أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع شامخ - ما تيسر لمن ؟















المزيد.....

ما تيسر لمن ؟


وديع شامخ

الحوار المتمدن-العدد: 1866 - 2007 / 3 / 26 - 11:48
المحور: الادب والفن
    


الشعر.. يعانق الحكاية المتشظية في نص مفتوح …
قراءة في مجموعة "ما تيسر له" لعلي السوداني وحسن دعبل

في تجربة إبداعية مشتركة تناوب على فضّ بكارتها القاصان، السعودي حسن دعبل والعراقي علي السوداني، كانت طريدتهما المجنّسة أدبيا هي القصة القصيرة كفضاء يؤطره متن واحد صادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2000 ،ولكن الملفت للنظر أن كلا المبدعين قد دخلا الى واحة القصة القصيرة بعدّة لغوية وفكرية وأسلوبية مغايرة ومتفردة، رغم التشابه الظاهري الموسوم –بالصعلكة النصية والحياتية- كما أراها عند علي السوداني من خلال سيرته الذاتية التي تصدرت المجموعة وكانت منفلتة من رصانة السيرة ومنهجيتها ونفاقها – في معظم السير التي تتصدر المجاميع الفردية والمشتركة- وكذلك اراها في المقترح الجديد للفهرست كما جاء بمسمى " خارطة حركة نصوص علي السوداني "، اما حسن دعبل فقد تطابق مع زميله السوداني في اختراق السائد في رسم سيرته الذاتية وفهرست اعماله،.ان هذا التشابه الظاهري رغم اهميته الشكلية- من وجهة نظري- لجمع دعبل والسوداني الا اننا حين ندخل الى غابة نصوصهما سوف نلاحظ تساقط اقنعة التشابه لنصل الى جملة من السمات المتفردة لكل التجربتين، وسوف يصح بهما القول …" المختلفان وقعا والمتفقان صقعا".


