أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - وديع شامخ - قراءة في رواية















المزيد.....

قراءة في رواية


وديع شامخ

الحوار المتمدن-العدد: 1876 - 2007 / 4 / 5 - 09:16
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


رواية (ما بعد الحب) هدية حسين تدوّن سيرة ذاتية للحزن العراقي المديد
(ان عملية التأليف أو الصياغة لا تكتمل في النص وحده، بل لدى القارئ وبهذا الشرط تجعل من إعادة صياغة الحياة في السرد أمرا ممكنا)
بول ريكور
،،،،،،،،،،،،
عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر صدرت رواية(ما بعد الحب) 2003 للمبدعة العراقية هدية حسين.وهي الرواية الثانية لها بعد ان كانت رواية( بنت الخان) 2001خطوتها الأولى في حقل الرواية، أعقبتها رواية(في الطريق إليهم)2004.ونعتقد ان هدية حسين لم تلج الحقل الروائي جزافا نتيجة لتصّدر الرواية المشهد الإبداعي عالميا وعربيا.فهي قاصة محترفة أثارت الانتباه الى منجزها عبر عدة مجاميع قصصية ( اعتذر بالنيابة عنك،1993،قاب قوسين مني 1998،وتلك قضية اخرى1999،والتي حصلت على الجائزة الأولى لأدب المرأة العربية عن منتدى فتيات الشارقة.وكانت مجموعة كل شيء على ما يرام 2002بيروت،آخر مجاميعها القصصية). وما كان هدفي من هذا الثبت الببلوغرافي إلا للتأكيد على دخول هدية حسين الموفق الى الحقل الروائي،وهذا لا يعني أنني أؤمن بأدوار استحالة صارمة للوصول الى كتابة الرواية ،سيما وان المشهد الإبداعي العراقي قد شهد نزوعا واضحا للرواية مما أدى الى حدوث وفرة كمية مع شحة نوعية على مستوى المنجز العام والخاص.
ما بعد الحب والسطو على الحياة
هل الحب هو الحياة في زمان ومكان متعينين، بجبروت الضرورة وندرة الصدفة وغياب الاختيار؟ وماذا… ما بعد الحب!!
منذ الوهلة الأولى وضعتنا الرواية في سر غياب ثنائيات الحياة وشرط تحققها منذ الأزل،(النور والظلمة، الخير والشر…)، لكنها وضعت الحب معادلا للحياة برمتها.بهذه المفتاح سندخل الى عالم هدية حسين لمعاينة سريرية للرحم العراقي الولود وتكرارية الوأد الموضوعي له، بعد انهيار العلاقة مع الوطن كوحدة كبرى مع الآخر، مع البيئة ، مع ما وراء الطبيعة.إذ أصبحت الكينونة الإنسانية مجرد سِفر من الأسئلة والأقنعة إزاء محنة الحياة التي باتت عاجزة عن احتواء (الحلم الإنساني).الحياة الطاردة، المثقلة بمركز مغناطيس عظيم.
يمتد زمن الرواية الرواية من عام(1963-2003)وهو واقعيا تاريخ بدء العهد البعثي في العراق وانهياره،رغم ان الرواية لم تشهد أحداث الانهيار لكنها قدمت المسوغات الواقعية لحتمية انهياره.
الظالم والمظلوم/ المبنى الفكري للرواية
(في عام 1963ولدت جوري،زوجة مظلوم الساعدي توأما –نادر ونادية- في إحدى الليالي الحالكة الظلمة في قرية عراقية جنوبية من قرى-أبو الخصيب- في البصرة. بعد معاناة زوجها من الوصول الى الداية لميعة)
