أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناظم الديراوي - ابداعات الدُرّه تجريب تجريدي














المزيد.....

ابداعات الدُرّه تجريب تجريدي


ناظم الديراوي
(Nazim Al-Deirawy)


الحوار المتمدن-العدد: 1858 - 2007 / 3 / 18 - 04:55
المحور: الادب والفن
    


تبقى التجريدية العربية،في رأي الناقد الفني البهنسي،أكثر تعبيراً عن فلسفة الفن العربي الإسلامي،لأنها تقوم على مبرر ثقافي عريق.استلهمت منه،في مسيرتها الفنية،عدداً كبيراً من العلامات الثقافية في التراث العربي الإسلامي وخصوصاً ما يرجع إلى الثقافة الشعبية.بل استوحت رموزاً ثقافية من مختلف الثقافات ما قبل الإسلامية ومنها السومرية والبابلية واليمنية والفرعونية والبربرية وغيرها..
في لوحاته الفنية يكرس الرسام العربي مُهنا الدُرّه،تداخلاً غريباً بين التعبير الفطري والمدلول الفلسفي الغارق في الرمزية،مازجاً في توليفة لونية السريالية بالتجريد،باحثاً عن حيواة تحكمها جغرافية الذات وروح المكان العادي المتساوق مع الطبيعة البكر.فتراه يرسم و يلون دون قيود مستوحياً اللون من روابي وأغوار الأردن وفسيفساء أزهاره اللامحدودة،ممزوجة بأكوان رمادية عريقة تحاكي هيام بتراء وعراقة جرش وتبحر في تطوان المتلألئة وترسي في فضاء روما الليلكي وإنس روسيا المضطربة المشاعر.
تتميز نتاجات الرسام الدُرّه بتلك اللمسات اللونية الكثيفة وتكديس العناصر المعبرة عن دراما تنفرد بطابعها الرقيق وبأحاسيس متدفقة حيوية تعكس،وهنا المفارقة العجيبة؛الوحدة والانزواء والقلق والشعور بالحساسية وبالخيبة أحياناً ووضوح وإدراك مغزى ورسالة عمله الفني.و يبدو أن تعرجات اللون وظلاله منفذنا الوحيد إلى فكفكة رموز الرؤية الفنية،للرسام الدُرّه،الغارقة في تجريب لا منتهي،من أشكال غير مألوفة منطوية على أسطورية سريالية مغلفة بألوان صاخبة منسابة راكزة تفصح عن تعرجات ومنحدرات ترمي بإيماءات طقوسية لا تخلو من مناخ سحري ترفل فيه هياكل هلامية تكاد تستحيل لولا التطابق بين الألوان والعلاقات القائمة بين الأشياء المكونة للمشهد الفني التجريدي.
ورغم الغموض الواضح!في أعمال الرسام الدُرّه،تبقى لوحاته بقاع لونية زاهية تتخللها دروب متموجة،تؤطرها فضاءات عارية تبوح اضطراب نفس معتكفة زاهدة،متوسدة رياض من قرنفل ونسرين،متدثرة بوشاح مغري بهي..
في خريف حياته اعترف الفنان إدوارد مونش بأنه لولا قلق الحياة والمرض لأصبح سفينة بلا شراع.وعلل جوهر هذا القلق في مقولته"إن جذور فني تكمن في فكرة كيف أستطيع توضيح سوء التفاهم بين ذاتي و الحياة.إن فني هو اعتراف ذاتي".هذه الرؤية يمكن تلمسها في لوحات الرسام الدُرّه فهي تجسد موقفه تجاه العالم،في الصراع بين التفاؤل والخيبة في حياته.فتراه يستر كل هذا بالغموض الشفاف في لوحاته التي يستخدم فيها اللون دون حدود كاشفاً عن سر التنوع والتداخل المتجانس في لوحاته التجريدية التي يرفض فيها فرض التفاصيل لأن"في ذلك طغيان على المشاهد"الذي لابد أن يكتشف تكوينات تشكيلية لا يراها سواه..لاشك أن الدُرّه يصوغ في أعماله تشكيلات مبتكرة بأدوات ووسائل شعبية صانتها المخيلة العربية طوال العصور.
