حذار من أميركا


بدر الدين شنن
الحوار المتمدن - العدد: 5740 - 2017 / 12 / 27 - 14:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

لا يمكن الإنكار ، في مختلف الدول والأوساط السياسية ، أن السياسة الأميركية عامة ، والشرق أوسطية خاصة ، منذ أن تسلم " ترامب " الرئاسة " قد شرعت تتغير . وذلك في محاولة تطبيق لسياساته العشوائية المقلقة ، التي باتت ملامحها ابان الحملة الانتخابية . وبخاصة من أن غدت القوات السورية ، تعمل باستراتيجية التحرير المتسارعة ، وتحقيق نجاحات عسكرية كبيرة على " داعش " وغيره .

وقد بدأت مؤشرات ملامح التغييرات الرئاسية الأميركية بالظهور بتجليها ، في التعامل السياسي على مستويين في آن . الأول على مستوى الشرق الأوسط .. ويهمه فيه بالضبط مؤثرات نتائج الحرب على سوريا .. حيث بادر لقصف مطار الشعيرات مقدمة لما هو أوسع وويتناسب مع المخطط الإسرائيلي التوسعي في المنطقة .. وكان أخيراً نقل السفارة الأميركية في فلسطين المحتلة إلى القدس .. ومحاولة إرهاب وإخضاع لإيران من خلال التهديد بإلغاء الاتفاق الننوي الدولي مع إيران .

والثاني هو العامل الدولي . وإن كانت الأهداف الأميركية تتوحد في الغرب والشرق مجتمعة ، كمفتاح للهيمنة على العالم كله ، سواء من حيث الطاقة ، أو من حيث الجيو سياسية المميزة . وثد اتجه ترامب في سياسته الدولية .. لتجاوز سياسات الرئيس السابق " أوباما " فيما يتعلق بسوريا ، وحلف الناتو ، والعلاقات الأميركية الروسية ، و" دول بريكس " وجحيم الشرق الأوسط ، الثري بالطاقة ، والقوى التعددية القومية والمذهبية والتاريخية . وكان همه فتح مروحة هيمنة أميركية جديدة على العالم . باسم " العولمة .. والقطبية الدولية .. حاملة بطاقة جديدة وشروطاً متغطرسة جديدة .

بيد أ ن سياساته ، كانت ، ومازالت ، لأسباب شخصية ضعيفة سياسياً ، وكذلك لأسباب استشارية ، يبدو أنها ممغنطة ، بالانتهازية .. وتحمل وجهاً آخر هو الفشل . فلم يتجاوز " ترامب " أوباما بشيء هام . وما طرحه برسمه الشخصي ، وخاصة ، منع دخول المسلمين إلى أميركا ، والتهديد بالعقوبات ، لمن يمتنع عن التصويت بالموافقة على قراره على نقل السفارة الأميركية ، في فلسطين المحتلة ، إلى القدس .

وبذلك قد عرف بالملموس مستوى انحدار التردد الأوربي والدولي إزاء مستواه السياسي .. وإزاء أهدافه القريبة والبعيدة . وقد انعكس ذلك على مستوى رفض التصويت الكاسح ، غي مجلس الأمن الدولي ، والهيئة العامة للأمم المتحدة ، على قراره السيء البنية والذكر . ما وجه ــ حسب مندوبة أميركا في الأمم المتحدة ــ وجه أكبر إهانة للسيادة الأميركية وللرئيس الأميركي
ولم تقل سياسة " ترامب " سوءاً وتخبطاً في الشرق الأوسط ، وتحديدا في سوريا . التي من الواضح ، أن نتائج الحرب عليها ، وبعد التدخل الروسي بالضبط ، ترتبط بنتائج تشمل الشرق الأوسط . وتؤثر إلى حد كبير على المتغيرات الدولية ، المأمولة ، والمشغول حثيثاً ، منذ ربع قرن ، بصورة جدلية مركبة من أجلها .

فهو أي " ترامب " يعمل بدأب على عدم القضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا ، بل ويمدها بالسلاح وسائر المساعدات لبقائها ، ولزيادة فاعلياتها على خلفية أفق الدولية المحتدمة وتكريس الحرب لصالح مخططاته الاستراتيجية في المنطقة والعالم .

