حول الحجاب، رد وتوضيح للسيد أسطة جلال


مؤيد احمد
الحوار المتمدن - العدد: 6026 - 2018 / 10 / 17 - 05:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

حول الحجاب، رد وتوضيح للسيد أسطة جلال

مؤيد احمد
السيد اسطة جلال، طاب نهارك وأتمنى لك السعادة
فيما يخص تعليقك الذي وجهته لي وللرفيق نادر عبدالحميد وتم نشره في صفحة فيسبوك الرفيق محمد الأسمر، رأيت من الضروري أن اكتب لك هذه الإجابة. لكن وقبل الإجابة سأعرض نص التعليق الذي كتبته :
(السيد نادر والسيد مؤيد طاب نهاركم ، أكن لكم كل الاحترام ، أنا اعرفكم لذلك ذكرت أسماءكم ، هذا هو مؤتمر كوادركم وقيادات منظمتكم الجديدة، قسم من النساء يغطين شعر رأسهن بالحجاب واقصد انهن مقتنعات بحجاب الاسلام وبالفكرالإسلامي، اذا كان هؤلاء كوادر وقيادات الاولية لهذه المنظمة فماذا عن تفكير بقية الأعضاء في القواعد الدنيا ، ما الرسالة التي تحملها هذه الكوادر للمجتمع !!!!!!؟؟ )
الرفيق العزيز، بالطبع أنت حر في كيفية تفكيرك باوضاع رفيقاتنا النساء وحر في استنتاجك السياسي من أية ظاهرة تراها، إلا ان المشكلة تكمن بانك من خلال تعليقك تصدر حكماً كبيرا ومن غير حق تبدي فيه نوعا من تقليل الِشأن لهؤلاء الكوادر النسوية، ليس هذا فحسب، بل تنشر تقليل الشأن هذا وتعممه على كافة الرفيقات الأعضاء في منظمة البديل الشيوعي.
يمكن أن لا يكون هذا قصدك، بل وجهة نظرك السياسية هي التي تدفع بك كي تمارس عدم الانصاف هذا إزاء هؤلاء الرفيقات. على أية حال، امتلاك الرأي السياسي ، أيا كان ذلك الرأي، لا يبرر استخدام مفاهيم خاطئة تحمل في طياتها قلة الاحترام للبشر. الحياة المعاصرة اليوم ربما قد لخصت هذه المسألة في العبارة الإنكليزية "بوليتكال كوريكتنيس"، (الصواب السياسي) أي بمعنى أن يكون الكلام والجدال صحيحا من الناحية السياسية ولا يجرح ضمير وكيان الافراد. الشيوعيون والرادكاليون التقدميون، في بعض الأحيان، وبناء على صواب وصحة مواقفهم، يقعون في تلك الأخطاء بالأخص فيما يتعلق بالموقف من حجاب المرأة، وعلى ذلك الأساس يرون طريق الخلاص من الحجاب خارج الوقائع ويضعون كيان والمكانة التحررية لفتاةٍ أو امرأةٍ محجبة تحت طائلة السؤال. وما ورد هنا في تعليقك كان مبعث إيذاء الضمير الشيوعي والتحرري لهؤلاء النساء.
انه من الواقع بان مسألة المرأة وقمعها هو ركن أساس من أركان بقاء وديمومة اسلاميزم(الاسلاموية) والنظام الإسلامي الطائفي والقومي في العراق. ليس هذا فحسب، بل ان المرأة في حرب ومواجهة مستمرة وجها لوجه ولحظة بلحظة مع جميع القوى البرجوازية والمليشياتية والقوى الإرهابية ومع الضغوطات الاجتماعية والعشائرية والتقاليد السلطوية والشوفينية الذكورية. ميزان القوى في هذه الحرب الاجتماعية السياسية الثقافية الواسعة والشاملة، هذه الحرب الدموية، ليس في صالح المرأة والكفة لا تميل الى جانبها لحد الآن.
المسألة التي تتحدث عنها في التعليق، أي ارتداء قسم من رفيقاتنا للحجاب في مؤتمر منظمة البديل الشيوعي، ليست نتاج سياساتنا وتفكيرنا وتوجهاتنا داخل منظمة البديل الشيوعي، بل بالعكس فالمنظمة تقف ضد جميع الرموز التي تقلل من شأن المرأة وبالأخص الحجاب، كذلك ان ارتداء الحجاب ليس رغبة او قناعة أو سياسة هؤلاء الكوادر النسوية اللواتي تراهن أنت في المؤتمر. انها ظاهرة وواقعية هذه الحرب التي يجب أن تُلام وتُعابَ بها الشيوعية المعاصرة والحركة التحررية التي لم تستطع كسب هذه الحرب لصالح المرأة وتحرر الانسان.
حرب الشيوعيين ودعاة حرية المرأة، في التحليل الأخير، تُدار وتُكسب داخل جبهات القتال الطبقية الواسعة وليس خارج هذه الحرب. يوم امس فقط رفعت اثنتان من رفيقاتنا اللواتي يظهرن في الصورة أصواتهن داخل إحدى خنادق هذه الحرب وسط بغداد بالضد من حملة اغتيال النساء في جو مليء بالمخاوف واحتمال اغتيالهن. هؤلاء الرفيقات لسن فقط ضد الحجاب، بل في قتال مباشر وجها لوجه مع اللذين فرضوا الحجاب عليهن وعلى الملايين من النساء في العراق. هؤلاء الرفيقات ومنظمة البديل عاملين الآن على إيجاد السبيل لرفع الحجاب دون المساس بحياتهن وبحيث يكونون في غنى عن الحجاب لحماية انفسهن في الشوارع والمحلات والاحياء.
انه لعمل غير اجتماعي ومعادٍ للمرأة وتهرّب من صميم هذه المعركة عندما لا نتعامل مع المرأة التي لم تتمكن من رفع الحجاب، ان شاءت هي، كرفيقة دربنا في نضالنا الطبقي وكعضو في منظمة بروليتارية شيوعية ولا نناضل معها جنبا الى جنب.
مع احترامي لمبادرتك، الا ان الحصيلة السياسية لتعليقك نابعة من خارج نطاق هذه الحرب ولا يمكنني القول بانه يجدي أي نفع لخنادق هذه الحرب التي تخوض غمارها الحركة الشيوعية والنساء دعاة الحرية .
٢٩ / ٩ / ٢٠١٨