بصدد حكومة الثورة المضادة -الوطنية-! ومهامنا العملية


مؤيد احمد
الحوار المتمدن - العدد: 7169 - 2022 / 2 / 21 - 00:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

بصدد حكومة الثورة المضادة "الوطنية"!
ومهامنا العملية


تاريخ الصراع السياسي والاجتماعي من خلال انتفاضة أكتوبر 2019 وصل الى مرحلة لا يمكن ارجاعه الى الوراء من حيث التطور الحاصل في العلاقة بين الطبقات في المجتمع العراقي ومن حيث الضربة التي وجهتها الانتفاضة لقوى النظام ولتسلطهم الفكري والسياسي على صعيد المجتمع ومنظومة قيمهم الرجعية والرجولية المناوئة للمرأة.
اجراء الانتخابات المبكرة فيما بعد القمع الدموي للانتفاضة وما يجري الان من الصراعات على تحديد شكل الحكومة وغيرها من التطورات في معسكر قوى النظام، يشكل بمجمله سياسات وإجراءات وتكتيكات مضادة للثورة لقوى رجعية بسطت سلطتها بقوة القمع السافر وخنق هذه الانتفاضة.
ان جميع هذه الاعمال والسياسات تكملة لقمع الانتفاضة ومساعي لسد الطريق امام الثورة القادمة، من جهة، ومن جهة أخرى، هي مساعي لتثبيت النظام السياسي البرجوازي في العراق والدولة البرجوازية على أساس تقسيم المجتمع الى المكونات اثنو-طائفية وتثبيت ايديولوجية الدولة البرجوازية بكونها إسلامية وقومية.
آخذين كل ذلك بنظر الاعتبار، فان الصراع الحالي حول تغيير شكل الحكومة في النظام السياسي المحاصصاتي القائم من "التوافقية" الى "الأغلبية الوطنية" لا ينفصل هو كذلك عن التغيير الحاصل في العلاقة بين الطبقات في المجتمع العراقي وانعكاس هذا التغيير في مواقع مختلف اجنحة وتيارات النظام القائم وسياساتهم واستراتيجيتهم. ان الانتخابات الأخيرة البائسة في الأساس من حيث مشاركة المواطنين قللت كثيرا نسبة مجموع أصوات جميع أحزاب السلطة فيها وغيرت من موقع وقوة بعض منهم تجاه الأخر. الأساسي في هذا التغيير هو التراجع النسبي لذلك القسم من الإسلام السياسي الممثل بما يسمى الاطار التنسيقي في المسرح الصراع السياسي الموجود بالرغم من ارتباطه الوثيق بالجمهورية الإسلامية في ايران وما يمتلكها من الأموال والقوة الميليشية المسلحة.

الامر الجوهري في الحاح التيار الصدري
على حكومة "الأغلبية"
على سطح ما يجري من الصراعات حول اختيار رئيس الجمهورية، تشكيل "حكومة الأغلبية الوطنية" ومساعي تعزيز النظام السياسي الحالي، وفي كل لحظة من لحظات هذه الصراعات والمساعي، نرى بوضوح ملامح ضغط وآثار قوة أخرى وقطب آخر، قطب جماهير العمال والكادحين والمفقرين والمضطهدين ونضالهم التحرري والذي لايزال وبالرغم من شتى المشقات والصعوبات يشكل تهديدا وعامل ضغط كبير على مركز السياسة واستراتيجية البرجوازية الحاكمة والمسارات السياسية والفكرية الرئيسية في البلاد. ان "حكومة الأغلبية الوطنية" التي يريد التيار الصدري تشكيلها ليست سوى شكل سياسي يسوده التأزم والتناقضات والذي يسعى هذا التيار من خلاله احتواء هذا الضغط وامتصاص مخاطر هذا الآخر حالها حال الانتخابات المبكرة نفسها وجملة من المناورات والسياسات الأخرى التي مارستها قوى النظام ما بعد قهر انتفاضة أكتوبر.
