أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جميل حنا - الذكرى العاشرة لحرب الناتو على يوغسلافيا















المزيد.....


الذكرى العاشرة لحرب الناتو على يوغسلافيا


جميل حنا

الحوار المتمدن-العدد: 2599 - 2009 / 3 / 28 - 06:29
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


الحرب التي شنتها الدول الأستعمارية قبل عشرة أعوام على ما تبقى من يوغسلافيا الاتحادية ,وتحديدا على صربيا والجبل الأسود. تلك الحرب كانت واحدة في سلسلة الحروب التي قامت بها أمريكا منفردة أو مع حلفائها في الناتو بعد الحرب الكونية الثانية في بقاع مختلفة من العالم في فييتنام وكوريا والشرق الأوسط وفي أفريقيا وأماكن أخرى من العالم . شهد العقد الأخير من القرن الماضي حربين قادتهما الولايات المتحدة الأمريكية على رأس الناتو ألا وهو حرب الخليج الثانية والحرب على يوغسلافيا.ومن ثم تلتها حروب أخرى منذ بداية القرن الحادي والعشرين الحرب على أفغانستان والعراق. وبعد مضي عشرة أعوام من تلك الحرب ما زالت أثارها المدمرة ماثلة في حياة الدولة الصربية بشكل واضح في الحياة الأجتماعية والأقتصادية والسياسية والنفسية بسبب حجم الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية للبلد نتيجة الضربات الجوية وإلقاء كميات كبيرة من القنابل والصواريخ المشبعة باليورانيو م,التي لها تداعياتها الصحية على الشعب الصربي. وكان من تداعيات هذه الحرب إقتطاع إقليم كوسوفو الذي يعد مهد الوجود القومي الصربي على هذه البقعة الجغرافية في البلقان. في هذه المناسبة أعيد نشر هذه المقلةة المتواضعة لنا التي كانت قد نشرة قبل عشرة أعوام عن تلك الحرب ولأهمية ما ورد فيها من صحة الأراء والتوقعات والتغيرات التي حصلت خلال هذه الفترة نضعها مجددا في متناول القراء الكرام ليحكموا عليها بأنفسهم .نشرة هذه المقالة في مجلة فرقونو (التحرير) العدد 15 لعام 1999 بأسم د.كورية شمعون تحت العنوان التالي وهذا هو المقال كاملا:
النظام العالمي الجديد ودوافع الاعتداء الأمريكي (حلف الناتو) على يوغسلافيا
حدث عبر التاريخ الطويل للبشرية حروب كثيرة لم تحل أي مشكلة قائمة. بل كانت سببا في انطلاق حروب جديدة أخرى، مثل الحروب التي انفجرت بين العرب وإسرائيل و الحرب العالمية الأولى وغيرها، وربما الحرب التي دارت بين حلف الناتو ويوغسلافيا. هذه الحرب التي كان مخططاً لها أن تدوم ثلاثة أيام ولكنها استمرت أسابيع عديدة. الحلف الأطلسي نفذ وعده بقصف يوغسلافيا فيما إذا لم تستجب بلغراد للشروط الأطلسية.من المفيد أن نسأل أنفسناً مرارا قبل أن ندخل في صلب الموضوع، ما هي دوافع القائمين بالحرب وما هي اهدافهم . والتي تعد الأولى بنوعها في تاريخ الحروب.يوغسلافيا دولة مستقلة وذات سيادة كاملة تتمتع بنظام برلماني ورئيساً للدولة منتخب ديمقراطياً. ومعارضة تمارس نشاطها السياسي, وصحافة حرة بالإضافة إلى حرية الرأي والتعبير السياسي والعقائدي والقومي والمعتقد الديني والاقتصاد الحر مصان حسب الدستور. ناهيك كونها عضو في هيئة الأمم المتحدة ودول عدم الانحياز.لم تهدد يوغسلافيا أية دولة بالحرب, بما فيها دول حلف الناتو ولم تعرض الأمن العالمي لأي خطر. لم يتخذ قرار الحرب تحت ضغط ظروف قاهرة مثل حالة تهديد أو حرب قائمة أو أنه هناك حالة طارئة تستدعي التدخل العاجل ولكنه قرار اتخذ بخصوص أهداف إدارة الصراع السياسي في العالم. ولم يكن هناك أي سبب من الأمور المذكورة أعلاه لشن الحرب.
