أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فهد راشد المطيري - الديمقراطية و استبداد الأغلبية














المزيد.....

الديمقراطية و استبداد الأغلبية


فهد راشد المطيري

الحوار المتمدن-العدد: 1904 - 2007 / 5 / 3 - 11:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثيرا ما نسمع جملة "هذه هي الديمقراطية"، و عادة ما تأتي هذه الجملة على شكل دعوة لاحترام رأي الأغلبية، أي بعد انتصار طرف على طرف آخر و حصوله على أكبر عدد من الأصوات من خلال عملية اقتراع، لكن هل فعلا "هذه هي الديمقراطية" ؟ يبدو أن الجميع متفق على أن حجم العدد هو الذي يحدد نوعية القرار، لذا فإن المقصود باحترام رأي الأغلبية هو في حقيقة الأمر مجرد دعوة لاحترام العلاقة بين "حجم العدد" و "نوعية القرار". إذا كان هذا صحيحا، فإني أطرح السؤال التالي: هل احترام رأي الأغلبية مطلق و غير مشروط، أم أنه احترام نسبي و مشروط؟ هذا المقال هو محاولة للإجابة عن هذا السؤال.

أؤلئك الذين لا يملون من ترديد عبارة "هذه هي الديمقراطية" يميلون إلى الاعتقاد بالرأي الأول، أي أن احترام رأي الأغلبية بالنسبة لهم مطلق و غير مشروط، و هذا الاعتقاد يقود إلى انتهاكين على الأقل لمفهوم الديمقراطية. الانتهاك الأول يتعلق بالتغاضي عن مدى مشروعية الطريقة التي تم من خلالها تشكيل رأي الأغلبية، فنحن نعلم أن رأي الأغلبية لا يعبر بالضرورة عن حاصل جمع إرادة كل فرد على حدة، فمن الأفراد من يغريهم بريق المال، و منهم من تخيفهم فتوى دينية، و منهم من تسعبدهم رابطة دم! و إذا نظرنا إلى الموضوع من زاوية أوسع، فإن تشكيل رأي الأغلبية غالبا ما يعبر عن رأي مؤسسات إعلامية ضخمة تنحصر وظيفتها في إبراز آراء معينة و إهمال بقية الآراء، و هذا ما يحدث للأسف الشديد في أغلب الدول التي لها تاريخ طويل من الممارسة الديمقراطية! أما في الدول القمعية، فإن تزوير إرادة الأغلبية تتم بطريقة مباشرة و سافرة!

الانتهاك الثاني يتعلق بنوعية رأي الأغلبية و أثر هذا الرأي على الحقوق الأولية للفرد. إذا نظرنا إلى احترام رأي الأغلبية على أنه احترام مطلق و غير مشروط، فهذا يعني أننا لا نكترث بالحقوق الأولية للفرد و بمدى تأثر هذه الحقوق سلبا برأي الأغلبية. ألست توافقني الرأي، عزيزي القاريء، في أن من يدعو إلى احترام غير مشروط لرأي الأغلبية سيكون منسجما مع نفسه لو دعا أيضا إلى احترام رأي أغلبية تريد سحق أقلية و حرمانها من أبسط حقوقها الإنسانية! نعم، إلى مثل هذا النوع من الحماقة تقودنا الدعوة العمياء إلى احترام مطلق و غير مشروط لرأي الأغلبية! الديمقراطية الحقيقية لا تحمينا فقط من ديكتاتورية الفرد، بل من دكتاتورية الجماعة أيضا، و دكتاتورية الجماعة لها أشكال مختلفة، فمرة تأتي في صورة العادات و التقاليد الإجتماعية، و مرة في صورة الإعتقاد الديني السائد، و مرة في صورة الانتماء إلى وطن أو إلى تاريخ مشترك!

ديكتاتورية الأغلبية نجدها حاضرة بقوة في مجتمع نمطي تسوده نظرة أحادية، نظرة غير متسامحة مع أية نظرة مغايرة، و عندما يتم تعميم هذه النظرة الأحادية على التعليم، فإن النتيجة الطبيعية ستكون كارثة بكل المقاييس! في أيدينا أن نخلق جيلا كاملا بواسطة القالب نفسه، جيل لم يستمع إلا لوجهة النظر الرسمية، جيل أسير لسلسلة طويلة من سلطة الموروث الاجتماعي و الديني و السياسي. لكن في أيدينا أيضا أن نعمل على خلق جيل يؤمن بالتعدد و الانسجام في الوقت نفسه، تماما كألوان قوس قزح، جيل بإمكانه الاطلاع على كافة الآراء المتضاربة و القدرة على تقييم هذه الآراء استنادا إلى الطريقة العلمية في التفكير، جيل منفتح يثمن مبدأ الاختلاف و التعايش معه أيضا!

أخيرا، إن الاختبار الحقيقي لأية ديمقراطية لا يكمن في الاحترام الأعمى لرأي الأغلبية، بل في التسامح النبيل مع رأي الأقلية و حقها في الوجود!



#فهد_راشد_المطيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار في الدين و السياسة و التعليم
- الرقابة في عصر -الأنوار- الإسباني
- نقد العقل الجبان
- التفكير النقدي: طريق الخلاص
- الأفكار الجديدة و التقاليد الموروثة
- المثقف بين الطموح و تسويق الذات
- ماذا أقول له؟
- شعوب تحدق في السماء
- لا حاجة إلى حوار بين الأديان
- أسطورة بابا نويل
- زمن ولىّ و أثر باقٍ
- قراءة في محاضرة بابا الفاتيكان


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فهد راشد المطيري - الديمقراطية و استبداد الأغلبية