مَأسَسَة تحالف الاصلاح والأعمار…!.


حسان عاكف
الحوار المتمدن - العدد: 6095 - 2018 / 12 / 26 - 15:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

مَأسَسَة تحالف الاصلاح والأعمار…!.

كثر الحديث في الاسابيع الاخيرة من جانب ممثلي الاطراف السياسية المنضوية في تحالف الاصلاح والاعمار عن ضرورة الانتقال بمضامين هذا التحالف وتعميقها من خلال التوجه لـ “ مأسسة التحالف“.

وفي إطار مشروع ”المأسسة“ المطروح تم اختيار السيد عمار الحكيم رئيسا للتحالف وانتخاب الشيخ صباح الساعدي بالاجماع رئيساً لكتلة التحالف النيابية .

كما ناقش الاجتماع الدوري للهيئة العامة للتحالف المنعقد يوم السبت ٢٣ كانون الثاني الجاري برئاسة السيد عمار الحكيم ملف استكمال مأسسة التحالف من خلال اقرار النظام الداخلي وتشكيل كتلة الاصلاح في المحافظات ، ووحدة الموقف وإلزامية قرارات التحالف.

هذا الواقع الجديد يتطلب توضيح مفهوم ”المأسسة“، في ضوء ما أكد عليه الاجتماع المذكور من ضرورة اقرار نظام داخلي الى جانب البرنامج السياسي وتشكيل لجان وهيئات خاصة للتحالف في المحافظات وغيرها.

من خلال التصريحات والاجراءات المتخذة يمكن القول اننا ازاء اطار ومضمون جديدين لتحالف الاصلاح والاعمار يتجاوز بالتاكيد اطار سائرون ومضمونه، من كونه، اي سائرون، تحالف انتخابي سياسي باهداف تغطي سنوات الدورة البرلمانية الراهنة، يتجاوزه الى ”مؤسسة سياسية“، أي جبهة سياسية مع احزاب وتنظيمات جديدة، جبهة عريضة لها برنامجها واهدافها السياسية والاقتصادية والاجتماعية الملزمة لجميع اطرافها. ولابد لمؤسسة سياسية بهذه المضامين ان تغطي مرحلة من التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي يتجاوز الدورة الانتخابية ويمتد في الافقين المنظور والمتوسط.

اذا كان الامر كذلك، وهو على ما يبدو حتى الان كذلك، فان هناك جملة من الامور التنظيمية والسياسية والاقتصادية- الاجتماعية التي ينبغي التوقف امامها والتساؤل بشانها من جانب منظمات حزبنا الشيوعي العراقي وقيادته ومنها:

- الا تتطلب الانتقالة الجديدة في اطار تحالفات الحزب والافق الجديد المرسوم لها ومنهاجها وتوجهاتها التنظيمية والاطراف الجديدة المطلوب التحالف معها، يتطلب تدشين حوار مفتوح مع منظمات الحزب ورفاقه واصدقائه واستفتائهم في مثل هذه القضايا الجوهرية ؟.

- اليوم وبعد ١٥ عاما من التغيير وتوقف العمليات العسكرية بعد الانتصارات الباهرة على قوى الظلام والارهاب بات الموقف من القضايا الاجتماعية-الاقتصادية ومآل التطور الاقتصادي اللاحق معيارا اساسيا لتحديد مصداقية اي حزب او تحالف سياسي ومدى قدرة هذا التحالف على الحياة، الى جانب الموقف من القضايا الوطنية والخدمية، وهذا يتطلب تحديد مواقف واضحة بهذا الشان من جانب اي تحالف، وهو امر اراه يقترب من الاستحالة في حال مؤسسة الاصلاح والاعمار المنشودة، كونها تضم احزاب وقوى سياسية تمثل فئات وطبقات اجتماعية ذات مصالح طبقية متعارضة ومتناحرة، الامر الذي يجعل منها متقاطعة في مواقفها من السياسة الاقتصادية المطلوب تطبيقها في البلاد، من قضايا مثل الخصخصة ودور قطاع الدولة واقتصاد السوق وغيرها.
هذا عدا التقاطع والاختلاف في قضايا هامة اخرى تتعلق بالموقف من المرأة وحقوقها والقضية القومية وقضية الديمقراطية، وشكل الدولة التي يراد بناؤها
عموما.

- نظرة عابرة ترينا ان العديد من اعضاء الهيئة العامة لتحالف الاصلاح هم من القادة السياسيين، الذين شاركوا مع احزابهم وكتلهم السياسية في ادارة دفة البلاد على صعيد الحكومة والبرلمان وقادوا البلاد الى ما هي عليه اليوم من عملية سياسية بائسة، مبنية على المحاصصة، وشبح دولة ينخرها الفساد والمحسوبية وفشل الاداء الحكومي، دولة عاجزة عن تقديم الخدمات الاساسية للمواطنين في التعليم والصحة والسكن وغيرها، وعن حل ازمة البطالة التي تطال قرابة ٣٠٪ من المواطنين ممن هم في سن الشباب.
وفي مواجهة تلك السياسات المدمرة ورموزها خرج عشرات الاف المواطنين ومازالوا في تظاهرات واحتجاجات واسعة على مدى اربع سنوات.
قد يجادل البعض ان هؤلاء الساسة مع احزابهم ، وكذلك زملائهم في تحالف البناء، تعلموا الدرس واستوعبوه من تجاربهم الفاشلة، وان هؤلاء وأولئك عازمون على انتهاج سياسية وطنية جديدة تحت خيمة ”توافق الاصلاح والبناء“، تصب في انتشال البلاد مما هي فيه.
وكان يمكن التصديق بهذا الراي لو ان المواطنين شعروا او تحسسوا، وان بالحد الادنى، مواقف جديدة وتوجهات جدية من هذه الاحزاب وقادتها، الامر الذي لم يحصل اطلاقا. وما مسار الحوارات والصراعات التي اعاقت استكمال تشكيل الحكومة واللجان البرلمانية وأخرت اصدار قوانين جديدة، رغم مرور ٧ أشهر على اجراء الانتخابات البرلمانية، الى جانب الصراعات التي تشهدها مجالس المحافظات لانتخاب محافظين جدد مع وكلائهم، إلا شاهد كبير على ما نقول.

ختاما ان تجربة المواطنين مع عديد من الاحزاب والشخصيات السياسية، الذين يفترض ان يساهموا في عملية المأسسة المطروحة تؤكد ان خيار التحالف بالنسبة لهؤلاء كان مرتبطا بمقدار ما يضمنه لهم من مصالح و امتيازات ومواقع مؤثرة داخل الدولة، وليس من المستبعد ان يغادر بعضهم تحالف الاصلاح او يبقي على علاقة شكلية واهية به في حال عدم ضمان تلك المصالح والامتيازات.