لم يكن يعني بأنه نهائياً بل كان يعني بأنه كان هدفاً يخدم كأساس لاعتبارات أخرى)).

المياه، الأراضي والمستوطنات الإسرائيلية: السيطرة على المصادر الطبيعية الفلسطينية

إن القضية المركزية التي تؤثر في الوضع الحالي والمستقبلي على التنمية الاقتصادية الفلسطينية هي السيطرة على المصادر الطبيعية. في منطقة حيث مصادر المياه

نادرة وقليلة وتشكل مصدراً استراتيجياً حاسماً، تكتسب هذه القضية دلالة خاصة. فمنذ عام 1967 افترضت هيئة المياه الإسرائيلية، المسؤولة عن مصادر المياه في إسرائيل، المسؤولية الرئيسية عن استغلال مصادر المياه في المناطق الفلسطينية المحتلة. أما الشعب الفلسطيني فقد أقصي عن لعب أي دور في التخطيط أو إدارة مصادر مياهه. ووفقاً لذلك استغلت السلطات الإسرائيلية وبشكل كامل المياه الفلسطينية، المسحوبة من نهر الأردن والمسحوبة من ثلاث طبقات صخرية مائية تحت الضفة الغربية المحتلة لتفي بمتطلبات الاستهلاك الإسرائيلي من المياه في إسرائيل نفسها وفي مستوطناتها في المناطق المحتلة. وإن الحاجة المتزايدة للمياه خاصة لعمليات الري الفلسطينية، والاستهلاك المنزلي قد تم إهماله بالكامل. وعلى العكس فإن مشاريع تطوير الري في المناطق المحتلة قد تم إخضاعها لسيطرة مباشرة من قبل الإسرائيليين.

إن إسرائيل تقدر ما ا ستخرجته من المياه في الضفة الغربية عام 1990 بـ807 مليون متر مكعب.

المياه التي سوف تحول للاستخدام في إسرائيل المياه التي سوف توزع على المستوطنين الإسرائليين في الضفة الغربية المياه التي سوف تكون متاحة للاستخدام من قبل الفلطسينيين في الضفة الغربية

510 مليون متر مكعب 160 مليون متر مكعب 173 مليون متر مكعب

وذلك يعني بأن الفلسطينيين في الضفة الغربية سوف يستطيعون الحصول على 17% فقط من مياههم. أي بمعدل 150 متر مكعب للفرد الواحد، بينما المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية سوف يحصلون على 20% من مصادر المياه الفلسطينية أي بمعدل 1.800 متر مكعب للفرد الواحد.

في قطاع غزة تتعرض مصادر للمياه لتهديدات حقيقية نتيجة لاستنفاذها، ملوحتها وحفر الآبار في المناطق المتاخمة في إسرائيل، والوضع يستمر نحو الأسوأ.

إن سياسة تقسيم المياه العنصرية هذه، التي تفضل المستوطنين الإسرائيليين في المناطق المحتلة وعلى حساب السكان الفلسطينيين، تشكل تقييداً هيكلياً للزراعة الفلسطينية وتحد بشكل قاطع من استخدام مصادر المياه للصناعة الفلسطينية بل وللأغراض المنزلية أيضاً.

الخاتمة

إن إسرائيل تحتاج إلى مصادر واسعة من المياه، ونهر الأردن هو واحد من مصادر المياه الأكثر أهمية بلغة الأمتار المكعبة من المياه، حوالي (620 مليون)، تحتاج المنطقة المياه من أجل دعم التنمية، كما أنه لا يوجد هناك مواد خام لإنتاج الكهرباء، ومحطات الطاقة الذرية مكلفة وهي سبب المشاكل الأمنية في المنطقة. لقد كان هناك عدة خطط وعروض حلول لاستخدام مصادر المياه في إسرائيل والمناطق المحتلة. إن بقاء الدولة الفلسطينية يعتمد على المياه، وذلك بقدر ما يعتمد بقاء إسرائيل على الماء أيضاً بسبب الطقس الدافئ، وحاجات السكان والاستخدامات المنزلية للمياه والزراعة.