القصة القصيرة بين الشعر والرؤيا


يذهب الكاتب الارجنتيني بورخيس الى ان القصة القصيرة هي الجنس السردي الامثل الذي تتحقق فيه الرؤيا، لان القصة القصيرة هي ومضة مادتها الحكاية المكثفة والمكتنزة، والذي كان علي السوداني ماهرا في كل حركة نصوصه بدأ من العنوانين الى المتون. فعبر نصوصه السبع نلحظ تشظي حكاية السوداني في محاولة للامساك بلحظة الرؤيا عبر قاموس مترع بمفردات التمرد والشتائم الساخرة والتوصيفات الخارجة عن المعقول والسائد المهادن. ذاكرة خمرية تترنح لاصطياد اللحظة الهاربة من افق الحكاية الغائصة في وحول المجهول.. هوامش من الحكي يحاول الامساك بها لترميم رؤية. " نص الليلة لا اذهب الى الحانة ص69" ولان السوداني " ابن شوارع حقيقي- ليس بالمعنى السوقي لهذا التوصيف، بل لان الشوارع والحانات والمقاهي والفنادق كانت الام الرؤوم والمرجع لولادة معظم نصون السوداني-" فهو يلتقط مفردات الحياة اليومية المألوفة ليعيد معاينتها ومعالجتها سرديا وجلو تراب المتفق عليه وفق زاوية نظر تتوافر على سنارة ذكية" في البدء اود الاشارة الى ان مدينتا لم تكن لتشبه بحال تلك التي امنحها عيني الآن... الخ ص 77" وفي سياق التشظي يذهب السوداني الى استضافة نص من مجموعته " المدفن المائي" الى هذه النصوص وهو نص" غيلان وسعالي" الذي يعتقد انه " استضيف هنا هذه المجموعة التي سبق لي نشرها في الطبعة الثانية من مجموعتي الاولى " المدفن المائي" لانسجامها مع طقس واسلوب مجموعتي هذه. هامش ص 93 " وهو مطب استثمر ولاول مرة المناخ الاسطوري بشكل يخدم مساره القصصي. اللغة عند السوداني لغة متمردة واستعارية ومنفلتة " سيهبط شهر رمضان وتتفتق معه مدفونات الباطن ص95" وخبرة علي السوداني في القص اهلته لتعاطي وانتاج الحكاية باسلوب شفاف يخلط الخيال بالوقائع متخذا من سيرة بعض اسماء من عاصرهم مجالا لممارسة لعبة الانزياح بين الشخصية الحقيقية وصفتها المكتسبة في النص لتتصير حكاية منفلتة من عقال شروط القص التقليدية " عباس اتاوه ، عبد الامير الزمال،سليمة أم مخطانة ، هادي ابو السيته فيته، عدنان هلو عيني .. الخ ص 81 ، وكذلك الحال في استخدامه اسلوب التهكم الباطن كما في تحويل سيرة الشاعر جان دمو الذي لم يطبع من شعره سوى مجموعة بائسة " اسمال" ليحوله في لعبة سردية الى " جان شاعر عملاق . طبعت آثاره كاملة وترجمت الى كل لغات البشر. ثمة شارع في استراليا حمل اسمه ص101 " ورغم ان السوداني لا يكف من الاتكاء على جمل بلاغية " على خبب اصوغ الحكاية ص 103 ، الفم المتخوم بأرتعاشات الكمال الانساني المذهل ... ص77" لكن هذه البلاغة لا تصمد كثيرا في لغته ليتم بعدها تحويل الجمل الى خراطيم من ماء او من نار شتائمه ليصبها على من يعترض طريقه " خدعني صاحب النزل بهذا التلفزيون، انه مثل عجوز اصابها الهزال والقبح فصارت لا تستحي من اعلان ضرطاتها المهينة في ميدان المدينة الكبير.. ص77" في كل مفردات القصة يحاول السوداني للوصول الى رؤيته الحاصة، انه يبذر ويحصد في حقل الحكاية ولكنه يقود حشود الحكاية الى هوامشه و متنه" كانت دنيا زاد هي ملكة الغواية ، هي المتن والهامش الذي كبّل شهوة شهريار، واجل اقامة المذبح لالف ليلة وليال، لكن الناسخ الملطخ بمداد الخيانة، قد غار منها واستوثق شهرزاد على مدونته فحدث ما كان، من ذلك الزمان الى هذا الزمان ص 105 " ولعل مقطع مثلث الصورة من قصة " من اخترع كعب الحذاء العالي " يمثل قمة التوهج للوصول الى لملمة النص القصصي المتعدد النهايات" . السوداني يمتلك نكهته الخاصة في تذويب مرجعيات حكايته، اذ ان قصة " ساعة تلثغ بالسين" لا يمكن الا ان تحيلني – على الاقل- الى لوحة سلفادور دالي " الزمن المائع او السائل" الى ان القاص لم يمتثل تماما لفخ دالي على مستوى المقابلة الدلالية او التناص " انسللت من تلك الواقعة كما شعرة ظفيرة من عجين ، وكسرت ساعتي ،الوقت لدي ليل ونهار، شمس وقمر، برد وحر... ص 109" ليعيد لزمنه المقصود دلالة اخرى " المعصم الذي اغواني يتبختر بساعة لماعة خرجت توا من غمدها…" ليحيل الزمن جريمة " اقتله ان لم يخبرك كم الوقت ص 110 " وهو خلاص " قل لي كم الوقت وادخل الفردوس ص 111 " لقد حوّل الوقت الى شاهد وضحية وجلاد لينحاز الى اقصى تخوم الوقت بوصفه " المشهد يتلاشى ، والحشر- وليس الحشد- يوزع نفسه على طفلة ، حلوة ظلت تلثغ بالسين" وبعد ان يؤكد اخلاصه للوقت كطفلة دائمة تلثغ بالسين، يقترح علينا السوداني قبرا متصلا للاسترخاء من الحياة بوصفها كذبة مستشهدا بهرمان هيسه، سوف اضطجع على اريكة وادخن ،واكون كسولاحسب... ص115 " ناسيا او متناسيا صديقنا ريلكه " الذي يصف الحياة بكونها خبرة اولى للموت" ورغم كل تراجيديا الشعر الذي استعان به السوداني من الشاعر عبد الخالق كيطان. الا ان علي السوداني ابن الحياة يعود بنا الى تفاصيل الحياة " لقد طششت على اللحم قليلا من الفلفل الحار ، سيعينك على التهام طعامك بشهية ص 117 ، " اسياخ الكباب تتبقع بألوان منغلّة، وطقطقة كسر الجمر الذاوية تتوامض بكسل باذخ كما عيون جنود جبناء، انا كنت كذلك اعشق الخدمة في المواقع الخلفية. ص119 " اذن الحكاية عند السوداني تمتثل الى شروط القص لكنها تتمرد في لغتها واسلوبها وقدرتها على الاستفادة من كل ممكن اسلوبي للوصول الى سبك رؤية، هاجس. السوداني اخلص للقصة ونأى بها عن التورط في الشعر رغم شعرية الجملة عنده هنا او هناك لكنه متى ما احتاج الى الشعر فانه يذهب لتضمين قصائد الشعراء لتفي غرضه السردي. أي انه لا ينساق الى الشعر كاملا ليفسد ثيمته الحكائية. هذا ما توصلنا اليه عبر بوصلتنا لخارطة حركة نصوص السوداني.

