أوروبا تحب المملكة 6


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 6433 - 2019 / 12 / 9 - 15:22
المحور: الادب والفن     

طحنت الحروب في القرنين السادس عشر والسابع عشر أوروبا كما طحنتنا في العقدين السابقين، فارتبط شرط أفكار الحرية والحداثة والتنوير بشرطها الذي أدى إلى نشوء دولة متسامحة لا دولة داعشة أو دولة نتنة أو دولة بنت سلمانة، والذي سيؤدي إلى قبول غيري الديني وغيري الثقافي مثل مثلي الديني ومثلي الثقافي في المملكة. طغى العقل في أوروبا على الدين، وسيطغى العقل في المملكة على الدين، فالعقلانية ربتي في الشرق الأوسط، وتبقى الربة في أوروبا على الرغم مما يدعى "الحركات الدينية الجديدة" التي روجت لها أجهزة المخابرات العالمية الأربعة الكبرى ودعمتها كصدى لما تنفذه عندنا من استراتيجية نفوذ خلفيته هستيريا دينية بعد 11 سبتمبر 2001. لهذا أجدني أعول دومًا على العقل الأوروبي بعد حصاد النفط الأسود الديني الدموي خلال العقدين الماضيين سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، لأن المكاسب عن طريق الفبركة السافلة كانت كثيرة إلى أن غدت بقوة الأشياء قليلة، وخاصة لأن شروط هذه المكاسب تنهل اليوم من أوضاع مختلفة تفرض على العولمة طرقًا مختلفة عند التعامل مع العالم الذي أوروبا والمملكة والشرق الأوسط فيه كلٌّ من كل، فمنظومات التكنولوجيا الحضارية متساوية في أبعادها على الرغم من أحجامها كانت صغيرة أم كبيرة، بعلاقاتها البنيوية تكون، ولا تكون بفبركتها الانحطاطية كما لو كنا من إنتاج زمن في زحل أو في المريخ. أوروبا عانت في العقدين الأخيرين لأننا عانينا، وأوروبا لن تعاني في العقدين القادمين لأننا لن نعاني، فالإرادة العولمية تفهم اليوم العالم بفهمي، وليس بالضرورة بقراءتي، الإرادة العولمية تفهم اليوم العالم بدون قراءتي، غير أنني أنطلق من مملكتي في الأردن وفلسطين فالشرق الأوسط فأوروبا فأمريكا فالعالم، رؤيتي الأشياء خصوصية لا عمومية، توليدية لا توحيدية، محورية لا مركزية، وهي لهذا رؤية عولمية حديثة وفي نفس الوقت جديدة، وهي لهذا رؤية اقتصادية اجتماعية وفي نفس الوقت سياسية، وهي لهذا رؤية إنسانية كونية وفي نفس الوقت محلية. أهم ما في هذه الرؤية نفيها لكل أدلجة، وتأكيدها لكل أفردة، واعتمادها العقل العلماني الأوروبي. في أوروبا أنا هو أنا، وفي المملكة أنا هو أنا، بديني ودنياي، وما كان من "ردة" دينية ودنيوية في أوروبا للفبركة السافلة في العقدين الماضيين، أنا أعتبره مسألة عابرة، والبرهان على ذلك المملكة كما أريد كأوروبا للعقل كأوروبا للحرية كأوروبا للسوق كأوروبا للاستثمار مثلما هي كأوروبا للثقافة.