والسؤال الذي يطرح نفسه منطقيا هل فوضت شعوب دول الناتو حكامها لقتل الأبرياء من المدنيين الصرب والكوسفيين بدون ذنب أو حتى بدون تقديمهم إلى أية محكمة. أم أن الناتو يبحث في كل زمان عن عدو وهمي ليبررحروبه ويحقق مصالحه. أي أنه لصق تهمة (إمبراطورية الشيطان) على يوغسلافيا هذه المرة.
إن الهجوم الأطلسي حدث نادر من نوعه في العلاقات الدولية, لا يوجد له مثيل. كيف تمكن قادة الدول الغربية الحاكمة, قادة الاشتراكية الديمقراطية الغربية اتخاذ قرار المشاركة في الحرب.وأي أهداف كان وراء دوافعهمم بوضع القانون الدولي جانبا بخصوص احترام سيادة الدول. وخاصة كان لهذه الأحزاب جهودا كبيرة في صياغة القانون الدولي وإقراره في الهيئات الدولية.الديمقراطيات الغربية بقيادة أحزابها المذكورة طرحت بعض القضايا الإنسانية العادلة. ولكن ما أن استخدمت قوتها وترسانتها العسكرية المتطورة ضد دولة صغيرة فقدت مصداقيتها كقوى محبة للسلام وفسحت المجال أمام سلسلة من الاعتداءات بإعطاء ذريعة بيد الحكام والدول الأقوى بشن الحروب على الدول والشعوب الأضعف لحل نزاعاتها القائمة وعرض سيادة واستقلال تلك الدول والشعوب وأمنها لمخاطر كبيرة .وعلى مبدأ القوي يأكل الضعيف، بدلا من اللجوء إلى الحلول السياسية وحل الخلافات بالطرق السلمية.فأذا كيف تبدلت لغة الدبلوماسية بلغة الحرب في نهاية القرن العشرين على أرض أوربا .في البدء يجب التحدث أولاً عن الأسباب الحقيقية للحرب، لان سكان إقليم كوسوفو أيضاً ضحية للحرب التي شنتها قوات الناتو بغاراتها الجوية على الصرب بحجة الدفاع عن الكوسوفيين الذين هم ايضا كانوا ضحية الحرب مثلهم كمثل الصربيين.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي وتقسيم البلقان إلى دول عديدة منذ ما يقارب عشر سنوات يبدوأن عملية التحولات الكبرى قد وصلت إلى مراحلها النهائية. فإنها مسألة بالغة الأهمية إذ نجد أمريكا تطلق شرارة الحرب بعد خمسين عاماً من السلام في أوربا على رأس قيادة حلف الناتو.
أعلمت أمريكا العالم أجمع بهجومها العسكري الجوي على يوغسلافيا وبنحو لا يقبل الشك بأنها سيدة العالم أو الشرطي الذي يملك صلاحيات التدخل متى وأين ما شاء ,في حين لم يفوضه أحدا بذلك .وعلى ما يبدولم يعد النظام العالمي القديم صالحا ولا يخدم مصالح أمريكا، ولا تنطبق القوانين الدولية على الدول الغربية أعضاء حلف الناتو، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.بدأت امريكا بتنظيم العالم بحسب ما تقتضيه مصالحها وزيادة نفوذها وفرض سيطرتها التامة. أنها القوة السائدة الوحيدة، خاصة بعد التغيرات والتحولات الجارية في السنوات العشر الماضية على الساحة السياسية العالمية، بالإضافة إلى تقوية دعائم نظام الاقتصاد العالمي الحر. تسارعت وتيرة علمنة الاقتصاد وتراجع مفهوم الاقتصاد القومي وفتح الأسواق أمام الشركات الرأسمالية العالمية المتعددة الجنسيات .وهذا سعر أيضاً الخلافات العرقية والقومية التي أرادت ربط مسيرة تطورها بهذه التحولات، خاصة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي لم تظهر أي قوى تقف في وجهه التعصب القومي التي تقوده حركات مختلفة بدعم من الغرب.سخر الغرب أموال طائلة وبذل جهود كبيرة لتقسيم البلقان إلى دول عديدة في حين من الناحية المالية الاقتصادية عملت بفرض إنشاء عالم موحد مفتوح الأبواب أمام الشركات الاحتكارية للدول الرأسمالية.
