أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - نبيل عودة - حوار مع الكاتب نبيل عودة















المزيد.....


حوار مع الكاتب نبيل عودة


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 3049 - 2010 / 6 / 30 - 18:55
المحور: مقابلات و حوارات
    


"الموقد الثقافي " في حوار مع الكاتب نبيل عودة
حول قصته " الشيطان الذي في نفسي "

*الابداع هو معرفة الربط بين الواقع والخيال * كنت اتمنى ان لا أغرق بالكتابة السياسية أو النقدية ، وأن أتفرغ فقط للقصة والرواية* الأدب هو الحياة بكل ما تحملة من تفاصيل ..والجنس في الأدب مثل قطرات الماء لظمآن في صحراء والثرات العربي كان أكثر اباحية * في العقود الأخيرة نشهد تقلصا مقلقا لدور الثقافة والأدب ومساحة حرية الكتابة * الكتابة ليس فيها معاناة اطلاقا ، بل كلها فرح ونوسطالجيا واكتشافات تهز مشاعر المبدع * معركتنا تربوية ثقافية صعبة جدا في مجتمع تسوده فتاوي الفضائيات *

****
اثارت قصة الكاتب نبيل عودة القصيرة " الشيطان الذي في نفسي" ، ردود فعل واسعة منذ نشرها في ومن أبرزها مراجعة نقدية للدكتور الناقد والباحث الأدبي والمحاضر في كلية دار المعلمين محمد خليل. كذلك لا حظنا ورود عشرات التعقيبات الثقافية والاستفسارات التي تمس قضية الابداع الأدبي ، والعلاقة بين الابداع والواقع ، وقضايا الجنس في الأدب ، وغيرها من المسائل التي تطرحها الكتابة القصصية عامة وهذه القصة على وجه الخصوص .. والتي تشكل مجمل خبرة وتجرة القاص بشكل عام ونبيل عودة بشكل خاص ، وحصرا بكل ما يتعلق بقصة "الشيطان الذي في نفسي"

وقام موقع "الموقد الثقافي" باستضافة الكاتب نبيل عودة على فنجان قهوة ليجري معه هذا الحوار الشامل حول قصته " الشيطان الذي في نفسي" .

الموقد - : هل لك ان تدخلنا الى جو قصتك وما اثارته من تعليقات ؟

نبيل عودة - منذ نشرت قصتي القصيرة " الشيطان الذي في نفسي ، قبل أكثر من عقد ونصف العقد من السنين ، وانا أتلقى ملاحظات وانتقادات ومديح واستفسارات وتحفظات ،وعندما نشرتها في صحيفة محلية معروفة وجهت رسائل للمحرر تستنكر نشرها وان نشر مثل هذه القصة يجعلهم يترددون بادخال الصحيفة الى بيوتهم . وقد لفتت القصة انتباه الناقد الدكتور محمد خليل فكتب نقدا للقصة التي صدرت في مجموعة قصصية تحمل الاسم نفسه .
بعض المثقفين اعتبروا ان القصة فيها تعابير جنسية جريئة ، وهو الاغراء الذي يشد القارئ ، وبعضهم اعتبرني متجاوزا للإبداع الأدبي ... في نشري " مثل هذه القصة الجنسية " ، حسب تعبيرهم ، والبعض قال اني بطل لأني نشرتها بلا خوف ، وانا أقسم اني لست بطلا .. لأن الأبطال في عصرنا هم ملوك الكلام الذي لا تغطية ولا قيمة له..
حقا أنا صادق مع نفسي . لا اكتب لأجد الاستحسان فقط بعيون قرائي ، انما لأطبق افكارا عديدة حول مفهوم الإبداع ، واللغة القصصية ، ورؤيتي الإجتماعية .... وقد جرت علي مقالاتي السياسية والنقدية حربا حامية الوطيس لم تخمد نارها بعد ، الشيء المطمئن ان القارئ يعشق الصدق حتى لو لم يقبل الموقف .
الشيطان الذي في نفسي هي قصة انتجها الواقع ... حقا ما ذكرته في القصة عن زميل عامل واتصال تلفوني والمقلب الذي نفذته به لأكتشف المخفي ، هو حقيقة مع تغيير في مبنى تسلسل الحدث ... ودوري كان تفكيك الحدث واعادة صياغته قصصيا ... ولكن الحدث بحد ذاته عادي ويتكرر يوميا .. وهنا تبدأ عملية الأبداع الحقيقية ... معرفة الربط بين الواقع والخيال ، وليس شرطا ما اكتشفته من الاتصال التلفوني ومن اعتراف العاشق ... هذا لم يعد له أهمية لأنه الشيء الذي نسمعه ويتكرر الاف المرات ... فكان لا بد من الغوص بقضايا مجتمعنا وعقليات ما تزال سائدة وتقود الى اخلاقيات مضادة لها .. ومعرفة توظيفها في اللعبة التي بدأتها ، وأظن انها ليست اللعبة الأولى أو الأخيرة التي انفذها لأكتشف قصصي ... أحيانا بلا وعي لما اريد ان أصل اليه ، ولكن تبين لي مع الوقت ان كل "لعباتي" قادتني الى أعمال قصصية وروائية .. لذا الخيال ليس كل شيء ، والواقع ليس كل شيء .. بل معرفة الدمج ين الخيال والواقع وتوظيف اللغة المناسبة .. وانا أؤكد على أهمية اللغة وعظمتها ومعرفة اسرارها التعبيرية في العمل القصصي أو في المقالة السياسية أو النقدية .. لكل جنار لغته المختلفة واسلوب صياغة وتركيبة مختلفة ..
كنت اتمنى ان لا أغرق بالكتابة السياسية أو النقدية ، بل أن أتفرغ فقط للقصة والرواية .. ولكن واقع ثقافتنا وواقعنا السياسي جرفني الى ما لا أحب ..

