اقتصاد قطاع غزة تحت الحصار والانقسام


فهمي الكتوت
الحوار المتمدن - العدد: 6332 - 2019 / 8 / 26 - 11:29
المحور: الادارة و الاقتصاد     


تشرفت بتقديم كتاب المناضل الكاتب والباحث والمفكر،غازي الصوراني "اقتصاد قطاع غزة تحت الحصار والانقسام"، في لقاء حاوري في منتدى الفكر الديمقراطي، الذي كرسه للكشف عن بواطن الضعف والاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني عامة، واقتصاد قطاع غزة خاصة، رابطا بين الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي نشأت بعد الاحتلال الصهيوني، وقبل واثناء الانقسام، واثرها على النضال الوطني الفلسطيني في مواجهة الاحتلال. للكاتب العديد من الابحاث السياسية والاجتماعية والمعرفية، في الشأن الفلسطيني والعربي، وقضايا التحرر الوطني. وانني اُأكد على اتفاقي التام حول روؤية صديق العمر تجاه ما وصل اليه حول تحليله واستخلاصاته السياسية والاقتصادية.
تناول الكتاب؛ المكون من خمسة فصول نظرة عامة على الاقتصاد الفلسطيني، وبشكل مفصل عن قطاع غزة، مؤكدا على اهمية الترابط بين قطاع غزة والضفة الغربية كقضية وطنية نضالية واحدة وان لا مستقبل لقطاع غزة بمعزل عن امتداده الفلسطيني في اطار وحدة جغرافية سياسية واقتصادية واحدة، وان الحديث عن دويلة في القطاع، هو جزء من مؤامرة تستهدف النضال الوطني الفلسطيني، وان رؤيته للخروج من الازمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها القطاع، تنطلق من ضرورة بناء اقتصاد محلي وطني يخدم النضال من اجل دحرالاحتلال. في الاعتماد على الانتاج السلعي وخاصة في قطاعي الزراعة والصناعة، وتعزيز الاقتصاد الوطني وحمايته من الاحتواء الصهيوني، والكشف عن دور الاحتلال في تعميق التشوهات الهيكلية للاقتصاد، وهيمنة القطاعات التجارية والخدمية، ان وجود الاحتلال واستلاب السيادة الوطنية شكل تحديا رئيسيا من الناحية الموضوعية لامكانية بناء اقتصاد وطني مستقل عن التبعية، وما السياسات الجبائية التي تمارسها السلطة في رام الله، وقطاع غزة؛ الا تعبير عن نهج التبعية للسياسات النيو ليبرالية- الصهيونية التي ضاعفت الاعباء الضريبية على المواطنين، وخاصة سياسة الازدواج الضريبي واثرها في تعميق الازمة وارتفاع معدلات البطالة واتساع مساحات الفقر، ما اضعف قدرة القاعدة الاجتماعية في مواجهة الاحتلال.
يصنف الباحث الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة بانه اقتصاد متعثر ويعاني من التهميش والافقار الشديد.ويقسم المراحل التي مربها الاقتصاد الفلسطيني في ظل الاحتلال الى ثلاث مراحل اساسية:
المرحلة الاولى : 1967-1993، اتسمت هذه المرحلة باندماج الضفة الغربية وقطاع غزة اقتصاديا في "اسرائيل" عن طريق التجارة وتدفق الايدي العاملة الفلسطينية بنسبة 35-40% الى الكيان الصهيوني، ساهمت تلك المرحلة بمضاعفة دخل الفرد الفلسطيني، كما تسببت بتقليص قدرة القطاعات الاقتصادية (الزراعة، الصناعة، الخدمات) في الضفة الغربية وقطاع غزة على تقديم الخدمات للفلسطينيين، واسهم ذلك بتراجع الاقتصاد الفلسطيني وزيادة الاعتماد على العدو الصهيوني في تقديم بعض هذه الخدمات.