يطرح التيار الصدري هذه الاستراتيجية والسياسة الجديدة لا لكونها قرارا اختياريا يمكنه التخلي عنه بسهولة ولا حتى قرارا نابعا من دوافع إبعاد نوري المالكي من الحكومة القادمة بسبب موقف مقتدى الصدر الشخصي منه، بل لكون هذه الاستراتيجية ضرورة املت عليه تطورات الأوضاع السياسية والاجتماعية داخل العراق وتناقضاتها وبالأخص تفاقم ازمة التيار الصدري المتمثل بتراجع نفوذه واهتزاز قاعدته الاجتماعية داخل أوساط المفقرين والشغيلة والمحرومين في وسط وجنوب البلاد.
ليس بوسع "حكومة توافقية" على المنوال السابق ولا بوسع "حكومة أغلبية" مؤلفة بشكل أساسي من قوى التيار و"الاطار التنسيقي"، إنقاذ الصدريين من هذا المأزق او مساعدتهم على تخفيف وقع الازمة التي يعانون منها، وذلك لان كلا الحكومتين لابد وان تؤديان الى تشديد وتفاقم ازمتهم وازدياد وتيرة فقدان قاعدتهم الاجتماعية. فهذا هو الجوهري والاساسي في الحاح الصدر وتياره على تشكيل حكومة "الأغلبية الوطنية" ليس بالتحالف مع قوى "الاطار التنسيقي" بشكل عام، انما مع قوى خارج هذا الاطار أي مع قوى خارج مناطق نفوذه.
ما يجنيه التيار الصدري من ثمار سياساته البراغماتية في الانفتاح على ما يسمونه "العمق العربي" الإقليمي أي الدول العربية وبالأخص دول الخليج وتحالفه البرلماني مع أحزاب وقوى داخل العراق، "كتلة السيادة" والحزب الديمقراطي الكردستاني، المرتبطة بشكل او باخر بهذه الدول، يعزز بطبيعة الحال استراتيجية ومصالح هذا التيار بوصفه تيار سياسي طائفي حكومي. هذا وان ادخال قسم من هم في "الاطار التنسيقي" كأفراد او كيانات منفردة لا يؤثر سلبا على استراتيجية الصدر في تشكيل حكومة "الأغلبية الوطنية" التي ذكرناه أعلاه.

"حكومة الأغلبية" والمحتوى الطبقي البرجوازي
للدولة والنظام
ان التحالف الثلاثي الحالي، التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني( البارتي) وكتلة "السيادة" البرلمانية المؤلفة من "التقدم" و"عزم"، لتشكيل حكومة الأغلبية، يبدو، ومن الوهلة الأولى، وكأن التيار الصدري خطى باتجاه تشكيل الحكومة من خارج اطار الطائفية والقومية، أي تخطى هو الطائفية واصبح قادرا على تشكيل حكومة على أساس "الأغلبية السياسية الوطنية" على صعيد البلاد، وهذا ما تطبل له قوى التحالف الثلاثي واعلامهم واعلام النظام على الدوام بكونها حكومة "وطنية" ونقطة شروع لبناء "الدولة العراقية" و"ارجاع مكانة العراق الدولية" وغيرها من الدعايات والتصريحات.
وقفة تامل قصيرة على هذا المشهد وهذا السيناريو توضح لنا ان المشروع نفسه مبني على أساس تحالف ثلاثة قوى برجوازية قومية وطائفية من حيث الأساس وممثلة لتقسيم المجتمع على أساس ديني طائفي وقومي بامتياز. كما وتتبين لنا ان هذا النوع من الحكومة سوف لن تتجاوز حدود النظام الطائفي والقومي القائم، ولن يمكنها ان تكون حكومة برجوازية مبنية على أساس الهوية السياسية والأيديولوجية البرجوازية المسماة الهوية "العراقية" بالرغم من كل الصيحات بهذا الشأن وبالرغم مما تربط قوى التحالف هذه من مصالح مادية اقتصادية واجتماعية مشتركة بوصفهم ممثلو مصالح راس المال العام على صعيد العراق.