الموقد - هل أنت مع الذين يدافعون عن هذه الإثارة بحجة أن الواقع والحبكة القصصية والدراما السينمائية تتطلب هذا ؟

. نبيل عودة - الجنس في هذه القصة .. سبب لي انتقادات تافهة كثيرة . ذهب بعضها لالغاء صفة الأدب عن القصة .الأدب هو الحياة بكل ما تحملة من تفاصيل .. والجنس في القص ، قصة أو رواية او شعراو فن .. هو قضية انسانية بالمقام الاول . السؤال ما هي مبررات استعمال الجنس ؟
الثرات العربي كان أكثر اباحية ..الجنس في قصص الدين والأحاديث لا يحتاج الى اشارة . أجمل آداب العرب كان الجنس في جوهرها .
السؤال : هل نستعمل موضوع الجنس في اعمالنا الأدبية لدفع الناس الى الاباحية ؟
ام نتطرق للجنس كحالة انسانية أخلاقية ؟
ربما الذهنية العربية الماضوية ترى بالجنس أكبر المحرمات .. من منطلق ان المرأة شر يستغله الشيطان للإيقاع بالرجال . بتجاهل ان الرجال اياهم يمارسون أبشع أشكال الجنس العبودي والقذر تحت صيغ تُختلق باسم الدين والدين منها براء.
يجب تحرير عقلنا من حواجز وجودها يجعل الجنس مدمرا للإنسان والمجتمع .
اما قضية الاثارة الجنسية في الوصف فهو جزء لا يتجزا من نقل الواقع الذي نعيشه .. ومن اثارة الدهشة لدى القارئ .. هل يظن أحد ان اسبدال الوصف الجنسي بخطبة ،أو موعظة أخلاقية ، أو فتوى فضائية .. سيبقي قيمة للقصة ؟

الموقد - بعيدا عن موقف الذين ينددون بالإثارة الجنسية سواء في القصص والروايا ت أو في الأفلام و يكون تصرفهم مناقضا لما ينادون به ، ألا ترى معي أن الأدب والفن يمكن أن يعبرا عن الجنس بالإيحاء وعدم السقوط في الابتذال ما دام الهدف ليس هو الجنس وإنما هو معالجة مشكل ما وإبلاغ الفكرة إلى القراء أو المشاهدين? !