المرحلة الثانية: اعوام اتفاقية اوسلو وخاصة الفترة ما بين 1993-2000 حدثت تغيرات هيكلية مهمة في نموذج الانتاج والاستهلاك الفلسطيني، تسببت بزيادة الاعتماد على المساعدات الدولية، اذ وصلت قيمة المساعدات نحو 24.6 مليار دولار اميركي منذ تأسيس السلطة الفلسطينية في عام 1993، وقد شكلت نسبة المساعدات الخارجية منذ عام 2004 ولغاية الان ما بين 24-42% من الناتج المحلي، ووصل متوسط الدعم المالي للفرد الواحد نحو 530 دولار سنويا، الامر الذي وضع الفلسطينيين في اوائل قائمة المتلقين للمساعدات على المستوى العالمي، في حين تؤكد المؤشرات الاقتصادية؛ على فشل الدعم في احداث تغيير بنيوي في الاقتصاد الفلسطيني او تحقيق تنمية اقتصادية. اعتقد ان المساعدات الاجنبية حققت الهدف المطلوب منها؛ امتصاص النقمة من ناحية، وحرمان الشعب الفلسطيني من بناء اقتصاد وطني يعزز القدرة النضالية في مواجهة الاحتلال، ويشير تقرير الامم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد) ان نحو 38-45 % من كل سنت يصرف في الاراضي المحتلة يذهب للاقتصاد الصهيوني، بسبب العلاقات غير المتكافئة والتبعية الاقتصادية للعدو الصهيوني.
المرحلة الثالثة: وهي المرحلة الممتدة ما بين 2000و2018 والتي كانت الاكثر اضطرابا على المستويين السياسي والاقتصادي، بسبب تحويل التناقض الثانوي بين الفصائل الفلسطينية (حركتي فتح وحماس) الى تناقض تناحري وصراع مسلح، اسفر عنه الانقسام في حزيران عام 2007، وانفصال سياسي واقتصادي اسهم في تدمير الاقتصاد الغزي الذي تحول الى اقتصاد حرب وحصار، وقد اسهمت التطورات على تشجيع الاعتماد على الذات نسبيا رغم الامكانيات المتواضعة، وما رافق ذلك من زيادة الفقر؛ حيث تراجع دخل الفرد في قطاع غزة الى نصف دخل الفرد في الضفة الغربية، واعتمدت الانشطة انذاك على "الانفاق" للوصول الى الاسواق المصرية حتى بداية عام 2014.
ابرز ملامح الاقتصاد الفلسطيني
اتسم الاقتصاد الفلسطيني بضعف شديد؛ وقد شهد تراجعا ملموسا خلال الفترة ما بين 1995-2017، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي 3.1 % في عام 2017، وقد تراجعت معدلات النمو الاقتصادي في قطاع غزة الى ناقص 3%، مدفوعة بتراجع قطاعي الزراعة والصناعة، حيث تراجع القطاع الزراعي الى الناتج المحلي الاجمالي من 12% الى 2.8 % عام 2017، وبواقع 2.6% في الضفة الغربية و 3.7% في قطاع غزة، علما ان مساهمة القطاع الزراعي بلغت اكثر من 28% في قطاع غزة في سبعينات القرن الماضي، رغم محدودية الارض الزراعية في الضفة والقطاع والتي تقدر مساحتها 2.3 مليون دونم وتشكل نحو 42.5% من مجموع اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، البالغة 6020 كم2 .
كما تراجع القطاع الصناعي من 20% في عام 1995 الى 13% في العام 2017، وبلغ نصيب الضفة الغربية 14.2% بينما بلغ نصيب القطاع 9.2%. ومن عوامل ضعف الاقتصاد الفلسطيني ان ثلث ايرادات الموازنة تأتي من الخارج على شكل منح ومساعدات.
ومع ذلك ازداد الاستهلاك الكلي عن الناتج المحلي بنسبة 13% حيث بلغ الاستهلاك 15491 مليون دولار خلال العام 2017 في حين بلغ الناتج المحلي 13686 مليون دولار، تحقق منه 75.3% في الضفة الغربية وبقيمة 10302 مقابل 24.7 % لقطاع غزة بقيمة 3384 مليون دولار. وقد تراجعت النفقات العامة الحكومية في قطاع غزة من 1290 مليون دولار في عام 2016 الى 1100 مليون دولار في عام 2017، ما يعكس تردي الاوضاع الاقتصادية نتيجة الاعتداءات المتكررة على القطاع والانقسام الفلسطيني. وقد شهدت التجارة الخارجية عجز في الميزان التجاري بلغ 4789 مليون دولار، حيث بلغت الصادرات نحو 1065 مليون دولار مقابل 5854 قيمة المستوردات، والاشد خطورة ان نسبة 75% من المستوردات من من العدو الصهيوني.
