الشيوعي العراقي وتغريدة مقتدى الصدر الأخيرة


قاسم علي فنجان
الحوار المتمدن - العدد: 6760 - 2020 / 12 / 13 - 16:26
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها     

((وأفصح صدام حسين عن نوايا البعث في حديث له مع عامر عبد الله في أواخر السبعينيات 1977 او ربما في بداية عام 1978 قائلا: على الحزب الشيوعي ان يدرك ان "الابي" (المفتاح الرئيسي للكهرباء في البيت او المؤسسة) هو بيد حزب البعث، وعلى الحزب الشيوعي ان يراعي الامر، والا فأن البعث سيلجأ الى "تشذيب" كل زيادة في عضوية الحزب الشيوعي)) عزيز سباهي "عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي".
تلك كانت كلمات الرفيق القائد "كاسترو العرب" صدام حسين بحق الحزب الشيوعي العراقي، كانوا في جبهة واحدة معه، كان عامر عبد الله وزيرا "شكليا" في حكومة البعث، كان الحزب الشيوعي يأمل ان يحقق البعث شعاره "القنبلة" (وطن حر وشعب سعيد) لكن الرفيق صدام حسين كان جادا جدا في كلماته، وبدأ بالفعل ب "تشذيب" الحزب الشيوعي، فأعدم ثلاثين مجندا وضابطا من المؤسسة العسكرية، كانوا منتمين للحزب او متعاطفين معه، وسير توابيتهم امام مقر الحزب، رغم ذلك فأن بيانا للحزب نشر في "طريق الشعب" 1977 اعتبر ان الجبهة الوطنية التقدمية لا تزال نسقا ساريا للعمل، مشددا على أهمية الجبهة في "احباط خطط الامبريالية والصهيونية والرجعية" في المنطقة.
وبعد مجازر كبيرة، وويلات التعذيب والمطاردة، واجواء بوليسية مرعبة عاشها الشيوعيون من رفاقهم البعثيون، أصدر الحزب تحذيرا الى جميع اعضاءه "يشجع فيه أي شخص يمكنه مغادرة البلاد على ذلك"، كان رفاق الأمس قساة جدا.
بعد تلك الويلات، اعترفت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في المؤتمر السادس للحزب بأن التعاون مع البعث في تحالف الجبهة الوطنية كان خطأ فادحا، لكن "بعديش" مثلما يقال في العامية، بعد ان رسخوا سلطة البعث، بعد ان جملوا سلطة البعث، بعد ان دمروا البلد.
اليوم يعيد التاريخ نفسه، ودائما يفعل ذلك مع الشيوعي العراقي، بدأوا بترسيخ وتجميل سلطة الإسلام السياسي، فدخلوا مجلس الحكم، واختار الامريكيون والبريطانيون بقيادة عراب العملية السياسية الرفيق "بول بريمر" وبعد محادثات ومناقشات طويلة، اختاروا بذكاء الرفيق حميد مجيد موسى ممثلا للشيوعيين في مجلس الحكم، وحسنا فعل الامريكان ذلك، فكتب الرفيق بريمر في مذكراته مثنيا على الرفيق حميد مجيد موسى قائلا ((واثبت موسى، وهو شيعي، انه احد اكثر أعضاء مجلس الحكم تأثيرا وشعبية))؛ بعدها تحالف الحزب الشيوعي مع الرفيق مقتدى الصدر "سائرون"، والذي وصفه سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي بأنه (( شخصية إسلامية ذات عمق تاريخي ويعمل من أجل مصلحة العراق وأنه ماض وجاد باتجاه إقامة الدولة المدنية)) وقال عنه عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي ومنظرهم الأكبر الرفيق جاسم الحلفي بأن الرفيق مقتدى الصدر هو من سيحقق شعار "وطن حر وشعب سعيد"، وبدأوا بتجميل تاريخ "التيار الصدري" ورددوا ذات الكلمات التي قالوها عن البعث أيام الجبهة، وذات الكلمات التي قالوها عن الرفيق صدام حسين قالوها عن الرفيق مقتدى الصدر؛ لكن بعد فشلهم "المعتاد طبعا" في هذا التحالف، يقومون اليوم بعقد الندوات -في معرض الرفيق فخري كريم للكتاب- بقيادة الرفيق جاسم الحلفي، للبراءة من هذا التحالف "بس بعديش".
لكن الرفيق مقتدى الصدر هو أيضا يريد "تشذيب" الحزب الشيوعي، فقام بالتغريد ممهدا لذلك ((وما أسرع خيانتهم "الشيوعيون" لنا وإعلان العداء لنا والى يومنا هذا)) فهذه الكلمات هي بمثابة تحذير جاد جدا، ونعتقد ان الشيوعيين سيرون أياما مرعبة، قد تكون أسوأ حتى من سبعينات البعث، فالإسلاميون مجهزون بفتاوى "الشيوعية كفر والحاد" وهم على اتم الاستعداد لملاحقة ومطاردة ومعاقبة الشيوعيون، اين ما كانوا.
تلك هي تحالفات هذا الحزب، وتلك هي قراءاته للواقع وشخوصه، وتلك هي الممارسة العملية له، المستندة الى قراءة "منظريه" للماركسية-اللينينية، الذين يبررون كل تلك السياسات، فهم أكاديميون، يعيشون داخل الوسط الجامعي، ويتقاضون مرتبات عالية، في جامعات أهلية، ويستلمون مكافأة مقاتلي "الأنصار"، لهذا فهم يبقون ينظرون وينظرون، فقط للحفاظ على مكانتهم الاجتماعية والاقتصادية، فمثلا عند ذهابك الى قلعتهم الحصينة "اتحاد الادباء" ستجدهم يتمايلون يمينا وشمالا على ابيات "شاعر العرب" مظفر النواب "القدس عروس عروبتكم" و "انبيك عليا"، ويغرقون في الماضي المجيد لهم، وكيف كانوا يحاربون المخططات الصهيونية، وكيف كانوا يتغنون بتحرير القدس، فهي خط الشروع لتحقيق الاشتراكية؛ وتجدهم في بحث مستمر لتبرير التحالفات تلك، فيبحثون عن نص لماركس او رسالة لأنجلس او خطبة للينين، وقد يجدوا لنا يوما ما رسالة بعث بها ماركس لأبو درع، يشرح فيها أسباب التحالف مع البعث ومن ثم الإسلاميين.
وعلى شيوعية الشيوعي العراقي نلتقي..