إن منطقة البلقان ونزاعات أخرى في العالم استخدمت ذريعة لإضعاف دور منظمة الأمم المتحدة. بعد زوال دور الاتحاد السوفيتي العالمي تعمل أمريكا جاهدة لإعادة الحياة للمنظمة الدولية على أسس جديدة تخدم الأهداف السياسية الغربية والأمريكية خاصة بتوحيد الرأي والمواقف ,وتأسيس مركز موحد على غرار مفهوم علمنة الاقتصاد.بحيث لم يعد مفهوم الدولة والاقتصاد القومي الضيق يلاءم سياسة النظام العالمي الجديد الذي ترسمه أمريكا. إن القيادة الجديدة للعالم تهدم كل القيود والموانع التي تعيق حركة تنقل الرأسمال وتنشأ حالة لا يمكن تجنبها بفرض نمط الحياة الثقافة الأمريكية والمؤسسات والبنوك والشركات الفوق القومية.
إن انهيار يوغسلافيا الاتحادية متعددة القوميات المتعايشة مع بعضها البعض وانفصالها عن طريق المحادثات بعد حرب دامت سنوات أنظر البوسنة والهرسك التي تحولت إلى قاعدة عسكرية أمريكية ,ويدخل ضمن هذا المخطط أزمة كوسوفو. التي لا تهدف فقط تقسيم يوغسلافيا المتبقية مجدداً وأضعاف صربيا بل جوهر القضية سد أبوا ب أوربا في وجه روسيا وإبعادها عن منطقة حيوية كانت لزمن طويل منطقة نفوذ روسية بحكم العلاقات العرقية والمساعدات التي قدمتها روسيا لشعوب البلقان عبر التاريخ الطويل للتخلص من نير الطغيان العثماني.هذا من جانب أما الجانب الآخر للقضية هو الصراع المبطن أو الشبه العلني والتنافس القائم بين أمريكا والاتحاد الأوربي بعد انحسار القوة العسكرية والأمريكية وانسحابها من مركز أوربا وأصبحت منطقة البلقان تضمن لها أرضية قوية للبقاء في أوربا زمناً طويلاً.
لم تتمكن أمريكا من إعاقة قيام الاتحاد الأوربي ولذلك تبذل قصارى جهدها لوضع أوربا تحت وصايتها عسكرياً وسياسياً بتوسيع دائرة حلف الأطلسي بواسطة ضم أعضاء جدد لناتو من دول أوربا الشرقية التشيك والمجر وبولونيا ووضع قواعدها العسكرية فيها والوضع الحالي ليوغسلافيا لا تنسجم مع الواقع الجديد للمخططات الأمريكية. لذلك تعمل لإنشاء واقع جديد يسهل تنفيذ السياسة الأمريكية ومخططاتها وضمان تحقيق المكاسب الاقتصادية لها.