وقد تراجعت قدرة الاقتصاد الفلسطيني عن توليد فرص عمل، حيث يدخل سوق العمل نحو 40 الف شاب سنويا، معظمهم جامعيين، بينما القدرة الاستيعابية للسوق الفلسطيني لا تتجاوز 5 الاف !!
وقد اسفرت هذه النتائج الاقتصادية عن ارتفاع معدلات البطالة من 29% الى 31% في عامي 2017-2018 ، بلغت نسبتها في الضفة الغربية 17.9% بينما وصلت في قطاع غزة الى 45.8%.
المعوقات الرئيسية لتطور الاقتصاد الفلسطيني.
هناك عوامل عديدة اسهمت في اضعاف الاقتصاد الفلسطيني، فان وجود الاحتلال الاسرائيلي من حيث المبدأ الذي يتناقض وجوده مع الوجود العربي الفلسطيني ومؤسساته الوطنية والاقتصادية. فقد اسهمت اتفاقية اوسلو وملحقاتها بتردي الاوضاع الاقتصادي وابرز مظاهرها:
1- تقسيم الضفة الغربية بموجب الاتفاقيات الموقعة مع العدو في (اوسلو 1993 وطابا 1995) الى مناطق جغرافية ( A,B,C ) علما ان منطقة C تشكل معظم مساحة الضفة الغربية، ليس للسلطة اي صلاحية مدنية او امنية عليها، عدا عن غياب الوحدة الجغرافية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وغياب السيادة الوطنية على الاراضي والموارد الفلسطينية. لقد ارست الاتفاقيات مع العدو نظام السيطرة "الاسرائيلية" على الضفة الغربية وقطاع غزة وعلى اقتصادهما واضفت عليه شرعية فلسطينية.
2- كرس بروتوكول باريس الاقتصادي: تبعية الاقتصاد الفلسطيني لاقتصاد العدو، فهو يربط الاقتصاد الفلسطيني في الاقتصاد الاسرائيلي، ضمن اتحاد جمركي يسمح بحركة رؤوس الاموال والبضائع وفق الشروط الاسرائيلية، ويسمح للتجارة الخارجية ضمن الجداول الواردة في البروتوكول، بما يضمن باستمرار التبعية السياسية والاقتصادية لقوات الاحتلال.
3- فرض العملة "الاسرائيلية"، والنظام الجمركي ونظام الضرائب "الاسرائيلية" والتبادل التجاري مع العدو الصهيوني.
4- غياب الوحدة الجغرافية والسياسية بين الضفة والقطاع، وغياب السيادة الفلسطينية على المعابرالثلاثة (رفح وايرز وكرم ابوسالم).
5- تحكم السلطات المصرية على معبر رفح؛ ولم تتجاوز أيام فتح المعبر خلال العام 2017 عن ثلاثين يوما ، حيث كان يسمح فقط للقضايا الانسانية في العبور، مع الاشارة الى التحسن الذي طرأ على عمل المعبر منذ اواسط عام 2018.
6- تحكم قوات الاحتلال في معابر ايرز وكرم ابو سالم. واستخدام المعابر وسيلة للتنكيل بالفلسطينيين والابتزاز السياسي، بهدف الرضوخ للشروط الصهيونية.
7- اتساع المؤسسة البيروقراطية بما لايتناسب مع حاجة المؤسسات الفلسطينية، حيث بلغ عدد العاملين في القطاع الحكومي بداية عام 2018 حوالي 150 الف موظف يتبعون حكومة رام الله، منهم 35 الف في قطاع غزة، اضافة الى نحو 40 الف موظف يتبعون حركة حماس.
8- تزايد الاتجاه نحو احلال القروض محل المنح في تمويل الاستثمار العام منذ عام 1996، حيث ارتفع حجم الدين الحكومي من 309 مليون دولار عام 1999 الى 2543 مليار دولار عام 2017، وتتوزع بنسبة 59% للدين المحلي ونسبة 41% للدين الخارجي، وبلغت نسبة اجمالي الدين العام من الناتج المحلي الاجمالي 17.5% في عام 2017.