ان المحتوى الطبقي البرجوازي للدولة في العراق وللحكومة الحالية وما تليها مما يسمى بـ حكومة "الأغلبية الوطنية" يتحدد اساسا بالعلاقة القسرية والقمعية الموجودة لهذه الدولة والحكومة بالطبقة العاملة وجماهير الشغيلة والمحرومة، فعلاقة القهر هذه هي العامل المشترك والحاسم الذي يربط القوى البرجوازية الطائفية والقومية والليبرالية والاصلاحيين وحتى التشرينين وحلفائهم من "الجيل الجديد" البرلمانيين، بعضهم ببعض في مقابل العمال والكادحين. ان تشتيت النظام السياسي للبلاد وتقسيم الأدوار على أساس القوميات والطوائف المختلفة وبالتالي خنق الطبقة العاملة والجماهير الكادحة واضطهاد المرأة وقمع الشبيبة على الانفراد داخل حدود مناطق وجود المواطنين في هذه التقسيمات المسماة بـ "المكونات"، هو امتداد ضروري ومكمل لهذه العلاقة الطبقية القهرية للدولة المعاصرة والحكومة الحالية والمرتقبة في العراق، بالعمال والمحرومين والشغيلة والنساء المضطهدات. ان التشرينين من "حركة امتداد" وحلفائهم من "الجيل الجديد" هم في الحقيقة ادوات وكيانات سياسية لاحتواء الحركة الثورية وإبطال تأثير الطاقة الثورية وزجها في آلة الدولة القمعية البرجوازية هذه وبرلمانها وكل هذا باسم الاصلاح والانتفاضة وتطلعات الشبيبة.
واقع الحال هو ان الحكومة والنظام السياسي ممثل لقوى وفئات برجوازية قومية وطائفية مختلفة من القوميين العرب والكرد والطائفيين الدينيين من السنة والشيعة وغيرها وبشكل متكامل الابعاد، فليس هناك شيء اسمه مصالح جماهير الشغيلة والكادحين وغير المالكين او الجماهير بشكل عام في هذه المنظومة، لا على مستوى مناطق نفوذهم ولا على صعيد البلاد، ولا شيء اسمه "الوطن" و"العراق" الا كرموز تجسد مصالحهم الطبقية البرجوازية السياسية والايديولوجية، لذا ما هو موجود هو مصالح طبقية متضادة بين راس المال والعمل ومصالح فئات وقوى برجوازية قومية وطائفية مختلفة متصارعة فيما بينها ضمن وحدتهم العامة كممثلي راس المال تجاه العمال والكادحين ونضالاتهم. ان جميع الابواق التي تهلهل لحكومة "وطنية" وحكومة "الأغلبية السياسية الوطنية" ليست الا إخفاء الحقائق الطبقية هذه.
صحيح ان حكومة "الأغلبية السياسية الوطنية" تختلف، الى حد ما، عن "الحكومة التوافقية" بكونها تضع وفي احسن الأحوال جملة من الأحزاب والقوى المشاركة في العملية السياسية خارج دائرة التمتع بغنائم الحكومة المرتقبة ووزاراتها التي تحتاجها تلك القوى للإدامة بموقعهم في معادلات القوى في العراق وتلحق اضرارا بالمصالح الجيو سياسية للجمهورية الإسلامية في ايران داخل العراق. غير ان ذلك لا يغير شيئا من طابع النظام القائم ولا يمحي كذلك تلك القوى البرجوازية المعارضة من الوسط السياسي ولا حتى يسد الباب عليهم للعب بعض الأدوار في الحكومة وتلقي امتيازات البرلمان. هذا عدا عدم امكان قطع الخيوط الدولية والإقليمية التي تربطهم بإيران وحلفائها وميلشياتها في بقية البلدان والتي ستؤمن لهم تمويلاتهم وتزويدهم بالأسلحة وتوفير الدعم اللوجستي لهم.