( أنا مظلوم الساعدي … زوجتي في حالة مخاض)، ( انك لظالم أيها الرجل … كيف تأتي في ساعة كهذه. ص33). ان الرواية تريد ان يكون الجنوب مهادا وزمنا لتغيير العلاقة بين الحياة والموت، وهو افتراض سردي يصح على المسار الفكري الذي اجترحته الرواية للحياة التي غادرها الحب في ابسط مفاصلها الإنسانية( فتحت جوري عينيها ببطء وتطلعت الى مظلوم الساعدي الذي ما يزال محتضنا الطفل بانبهار، أما كومة اللحم الثانية فقد كانت ساكنة في خرقتها كأنها ما جاءت الى الحياة … إنها شيء فائض عن الحاجة. ص35)وبعد ان تمت تسمية الذكر نادر من قبل الأب،والبنت نادية من قبل الداية-القابلة-فقد فتحت الرواية شرخا آخر في جسد الحياة وهو الانتماء المسبق للذكورة والظلم الذي يرافق الأنثى منذ لحظة ولادتها.ولكن الرواية استبعدت نادر وواصلت رحلتها مع نادية الى بغداد، مخيبة ظن الأب(كان أبى في ذلك الزمن البعيد وهو يخوض الأوحال ممسكا بيد الداية لميعه يظن ان الموت مرادف لكل ولادة بنت … لكن الأيام خيبت ظن أبى الذي مات بعد اقل من عام على ولادتنا … عشت أنا البنت ومات الولد.ص35). نلاحظ هنا نمو دلالة ما بعد الحب في مكان وزمان الرواية في تطور علاقة هدى المقذوفة الى هذا العالم بهجراتها المتتالية بحثا عن المنقذ بكل توصيفاته الزمانية والمكانية ،المادية والروحية،منذ رحليها من البصرة الى بغداد والى عمان لاحقا وصولا الى بناء الحلم من جديد في المنفى(انه اليوم الذي سأغادر به عمان الى أمريكا … ها أنا اختزل العمر على شكل صرة أدسها بين الثياب … واصف فوقها عددا من الكتب التي سأحتاجها هناك… احتاج الحروف العربية ريثما يمكنني إتقان لغة الوطن الجديد. ص177).
متوالية الهروب الى الحياة
لقد شكلت ثيمة الهروب والهجرة المهيمنة النصية في المسار السردي العام للرواية. فمن خلال مصير نادية وبقية شخوص الحكاية نلاحظ وطأة الإحساس بغياب الانتماء لهذه الحياة الأحادية.ان هديه حسين استطاعت ان تمسك وبنجاح بمصائر ضحايا الأمل المفقود وهم يؤدون أدوار إستحالتهم الواقعية سرديا وبشكل متوازن ومبرر رغم قصر مساحة هذا الدور او طوله. لقد أدارت الروائية لعبة مصائر شخوص الرواية بعناية واضحة. كما أشارت الى علاقة المكان بالشخوص والتأثير المتبادل بينهما لخلق معادلات جديدة في الرؤية الكلية للبحث عن الطرف الغائب.أي ان المكان ساهم في تطور ونضج الوعي للشخوص حتى عند مرورهم الاضطراري والمؤقت به.وجاءت الحوارات ومختلف الأساليب السردية التي استخدمتها الروائية في لغة شعرية رائعة إلا من بعض الاستثناءات التي انجرت فيها هدية حسين الى مسبقات نظرية، كما ان بعض الحوارات فقدت توازنها لان الرواية قدمت أطراف الحوار على مستوى فكري واحد رغم التباين الواقعي لهما(ص61 مثلا).
ستكون شخصية ناديه وفق افتراضنا في القراءة نموذجا لدراسة ( ما بعد الحب) .نادية التي غادرت البصرة الى بغداد للعمل (في معمل الأمل لصناعة الألبسة الداخلية الرجالية)مع مجموعة من النسوة ،جمعهن مصير واحد رغم اختلاف أعمارهن ومرجعياتهن وسلوكهن،تحت رحمة صاحب المعمل –فاتح- (البدين الذي لم تشتهيه أية امرأة مخافة الموت تحت وزنه الكبير)مع وكيلة أعماله –شفيقة-المرأة العانس الفضة الطباع والقاسية على جميع العاملات. ان الرواية تؤكد مفارقة اخرى في حياة نادية الباحثة عن الأمل،لتقع في فخ مصنع الأمل والفاتحين في بغداد أيام تسعينيات الحصار( لا أمل في مصنع الأمل … مجموعة نساء يبحثن عن لقمة عيش مغمسة بالذل بعد ضياع الفرص وطول الحصار وخراب البلد.ص12).(يا الله متى تفرجها علي وأتزوج من عربي مهما كان شكله مادام يخلصني من عذابات الحياة الشاقة ومن هذا البلد اللعين ،بلد الحروب التي لا تنتهي.