إن المشكلة هي كيف وأين سوف تستخدم المياه في الدولة الفلسطينية الحديثة العهد. كما أن المشكلة هي حول كيفية السيطرة على المصادر الطبيعية الفلسطينية في المنطقة، حيث تشكل مصادر المياه النادرة مصادر استراتيجية نادرة، وهذه القضية ذات أهمية خاصة، لأنها تعكس صورة عن مستقبل التنمية الاقتصادية للدولة الفلسطينية. ومن الجانب السياسي، الفلسطينيون تم استقصاءهم من التخطيط لاستعمال مصادر مياههم. إن المعيار الإسرائيلي الواضح للسيطرة على استخدام الفلسطينيين للمياه هو منع الفلسطينيين من استخدام كميات ضخمة من المياه على الرغم من حاجة الفلسطينيين في الزراعة والاستهلاك المنزلي الذي يتطلب المزيد من كميات المياه. وإذا كان الماء نادراً، عندها سوف تنشأ تحديات جديدة بين إسرائيل والدولة الفلسطينية الحديثة مع ظهور نتائج غير مرئية. إن الجانب الإسرائيلي يأمل من أن الدولة الفلسطينية تبدو كشريك مساوي ومستقل مقابل الدولة الإسرائيلية، وذلك سوف لن يتيح لها إمكانية تأمين الغذاء لسكانها والمتوقع أن يقوم المجتمع الدولي بتقديم يد المساعدة فقط، وكذلك الإسرائيليين. ذلك يشكل حالة سوف تعود إلى تنمية إقليمية غير متساوية مع اقتصاد متخلف وسكان فقراء.

إن مشكلة التبخر سببها الطبيعة، وهي تزيد من شدة أزمة المياه. ثم إن الاستخدام الإسرائيلي الموسع والنقص في مياه الأمطار سوف يزيد من الصراع على مصادر المياه الجديدة. إن واحداً من الحلول العملية هو إيجاد تعاون متبادل دولي، الأمر الذي سوف يهتم بإدارة المياه في المنطقة التي تشمل دولة إسرائيل، الأردن، مع عناية خاصة للمؤسسة الناشئة للدولة الفلسطينية الجديدة.

أيضاً إسرائيل قد تدفع مقابل المياه التي تستخدمها من مصادر المناطق المحتلة. في المرحلة الحالية، إن تعاوناً بين إسرائيل والأردن هو جوهري من أجل الحصول على دراسة حول كل المصادر المائية الممكنة، وخبراء في مجال الطرق الجديدة لاستخلاص المياه واستخدامها، سوف تنفذ في هذه البلدان مع الفلسطينيين. التخطيط لطريقة استخدام المياه سوف يكون ذو أهمية لمستقبل المنطقة ولدولة فلسطين.

إن طرق توفير المياه ودراسة العلاقة بين الكائنات وبيئتها قد يستخدم من أجل توفير المياه وتحسين المنتجات الزراعية. وهذا سوف يخلق الأسس لمعرفة تقنية متقدمة لمعرفة كيفية استخدام المياه، شيء، الأمر الذي يمكن تطبيقه في مناطق أخرى من العالم تعاني من نفس المشاكل.

إن الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف سوف تحسن استخدام المياه. وسوف تبدأ برامج التنمية بالازدياد في مجال مصادر المياه في الشرق الأوسط ببيع المياه بأسعار منخفضة وبإحصاء حاجات المنطقة من المياه.

إن خطة الاحتياجات سوف تكون أساسية لمعرفة حاجات الحاضر والمستقبل للمنطقة. وإسرائيل قد تستطيع المساعدة في الدراسات على المصادر المائية وتقديم المعرفة التي تمتلكها للجار الجديد، الدولة الفلسطينية. كما أن الاتفاقات الموقعة بين إسرائيل، الدولة الفلسطينية والدول العربية الأخرى أمام المنظمات الدولية سوف يؤمن طرقاً أخرى لاقتسام مصادر المياه الموجودة.

النتيجة النهائية

في 30 أكتوبر 1991 عقد في مدريد مؤتمر السلام الذي طال انتظاره في الشرق الأوسط. مواضيع هذا المؤتمر قسمت إلى ثلاثة نقاط:

1- الأرض مقابل السلام، ويشمل ذلك الأراضي المحتلة عام 1967.

2- حق تقرير المصير الفلسطيني.

3- قضية المياه.

البلاد العربية تواجه نقصاً في حاجتها للمياه بنسبة 44%، بينما ثمانية دول تسيطر على 85% من مصادر المياه التي تزود الدول العربية. وبينما الباحثون في قضية المياه يعتقدون بأن حاجة إسرائيلي من المياه بحلول عام 2000 سوف تكون 800 مليون متر مكعب بالعام.

تستحوذ إسرائيل 500 مليون متر مكعب من المياه من المناطق المحتلة و300 مليون متر مكعب من جنوب لبنان. وخلال الأربعين العام الماضية، أظهرت إسرائيل السياسة المتعنتة لامتلاك المياه. حيث كان لديها العديد من الخطط التي تم تنفيذها من قبل وفقاً لمتطلباتها.

