رهان المهزومين


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 7988 - 2024 / 5 / 25 - 00:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

منذ قليل أصدرت محكمة العدل الدولية حكمها بإيقاف هجوم إسرائيل العسكري على رفح، وبالطبع بدون نتائج قريبة، على الرغم من معارضة الإدارة الأمريكية للعملية، معارضة شكلية هي للخداع في آخر المطاف، لأن صاحب الأسلحة التي تدمر وتقتل وتحرق هو حسب منطق الحروب صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، الرئيس بايدن يحاول تبرير عدم ضلوعه في المجزرة القادمة أمام الرأي العام الأمريكي والرأي العام العالمي، الرأي العام الأمريكي خاصة، لأجل الأصوات التي يريد ألا تفلت من يده، أصوات المعارضين للحرب في غزة الذين تمثلهم حركة الطلاب من ناحية وحركة السيناتورات من داخل الحزب الديمقراطي من ناحية، لكنه سيخسر قوى الحركتين، وسيخسر قوى حركات أخرى شعبية، سيخسر في الثالث من نوفمبر القادم كرسي الرئاسة

لهذا بديله -كما يتوهم- في اللعبة الغزية الدعم المتبادل بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي، هذا يراهن على ذاك، وذاك يراهن على هذا، ادعمني أدعمك، شيء يثير التقزز، ويبعث الرغبة في التقيؤ، ندعم بعضنا لنبقى، بينما الإسرائيليون قطعوا قرارًا بإسقاط نتنياهو مهما فعل، مهما فعل له بايدن، مهما دلله، مليار الأسلحة الأخير أو إلقاء خطاب في الكونغرس، مهما عارض من أجل عينيه لا من أجل عيون الإسرائيليين قرار المحكمة الجنائية الدولية أو لحوس وزير خارجيته القفا السعودي بالمغريات النووية، ستكون النهاية الأكيدة للرجلين

بينما إجراءات التغيير والتحويل التي نشرتها منذ عدة ساعات تحقق كل ما يريده رئيس الوزراء الإسرائيلي بخصوص أفراد حماس الذين أقترح نقلهم من رفح بحراسة رجال المارينز وجنود الجيش الأردني إلى عمان مع الرهائن، فأرضي الجهة العسكرية وأرضي الجهة الإنسانية، إذن لماذا لا يعمل الرئيس الأمريكي باقتراحي، ويعمل به في الحال لو كانت نيته بالفعل صادقة ضد الهجوم على رفح، إنه يراهن مثلما الآخر يراهن

بينما إجراءات التغيير والتحويل التي نشرتها منذ عدة ساعات على أمل أن يتحرك الإيجابيون -يجب أن يتحركوا- تحقق كل ما يريده نزيل البيت الأبيض بخصوص مشاكل الأمريكيين، كل مشاكل الأمريكيين التي لم يقدر على حلها خلال فترته الأولى -أقول الأولى لأني أتمنى له فترة ثانية بصدق- التضخم أهم مشكلة في السياق الداخلي، والتحايل على النفس قبل التحايل على الشعب لن ينفعه في شيء حتى ولو تمكن من دفع السعودية إلى التطبيع، لأن مثل هذا تطبيع مع مثل ذاك مطبِّع وفي سياق الحرب الدائرة لن يؤثر في القرار الانتخابي، ما يؤثر في القرار الانتخابي هو العمل بإجراءاتي، كل شيء جاهز للتنفيذ، كل الأرض تتزلزل من تحت أقدام العملاء الذين هم هنا ضد-المنطق وضد-العقل وضد-الوجود ضد وجودهم هم أنفسهم: تغيير الشرق الأوسط كما أرسم للأمريكيين وللشرق الأوسطيين، تحويل الشرق الأوسط كما أريد للأمريكيين وللشرق الأوسطيين، كتابة التاريخ الأمريكي الجديد في الفضاءات التي جمعتها ممالكًا سبعًا، اجتراح المعجزة الأمريكية في التجديد البنيوي أكرر البنيوي لأمريكا من كله وفي كله، من كل فضاءاتها وفي كل فضاءاتها بالتوازي مع فضاءات الممالك السبع ولايات الولايات المتحدة العابرة للمحيط، عملقة التجديد عملقة الاستثمار عملقة الدولار عملقة العمل مع العمالقة لا مع الأقزام