نبيل عودة - انا كاتب . أمارس حياة طبيعية . لست راهبا في صومعته . ولست ماضويا في تفكيري.. أتعامل مع الواقع ولا انتجه . افككه وأبنيه من جديد بما يتلائم مع اللعبة القصصية .الجنس في الأدب مثل قطرات الماء لظمآن في صحراء ... عندما أكتب أعطي للنص كل ما أستطيع من زخم المشاعر.. حتى لو كان نصا نثريا في موضوع غير قصصي ... في القص الوضع يختلف .. يجب ادخال القارئ لكل الحالات التي تطرحها القصة .. لا لن أكتب ايحاءات لأظهر كأخلاقي .. واذا استعملت اسلوب الايحاء أحيانا فلأني أستطيع عبره ان أدخل القارئ الى حالات أكثر تهيجا في توقعاته ... في "الشيطان الذي في نفسي " لم أتعمق في المشاعر والاثارة .. ربما يصح ان نسميها كتابة من الخارج .. القصة بحد ذاتها تتناول أحداثا جنسية ، وهناك فرق شاسع بين وصف الانصهار بحد ذاته وشد أعصاب القارئ واثارته .... والكتابة شبه الاخبارية في النص القصصي عن العلاقة بين بطلي القصة بما لا تخدم الفن القصصي . ربما أكون قد أضعت فرصة لتوسيع النص في "الشيطان الذي في نفسي ".. لوصف اللقاء في القاهرة والاندفاع لأحضان بعض بتفاصيل مليئة بالاثارة ..السؤال هل كان ذلك سيضيف شيئا يرفع من قيمة القصة ؟
لا أظن .. ولا أعرف !!
يجب اعطاء النص حقه الكامل .. ومعرفة مستوى استغلال عناصر الدهشة والاثارة بكاملها ، ولكن ليس أكثر من المطلوب حتى لا نقتل ترابط النص واستمراريته في ذهن المتلقي - القارئ .. الاضافة مثل المبالغة لا تخدم الفكرة القصصية بل تقتلها . على الكاتب ان ينمي جهازه الحسي والعقلي لمعرفة حدود الكتابة والممكن والمطلوب ... والويل لمن يحول القص الى فلسفة ميتافيزيائية .

الموقد - ألا ترى معى أن الأدب من أهم وأعظم أهدافه الرقى بالمشاعر والالفاظ ... وخروجه من حيز البوهيميه والغرائز الغير محكومة والدونيه ؟ وهل تقبل مثلا ان تقرأ حفيدتك هذه القصة ..؟

نبيل عودة – وهل تظن ان حفيدتي أو حفيدتك مستقبلا .. ستسمع ، أو تقرأ ... الكلمة التي " تجرح المشاعر " لأول مرة في نص قصصي ؟
حاول تغيير الكلمات او الصور القصصية التي يقول البعض انها ازعجتهم . ماذا سيتبقى من القصة ؟
الى أين سنصل في الكتابة الابداعية على قاعدة القيود الآخذة بالاتساع في المجتمعات العربية ؟؟
لن نصل الى شيء .. ربما الى صياغات تخرج من الثلاجة بلا حرارة.
اذن هل يحق لحفيدي ما لا يحق لحفيدتي؟
وهل سأكون سجانا على ما يقال وما يُسمع في الحياة اليومية على مسامع حفيدتي مثلا ؟
بعض التعابير " التي تجرح المشاعر " هي لغتنا وأدواتنا .. والفن معرفة أين يجوز استعمالها وأين يحظر ذلك ...
لا يوجد طابو على الكلمات .. حتى أكثر المحافظين او المنغلقين لا يعرفون ما يسمع ابنائهم وما يقرأون من أدب اباحي ، او ما يتجولون عبره في الشبكات الألكترونية.. او عبر الحديث ( التشات ) .
نحن لسنا مجتمعا في القرن الخامس عشر .. من يعيش مغتربا عن مجتمعه مشكلته مخيفة... وهذه من مشكلات المجتمعات البشرية التي تتمسك بالفكر الماضوي.
مرة أخرى اردد ما ذكرته بأن تراثنا كان أجرأ في تطرقه للجنس .. فهل نلغي التراث حتى لا تقرأه حفيدتي وأترابها ؟
وهل أمنع حفيدتي من قصص الدين .. وكل الديانات ، لأنها تفيض بالجنس والجنس الاباحي ؟ وهل نلغي الأحاديث التراثية لأن فيها ما يجب توريته واستبداله وضبطه وجعله تلميحا والى آخر هذه الصياغات ..؟ وهل نقوم بثورة نحرق فيها كتب التراث مثل "طوق الحمامة "( نموذجا ) حتى لا يقراه صغارنا ؟
اذا كانت مفردات اللغة تحدد الابداع وتبعث الخوف في اصحاب الأقلام ، وتشغلهم بما هو جائز وما هو محظور في لحظة الابداع .. فلن نصل الى شيء والأفضل ترك هذا الكار لمن يملك الجرأة ... . اقرأ هذا النص للشاعر مظفر النواب ، ولنجرب ان نغير بعض تعابيره النابية - ماذا سيتبقى منه ؟ :
القدس عروس عروبتكم
فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها
ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصرخات بكارتها
وسحبتم كل خناجركم، وتنافختم شرفاً
وصرختم فيها أن تسكت صوناً للعرض
فما أشرفكم!
اولاد القحبة هل تسكت مغتصبة؟؟؟
اولاد القحبة
لست خجولا حين اصارحكم بحقيقتكم
ان حظيرة خنزير اطهر من اطهركم
تتحرك دكة غسل الموتى
اما انتم
لا تهتز لكم قصبه