حسن دعبل / الشعر والنص المفتوح
اذا كان السوداني قد اجتاز امتحان الدخول الى فردوس القصة وفق ما استعرضناه، فان حسن دعبل سيواجه بسؤال الشعر ، والى أي مدى استطاع دعبل ان ينتمي للقصة القصيرة بوصفها جنسا مستقلا وان تداخلت الاجناس وهدر دمها ؟
اذا نظرنا الى نصوص دعبل نجد انها تنتمي الى الشعر (قصيدة النثر، النص المفتوح) " اعمى اذ ابصر الفراشة ص11" ومن الذاكرة الشعرية في الزمانية الكبرى – الماضي، الحاضر، المستقبل" كما يقول بول ريكور. يؤثث دعبل عالمه الابداعي مجترا تاريخ الفجيعة التي اراد لها ان تنبثق كعنقاء في اسلوب شعري حديث، لكن مجساته الطفولية الشعرية الموغلة بالصراخ قد اهتدت الى الشعر في لغة تراوحت بين الشاعرية في اقصاها الى التشظي السردي " كم ادركت باكرا ان النجوم لا تهدي الى الطريق... لا تعبر الليل ولا تمد يدك للشمس... ايامي التي نسيتها في دروبي الموحلة. وكم نجمة اشعلتها خطواتي العرجاء. ص 11 –14 " " في خيمة الضيوف جلست قرب دلال القهوة أقلّب الجمر ، تاركا للنار اضرام غضبها سلوة لغربتي. ص18".
ان مهمينات نص دعبل هي اسئلة وجودية وهذه صفة شعرية استطاع الشاعر التعامل معها وفق مرجعيته التي تشير الى طغيان الغياب على الكينونة الانسانية في حيز لا نظنه عصيا عن عن فهمنا لمنطقة اشتغال دعبل –هواجس شيعي – يعيش في اطارين للسلطة المهيمنة- الواقع والذاكرة-. وهكذا سنجد نصوص دعبل الست تنضح بالشعر طالما احسن الشاعر وضعها في الاناء الملائم. فحرائق دعبل واوجاعه لا يحتملها غير النص الشعري الذي يرواده غير مرة. تارة يصيب واخرى تصد سهمامه زوابع القصة الشعر عند دعبل يصيب الرؤيا شعريا .لدى دعبل كنانة مليئة بالشعر لكنه يستهلكها بصيد طرائد القص . ورغم ان دعبل حاول ان يكون قاصا ونجح في استثمار ممكنات النص الاسطوري في " السابح بين متاهة الغرق" ونص" ايام موغلة في البعد" ولكنه اخفق في بناء نص قصصي رصين لان النصوص التي استنجد بها كانت شعرية تماما. الا ان دعبل كان موفقا في القص وتحديدا في نصين هما " العابرون ، ووصية لم تتكمل" ومن مفارق الصدف السيميائية ان دعبل اكتفى بنصه السادس " وصية لم تكتمل" بتقديم وصية تقول:- لا تخف يا بني، انت في بيت مبارك بأهل النبوة- ص61 " وكأنها صرخة في اذن صديقه السوداني الذي وضع نهاية لليوم السابع من الحياة في قصته" قبر متصل" وهي اخر قصص المجموعة المشتركة ص 120"
ان هذه التجربة المشتركة حملت الكثير من سمات النضج الفني والاسلوبي لكلا المبدعين، واشرت الى تميزهما معا. ولكن ماذا تيسر لهما في " ما تيسر له"؟؟
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،



#وديع_شامخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الطريق اليّ
- الفن التشكيلي العراقي ابداعا ونقدا
- دور المثقف العراقي في المرحلة الراهنة
- الطريق الى الوليمة العارية
- أسرار الحكاية الجديدة
- الوجود في ظلمة النفق
- أيام على اسفلت البلاد


المزيد.....




- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم -
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم .
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع شامخ - ما تيسر لمن ؟