وهو يستخدم في سبيل أهدافه ، عدداً من القوى ، هي في معظمها قد بدأت في عهد أوباما بإنشائعا والتعامل بها مع " داعش " وقوى أخرى في سوريا والعراق ، وذلك على خلفية بناء " الدولة الإسلامية في العراق والشام . كجزء أساسي من مخطط إعادة بناء الشرق الأوسط .. وحسب متطلبات القدبية الدولية الأميركية أمام التنافس التصاعدي الدولي الجديد .

وهذه القوى هي : الاتحاد الأميركي الدولي ، المكون من نحو " 60 " دولة ، والمكلف بالقيام بالهجمات .. جوياً .. على داعش في سوري والعراق . لكنه مارس القتل تجاه آلاف المدنيين في البلدين . وهو ما زال قائماً ، للقيام بالمهام التي سيكلفه بها ترامب بتنفيذها . بزعم دعم القوى الأميركية ، والقوى الصديقة .

ويلي أو يوازي هذا التحتالف الأميركي الدولي بالأهمية العسكرية ، في البرنامج الأميركي في الحرب على سوريا ، هو المكون العسكري التعددي على الأرض .. ومعظمه من الكرد الانفصاليين .. هو " قوات سوريا الديمقراطية " المستندة إلى غطاء جوي أميركي اتحادي .
ويتمركز آلاف الجنود الأجانب في سوريا وأقواهم وأكثريتهم أميركيون ، وخاصة في المناطق الشمالية الشرقية . واضعة يدها وقوات سوريا الديمقراطي ، على أعلى نسبة من مخزون الطاقة السورية . وعلى عدد من المطارات العسكرية المقاتلة .

ومن طرف آخر ، ما زالت هذه المجموعات المحسوبة من مصادر القوة العاملة تحت تصرف الأميركان في سوريا .. ومن مهامها الأساس عدم القضاء على " الإرهاب .. وهو ما تبقى من داعش ، والنصرة وعشرات التنظيمات الأخرى ، الي يمكن استخدامها في حال تجدد وتوسع الإرهاب ، أو نشوب صراع حربي في الشرق الأوسط .
ولاشك أن ترامب كلما حاصرته الظروف ، والنواقص ، فإنه سوف يلجأ إلى العنف والمغامرة . وقد وقع بعدد من الإحراجات ، كما ذكرنا آنفاً في الأيام الماضية ، تحتاج لرد الاعتبار له كرئيس دولة . وأخصها قرار نقل السفارة الأميركية في فلسطين المحتلة إلى القدس . ودخل بسبب الفشل في نفق تقييم نتائج التصويت على قرارهالمظلم .. في مجلس الأمن الدولي كانت " 14 " صوت ضده وله صوت واحد فقظ . في الهيئة العامة للأممالمتحدة كانت " 124 " صوتاً ضده ، وله " 7 " أصوات .

بالمعنى العملي ، وقع " ترامب " بعزلة دولية شبه كاملة . قماذا عليه أن يفعل مثل ها الرئيس المتأرجح المغامر ؟
كما تتحداه وتحاصره أفكار الانفصال ولإقامة الويلات تحت الضغوط الأقلوية ، وتركيا ،
وليس من ضمان لاستقرار أميركا إزاء التنافس الدولي .
والحلفاء جماعة " الإبل " في مجلس التعاون الخليجي " تكبرخلااتها البدوية وينزلقون نحو الانهيار .

يضاق إلى ذلك .. أن هناك قيادات أميركية .. عسكرية .. واقتصادية .. تتأثر سلباً غي فداراتها ومصالحها وفعالياتها .. على أصعدة عدة .. هي لن تستسلم لفوضى ترامب .. ولابد أن تتصرفلانقاذ الموقف .
ما هو مطلوب في سوريا .. هو اتخاذ الإجراءات الرادعة مسبقاً .. سيما على مستوى التسدي ..للإستغزاز .. والعدوان .. والمغامرة .