الشاعر الكبير نزار قباني قامت الدنيا عليه وسميّ بالشاعر الإباحي ، ورغم كل "الحروب" التي شنّت عليه لم تؤثر مطلقاً على نجوميته وشعبيته الواسعة وحب الناس لشعره خصوصاً وأنه كان يكتب لكل الناس على اختلاف مستوياتهم الثقافية ، الروائي يوسف السباعي كان يغوص كثيرا في العلاقات الجنسية وتفاصيلها ومع هذا فرواياته من أنجح الروايات .
القاص في حالتي ، حين يتناول بعض تفاصيل العلاقات الجنسية إنما ليوظفها في خدمة النص والرسالة التي يود توجيهها أو المشكلة التي يسلط عليها الضوء من خلال أقصوصته، في حين أن الكاتب الإباحي هو من يكتب خصيصاً لإثارة الغرائز بأسلوب رخيص ويكون هذا هو هدفه تحديداً بدون أي رسالة ذات قيّمة يود إيصالها للمتلقي، والفرق واضح تماماً.

الموقد - هل تعتقد أن الأدب بكل أصنافه قادر في الوقت الحاضر على التأثير في مجريات الأمور على الساحة العربية والإسلامية ، في ظل تفشي الأمية وعزوف الشباب عن القراءة ؟

نبيل عودة - ارى ان معركتنا تربوية ثقافية صعبة جدا في مجتمع تسوده فتاوي ارضاع الكبير والتبارك بالبول وضرب المرأة وقتل الميكي ماوس وان من يستعمل يده اليسرى يخدم الشيطان ، وان المرأة شر يستغله الشيطان ليوقع بالرجل ، وان الكرة الأرضية مسطحة.. وشيخ فضائي يصف نساء الجنة بالبث الحي والمباشر ، ويكاد يدخل في "اورغيا" على الهواء مباشرة... ومئات المضحكات المبكيات .. . هذه حقائق حياتنا وعلينا كمثقفين ان نواجهها ونصدها ونقمعها .. وللأسف ، أرى اننا نتطور الى الخلف ..
للأدب كما لكل حركة اجتماعية ، فكرية وسياسية ، تأثيرها المفترض ... لا شك لدي ان المبدعين العرب أثروا حياتنا الثقافية ، وساهموا بتنمية وعينا الثقافي والوطني .. ولكننا في العقود الأخيرة نشهد تقلصا مقلقا لدور الثقافة والأدب .. وتراجعا مؤلما ..
الانسان الذي همه الحصول على رغيف الخبز هو خارج الحياة الثقافية للمجتمع ... هو خارج الحياة بمفهومها الانساني الواسع.
المجتمع الذي لا يقلق لوجود أمية واسعة بين أفراده ( واقع العالم العربي ) ،لن يقلق لحال الثقافة والمثقفين ... المجتمعات التي تعاني من بطالة وانعدام التنمية المتواصلة لخلق فرص عمل جديدة . هل ستهتم بالأدب والادباء؟
بالطبع لا أنوي التوسع حتى لا يتحول الحوار الى طروحات بعيدة عن الأدب وعن المساحة التي تشغلها القصة موضوع الحوار ..
انا متألم من عجزنا الواضح في الانتشار وان يصبح صوت المثقف هو الكلمة الفصل .
هناك اشكالية عويصة أخرى ... لغتنا .
هل تتوقع من الذين يعرفون القراءة ، ولكنهم لا يفهمون المقروء ، أن يقرأوا ويتأثروا بما نكتب؟
المجتمع العربي داخل اسرائيل يبدو أكثر المجتمعات العربية تخلصا من الامية .. ومجتمع حقق انجازات تعليمية كبيرة .. ومع ذلك هناك مشكلة في فهم المقروء لدى اوساط واسعة من المواطنين العرب .. بالطبع هناك تأثير سيء للغة العبرية .. ولكني أرى ان السيء أكثر هو عدم تطوير لغة الضاد ، و تخليصها من حركة الآخر وعلامات الاعراب الأخرى ، وصياغة نحو جديد للغة جديدة تتطور ، كما حدث في لغات الأرض كلها .
كل ذلك يعيق انتشار أدبنا وانتشار تأثيرنا .. وليس سرا اني فشلت في قراءة كتاب "الاستشراق" لادوارد سعيد مترجما للعربية من مترجم لغوي كبير .. وقرأته باللغة العبرية وزملاء لي أخبروني بنفس المشكلة وبعضهم قرأه بالانكليزية وليس بالعربية لأنهم لم يفهوا لغة الترجمة المعقدة ... اذ كانت هذه حال مثقفين اكاديميين مع لغتهم ، فما هي حال الانسان البسيط ؟