بعد غياب دور الأمم المتحدة وفقدان دورها في حل النزاعات الدولية، فإن دول الناتو بقيادة أمريكا تضع خطط النظام العالمي الجديد,وبهذا تريد التخلص نهائياً من آخر قلاع الأنظمة العالمية القديمة. أمريكا لا تخطط للسياسة العالمية الجديدة فحسب بل تأخذ دور دكتاتور موضة السلاح وعرضها عمليا في الحروب.بحيث يحدد مسار تطور الصناعة الحربية وهذا مما يدفع بالكثيرين للإقبال على شراء منتوجات هذه الشركات و مصنوعاتها الحربية التي ستجني منها أرباح خيالية تضيف قوة مادية جديدة لمسيرةة تطورها التكنولوجي .ويدفع ذلك بعجلة التطور الاقتصادي إلى الأمام وتأمين الازدهار لبعض شرائح المجتمع .وسيستفيد من هذا الواقع بعض القطاعات الصناعية الحيوية في أوربا الغربية أيضاً إضافة لذلك تدر الحرب أموال طائلة على وسائل الإعلام.إن وسائل الأعلام الغربية المسيطرة على أغلبية وسائل إعلام العالم أجمع.تلك وسائل الإعلام أظهرة أثناء العمليات الحربية بأن هجرة ألبان كوسوفوكان نتيجة الأعمال القمعية للرئيس اليوغسلافي ميلوشوفيش وليس بسبب القصف الجوي لطائرات حلف الناتو التي دمرت جميع مرافق الحياة الحيوية وضرب البنية الأساسية للحياة الاقتصادية في عاصمة الإقليم والمدن والقرى التي لم تسلم أيضاً بدورها من القصف الأطلسي.
كان قادة الدول الغربية على يقين تام بأنه بسبب الحرب ستسوئ أحوال الناس وستتعقد الأمور أكثر في منطقة البلقان .لم يكن الأمر مفاجأ لهم حيث كان يعلم السياسيون والإحصائيين بشكل جلي تماما قبل بدء العمليات الحربية بأنه لا يوجد أي حزب صربي سواء كان في السلطة أو في المعارضة أن يقبل شروط الناتو بتجزئة وطنه واحتلاله من قبل القوات الأجنبية. إن اتفاق رامبوبي يضمن حقوق وصلاحيات واسعة لقوات حلف الناتو في يوغسلافيا. ومما ورد في ملحقات البنود السرية من الاتفاق في الجزء السابع منه حيث يوضح بالتفصيل حقوق قوات الناتو (كفور) وحسب ذلك الاتفاق يحق لقوات الناتو بكافة طواقمها العسكرية وبأنواع سلاحها البري والبحري والجوي ليس فقط في كوسوفو وإنما في كافة الأراضي اليوغسلافية حرية التنقل متى ما شاءت بدون عوائق ويحق استخدام الموانئ والمطارات والطرق البرية وإجراء التدريبات العسكرية في الدولة الاتحادية ليوغسلافيا فهذا يعني عملياً احتلال البلد من قبل الناتو.وقد نشر نص الاتفاق وباللغة الانكليزية في وسائل الأعلام.إن مثل هذا الاتفاق لا يوقع عليه إلا في حالات الاستسلام بانتصار إحدى الدول على الأخرى. ولذلك رفضت الحكومة اليوغسلافية التوقيع على الاتفاق الذي استخدم ذريعة لهجوم حلف الأطلسي، والناتو وضع شروطه التعجيزية التي لا يمكن القبول بها ليعطي لنفسه أما م الرأي العام العالمي المبررات اللازمة بالهجوم الجوي الذي وقع على يوغسلافيا ونشر قواته في إقليم كوسوفو فيما بعد.
إن الغرب عاد مرة ثانية إلى أساليبه القديمة بفرض حلوله السلمية على الشعوب وتقسيم الدول بما تقتضيه مصلحته الاستعمارية .إذا لم يحصل أي خطأ سياسي أو عسكري بالهجوم الجوي على يوغسلافيا بل كان مخططاً له منذ أمد طويل .ولكن يسود الاعتقاد بين الكثير من الأوساط الشعبية والسياسية بأنه كان من المفيد اللجوء إلى سياسة أكثرتوازناً وعقلانية لحل المشكلة بالطرق السلمية الحقيقية. بدلاً من اللجوء إلى استخدام القوة وبأسم حقوق الإنسان تقصف بالصواريخ والقنابل الناس المدنيين وتدمر ما بنته الأجيال بالدم والعرق .لم يكن هناك حاجة مبررة لهذه الأعمال المدمرة وإنما كان من الأفضل اللجوء إلى الحلول والأساليب السياسية المؤثرة لدفع أوضاع منطقة البلقان باتجاه تحسين الأوضاع الاقتصادية وتعميق الحياة الديمقراطية أكثر ضمن مجتمعات المنطقة لتحصل كافة القوميات المختلفة على حقوقها وتعيش ضمن الوحدة الوطنية.