وهذا ما يصل بنا الى نقطة أخرى مهمة وجوهرية وهي ان الأوضاع السياسية في العراق وخصائص جميع القوى السياسية الحاكمة فيه لها امتدادات إقليمية ودولية بشكل مباشر. ان النظام السياسي والدولة البرجوازية في العراق لازال مفتوحة الابواب امام التدخلات الجيو سياسة واقتصادية والجيو استراتيجية وبالأخص من قبل القوى الإقليمية والدولية: ايران والسعودية وامريكا وتركيا والامارات. ان عدم وجود قوى الاطار التنسيقي في الحكومة او قلة اعداد كراسيهم يوجه لهم ضربات محددة ولكن لا يجعلهم خارج اطار اللعبة السياسية الدائرة في العراق و التدخلات الجيو سياسية واستراتيجية.
باختصار، ان حكومة "الأغلبية الوطنية" ليست الا احتكار قسم من نفس القوى الطائفية والقومية بامتيازات الدولة، من جهة، واخذ زمام الأمور لأربع سنوات القادمة بأيديها لتنفيذ سياسات واجندة الحكومة وبرنامجها من جهة اخرى، وهنا تكمن القصة وجوهر الموضوع، أي ماذا تحمل هذه الحكومة من الاجندات فيما يتعلق بمسار الصراع الطبقي الدائر داخل العراق؟. فاذا قيمنا هذه الحكومة من وجهة نظر الثورة والتغيير الجذري لصالح المفقرين والشغيلة والمرأة المضطهدة، نرى انها حكومة الثورة المضادة حقا وبشكل مضاعف.

اجندة حكومة الثورة المضادة
ان الحكومة التي ستتشكل على أساس "الأغلبية السياسية الوطنية" او "الحكومة التوافقية" او حكومة مختلطة من الاثنين هي حكومة منبثقة عن الانتخابات المبكرة وسوف لن تكون سوى تكملة ناعمة للقمع الدموي لانتفاضة أكتوبر ولسد الطريق امام مخاطر انبثاق ازمة ثورية وبهدف تعزيز النظام السياسي البرجوازي وتامين استقرار الدولة البرجوازية في العراق. ان الخطوة الأولى لتحقيق هذه الاستراتيجية هي تشكيل حكومة الثورة المضادة باسم حكومة الأغلبية "السياسية" و"الوطنية" .
ان التيار الصدري، بوصفه حزب حاكم رئيسي وتيار سياسي إسلامي شيعي وشعبوي ذو نفوذ و"قاعدة" اجتماعية بشكل رئيسي داخل اوساط المحرومين والمهمشين وجماهير الشغيلة في مناطق وسط وجنوب العراق، يهدف الى تبني تلك السياسات التي تخدم تشديد قبضته على قاعدته الاجتماعية هذه وتوسيع هذه القاعدة بشتى الوسائل. سيستثمر التيار الصدري التصرف بمقدرات الدولة وما توفر له الحكومة من الإمكانيات ومن الاقتدار السياسي والدبلوماسي اللذين سيكسبهما على المستوى الداخلي والخارجي، لهذا الغرض. لا شك ان حكومة هذا التيار ستكون مليئة بالتناقضات حيث تتوقع منه قاعدته الاجتماعية تحسين حياتها وتوفير الخدمات العامة لها ولكن سياسات التيار واجندته ستكون منشغلة بقولبة نضال واعتراضات جماهير الشغيلة نفسها حول آفاق وسياسات هذا التيار وسياساته الاقتصادية الرأسمالية النيو ليبرالية وستكون مركزة على شل طاقة هذه الجماهير الثورية. لذا كل الادعاءات بخصوص كون حكومة "الأغلبية الوطنية" تحقق التغيير لصالح الجماهير ليس الا تزيف الحقائق لإخفاق كل مد ثوري جماهيري ضد نظام الفقر والاستعباد والتهميش القائم.
