أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بشارة - العراق : نحو الردب؟















المزيد.....

العراق : نحو الردب؟


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 1765 - 2006 / 12 / 15 - 11:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الهروب أو الموت، هذه هي المعادلة الفاعلة والطاغية في عراق اليوم والتي غدت الشاهد الملموس على واقع دامي مرير سماته النزوح الجماعي الكبير للمدنيين العراقيين الأبرياء من أماكن سكناهم تاركين بيوتهم وممتلكاتهم وذكرياتهم وجذورهم تحت تهديد الموت والقتل والإبادة، حيث تجاوز عدد المهجٌرين قسراً 1،6 مليون عراقي يتنقلون كالنازحين داخل حدود بلد مضرج بالدماء ومليء بجثث الأبرياء، و 1،8 مليون عراقي آخرين حالفهم القدر مؤقتاً لينفذوا بجلودهم إلى دول الجوار للبدء في رحلة العذاب المليئة بالخوف والعوز والحاجة والحرمان والذل والإهانة من جانب سلطات وسكان الدول المضيفة التي ينفقون فيها كل مدخراتهم المالية وينشطون اقتصادياتها. فقد تجاوز عدد العراقيين المنفيين طوعاً أو قسراً الـ 700000 عراقي في الأردن ونفس هذا العدد تقريباً في سورية وأكثر من 100000 في مصر وأكثر من 54000 في إيران إلى جانب آلاف المهجرين الموجودين أصلاً هناك منذ فترة النظام الصدامي المقبور، وأكثر من 20000 في لبنان حسب تقديرات المتحدث الرسمي باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة الذي أعرب عن قلقه الشديد من تصاعد وتيرة الهجرة والتهجير ألقسري للغالبية العظمى من الشعب العراقي هرباً من الموت المتربص بالجميع في كل زاوية وشارع في مناطق العراق كلها.
غادرت كوادر البلد الأساسية في عملية نزيف جماعي للأدمغة العراقية من مدرسين وأساتذة جامعيين وأطباء وعلماء وتقنيين ومهندسين وخبراء كمبيوتر ومعلوماتية واتصالات وإعلاميين وعسكريين وطيارين الخ... أي كل من يملك اختصاصاً لا غنى عنه في استقرار أي بلد أو إعادة إعماره فإلى أين يسير العراق؟ وماذا يخطط صقور البيت البيض الجمهوريين وحمائم الديمقراطيين وهم لا يختلفون عن بعضهم في شيء، للعراق وسط ضجة مفتعلة لتقرير بيكر ـ هاملتون وتوصياتها غير الملزمة للإدارة الأمريكية وتداعياتها الفعلية والعملية على العملية السياسة في العراق؟ لاسيما بعد اعتراف وزير الدفاع الأمريكي الجديد روبير غيتس أمام لجنة الشؤون العسكرية في الكونغرس الأمريكي رداً على سؤال حول إمكانية انتصار أمريكا في العراق حيث أجاب :" إن الولايات المتحدة الأمريكية ليست في طريقها إلى ربح الحرب في العراق" .
أي كان الأمر فقد فات الأوان وليس بوسع واشنطن ولجانها وخبراؤها تغيير الوضع الكارثي الناجم عن غزو العراق واحتلاله ولن تكون قادرة على إخراجه من الهوة العميقة والمظلمة التي أدخلوه فيها وبالتالي ليس لدى لجنة بيكر ـ هاملتون التي أثارت كل هذا اللغط، عصا سحرية لتوفير مخرج مشرف يحفظ ماء وجه البيت الأبيض إذ لو كان ذلك ممكناً لما تأخرت الإدارة الأمريكية في ولوجه منذ وقت طويل خاصة وأن أغلب القوى السياسية العراقية الموالية والمناوئة للوجود الأمريكي في العراق تعترض على كثير من النقاط والفقرات والتوصيات التي تضمنها التقرير المذكور .والملفت للنظر أن إدارة بوش تحرص على تفادي استغلال موضوع العراق مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية القادمة سنة 2008 واستخدامه كذريعة لتبادل الطعنات والاتهامات خاصة بعد الأخطاء المتراكمة والقاتلة التي ارتكبها مهندس الحرب على العراق وقائدها وزير الدفاع السابق دونا لد رامسفيلد واعترف بها في رسالته ـ وصيته الو داعية التي تركها للرئيس بوش . لقد نجح الجمهوريون لحد الآن في احتواء دعوات الديمقراطيين المعارضين للحرب في تشكيل لجان تحقيق جادة وفتح الملفات الشائكة للحرب.