لماذا اختار الناتو بإدراك تام القوة العسكرية
كان قادة حلف الناتو يدركون بشكل واضح بأن صربيا لن توافق على الشروط المذكورة أعلاه على تقسيم وطنها واحتلالها.لذلك أجبر الغرب على وضع مقترحات وبنود اتفاقيات تضمن شروط لا يمكن لأي دولة مستقلة وذات سيادة أن تقبل بها.وليس كما يدعي الغرب بان ميلوسوفيتش ديكتاتوري، إنه انتخب من قبل الشعب بانتخابات ديمقراطية حرة شاركت فيها أحزاب المعارضة وكما شارك أحزاب المعارضة في السلطة الحالية، ولا اعتقد بأن قادة الدول المجاورة ليوغسلافيا هم ديمقراطيين أكثر من الرئيس ميلوشوفيتش.
إن ما يستدعي النظرإليه هو موقف أمريكا حيال القضية ومشكلة كوسوفو التي كان بالإمكان حلها بتحسين أوضاع المنطقة بتقديم العون المالي لها وضمان سيطرتها على المنطقة اقتصاديا وسياسيا حيث كانت تكفي تكاليف أسبوعين أو ثلاثة من الحرب لترميم الأوضاع الاقتصادية في منطقة البلقان عوضا عن تكاليف الحرب الباهظة .ولكن بالرغم من ذلك لماذا لجأت إلى استخدام القوة واختارت لغة الحرب المدمرة. من أهم الأسباب هو أن أهداف أمريكا المعلنة في المنطقة شيء والهدف الذي تريد تحقيقه شيء آخر، كما صرح بذلك الرئيس الأمريكي كلنتون (أمريكا تريد أن تنتصر وسوف تنتصر) ولكن كيف سيكون النصر ولمن سيكون النصر؟
بالتأكيد ليست شعوب المنطقة هي المنتصرة بالعكس ستتعمق حالة الكراهية والبغضاء والعداء فيما بينها أكثر مما كان عليه في السابق. بالتأكيد الناتو يريد أن ينتصر ولن يدع أن تتعرض سمعته للإهانة أو بكلمة أخرى أمريكا بحربها هذه تضمن خضوع منطقة البلقان لها بعد إذلال شعوبها وليست كما تدعي أنها أقدمت على حربها هذه بتقديم المساعدة الإنسانية ورفع شأن شعوب المنطقة كما يرد في وسائل الإعلام وتصريحات المسؤولين الأمريكان والغربيين. إن الإدارة الأمريكية ومنذ نهاية 1993 تضع الخطط التي تهدف إلى إضعاف يوغسلافيا أو بالأحرى صربيا إلى أن وقع الاختيار على الهجوم الجوي بتاريخ 24 آذار من هذا العام(1999 )مستفيدة من تفوقها في كافة المجالات العسكرية والاقتصادية والبشرية ووسائل الإعلام,وعدم وجود قوة رادعة أخرى على الساحة الدولية .وما كان استعجال أمريكا بضم أعضاء جدد إلى الحلف من دول أوربا الشرقية وخاصة المجر المجاورة ليوغسلافيا إلا ليدخل ضمن هذا المخطط المرسوم له من قبل الإدارة الأمريكية مهيئة الأرضية الصلبة لضمان انتصارها ولو كلف ذلك حياة الكثيرين من البشر في المنطقة، وهذا يؤكد قبول أعضاء جدد في الحلف قبل بدء العمليات الحربية بأسبوعين فقط.