في جوهر اجندة التيار الصدري التاريخي الموروث هو اسلمه المجتمع "من القاعدة"، كما هو معروف، ونشر سياسة الاسلمة هذه داخل أوساط الجماهير المهمشة والمفقرة بشكل أساس وفي حال تفرده بالسلطة سيتوفر له الفرصة لفرض ما يمكنه فرضه من القوانين بهذا الاتجاه وبالضد من المرأة أساسا وتقوية مديات هذه السياسة بوتائر سريعة وشاملة. ان التيار الصدري وبوصفه تيار حكومي حاكم سيصب جل اهتمامه على احتواء الطاقة الثورية للجماهير المحرومة عبر ترسيخ هذا الشكل المذهبي الإسلامي الطائفي المناهض للمرأة والحريات المدنية والسياسية والتقدم الاجتماعي قدر المستطاع. هذا وان ادعاءاته حول حل الميلشيات ليس الا إعطاء الرسمية للميلشيات بزجها في قوات الدولة القمعية الرسمية.
صحيح ان هذا التيار يتمتع باستقلالية نسبية عن النظام الإيراني بسبب الاختلاف في مجال المؤسسة المذهبية الشيعية وصلاحياتها داخل العراق وارتباطها الاجتماعي والأيديولوجي المذهبي بالجماهير الناطقة باللغة العربية وغيرها من التفاصيل. غير ان هذا الاستقلال النسبي وكون قاعدته الاجتماعية من الناطقين باللغة العربية في العراق لا يغيران من طابع هذا التيار الديني المذهبي بوصفه تيارا للإسلام السياسي الشيعي، كما ولا يحولانه الى تيار قومي عربي ذو اجندة حركة قومية عربية على صعيد المنطقة او تيار "قومي محلي" او ما يسمى بالبرجوازية "الوطنية" العراقية، اذ انه سيظل تيارا ضمن تيارات الإسلام السياسي الشيعي في العراق ومن هذا الموقع الاجتماعي والسياسي والأيديولوجي انخرط ولا يزال منخرطا في الحياة السياسية و"العملية السياسية" بما فيه تشكيل الحكومة في الوقت الحاضر.
ان تشكيل حكومة الأغلبية لا يغير شيئا من البنيان الأساسي الايديولوجي والسياسي لهذا التيار حيث يبقى الوهم المذهبي والطائفي والقلق من الاضطهاد والتميز الطائفي ضد الجماهير في وسط وجنوب العراق السائد على اذهان أوساط كبيرة من هذه الجماهير هو المسند السياسي والايديولوجي وحتى السيكولوجي والسد المنيع لهذا التيار بوجه الاخرين ومنبع ادامته. وهذا يشبه حال التيار القومي والحركة القومية الكردية الحاكمة الان وما يجنونه من ثمار الأوهام والافاق القومية السائدة على أوساط الجماهير في كوردستان، وهو كذلك يشبه حال الحليف الآخر "كتلة السيادة" التي تعتمد هي أيضا بدرجة الأساس على النزعة القومية العربية في المناطق الغربية والشمال الغربية من البلاد.
لنرى الان ما هي الاجندة السياسية للشركاء الاخرين في "حكومة الأغلبية الوطنية". ان احد شركاء هو الحزب الديمقراطي الكردستاني، هذا الحزب القومي الرجعي والاستبدادي والذي يقوده صف طويل وعريض من كليبتوقراطية ورأسماليين كبار ويحكمون مجتمع كوردستان بقوة السلاح والاكراه مستغلين المسالة القومية والاحاسيس القومية السائدة داخل أوساط الجماهير للإدامة بحكمهم. ان هذا الحزب ليس فقط يتحكم بثروات المجتمع ويحقق الأرباح الخيالية من الاستثمارات الكبيرة انما يسكت بالسلاح والاعتقالات والتغيب كل صوت اعتراضي وكل تحرك جماهيري في المناطق التي تحت سيطرتهم. فهو القوة البرجوازية المضادة للثورة ومن مناصري عادل عبد المهدي الذي أطاحت به انتفاضة أكتوبر. ان حكومة يكون احد اعمدتها الثلاثة هذا الحزب ليست سوى حكومة الثورة المضادة والمناهضة للجماهير وكل تطلعاتها في الحرية والأمان والرفاهية.
