|
قبطي يولم في رمضان / ومسلم يحتفل بعيد الميلاد ..؟
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2908 - 2010 / 2 / 5 - 01:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عنوان المادة ليس بهدف الإثارة ، بل هو حقيقة ، عندما يتخلى المرء عن نزعة الكراهية والتعصب ، وتسود عقلية المساواة الإجتماعية ، والمحبة ، والتعاطف الإنساني بين البشر، على قاعدة إحترام الآخر . حينها فقط نشهد ولادة مجتمعات مدنية متحضرة ، تقدس الإنسان أياً كان ، وفي المقدمة ، حق المرأة الطبيعي في المساواة الكاملة ، أسوة بشقيقاتها من نساء العالم المتحضر . ليسمح لي القراء هنا بعرض نماذج لحالات مشرقة ومشرفة في سلوك البعض في بلدان الهجرة والشتات . وهي صورة تتعارض تماماً مع ما لدينا في المنطقة العربية أو لدى ( الجاليات ) ذات التوجه الإحادي لشديد الأسف . مع إعتذاري لعدم ذكر الأسماء من موقع إحترام خصوصية أصدقائي في مكان إقامتي . أما الإستنتاجات المستخلصة ، أحيلها الى القارئ المحترم ، من موقع إحترام عقله ، وقدرتة على المقارنة . الصديق الأول هو أحد رعاة الكنيسة القبطية ، حاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة السوربون في باريس ، إعتاد بمناسبة شهر رمضان إقامة إفطار رمضاني لكافة أصدقاءه مسلمين ومسيحيين . الثاني : رجل أعمال مسلم وحاج ، حاصل على ماجستير في علم النفس . إعتاد أيضاً بمناسبة أعياد الميلاد تزيين منزلة بشجرة عيد الميلاد ، ودعوة أصدقاءة مسيحيين و ( وزنادقة ) ومسلمين للعشاء في داره بإحدى الجزر المتوسطية . علماً أن شجرة الميلاد تحولت الى رمز إحتفالي عائلي بالحياة ، بما فيها من أضواء وزينة جميلة ، وهدايا تحمل معها الإبتسامة والسعادة الى أحبائنا الصغار . الثالث : كردي زرادشتي ، جراح في إحدى المستشفيات العامة . ، بمناسبة يوم النيروز ، يصر على دعوة أصدقاءة أيضاً للغداء والإحتفال معاً من كافة الطوائف . سيدة مارونية زوجها ،من طائفة مخالفة ، سيدة أعمال . وبمناسبة عيد مار مارون تدعوها أصدقائها العرب من مختلف الديانات والزناديق الى تناول الحلويات اللبنانية في منزلها . صديق كاثوليكي ، وزوجته من ديانة مخالفة . طبيب أسنان . مع بدء يوم الصوم الكبير، يشترط مسبقاً أن إنتهاء الصوم سيكون في داره العامرة . صديق شيعي ، مهندس مدني ، بمناسبة ذكرى عاشوراء ، يتلقى من المكالمات الهاتفية التضامنية مع مشاعره ، أكثر مما يتلقي رئيس عربي ، بهذه المناسبة . صديق كلداني – أشوري ماجستير لغة فرنسية . يبحث عن الفقراء من المهاجرين الجدد لتأمين عمل لهم دون مقابل . ودون النظر الى معتقد المهاجر . وفي أعياد الطائفة الكلدانية نحتفل معه ، وكأننا جزء من هذه الطائفة المضطهدة في موطنها الأصلي . وصديق أمازيغي جميل ، شاعر وأديب . يساهم في موقع الحوار ( زنديق ) أحرص على المسلمين كبشر ، أكثر من حرص دار الإفتاء أياً كانت . ويحتفل مع الجميع . هذا الى جانب الزواج المختلط ، قبطي متزوج من سيدة مسلمة ، ومسلم متزوج من سيدة قبطية ، وأخر من مسيحية محلية ، وأخر من سيدة يهودية محلية تتضامن مع قضية الشعب الفلسطيني ، وملكية أكثر من الملك ، وسيدة مسيحية من درزي .. الخ بيت القصيد هنا ، أن لا أحد من هؤلاء ولا لمرة واحدة إنتابة الشعور بأنه ينتمي الى ديانة متميزة ، أو إحساس بالإختلاف نتيجة إختلاف الإنتماء الديني . بل أن معظم الأحاديث العامة والحوارات التي تدور أحياناً تتناول قضايا العالم العربي ، وكيفية التخلص من عقدة الخوف من الآخر ، ونزعة الكراهية والتعصب الأعمي . هناك عامل رئيسي لعب دوراً هاما في نزع موروث الكراهية ، هو الشعور