الموقد - المثال الرائع لكلمات الشاعر مظفر النواب، وجمالية الكلمة النابية في موقعها المناسب في وصف او تعرية حقيقة معينة ، يؤدي بي في النتيجة الى طرح السؤال التالي عليكم : هل هناك ضوابط ادبية تحد من استخدامات كلمة الهجاء او الوصف السياسي برايكم ؟

نبيل عودة - اذا كان قصدك بالضوابط الأدبية ،أو الضوابط الأخلاقية ،فهذا قائم دائما في وعي الكاتب ، وبغض النظر عن اللون الثقافي الذي يمارسه.
بالطبع هناك قيود .. قيود تطرحها الأطيقا الصحفية والثقافية ويطرحها العقل ، والا تحولت الكتابة الى ردح وشتم مما نسمعه في الشوارع ، وهو للأسف قائم وواجهته مع أقلام مستأجرة آخرها من نصف مثقفة تكتب برعونة ، اسمها انوار ، رغم نصوصها الأدبية الركيكة والتافهة ، سخرت من قدرتي عن صياغة المقال لأن حضرتها كلفت بكتابة ردح شتائمي دفاعا عن ناقد لا يميز بين أصحاب المؤلفات ،ويُنظر حول القصة بعقليات القرن التاسع عشر .. وكان دفاعها عن خطأ لا يمكن الدفاع عنه بنسب كتب لكاتب معين الى كاتب آخر . وأعتقد انها اوقعت نفسها ، بغباء نادر ، في انتحار ثقافي ، ولن تجد المنتفعين في تحريكها ، يجرأون على مواجهتي دفاعا عنها.
ان المتمكن من القلم واللغة ، يستطيع ان يقول ما يريد دون استعمال الكلمة المؤذية او النابية ويبرز ضعف السفهاء المتطاولين بما قاله نصف عاقل منفوخ بالهواء الثقافي ، بانه يريد ان يمتحن نبيل عودة بالاملاء ، وكنت قد رتبت له عملا في صحيفة "الأهالي" التي كنت نائبا لرئيس تحريرها ، تبين انه لا يفهم المقروء، ومن نماذج ذلك تصحيح مقال فكري لي اتحدث فيه عن الفلسفة والثقافة ، فظن ان كلمة " فلسفة " يجب ان تكون "فلسطين" ، ولا علاقة بفلسطين بالمقال المذكور "فصحح" الكلمة التي وردت بالمقال مرات عدة من "فلسفة" الى "فلسطين" وارتكب أخطاء أبشع مع مقالات أخرى ... فودعناه مفضلين جريدة بلا مصحح ، عن مصحح بلا وعي وفهم للمقروء .
حالي مع هذا المدعي تشبه هذه الحكاية:
سال المنصور أحد مقاتلي الخوارج : عرفني من أشد أصحابي اقداما؟
فاجابه: لا أعرفهم بوجوههم ، فاني لم أر الا أقفائهم .