ان كتلة السيادة ومكوناتها من التقدم وعزم لا تختلف من حيث الجوهر عن البقية في التحالف الثلاثي وهي كتلة سياسية رجعية للتيار القومي العربي ذات أيديولوجية قومية وقاعدة اجتماعية داخل العشائر والقوميين وأوساط الفئات البرجوازية بشكل أساس ولها امتداد داخل أوساط البعثيين السابقين ومرتبطين بخيوط شتى بالسعودية والامارات.
وأخيرا، بمعزل عن هدف قرار "المحكمة الإتحادية العليا" الأخير بصدد قانون النفط والغاز لإقليم كوردستان وتفاصيله وما يقف من ورائه من أغراض سياسية متعلقة بالصراع الجاري، وبمعزل عما يقوم به الحزب الديمقراطي الكوردستاني من نهب سافر لثروات البلاد والجماهير في كوردستان طوال سنوات عديدة، فان الطرفين مشتركين في تأجيج نار التعصب القومي والطائفي وتحويل ازمتهم السياسية الى أزمة اجتماعية تدفع ضريبتها الجماهير. انه من مهام الاشتراكيين والطبقة العاملة والجماهير التحررية الوقوف بقوة بوجه التعصب القومي والطائفي على طرفي الصراع وسد الطريق امام مساعيهم لإلقاء المزيد من المشقات الاقتصادية والاجتماعية على كاهل الجماهير. المهمة هي توجيه راس رمح نضال الجماهير الثورية الى البرجوازية الحاكمة في عموم العراق وإقليم كوردستان.

بخصوص مهامنا العملية
تناول مهامنا العملية الملحة، كشيوعيين، مكانه مقرر تنظيمي خاص بالمهام العملية والسياسية، غير ان ذلك لا ينفي طرح بعض تلك المهام حتى وان كان بشكل عام في هذا المقال. لذا أرى من الضروري التالي:
فضح النظام السياسي الحالي والحكومة التي ستتشكل ما بعد الانتخابات المبكرة بوصفها حكومة الثورة المضادة، حكومة ما بعد القمع الدموي لأكبر انتفاضة جماهيرية ثورية في تاريخ العراق الا وهي انتفاضة أكتوبر 2019.
الدعاية السياسية بين أوساط جماهير العمال والمحرومين والمضطهدين والمرأة التحررية والشبيبة الثورية بضرورة تنظيم نضالهم بشكل مستقل من اجل تحقيق ارادتهم السياسية الطبقية في شكل مجالسهم الجماهيرية الثورية وبمثابة حكومتهم الثورية المقبلة.
نقد الماهية الطبقية الرأسمالية للقوى والتيارات الإسلامية والقومية الحاكمة وتبيان هذه الماهية للجماهير والتي هي مغطاة عادة بالغلاف الأيديولوجي القومي والديني والليبرالي.
النقد الاشتراكي للرأسمالية النيو ليبرالية السائدة والنظام السياسي البرجوازي الإسلامي والقومي الحامي لها بشكل منظم وطرح البديل الاشتراكي بوصفه امرا آنيا، والنضال من اجل توحيد مختلف أوجه النضال الاقتصادي والسياسي والفكري للعمال والكادحين في نضال طبقي واحد لتحقيق هذا الهدف.
تجسيد النقد الاشتراكي والنسوي التحرري للقيم الدينية والقومية والرجولية والعشائرية السائدة والقامعة للمرأة.
تنظيم نضال ومقاومة المرأة بوجه القمع والرجولية والنضال لإنشاء حركة نسوية تحررية قوية في عموم البلاد. العمل على ان تكون هذه الحركة النسوية متجذرة في أوساط جماهير النساء العاملات والكادحات بشكل أساس وعلى مستوى اجتماعي في المدن والأرياف وفي مختلف أماكن العمل والاحياء.