لم يعد هناك أمام إدارة بوش مجال للخطأ أو التجريب في العراق وعليها أن تعلن في أواسط كانون الثاني يناير القادم 2007 عن الخطة الإستراتيجية الجديدة حيال العراق ومن أجل ذلك اجتمع الرئيس بوش بأركان حكومته وجنرالاته ونائبه ووزيري الدفاع المنتهية خدمته رامسفيلد والجديد غيتس لوضع الخطوط العامة والتفاصيل الإجرائية لتلك الإستراتيجية القادمة والتي يمكن تلخيصها بأن أمريكا محكوم عليها النجاح في العراق بأي ثمن كان وعدم الخروج منهزمة وتسليم العراق لقوى الإرهاب والمافيات والعصابات وقطاع الطرق كما يتوجب عليها فرض التجربة الديمقراطية بصيغتها الأمريكية والقيام بتأمين بغداد من خلال التكثيف العسكري للقوات المحتلة فيها وتمشيط المدن المتمردة والمناطق الساخنة التي تسيطر عليها العناصر المسلحة المتطرفة والميليشيات بكل ألوانها وانتماءاتها والبدء على الفور بتأمين وتقديم الخدمات وإصلاح للبنى التحتية وإعادة البناء والإعمار وتنشيط الدورة الاقتصادية وتوفير العمل للسكان في كل منطقة يتم تنظيفها وتحريرها من سيطرة المتمردين وتقوية الحكومة العراقية وتسريع تسليمها المسؤوليات الأمنية في المناطق والمدن المطهرة من الميليشيات والمتمردين التكفيريين والصداميين.
أما انعكاسات هذه التحركات على ضوء نظرية الفوضى الخلاقة الأمريكية على الداخل العراقي فقد بانت بوضوح عبر تكهنات وشائعات عن حدوث انقسامات وانشقاقات سياسية داخل الكتل والائتلافات السياسية المتواجدة في السلطة مثل التقارب الذي أشارت إليه وسائل الإعلام بين المجلس الأعلى للثورة الإسلامية بزعامة عبد العزيز الحكيم والجبهة الكردستانية بقيادة البرزاني والطلباني والحزب الإسلامي بزعامة طارق الهاشمي بغية تهميش الطرف الآخر المتمثل بحزب الدعوة بزعامة الجعفري ـ المالكي والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر وحزب الفضيلة بإشراف المرجع اليعقوبي من الجانب الشيعي، وتفتيت جبهة التوافق السنية وعزل الحزب الإسلامي عن مؤتمر أهل العراق بقيادة عدنان الدليمي ومجلس الحوار أي جماعة خلف العليان، وتسقيط هيئة علماء المسلمين بقيادة حارث الضاري واتهامها بالتعاون مع الإرهابيين وتهميش القائمة العراقية بزعامة أياد علاوي الذي يعتقد أن العراق يقترب من نقطة اللاعودة إن لم يكن قد وصل إليها بالفعل ، وإسكات صوت جبهة الحوار الوطني التي يقودها صالح المطلك وسط شعور عارم باليأس وتفاقم الأوضاع والغرق في حرب أهلية ـ طائفية وإن لم تعترف بها القوى السياسية، وهذا لا يخفف محنة العراقيين والزحف قدماً نحو خطوة تفكيك أوصال العراق.
فإما إحداث تغييرات جوهرية في البنية السياسية وتغيير الوجوه المحترقة في نظر الشارع العراقي لاسيما تلك المرتبطة بالفساد والسرقات والنهب والاختلاس وعدم الكفاءة أو التقوقع داخل المنطقة الخضراء وترك باقي مناطق العراق فريسة للذبح والقتل على يد العناصر التكفيرية والصدامية المجرمة والميليشيات المسلحة الشيعية التي لا تخضع لأية زعامة أو مرجعية وهو الأمر الذي سيقود ختماً إلى الانفجار العام الذي سيحرق الأخضر واليابس بما في ذلك المنطقة الخضراء ذاتها.
إلى ذلك ينبغي الإشارة إلى أن من تداعيات ضعف الردع الأمريكي هو بروز القوى الإقليمية المجاورة للعراق إلى صدارة المسرح السياسي ـ العسكري وشيوع فكرة التحاور المباشر مع طهران ودمشق من أجل إرساء الاستقرار في العراق وهذا يعني اعترافاً مباشراً بدورهما في انعدام الاستقرار والأمن في العراق وعجز أمريكا في وقف تدخلاتهما في هذا البلد كما عجزت في وقف دوامة العنف التي صارت تكبر وتتصاعد مثل كرة الثلج المتدحرجة .
وأخيراً كيف يمكننا أن نتخيل حلاً عملياً ممكناً للعراق والبلد يخوض في وحل الفساد بكل أشكاله؟، فالمواطن العراقي واقع بين خيارين كليهما سيء فإما الإهدار والتبذير والسرقة والتهريب للمال العام عبر صفقات وهمية أو فاسدة أو الامتناع عن الإنفاق والتوقيع على صفقات خوفاً من المحاسبة والاتهامات بالسرقات والاختلاسات ، أي شلل الإدارات المالية وغرقها في مستنقع البيروقراطية والضحية هو المواطن العراقي الذي يفتقد لأبسط الخدمات الأولوية التي يحتاجها الإنسان وهي جزء من حقوقه الطبيعية كالماء والكهرباء والوقود والعمل والسكن وقبل كل شيء الأمن والأمان فهل بوسع أحد توفير ذلك؟