بالمساواة الإجتماعية الكاملة أمام القانون . في ظل مناخ من الديمقراطية والتسامح الديني . والديمقراطية بطبيعة الحال ليست شعاراً أو مؤسسة ، بل هي مناخ عام وممارسة ، وقيم فكرية ، وشفافية العلاقات الإنسانية . فعندما تسود الديمقراطية ، تختفي نزعة الإستفراد الطائفي ، وتحل محلها إسلوب المشاركة سواء أكانت سياسية أو إنسانية . في العالم العربي ، ليس جلداً للذات بقدر ما هو حقيقة ، يخبو الإحساس بجدوى وجود المرء كحالة إنسانية . ويفقد القدرة على الإتصال مع ذاته وهويتة الحقيقية ، كإنسان يمتلك مشاعر الحب والصداقة ، وروحية التعاطف مع الأخر المختلف .بسبب سيادة عقلية تراجعية تعتبر المخالف ( رجس من عمل الشيطان ) مطلوب إجتنابه ، حتى منع تحية الأخر أو تهنئته بعيدة ..؟ . في علم النفس الإجتماعي يقال ، أنه كلما زادت معرفة الإنسان بكيفية تسليط ضوء كشاف على أعماقة البعيدة ، كلما زادت قدرته على فهم قوته الفعلية العقلية ، وقل إستعدادة للإنهيار النفسي المفاجئ . بيد أن هذه القوة ، لاتكتسب فقط بفعل عوامل ذاتية ، بل من خلال المحيط الذي يعزز شعور المرء أنه ينتمي الى محيط متضامن معة ، ودور الأصدقاء في تقديم المساعدة والنصح . الى هنا أكتفي بنقل جزء صغير جداً من صورة مشرقة لشرائح من مجتمع المهاجرين القدامي الذين أصبحوا مواطنين كاملي الحقوق في مجتمع متطور. أما الصورة السلبية بالضرورة موجودة وقائمة ، لكن ليس هنا مجال إستعراضها . والسؤال المطروح هو : ما الذي يوحد مشاعر الجميع الإنسانية ..؟
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثقافة الغريزة الجنسية في الجنة ..؟
-
مطلوب أنسنة الأديان..وليس ثقافة الكوارث
-
هل الجلد والرجم والقتل هي قوانين ( إلهية )
-
هولوكست التاريخ / ج4 سفر التكوين والخلق في الأسطورة المصرية
...
-
هولوكست التاريخ ..أنبياء أم قادة سياسيون ..؟
-
هولوكست التاريخ / إعادة قراءة لإسطورة الخلق والتكوين ومصادر
...
-
هل أدم هو الأسم الحقيقي للإنسان الأول ..؟
-
طرقت الباب ... ( حتى ) كل متني ..؟
-
الحوار المتمدن و تجديد الخطاب العقلي
-
الله .. المزوج .. وجبريل الشاهد ..؟
-
إختراع صيني جديد ... خروف برأسين ..؟
-
لا حضارة بدون نساء.. ولا ديمقراطية بلا تعددية/ ولا ثقافة بلا
...
-
عندما يحمل( النبي ) سيفاً .. يحمل أتباعه سيوفاً
-
ينتحر العقل عندما يتوقف النقد
-
تحرير العقل من سطوة النص المقدس
-
رداً عل مقال شاكر النابلسي / الإنقلابات والثورات والأحزاب ال
...
-
وجهة نظر في الرأي المخالف / من قريط الى شامل ومن طلعت الى تا
...
-
على المحامي هيثم المالح تغيير إسمه الى هيثم الحلو
-
الحضارة الإغريقية/ مجلس للآلهه وفصل الدين عن الدولة .
-
اليونان / من رئيس للوزراء الى مواطن عادي
المزيد.....
-
“أغاني البيبي المفضلة للأطفال” ثبتها الآن تردد قناة طيور الج
...
-
القمة الإسلامية بغامبيا تختتم أعمالها بـ-إعلان بانجول- وبيان
...
-
قادة الدول الإسلامية يدعون العالم إلى وقف الإبادة ضد الفلسطي
...
-
مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد ال
...
-
بعد مظاهرة داعمة لفلسطين.. يهود ألمانيا يحذرون من أوضاع مشاب
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف ميناء حيفا بصاروخ -الأرق
...
-
يهود ألمانيا يحذرون من وضع مشابه للوضع بالجامعات الأمريكية
-
المقاومة الإسلامية بالعراق تقصف ميناء حيفا الإسرائيلي بصاروخ
...
-
المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها
...
-
الطوائف المسيحية الشرقية تحتفل بأحد القيامة
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|