التشهير السياسي المنظم لكل مظاهر القمع والاستغلال والتمييز بوجه مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية المضطهدة في المجتمع.
النضال من اجل ان يتبنى ناشطو وقادة جماهير العمال والشغيلة والمفقرة ومنظماتها، النظرية الماركسية ومنهجها الثوري في نضالهم التحرري.
السعي لتنظيم العمال والكادحين والشبيبة والمرأة العاملة والمضطهدة في لجانهم المحلية وحلقاتهم النضالية الخاصة بهم في الاحياء وامكان عملهم، إنجاز النشاط الاجتماعي والسياسي والفكري بشكل منظم في هذه الاحياء والأماكن، السعي لتنظيم المقتنعين منهم او مجموعاتهم بالاشتراكية في العمل المنظم في حلقات اشتراكية وفي منظمة البديل الشيوعي في العراق.
فرض العمل النقابي المستقل على السلطات وتفعيل النقابات المستقلة الموجودة وبناء أخرى جديدة وتشكيل مختلف منظمات عمال نضالية مدافعة عن حقوقهم بحيث تنظم العمال والموظفين والمنتسبين في جميع أماكن العمل في هذه النقابات والجمعيات والمنظمات.
النضال اليومي والمستمر لفرض الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية على النظام كجزء من تقوية النضال الاشتراكي ولتحقيق حرية ومساواة المرأة الكاملة، فصل الدين عن الدولة والنظام التعليمي، الغاء النظام القومي والطائفي، إرساء النظام السياسي على أساس المواطنة المتساوية وتحسين رفاهية الجماهير وإرساء الثقافة الإنسانية والتحررية.
تنظيم النضال الجماهيري بوجه نهب ممتلكات المجتمع التي تنفذه السلطات عبر الخصخصة واللصوصية والفساد و"الاستثمارات" الرأسمالية.
تنظيم النضال من اجل توفير الكهرباء والماء والخدمات العامة الصحية والاجتماعية والتعليمية المتطورة مجانا والسعي لـ والمشاركة في انشاء مختلف التجمعات والمنظمات الجماهيرية لهذا الهدف.
فضح مجمل سياسية "الورقة البيضاء" التي تريد تحويل اقتصاد العراق الى اقتصاد مبني على النهب الرأسمالي الفاضح وتحويل الدولة وقوانينها الى ادوات لتنفيذ هذه المشاريع، والسعي لنشر الوعي العام حول هذه السياسات وتنظيم الاحتجاجات بوجهها.
المجتمع لا ينقصه عدد الاحتجاجات وحجم الاستياء والغضب من الوضع القائم حيث ما ينقصه هو التنظيم الكافي في صفوف هذا النضال وهذه الاحتجاجات وافتقاره لافق واجندة سياسية اشتراكية. السعي المتواصل لوضع حد للتشتت والسعي لتنظيم هذا النضال باتجاه تحقيق هذا الهدف هو من مهامنا العاجلة.

نقطة الضعف الأساسية للبرجوازية في العراق هي انها مقسمة على أساس القومية والدين والطائفة ولس بإمكانها ان تتوحد حيث ان توحيدها ملئ بالتناقضات والصراعات والاحتكاكات والتبيعة لهذه الدولة او تلك وامتداداتهم الإقليمية. على العكس من ذلك، ان الطبقة العاملة والجماهير الكادحة والمفقرة وجماهير النساء المضطهدة والشبيبة المعطلة عن العمل والمتطلعة الى الحرية لها مصالح طبقية واجتماعية مشتركة على مستوى العراق، وهي قوة جبارة اذا وحدت صف نضالها الثوري وتبنت الأفق الاشتراكي الأممي والنضال الموحد على صعيد البلاد والمنطقة .
ان النضال الثوري عموما والنضال الاشتراكي خصوصا في عهد العولمة الرأسمالية المعاصرة والصراعات الجيو سياسية واستراتيجية الامبريالية والأقطاب الإقليمية المحتدمة لا بد وان يكون اممي الأفق والاجندة كي ينجح وينتصر.
12-2-2022