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إدارة بوش بين مأزق الهزيمة ووهم الانتصار في العراق
- دين السياسة وسياسة الدين في العراق الحلقة الثالثة
- نظرية الفراغ الأمريكية في القيادة والزعامة الزائفة
- الحلقة الثانية- دين السياسة وسياسة الدين في العراق
- دين السياسة وسياسة الدين في العراق
- العراق: تحديات المرحلة المقبلةتوافق وتسويات أم تدمير ذاتس؟
- إيران بين الحل الدبلوماسي واحتمالات المواجهة العسكرية
- قوة الردع الأمريكية بين الترهيب والاستهانة
- العراق بين نار الدكتاتورية وجحيم الفوضى
- الزعامة الأمريكية للعالم نعمة أم نقمة؟
- سيناريوهات الحروب القادمة على ضوء الحرب على لبنان.. الصراعات ...
- هل هي حقاً مبادرة الفرصة الأخيرة؟
- دردمات سعد سلمان تشريح لمأساة وطن إسمه العراق
- العراق: هل وصلنا نقطة اللاعودة؟
- أمريكا وإيران : الشرارة التي قد لاتنطفيء
- العراق: هل سيكون كعب آشيل بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ...
- أمريكا والشرق الأوسط : نهب العراق وإيران والسعودية والخافي أ ...
- ما أشبه اليوم بالأمس هل دقت ساعة إيران بعد العراق؟
- العراق : بعد ثلاث سنوات من السقوط هل حان وقت تقديم الحسابات؟
- ماذا يخبيء لنا الغد في العراق؟


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بشارة - العراق : نحو الردب؟