موقف روسيا من القصف الجوي الأطلسي
منذ محادثات رامبويي وخاصة بدءاً من القصف الجوي الأطلسي، كان المراقبون والاخصائيون والسياسيون يترقبون المواقف السياسية للقيادة الروسية وردة فعلها السياسية عما كان يجري على الأرض اليوغسلافية .وما هي ردة الفعل السياسية مع تقدم الزمن وتصاعد الهجمات وكثافة الغارات واستخدام الأسلحة المدمرة ليس فقط ضد الأهداف العسكرية وإنما استهدفت الأهداف المدنية وفرض حالة الحصار وتجويع الشعب الصربي بتدمير البنية التحتية في البلاد وضرب المدنيين لأرها بهم بأنهم مستهدفين لكي يمارسوا ضغوطا على النظام القائم والأحزاب السياسية .وكلما زاد أمد الحرب تصاعدت وتيرة الغارات وحدتها وضرب المواقع المدنية في حين كانت تبدي أوساط الناتو عن أسفها للضحايا الألبان والتأكيد على مما حدث لم يكن بالحسبان، ولكن لم يأتوا على ذكر قتل المدنيين الصرب أو كان ذكرهم عرضياً، هذه هي الازدواجية في المعايير الإنسانية للحملة الأطلسية.
لم تعد مسألة انفصال كوسوفو من الأحاديث النادرة في أوساط المسئولين الغربيين. وكلما استمر أمد الحرب ازداد العنف والدمار والخراب وازداد احتمال انفصال الإقليم .ولم يخفي هذا الاحتمال مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي ساندي برغر الذي صرح (أكدنا دائما أن كوسوفو لا يمكن أن تبقى جزءاً من صربيا إلا إذا وافق الرئيس ميلوشوفيتش على شروطنا .وكلما طال أمد الحرب كلما اختل التوازن (أي لصالح انفصال الإقليم عن صربيا، في حين كانت المواقف وتصريحات المسئولين الروس لا ترتقي إلى حجم المسؤولية للوضع، بسبب تعقيدات الأوضاع السياسية والاقتصاديةالداخلية الروسية. ولكن من الخطأ الاعتقاد بالفكرة القائلة بأنه يمكن تحييد مواقف القيادة الروسية بتقديم بضع مليارات من الدولارات كقروض مالية ومساعدات غذائية إنها فكرة لا تعبر عن الحقيقة إلا نسبيا. لأنه يجب النظر بعمق وتحليل الأمور بشكل أدق والنظر إلى التعقيدات في الوضع الداخلي وأنه لا يمكن ضمان أن تبقى القيادة مسيطرة على الأوضاع وتحافظ على سير الأمور وأن يبقى زمام الوضع في يدها وهناك أمثلة من التاريخ القريب لانهيار الاتحاد السوفيتي.
إن مصلحة الروس في البلقان ليست هي المصلحة الشخصية لهذا المسئول أو ذاك من الساسة الروس أنها مسألة الكرامة القومية للأمة الروسية.إن الأخصائيين الذين يبنون تكهناتهم على ضعف الموقف الروسي وعلى أنه يمكن توسيع دائرة الحرب يتناسون انه يوجد اختيارات عديدة للروس للدخول في الحرب بأشكال مختلفة .وخاصة بعد توسيع حدود حلف الناتو نحو الشرق وان كانت الظروف غير مواتية في الظرف الراهن وكما ظهرت في المجتمع الروسي الروح العدوانية للقيم الغربية .أن روسيا في وضع لا يسمح لها خوض أو الدخول في الحرب إلى جانب أخوانهم السلافيين باستخدام السلاح النووي وهذا يعني نهاية البشرية ولن تلجأ إلى هذا الخيار المدمر. ولكن من المستحيل أن ينسى الروس هذا العدوان في منطقة البلقان بدون الرد عليه. ولكن الرد سيأتي وإن كان من الصعب الآن تحديد المكان والزمان والشكل, في عالم مليء بالصراعات من حروب أهلية وصراع بين دول وقوميات متناحرة والحالة في البلقان أحد الأمثلة على ذلك. بعد اليوم من يستطيع أن يقول أن الحرب غير مشروعة لحل الخلافات القائمة بين الشعوب إن الروس الذين ينزفون الدم سيقومون بخطوات كبيرة بما يليق بها كقوة عظمى