الموقد - بالنسبة لفكرة الانتقام المطروحة في القصة الا يوجد بعد آخر ? عاشقان التقيا بعد غياب وحرمان فأول شيء يخطر في بالهم هو اختلاس اللحظات السعيدة ، وربما كانت هي تريد الحمل منه لأنها تعشقه . فلماذا ركزت على فكرة الانتقام طالما كان زوجها لطيف معها بالرغم من برودها تجاهه ؟

نبيل عودة -الكاتب حين تحين لحظة الابداع لا يفكر بعقله ، بل يستسلم امام ما انتهى تسجيله في ذهنه ، ويغرق بفرح اكتشاف وبناء الشخصيات والأحداث ... الكتابة كلها فرح ونوسطالجيا واكتشافات تهز مشاعر المبدع .وأرفض من يدعي ان الابداع ألم وولادة ومعاناة ، صحيح انها كتابة مهنية ، ومع ذلك نجدها مليئة بالفرح الداخلي .
حين يدخل المبدع في أجواء الكتابة الابداعية يصبح بحالة شبه انقطاع عن محيطه .. هذا لا يعني انه ينسى ويغيب عما حوله .. بل يستطيع ممارسة الوعي في تنظيم عمله وأفكاره . لذلك الكتابة تنطلق من وعي وتجربة... أما النص فيحدد مضمونه التوهج الواعي في لحظة الكتابة.
بالطبع أجريت تحسينات عديدة على النص ، وعادة اراجع القصة بوعيي أكثر من مرة حتى أستقر على قناعة بأن نصي قد اكتمل.اما مسألة الانتقام- الحدث فهو مرتبط بجوهر الفكرة .
بتفكير معاد الانتقام هو تصعيد لاظهار خطأ التحكم بمصائر الناس حتى لو كانوا ابناءنا .

الموقد -الناقد الدكتور محمد خليل عبر عما يجول بخاطري ولم أستطع أن اوصله وهو انك وببراعة شديدة أستطعت أن تلفت النظر إلى شيطان الموظف وشيطان لولو وكل شياطين الدنيا إلا شيطانه هو (الراوي ) ولولا أنك أفصحت بآخر سطر عنه لكان بقي القاريء متجه بفكره الى شياطين الموظف ولولو وغيرهم

نبيل عودة - من عادة الأديب ان يكتشف نفسة داخل قصته، تماما كما يكتشف القارئ واقعه وعالمه ... مشكلتي ان زمن طويل يفصلني عن "الشيطان الذي في نفسي ".. وبعض التفاصيل تبدو لي بين الحلم - الوهم والواقع.
ليس من وظيفة الكاتب ان يحلل شخصياته ، لأنه ربما قصد شيئا وانتج نقيضا لما قصده .. اترك هذا للقراء . الصدفة قد تكون وضعتني في لحظة ما امام حكاية معينة ، ولكن الضرورة هي التي جعلتني أندفع لكتابة ذلك النص ،وهذا يتكرر بأشكال مختلفة .. نفس الأمر بقصة قصيرة أخرى قصة "الدرجات " ( اشار اليها الناقد محمد خليل أيضا ) ... شاهدت عجوزا يساعدها شاب على صعود درج طويل لبيت ميت من أجل التعزية .. وكنت بطريقي لطبيب الأسنان .. واثناء انتظار دوري لمعت فكرة القصة برأسي ، فصغتها على ألأطراف البيضاء لمجلة كانت في العيادة ، كي لا تضيع القصة. تلك الصورة العادية جدا أثارتني . أدخلتني في فكرة أضخم . تخيلتها بوضعها الصحي السيء تصعد الدرج الطويل ليتبين انها أخطات بالدرج وعليها الان ان تنزل لتصعد درجا آخر .. أي اسطورة سيزيف .. دمجت الفكرتين لأصور المعاناة الفلسطينية السيزيفية ... بشكل عام لا يمكن تأجيل اللحظة .. عملي حرمني من عشرات الأفكار ..التي خمد نارها بسبب التأجيل ...