9- تعرض المنتجات الفلسطينية للمنافسة الحادة من قبل المنتجات الصينية، ما يعكس اتساع دور الكمبرادور، حيث اسهم تزاوج رأس المال الاجنبي الصهيوني مع رأس المال المحلي باتساع دوره وتعزيز التبعية الاقتصادية، واضعاف دور الرأسمالية المحلية.
اقتصاد غزة في ظل الانقسام
1- ان الحصار المفروض على قطاع غزة يتميز في كونه الاكثر بشاعة، سواء بدوافعه واسبابه الاقتصادية والسياسية المباشرة او الانية، او بدوافع سياسية بعيدة المدى وفق المخطط الاسرائيلي، فهو حصار يستهدف تفكيك البنيان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للشعب الفلسطيني، وايصاله الى حالة من الاحباط واليأس عبر تراكم عوامل الافقار والمعاناة والحرمان التي تمهد لطرح بعض الاولويات في الذهنية الشعبية الفلسطينية تجاه الصراع مع العدو. وخلق حالة الاحباط وانسداد الافق، بعد ان باتت الكابونة او سلة الغذاء المدفوعة الثمن من الخارج ملاذا يسعى اليه الفقراء المسحوقين . فان حالة الانقسام الفلسطيني تشكل احدى الاسباب الرئيسية لتردي الاوضاع الاقتصادية والظروف المعيشية للمواطنين، كما تعتبرعقبة امام خروج الاقتصاد من ازماته .
في هذا السياق يمكن القول، لولا تكريس الانقسام ، فان اقتصاد قطاع غزة في كافة مجالاته وقطاعاته الانتاجية والخدمية المرتبطة في اطار وحدة الاقتصاد الفلسطيني، قادرا على الحفاظ على نسبة نمو ضمن مستويات الضفة الغربية، لكن الانقسام والحصار كان لهما الاثر البالع على تراجع الاقتصاد في قطاع غزة. وفي هذا السياق؛ اشار الكتاب الى الاجراءات المالية الجبائية التي فرضتها حكومة حماس لتوفير المال لادارة الوضع الانقسامي، الى جانب عدم الخبرة وعدم توخي مصالح المواطنين وقطاع الاعمال. ابتكرت اساليب تتنافى مع اهداف السياسة الضريبية في تشجيع النشاط الاقتصادي مثل:
• اقتراحها بالزام التجار بدفع نسبة من الارباح المتوقعة مقدما عند معبر كرم ابو سالم يدفع التجار ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14.5% رغم دفعها مسبقا للسلطة، بحجة انها على الارباح المتوقعة فقط (تم تأجيل تنفيذ هذا الاجراء).
• ضريبة اضافية على السيارات المستوردة عبر كرم ابو سالم رغم دفع كامل الضريبة على السيارات للسلطة.ضريبة مقدرة بمبالغ مالية مقطوعة حسب نوع السلعة وحجمها وارتفاعها داخل الشاحنات، عند كرم ابو سالم.
• انشاء شركات احتكارية لسلع وخدمات محددة تسيطر على معظم السوق، مثل انشاء شركة الملتزم للتأمين التابعة لحماس .
وقد اسفرت هذه السياسات عن النتائج التالية:
1- انكماش الاقتصاد في القطاع، وارتفاع معدل البطالة لتصل الى نصف القوى العاملة.
2- انخفاض القوة الشرائية للمواطنين في ظل تقليص رواتب موظفي السلطة والتقاعد لالاف الموظفين، وانخفاض رواتب موظفي حماس الى النصف.
3- الانهيار المتواصل في البنية الاقتصادية لقطاع غزة سواء بالنسبة للموارد او المنشآت الصناعية والزراعية التي توقف عن التصدير بصورة شبه كلية الى جانب التدهور المريع في قطاع غزة.
4- الارتفاع المتوالي للاسعار،ووقوف السلطة في رام الله وكذلك في غزة مكتوفة الايدي امام الارتفاع الجنوني للاسعار، او الاقدام على اجراء ما لدعم القطاعات المنتجة الزراعة والصناعة التي تعاني من ضعف كبير افضى الى تعميق التشوهات الهيكلية للاقتصاد الفلسطيني.
