بعد عام من الحرب على أوكرانيا، زيارة وخطاب


مؤيد احمد
الحوار المتمدن - العدد: 7533 - 2023 / 2 / 25 - 01:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

بعد عام من الحرب على أوكرانيا
زيارة وخطاب

مؤيد احمد

بعد عام من بدء الحرب في اوكرانيا وعشرات الالاف من القتلى والجرحى وتشرد الملايين من سكان اوكرانيا والمناطق القريبة من الحرب ودمار مدن عديدة و استمرار مآسي انسانية كبيرة في اوكرانيا و روسيا، فان قادتي القطبين الإمبرياليين بوتن وبايدن يؤكدان على تأجيج نار هذه الحرب احدهما بخطاب في موسكو والاخر بزيارة الى اوكرانيا.
ان هذه الحرب لم تُنشب اعتباطا، لا مجرد بإرادة بوتن او بايدن او زيلنيسكي، وهي مثل كل حرب امتداد للسياسة بشكل آخر. وتلك السياسة في هذه الحرب المحددة هي صراع الدول الرأسمالية الامبريالية وتكتلاتها العالمية حول الاستحواذ على مناطق النفوذ السياسي والعسكري وتقاسم السوق العالمية. ان الجماهير في اوكرانيا و روسيا باتت تدفع ضريبة هذه السياسة وبشكل الحرب الحالية.
بوتن (رئيس دولة روسيا الاتحادية) يؤكد في خطابه على ادامة الحرب متذرع بكون المصالح القومية العليا لبلاده في خطر، ويؤكد على ضرورة فوز روسيا في هذه الحرب. وبايدن (رئيس الولايات المتحدة الامريكية) يتذرع بالدفاع عن مصالح "العالم الديمقراطي"! بوجه الدول الاستبدادية او بعبارة اخرى يتذرع بالدفاع عن المصالح السياسية والعسكرية والاقتصادية للدول الامبريالية المتكتلة في حلف الشمال الأطلسي.
وهكذا، كلاهما يفصحان عن جوهر هذا الصراع ولكن بشكلين ايديولوجيين مختلفين بـ"القومية" و"الديمقراطية"، وكلاهما يحجبان الحقائق المادية والطبقية وراء هذه الحرب عن انظار البشرية المعاصرة. الضحية الأساسية التي تدفع ثمن هذه الحرب هي جماهير الشغيلة والكادحة في اوكرانيا و روسيا والتي ليست لها مصلحة في هذه الحرب.
بعد عام كامل من الحرب ليست هناك بوادر تشير الى إنهائها في مستقبل قريب اذ ان الطرفين يستعدان لجولة جديدة من العمليات العسكرية في هذا الربيع، وليست هناك خيارات كثيرة امامهم لإيقافها بسبب المصالح المادية الواقعية التي دفعت ولا تزال باستمرار هذه الحرب .
حسب ماورد في جريدة فايننشال تايمز البريطانية الصادرة اليوم، تسأل “وزير في خارجية الاتحاد الأوروبي ... فيما اذا ينتظر الغرب كي ينتهي الى الوقوع في وضع ينجو فيه بوتن وسيكون لديه المزيد من الوقت"، وبالتالي الوقوع في وضع "يشبه فترة هدوء ما بين الحرب العالمية الاولى و الثانية".
ان هذا التصريح ليس الوحيد بهذا الخصوص، ولكن ذو دلالة كبيرة، اذ انه من الواضح ان هذه الحرب تعكس مسارات اقتصادية وسياسية واستراتيجية عالمية اعمق وأوسع من الحرب الدائرة على اراضي اوكرانيا. ان هذه الحرب نقطة تفاقم تناقضات وصراعات متواصلة فيما بين الدول الرأسمالية الامبريالية المعاصرة، لذا فهي تستمر او ستمر بفترة هدوء مؤقتة ولكنها بوصفها انعكاس لتلك المسارات.
لا خلاص من الحروب الامبريالية وحروب القوى الاقليمية والدولية بدون خوض نضال جماهيري للعمال والكادحين يرفع افقا اشتراكيا وامميا وبحزم في كل بلد ضد البرجوازية الحاكمة في بلدانهم وضد الاقطاب الامبريالية والاقليمية التي يعيشون تحت قبضتها.
رفع الصوت الاحتجاجي الأممي العالمي المناهض للحرب، وبالأخص في البلدان الغربية وروسيا ، ضد الهيئات الحاكمة التي تديم بهذه الحرب والضغط عليها لإيقافها هو مهمة عاجلة لكل انسان تقدمي وتحرري ومحب للإنسانية.
قلوبنا مع ضحايا هذه الحرب والملايين من المشردين، والحرب تدخل عامها الثاني، وكل التضامن والتعاطف مع الجماهير التي تقف بوجه هذه الحرب في كل من أوكرانيا وروسيا وبلدان العالم المختلفة .
24/2/2023