لم يكن لدى الدول العربية المجاورة الفرصة لتعمل في العمق على خطة أساسية تجاه مصادر المياه، بسبب القوة العسكرية الإسرائيلية، ذلك أيضاً بسبب استمرار الهجرة اليهودية. إن حاجة إسرائيل من المياه سوف تزداد بسبب استمرار الهجرة اليهودية. المشكلة يجب أن يتم مواجهتها وليس الصراع عليها. خصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي هو دعم للدول العربية، مما يعني بأنهم سوف يقبلون بحل تسوية. ولكن القضية الآن هي فيما إذا كانت إسرائيل جاهزة لقبول حل تسوية يرضي طموحاتها، بينما إسرائيل تواجه الهجرة الأكثر تنظيماً من ذي قبل. ربما تقبل إسرائيل هذا النوع من الحل بسبب الضغط الأمريكي.

بعد تورطها في احتلال العراق , فاسقاط النظام الصدامي القومجي , حقق لاسرائيل هدف لم تكن تحلم فيه على المدى البعيد , الا وهو احتلال العراق مباشرة

إن وجود الخطة العامة لاستخدام مصادر المياه سوف يكون جزءاً كبيراً من خطة التسوية هذه.

إن مسيرة عملية السلام سوف تكون طويلة جداً، لأن المياه سوف تكون مفتاح القضية.

وهذا ما يفسر تواصل عقد الاتفاقيات العديدة منذ اتفاقية اسلوا حتى يومنا هذا, فاسرائيل لم تجد وسيلة بديلة لحل ازمة المياه الا بمواصلة الاحتلال لاطول فترة ممكنة, وما خطة شارون عن تصفية بعض المستوطنات وبناء الجدار العنصري الا جزء من خارطة ترسم لكانتونات فلسطينية تضمن سيطرة اسرائيل على مصادر المياه

إسرائيل سوف تواجه وضعاً جديداً مع وجود دولة تمتلك حق تقرير المصير في المناطق المحتلة.

سوف يكون حكمهم الذاتي محدوداً، لأن إسرائيل سوف تبقى مستخدمة للمياه من المناطق المحتلة، من أجل ذلك تتطلع إسرائيل لإبقاء السيطرة العسكرية على السياسة الأجنبية للدولة الفلسطينية ذاتية الحكم.

إن تأسيس الدولة الفلسطينية سوف يكون واقعياً فقط عندما تقدم إسرائيل على:

1- شراء المياه من أجل احتياجاتها.

2- مساعدة هذه الدولة حديثة الولادة بأن تتواجد كنقطة تربط بين الأسواق العربية وإسرائيل. إسرائيل تمتلك ما يكفي من التكنولوجيا لمساعدة الدولة الفلسطينية في مسيرة تطورها.

التطور حيث امتلاك مياه كافية هو العامل الأساسي لمستقبل مزهر.

سوف تجد المعرفة التكنولوجيا الإسرائيلية الطرق لتوفير المياه، سوف تخلق الأسس لتنظيم فعال لمصادر المياه التي سوف تخفف من المشكلة. إن العواقب السكانية نتيجة تدفق الهجرة المتسع هو جزء من المشكلة. هذا إذا رضخت إسرائيل لمتطلبات السلام وهو أمر مشكوك فيه.

النمو السكاني العالي سوف يستنزف مصادر مياه المنطقة.

يواصل مؤتمر السلام جلساته، خمسة اجتماعات مختلفة الجوانب سوف تناقش السيطرة على الأسلحة، التنمية الاقتصادية، مقاسمة المياه، البيئة واللاجئين.

من جهة سوف تناقش اللجان قضية اللاجئين وفقاً لقرار الأمم المتحدة 193 لعام 1948.

ومن الجهة الأخرى استمرار تدفق اليهود السوفييت.

هذا يجعل مشاركة المياه أكثر تعقيداً، ويجب أن يؤخذ شحّ المياه بالحسبان، هذا سوف يكون السبب الرئيسي لتهديدات جديدة للأمن.

الحلول الممكنة سوف تكون:

1- استمرار الأبحاث لاستخدام المياه المالحة.

2- التحكم بنمو السكان.

3- السيطرة على القادمين الجدد إلى المنطقة.

4- الطرق الزراعية المحسنة، حيث يتم توفير المياه.


إن تاريخ الحركة الصهيونية وتاريخ نصف قرن من وجود دولة إسرائيل، يؤكدان استحالة أن تتحول هذه الدولة الصهيونية إلى الموقع الذي يطلق عليه "السلام". وعليه، فإن استحالة إقامة الدولة الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، يبقى الاحتمال الأقوى على المدى المنظور. ولعلَّ مقاومة الشعب الفلسطيني ستقرر، في نهاية المطاف، خارطة المنطقة ومصير المنطقة برمتها.

—————————————————————————-

تاريخ النشر : 2007-11-07
روابط النشر

الحوار المتمدن
http://www.rezgar.com/

دنيا الوطن

https://pulpit.alwatanvoice.com/content/-print-/109843.html
جميع الحقوق محفوظة لدنيا الوطن © 2003 - 2017