5- يعتمد اكثر من 1.2 مليون فلسطيني في القطاع على جانب من معيشتهم على مساعدات الاغاثة من وكالة الغوث والتبرعات الخارجية.
6- انتقال اعداد كبيرة من عمال القطاع للعمل غير المنظم او الهجرة للخارج.
7- انتقال بعض المستثمرين الفلسطينيين الى الخارج، وتدهور القطاع الصناعي والزراعي وتراجع رأس المال العامل في هذه القطاعات، وانحسار مساحة الاراضي الزراعية في القطاع من 220 الف دونم عام 2005 الى اقل من 100 الف دونم
8- سوء توزيع الدخل وبروز شرائح جديدة من الاثرياء وتجار السوق السوداء والتهريب، ومظاهر البذخ على سبيل المثال تتراوح كلفة الشالية ما بين نصف مليون و 1.5 مليون دولار لدى بعض الشرائح من البرجوازية الطفيلية، (العقارية والكمبرادورية) مقابل ازدياد عمليات التهميش والاقصاء في الشرائح الفقيرة.
واللافت ان حكومة حماس تطلب من المستثمرين الحصول على اذن جمركيا لمن يستورد من محافظات الضفة الغربية!
اقتصاد قطاع غزة خلال عام 2017.
شكلت الحروب الثلاثة التي شنتها قوات الاحتلال ضد قطاع غزة (2008/2009- 2012/2014) عاملا اضافيا في اضعاف الوضع الاقتصادي للقطاع، ومن خلال الاستهداف الممنهج للقطاعات الاقتصادية التي تعرض معظمها لاضرار كبيرة، الامر الذي عمق الازمة ليس بالنسبة لحركة الاسواق التجارية وحسب ، بل ايضا لمختلف الانشطة الاقتصادية. لم يعد اكثر من 20% من المصانع قادرة على مواصلة نشاطها بسبب الحصار وتعقيدات الانقسام وعدم امكانية استيراد المواد الاولية اضافة الى الضرائب المضاعفة من قبل سلطتي رام الله وحماس والتي تصل نسبتها على بعض السلع 200%
وقد شهدت اسواق قطاع غزة منذ عام 2017 عموما وبداية عام 2018 خصوصا انخفاضا حادا في حجم مبيعات كافة الانشطة الاقتصادية في ظل حالة من الركود التجاري لم يسبق لها مثيل، نتيجة لضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين في ظل الحصار وازمة الكهرباء واستمرار الخصم على رواتب موظفي السلطة بنسبة 50% علما ان نحو 40% من رواتب الموظفين تحسم اقساط قروض والتزامات مختلفة ما اسهم في تفاقم حالات الفقر.
وقد بلغ مجموع الايرادات المقدرة لحكومة حماس في عام 2016 (410) مليون دولار منها 115،7 ايرادات ضريبية و 294 ايرادات غير ضريبية،و 700الف دولار هبات. وقد شكلت الايرادات الضريبية مأزقا جديدا للاسر الفلسطينية.
وقد تكونت شريحة جديدة عرفت باثرياء وامراء الانفاق وكونت مئات الملايين من الدولارات، تم توظيف تلك الاموال بمشاريع غير تنموية كالمضاربة في الاراضي والعقارات وانشاء الفنادق والمولات الاستهلاكية ومعارض السيارات والمشاريع السياحية رغم انعدام السياحة ، فان ما امتلكته هذه الشرائح نحو 2700 مليون دولار تم توظيفها في العقارات، الامر الذي ادى الى ارتفاع كبير في اسعار الاراضي والعقارات.
في المقابل تكشف البيانات الاحصائية للجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني، ان ما يقارب ثلث سكان الاراضي الفلسطينية يعيشون تحت خط الفقر في العام 2017 وان اكثر من نصف سكان قطاع غزة نحو 53% يعانون من الفقر في العام. ويعتبر قطاع غزة منطقة منكوبة، وتقدر نسبة البطالة فيه الى 45.8% من مجموع القوى العاملة، ونحو 230 الف عاطل عن العمل.