انتخابات الثورة المضادة


مؤيد احمد
الحوار المتمدن - العدد: 7042 - 2021 / 10 / 9 - 09:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

ما يميز انتخابات 2021 عن سابقاتها هو كون هذه الانتخابات نُظمت وطُرحت ونُفذت لتحقيق مهمة أساسية هي القضاء على انتفاضة أكتوبر ودمج ما أوجدته هذه الانتفاضة من التغيرات السياسية والفكرية على صعيد المجتمع بالنظام السياسي البرجوازي ومساراته وذلك من اجل تعزيز هذا النظام.
المعنى السياسي العملي الدقيق لتلك الصفة المميزة هو ان الانتخابات الحالية انتخابات الثورة المضادة أي انتخابات تلك القوى المضادة للثورة التي قمعت انتفاضة أكتوبر بالحديد والنار وسفكت نهر من الدماء، دماء أكثر من 800 منتفض ومنتفضة، وجرحت واختطفت واعتقلت عشرات الآلاف من المنتفضين.
القضاء على انتفاضة أكتوبر وإجراء الانتخابات الحالية يشكلان لحظتين ووجهين مختلفين لعملية سياسية واحدة لا تنفصل الواحدة عن الأخرى إطلاقا. فهذا هو حقيقة الأمر وليس مجرد كلامي أو كلام القوى الثورية والاشتراكية إذ إن ذلك هو واقع تاريخي ملموس وهو ما يعترف به أصلا من هم في السلطة و راس النظام مثل الكاظمي وبرهم صالح والحلبوسي و الصدر وغيرهم.
ان هؤلاء البرجوازيون وأمثالهم في السلطة يعترفون بتلك الحقيقة، ولكن يقدمونها بشكل مقلوب حيث يقولون ان الانتخابات هي نتيجة للانتفاضة ومطلبها و ثمرتها ولكن في الحقيقة هي نفي الانتفاضة ونقيضها. لو لم يكن هناك شيئا في الواقع السياسي والاجتماعي والفكري في العراق يربط بطبيعة الحال الانتخابات بالانتفاضة لبقى هؤلاء صامتين ولم أتوا بذكر "التظاهرات" أو "الحراك الشبابي" أو "التشريني" في هذه الانتخابات وحملاتهم الانتخابية.
ان هدف القضاء على الانتفاضة وسد الطريق أمام تفاقم أزمة النظام السياسي وتطور الأوضاع الثورية الى أزمة ثورية وثورة، كان الحلقة المحورية التي توحدت حولها جميع قوى السلطة وجميع الانتهازيين ممن كانوا يخفون حقيقتهم المضادة للثورة داخل الانتفاضة.
ان الإبقاء على النظام والحفاظ عليه بوجه الانتفاضة تحقق عبر ارتكاب ابشع جرائم القتل و المجازر و القيام بالاعتقالات و الاغتيالات وبكلمة عبر قمع الانتفاضة السافر وتكملة هذا القمع بإرسال أفواج من المندسين الى ساحات الانتفاضة و شراء ذمم الانتهازيين والتطبيل للإصلاح و الانتخابات المبكرة و غيرها من أعمال القمع "الناعم " للانتفاضة. فلم يكن ممكنا إجراء الانتخابات الحالية بدون هذا القمع الشامل و السافر وبدون تشتيت صفوف المتظاهرين وشل طاقتهم النضالية الثورية بنشر الآفاق والأفكار البرجوازية المدمرة للانتفاضة من الـ"لا حزبية" و الـ "لا تنظيمية" والـ" لاسياسية" في أوساط المنتفضين انفسهم.
ان انتخابات 2021 هي في الحقيقة انتخابات قوى الثورة المضادة وأحزابها البرجوازية الإسلامية والقومية المتسلطة على رقاب الجماهير، في طول العراق وعرضه. إن هذه الانتخابات تنزح الدم وهي نتاج القمع السافر لأهم هبة ثورية للجماهير البروليتارية المعاصرة في العراق في أكتوبر 2019 ، وهي وسيلة الإسلاميين الطائفيين والقوميين الأكراد والعرب والقوميين –الإسلاميين والنيو ليبراليين وبدعم القوى الإمبريالية العالمية والإقليمية لإدامة سلطتهم الفاسدة وجرائمهم بحق الجماهير في العراق. لا تتجاوز البرامج الانتخابية لاي حزب سياسي منهم هذه الأطر و الآفاق و الخرافات البرجوازية الإسلامية و القومية.
مع اخذ كل ذلك بنظر الاعتبار، ما تنقصه انتخابات قوى الثورة المضادة هذه بالأساس هو إنها لا تمثل انتصارا للثورة المضادة على جماهير العمال والكادحين والشابات والشباب الثورية وانتفاضتهم، و لا تشكل علامة فارقة من علائم الدخول في حقبة الاستقرار البرجوازي لسنين عديدة قادمة.
ان الانتخابات الحالية شكل آخر لإدامة أزمة النظام، فلا يمكنها ان تعيق سير تطور الصراع الطبقي في المجتمع ولا عملية كسب الشفافية والوضوح في هذا الصراع. ان مرحلة ما بعد الانتخابات تضع أمام البروليتاريا عموما والبروليتاريا الاشتراكية على وجه خاص مهام جسام لتنظيم النضال للمعركة المتواصلة ضد البرجوازية الإسلامية والقومية و النيو ليبرالية و داعميهم الدوليين والإقليميين.
9 اكتوبر2021