ص13). وبعد احتراق مصنع الأمل تترك بغداد وتغادر الى عمان بجواز سفر مزور( أنا سامية اسمي المزور في الجواز خوفا من أجهزة التنصت.ص46). إذ تبدأ رحلة اخرى للبحث عن الحياة وبمختلف الوسائل (العمل ، التقديم لطلب اللجوء الى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين…..). وفي لعبة سردية للدخول في تفاصيل الحياة الدقيقة، تمكنت هدييي حسين من الإمساك بالمفاصل الدقيقة ووصفها بإجادة، ومتابعة نمو الشخوص او موتهم الواقعي والمتخيل.
الحياة في مخطوطة / المعالجة السردية
لقد اعتمدت الرواية على استخدام المخطوطة وعلى نمطين:
-المخطوطة المتخيلة، وهي المذكرات التي تركتها نادية التي ماتت في حادثة سير في عمان.
- المخطوطة الحقيقية، وهي عبارة عن مذكرات واقعية كما جاء في هامش ص148من الرواية(يوميات جندي عراقي عائد من الهزيمة بعد تحرير الكويت،للشاعر علي عبد الأمير.) وهناك إشارات الى قصيدة للشاعرة دنيا ميخائيل وغيرها من الإشارات الواقعية التي استثمرتها الرواية .
- وبهذا المزج بين الواقعي والمتخيل استطاعت الرواية من توظيفهما بشكل متوازن ودون الإسراف المجاني لكليهما.إضافة الى استثمار التداعي وأحلام اليقظة وكوابيس الليل والتفاصيل اليومية لإضاءة الجوانب الخفية في حياة شخوص الرواية والزمان والمكان، والتي شكلت الكوميديا السواء لمسيرة التيه العراقي الذي رصدته الرواية .
الغلاف ثريا النص
إذا كان العنوان ثريا النص كما يشير رولان بارت،فأن غلاف رواية –ما بعد الحب- يشكل ثريا ثانية لإضاءة الطريق الى مفاتيح القراءة،ولا احسب ان الغلاف كان عملا خارج قصدية المؤلفة ومجيرا بالكامل لصالح المصمم. إذ تناغم الغلاف مع العنوان للإشارة الى جذع شجرة ضخمة يحتضنها كائن غائب الملامح إلا من يدين تمسكان اللحاء المتشقق بالآلاف الذكريات،لأناس عشاق او حطابين مروا على هذه الشجرة لتدوين زمن مرورهم العابر.
كما نؤكد أخيرا على ذكاء الروائية في استخدام أسماء الشخوص والتي كانت أيقونات تضيء المعنى المجازي لحياتهم داخل المتن في أداء معاكس، للدلالة على ازدواجية الكائن في الحياة والاغتراب الذي يعانيه لحمل موروث كبير بدءا من اسمه الى الحاضنة الاجتماعية ومسؤولية هذا الإرث في تحديد مستقبله. لو استعرضنا بعض الأسماء سنرى( شفيقة) هي المرأة المتسلطة القاسية،و(هدى) المتعثرة والضالة في الوصول الى هدفها، وكذلك( موسى كاظم) و(سميحة وسامح) . ان هدية حسين قد خلقت اختلالا علاماتيا ودلاليا بين الشخوص والأسماء وأداءهم داخل الحكاية.
أنها رحلة لتحقيق الذات الفاعلة والمغيبة أمام خواء الحياة –المغناطيس العظيم-.
( وداعا يا ضحى بغداد ،
إني ادخل المنفى)



#وديع_شامخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخفافيش تزقزق في المرايا
- المعرفة والادب
- اديب كمال الدين يبحر بحروفه بحثا عن الحرية والحياة
- ما تيسر لمن ؟
- في الطريق اليّ
- الفن التشكيلي العراقي ابداعا ونقدا
- دور المثقف العراقي في المرحلة الراهنة
- الطريق الى الوليمة العارية
- أسرار الحكاية الجديدة
- الوجود في ظلمة النفق
- أيام على اسفلت البلاد


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - وديع شامخ - قراءة في رواية