ردا على تصريح الكاظمي على التويتر


مؤيد احمد
الحوار المتمدن - العدد: 7037 - 2021 / 10 / 4 - 09:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

كتب مصطفى الكاظمي رئيس وزراء العراق على تويتره الشخصي التالي: "تمرُّ علينا الذكرى الثانية لاحتجاجات تشرين التي طالبت بالدولة والإصلاح ورفض الفساد. اليوم بدء العد التنازلي للمشاركة في الانتخابات المبكرة التي كانت من متبنيات تشرين الأساسية...".
تحمل هذه الكلمات القصيرة الكثير من التشويه والخداع حول جوهر انتفاضة أكتوبر، وتوضح لنا كيف إن الكاظمي، وهو ممثل البرجوازية الحاكمة من الإسلاميين و القوميين و النيو ليبراليين، وفي عشية الانتخابات المبكرة يؤكد مجددا على عدائه للانتفاضة وسعيه لإمحاء أهدافها و شعاراتها. في سياق إنجاز مهمته هذه يستخدم الكاظمي تعابير ومصطلحات سياسية برجوازية مكررة ومملة وعتيقة تبدو وكأنها حيادية في الظاهر ولمصلحة الجميع ولكنها في الجوهر طبقية برجوازية ومعادية للانتفاضة و الجماهير.
اولا: ان الانتفاضة لم تطالب بـ"الدولة، ولا بـ"الإصلاح" ولا بـ"رفض الفساد"، إنما ناضلت وبطريقة ثورية للخلاص من مجمل النظام و أحزابه و قواه و ميلشياته حيث رفعت شعار إسقاط النظام و الخلاص منهم جميعا و أكدت على ان "الكل يعني الكل". لقد نجى الكاظمي وأمثاله ونظامهم من هذه الهبة الثورية مؤقتا، ولكن ذلك لا يغير ذرة من القطيعة بينهم و بين الجماهير ومن كون هذه القطعية تشكل إحدى السمات الحياة السياسية و الفكرية الحالية في البلاد.
كما، إن الانتفاضة لم تطالب من الحكام بـإجراء "الإصلاح" كهدف ومطلب رئيسي لها إذ خاضت الجماهير قبلها نضالات لسنوات طويلة من اجل تحقيق الإصلاح من فوق وعن طريق السلطات بالأساس ولم تجن ثمارا من ورائها، لذا وضعت انتفاضة أكتوبر حدا لهذا الوهم. وبالتالي، تيقنت الجماهير المنتفضة بان لا إصلاح وتحقيقه بدون تقدم نضالها الثوري وحتى في حال إنجاز إصلاح جزئي فلا يمكن الاحتفاظ به بدون ضغط هذا النضال. واضح، إن الجماهير البروليتارية المنتفضة لا ترفض إنجاز الإصلاح وفرضه على السلطات ولكنها ادركت طريق الوصول الى تحقيقه هو فرضه في سياق استمرار النضال السياسي الجماهيري المباشر للخلاص من مجمل النظام.
كما ان الانتفاضة لم "ترفض الفساد" فقط، إنما ثارت على الفساد وعلى أسباب إنتاج الفساد وإعادة إنتاجه. الجماهير المنتفضة ثارت بوصفها القطب المضاد للفساد ومآسيه والجوع والفقر والحرمان الذي خلقه ويخلقه كل لحظة لهذه الجماهير. وهي تصدت للفساد بوصفه منظومة كاملة مبنية على أسس النظام الاقتصادي الرأسمالي النيو ليبرالي والنظام السياسي البرجوازي الإسلامي والقومي وتقسيم المجتمع الى المكونات القومية والطائفية والمذهبية وإبعاد الجماهير من حكم البلاد. الانتفاضة لم ترفض الفساد فقط إنما أرادت ان تقلعه من الجذور.

ثانيا: وهذا هو الأهم، يدعي الكاظمي بان "الانتخابات المبكرة" من "متبنيات تشرين الأساسية" وهو بادعائه هذا يشوه الحقائق بشكل فاضح ومقصود.
إن الانتخابات المبكرة لم تكن سوى طرح وخطة وسياسة الأحزاب الإسلامية والقومية الحاكمة وكذلك الكاظمي ومن يقف ورائهم من الدول الإمبريالية والإقليمية، للإجهاز على انتفاضة أكتوبر وإخمادها وإنقاذ النظام من أزمته الخانقة على أيدي الانتفاضة. ليس هذا فحسب، بل كانت محاولة لإدغام ما أوجدته الانتفاضة من التغيرات السياسية والفكرية على صعيد المجتمع بمسارات النظام السياسي البرجوازي القائم وذلك بهدف تعزيز هذا النظام.
يكرر الكاظمي هنا في تعليقه نفس سياسته وسياسة النظام تلك والتي طرحت الانتخابات المبكرة على أساسها؛ من جهة، الإجهاز على الانتفاضة وإخمادها بالانتخابات المبكرة ومن ثم بيعها للمجتمع بانها كانت من "متبنيات" الانتفاضة. وهذا هو سمة السياسة البرجوازية المبنية على تشويه الواقع وإخفاء الحقيقة عن الشغيلة والكادحين والمضطهدين.
2 أكتوبر 2021