يقول الدُرّه؛في لوحاتي لا توجد أشياء وتفصيلات ليس لها معنى..وأنا لا أخلط بين الرسم و الأدب،لذا أنا أرى من الخطل أن يرى اللون بمنظار أدبي.وأن يحاول البعض معرفة "قصد"اللون،فالألوان عندي ليست ألوان الزي الأصيل..نعم للوحة تأثير مرئي يريحك أو لا يريحك..وأنا لا أعتقد بوجود لون نشاز،لا توجد ألوان بشعة.المهم،في رأي الدُرّه،أن يوفق الفنان في وضع ظلالها مع بعض..كانوا يقولون أن الأخضر والأزرق لا يجتمعان مع بعض.!أليست الأرض خضراء والسماء زرقاء؟ ألوان اللوحة لابد أن تكون متناسقة،لأن اللون يعبر عن مزاج معين…اللون هو كل شيء..
تشير مسيرة التطور الفني للرسام المبدع مُهنا الدُرّة إلى غنى قابليته الإنتاجية الفذة،وقدرته الكبيرة على التشكيل وتحويل صور الواقع إلى تكوينات تجريدية ذات جمالية عالية.في لقاءاتنا يرفض الفنان الدُرّه الحديث عن مغزى ومضامين إبداعاته فتراه يقول:لو كنت قادراً أن أعبر لك ببلاغة عن هذه اللوحة أو تلك لما كان هناك حاجة إلى رسمها..أنت كالذي يطلب مني أن أصف له نغمات القيثارة!لو جلست"مائة سنة"وأنا أقول لك صوتها هكذا وهكذا..لا أصل معك إلى جوابٍ شافٍ.ولكن في ثانية واحدة أسمعك نغماتها،حينها تسمع وتتحسس وتتذوق وتدرك صوت القيثارة.فالنغمات تسمع ولا تقرأ ولا ترسم..والرسم يرى.فأنا ،يسترسل الدُرّه،مهما بلغت من طلاقة اللسان والقدرة في معرفة تنميق الكلام وجلت أصف لك الحركة في هذه اللوحة أو تلك،لا يغنيك هذا الوصف عن رؤية اللوحة ولو للحظة واحدة. وعند الدُرّة لا يكفي أن ينفعل الإنسان حتى يقوم بعمل فني.
ويبدو أن معرفة ألغاز اللون ورموزه غير كافية لسبر أغوار عالم الفنان المبدع الدُرّه،بعد أن مازج دبلوماسية الفن التجريدي بفن الدبلوماسية التجريبي،وحسبي في الأولى يخفي ثورته في اللون وفي الثانية يلوذ بالعبارة المهذبة المتزنة،وفي كلا الحالتين خلق وصبر وإبداع…



#ناظم_الديراوي (هاشتاغ)       Nazim_Al-Deirawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلقة الثالثة - صورة الإسلام في الإستشراق المُبكر
- صورة الإسلام في الإستشراق المُبكر
- فذلكة في تاريخ الإستعراب الجامعي ببطرسبورغ/الحلقة الرابعة
- فذلكة في تاريخ الإستعراب الجامعي ببطرسبورغ/الحلقة الثالثة
- - فذلكة في تاريخ الإستعراب الجامعي ببطرسبورغ
- صلات حضارية؛الرحالة العرب وبلاد الروس-الحلقة الثانية
- صلات حضارية؛الرحالة العرب وبلاد الروس
- العصامية كلثوم عودة؛الغربة واليتم والعلم
- التصوف السياسي وغراء الاحتلال
- صلات حضارية؛رحلات روسية إلى الأراضي المقدسة
- العقيدة الآمريكية؛إرهاب واستبداد
- رايس بلاء العراقيين..!
- الاحتلال فرَّخ الإرهاب والانعزال


المزيد.....




- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...
- رواية -خاتم سليمى- لريما بالي.. فصول متقلبة عن الحب وحلب


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناظم الديراوي - ابداعات الدُرّه تجريب تجريدي