في وجه توسيع حلف الناتو وعدوانها في البلقان. من الخاسر ومن الرابح في الغرب يتباكون على المهجرين وحقوق الإنسان ويتناسون ما آلت إليه الأمور من تفاقم الأزمة وزيادة معاناة الناس في كلا الطرفين ( الصربي والألباني). للغرب حصة الأسد في زرع المعاناة ويذكرنا بما قاله بسمارك عندما كان الأتراك يضطهدون البلغار أواخر القرن الماضي 1870 قال بسمارك مستعطفاً على البلغار (سأذكرهم في صلواتي ولكن لن يدخلوا في حساباتي السياسية) يالها من سخرية وازدراء في حين تعاني شعوب البلقان من مشاكل كثيرة لا يوجد حاجة لإظهار دموع التماسيح عليهم .في حين يدخلون شعوب المنطقة في لعبتهم السياسية لتحقيق مآربهم المفضوحة. ان الدول الغربية تستخدم تقنيتها الحربية وتجربها على البشر الذين أصبحوا حقل تجارب للصناعة الحربية بينما تدعي هذه الحكومات الغربية الدفاع عن البشرفي حين الحقيقة هي التي تدمر وتجلب المآسي لكثيرمن الناس في العالم .أن شعوب البلقان والدول المجاورة ليس لها أي مصلحة في الحرب ومن سيجني ثمارها هي معامل السلاح وسماسرة وتجار السلاح وأمريكا أن فرض المواقف الإيديولوجية على الحقائق التاريخية كان دائما ضحيتها شعوب المنطقة الذين عانوا منها كثيراً ولذلك يتبنون الموقف القائل بان ظروف السلام السيئة أفضل من الحرب.



#جميل_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتائج إنتخابات مجالس المحافظات العراقية والواقع المأساوي
- الزمن يمضي والمآسي تدوم
- كلمة بحق (الحوار المتمدن )في الذكرى السابعة
- إقليم آشور هو الحل
- البرلمان السويدي يرفض للمرة الثانية الاعتراف بمجازر الإبادة ...
- وحدة الأمة السريانية الآشورية والمصير المشترك
- الاعتراف بمذابح الشعب الآشوري مطلب وحق إنساني
- تركيا وآمال تحقيق الحلم القديم الجديد في أوربا
- واحد نيسان (آكيتو )عيد رأس السنة في حضارة بلاد ما بين النهري ...
- نيسان النور والدم
- ما هي الحكمة في الذكرى الخامسة لأحتلال العراق
- من قتل الشهيد مار بولص فرج رحو
- دور المرأة في الثامن من آذار عيد المرأة العالمي
- هل العراق وطن لكافة أبناءة ؟
- الدولة الديمقراطية العلمانية
- أساليب إبادة الشعب الآشوري
- إستمرار إبادة المسيحيين في العراق
- قتل المسيحيين في العراق وعقيدة الإرهاب 2-2
- قتل المسيحيين في العراق وعقيدة الإرهاب 1 _ 2
- الديمقراطية والعنف في بلاد ما بين النهرين


المزيد.....




- بلومبرغ: دول مجموعة السبع تبحث تخصيص 50 مليار دولار لأوكراني ...
- كيف تساعد الصين إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية؟
- مطالبات في لبنان بحجب تطبيق تيك توك إثر استخدامه من عصابة مت ...
- بعد أن ألمح إلى استعداد فرنسا إرسال قوات إلى كييف.. روسيا تع ...
- وول ستريت جورنال: إسرائيل أمهلت حماس أسبوعاً للموافقة على ات ...
- ماكرون وشولتس -ينسقان مواقفهما- بشأن الصين قبل زيارة شي إلى ...
- بوريل: نهاية الحرب واستسلام أوكرانيا -خلال أسبوعين- حال وقف ...
- زاخاروفا تعلق على تصريح بوريل حول وقف إمدادات الأسلحة إلى كي ...
- مصرع 37 شخصا في أسوأ فيضانات يشهدها جنوب البرازيل منذ 80 عام ...
- قناة -12- العبرية نقلا عن مسؤولين إسرائيليين: وفقا للتقديرات ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جميل حنا - الذكرى العاشرة لحرب الناتو على يوغسلافيا