الموقد - ؟سؤال صغير ما هو شعورك لو ان صاحب القصة احتج عليها ؟؟؟
وأيضا ً هل تتهيب الناس من جلستك كأن يقولوا الآن سيرسمنا في قصصه ؟؟ وهل حصلت معك نوادر او طرائف في هذا المجال ؟؟

نبيل عودة - بطل قصة الشيطان هو صديق لي التقيته قبل سنة بعد انقطاع طويل جدا ، تبين لي أمرا مذهلا، ان عشيقته ماتت اثناء ولادة طفلتهما واعترفت لزوجها قبل وفاتها بان الصبية الجميلة التي ولدتها ليست ابنته ، وهي اليوم تعيش مع والدها البيولوجي ( صديقي ) ، مع زوجته واولاده وقد تقبلت زوجته هذا الأمر ليس براحة في البداية ، وهذا الموضوع يشدني لقصة أخرى .. لا أعرف ان كنت سأكتبها.. ولكنها تتفاعل في داخلي منذ سنة على الأقل .
والسؤال : هل يمكن ان يصبح الشيطان ملاكا ؟ ربما كان يجب ان اسمي القصة "الملاك الذي في نفسي ".. ونسأل هل يمكن ان يصبح الملاك شيطانا ؟ يبدو ان هذا أقرب للواقع ...

الكاتب الذي لا يعرف التقاط قصصه من محيطه .. مصاب بالعقم الفكري ولن نجد لديه نصا يستحق القراءة. انما مجرد نصوص بلا روح . الموضوع أكثر اتساعا من التصوير الفوتوغرافي.. اللحظة التي يلتقطها الأديب قد لا يكون شيئا فيها بنظر الأكثرية من الناس .. ولكنه قادر على ان يرى ما وراء الصورة الفوتوغرافية المباشرة .ان يبني عالما بسبب لمحة خاطفة..

نبيل عودة - [email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عسر الفهم والرؤية المغلقة المسبقة في نقاش غطاس ابو عيطة
- متشائم ، متفائل وواقعي
- الكرامة...
- العجرفة والغطرسة حين تصير سياسة دولة !!
- رجل السياسة
- رسالة ليست شخصية فقط
- الناقد د. حبيب بولس يواصل رحلاته ودراساته النقدية
- لقطات قصصية *
- الحماة..!!
- رؤية مشوهة للقصة القصيرة في ندوة القاسمي
- قصة جديدة : اوباما يتنكر
- مفاوضات بدون شروط مسبقة مع واقع كله شروط مسبقة !!
- كُل مَا تَشْتَهِي نَفْسُك ..!!
- إنتقام إمرأة...!!
- ليس عضوا في النادي
- نجح الدفاع .. وفشل المتهم !!
- خواطر حول تجربتي مع القصة القصيرة
- أنت صادق أيضا ..!!
- اضمحلال الثقافة من مجتمعنا العربي - اضمحلال للمجتمع المدني ! ...
- كيف يمثل اسرائيل من يعامل كارهابي ؟


المزيد.....




- فيديو مخيف يظهر لحظة هبوب إعصار مدمر في الصين.. شاهد ما حدث ...
- السيسي يلوم المصريين: بتدخلوا أولادكم آداب وتجارة وحقوق طب ه ...
- ألمانيا تواجه موجة من تهديدات التجسس من روسيا والصين
- أكسيوس: لأول مرة منذ بدء الحرب.. إسرائيل منفتحة على مناقشة - ...
- عباس: واشنطن هي الوحيدة القادرة على إيقاف اجتياح رفح
- نائبة مصرية تتهم شركة ألبان عالمية بازدواجية المعايير
- -سرايا القدس- تعرض تجهيزها الصواريخ وقصف مستوطنات غلاف غزة ( ...
- القوات الأمريكية تلقي مساعدات منتهية الصلاحية للفلسطينيين في ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- وسائل إعلام تشيد بقدرات القوات الروسية ووتيرة تطورها


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - نبيل عودة - حوار مع الكاتب نبيل عودة