أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - ناهده محمد علي - مشكلة العنف_نتائج هذه المشكله في العالم















المزيد.....


مشكلة العنف_نتائج هذه المشكله في العالم


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 1757 - 2006 / 12 / 7 - 11:00
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


إن النتائج المترتبه على انتشار ظاهرة العنف في العالم هي كثيره ويمتد ضررها إلى مصالح جميع الأعمار وخاصة الأطفال والشباب من الطلاب والى جميع الفئات الموسره منها والفقيره، وتكون هذه الأضرار عادة ماديه ومعنويه ومايعنينا هو الأضرار المعنويه والخراب النفسي والاجتماعي الذي ينتشر في جذور مجتمعات وفي نواتها والتي هي العائله فيمزقها العنف ويبث فيها الاستلاب الروحي والبدني، وتُنشر الاحصائيات والبحوث الكثيره حول مشاكل الطلاق وهروب الأبناء الذين تمتلأ صفحات الجرائد وقنوات التلفزيون بالنداءات لهم بالعوده.
إن الانفصال بين الوالدين قد يحصل على أساس العنف الممارس في العائله ويأخذ الأولاد النصيب الأكبر من نتائج هذه المشكله ويتوزعون مابين الأم والأب منهم أحياناً إلى جانب الأم وأحياناً أخرى يقفون إلى جانب الأب، ولايخفى إن زيادة نسبة التفكك العائلي هو نتيجه لعدة أسباب منها عدم الالتزام الأخلاقي والارتباط الروحي بالعائله ويلعب أيضاً ضغط الحياة اليوميه وزخم العمل دوراً في فك هذا الارتباط والذي يؤدي ايضاً إلى الابتعاد التدريجي عن حياة الاولاد وتركهم وحيدين في صخب الحياة المعاصره بدون مُرشد أو موجه وتصبح المدرسه أحياناً بديلاً لدور العائله في حالة وجود المدرسين المشرفين الواعين والمتحسسين لمشاكل الطلاب، ولكن المدرس في ظروف التعليم الحاليه في أوربا وأمريكا كثيراً مايكون مشغولاً بالناحيه العلميه للتدريس على حساب الناحيه التربويه، وتوضع هذه بالمرتبه الثانيه وهذا مايؤكده الوضع الحالي للطالب وارتباطه بالكومبيوتر والذي يشغل أحياناً مكان الكتب المقرره والمدرسين والوالدين أيضاً، ولايجد الطالب من يلتجأ إليه إذا أخطأ غير مجموعة الأصدقاء الذين لايمتلكون التجربه الحياتيه الكافيه.
إن استمرار العنف السائد في قارتي أوربا وأمريكا قد أدى إلى وجود ظواهر متعدده وسلبيه على مدى القرنين السابقين وبشكل متصاعد وسنقوم بشرحها ومصادرها.
أولاَـ ظاهرة انتشار العنف العائلي : نلاحظ إن الكثير من العوائل المعاصره تمارس العنف مع أعضائها وخاصة الأولاد وتؤدي هذه الممارسات إلى حدوث تخريب نفسي عميق في بنائهم الشخصي والروحي. والذين يتربون في عائله غير مؤهله وظيفياً يتميز تعاملها بالعنف وتكون مشاعرهم متسمه بسيل من العنف على شكل انفجارات واعتداءات بفعل الغضب، وقد يمتد هذا إلى الاعتداءات الجسديه والجنسيه على الأطفال من قبل الكبار. وتكون عادة ردود الأفعال لدى الأطفال متفاوته مابين البكاء والصراخ والارتعاش ويتزايد هذا بسبب تزايد وتكرار الضرب والاعتداء، ونضرب مثلاً على ذلك [بحاله معينه لطفل معتدى عليه من قبل أمه فقد ضُرب بشده بسبب ضحكه بصوت عالي وقد تصورت الأم بأنه سخر منها حين كان يضحك أثناء قراءته لقصه كوميديه ولم يستطع الطفل الدفاع عن نفسه ثم أوضح لنا بأنها لم تعط الفرصه له لايضاح الأمر ولن تهتم بشرحه]61
وتنشر الصحف والبحوث الخاصه بالجريمه الكثير من الحوادث المشابهه والتي توضح حالات اعتداء شديده من قبل العائله مسلط على الأولاد وأحياناً يحدث العكس، وتتراوح هذه الحالات مابين الضرب الشديد إلى القتل. ولوتساءلنا عن أهم دوافع العنف لعلمنا أنه بالإضافه إلى الدوافع الاقتصاديه والظروف الماديه التي تخلق التوتر المزمن لجميع أفراد العائله هناك دوافع أُخرى أهمها هبوط المستوى الثقافي وهبوط مستوى الارتباط العائلي وهو نابع من أحاسيس ذاتيه مُعاشه مع أحاسيس سابقه مرتبطه بحياة العائله السابقه والتجارب المعاشه، ويتحدد الارتباط العائلي أيضاً بمدى عمق العلاقات بين أفراد العائله ونسبة الاحترام والموده أو القسوه والعنف، وأحد أهم الدوافع للتصادم العائلي هو الإدمان وتناول المسكرات والمخدرات، وقد أثبتت البحوث إن العوائل المدمنه هي العوائل التي يسودها الإهمال المتبادل ومشاعر اللامبالاة ثم القسوه والعنف، وأود أن اشير أن العوائل المدمنه تنتشر في قارتي أمريكا وأوربا وحسب رأي "د. جارلس سشيفر" [بأن في أمريكا يعيش 7 مليون من الأبناء في عوائل مدمنه على الكحول وهم تحت سن 18 ويعيشون حياة غير متوازنه مع عوائلهم ومعظم البرامج الاجتماعيه مركزه على مساعدة العوائل المدمنه لأن الآباء في هذه الحاله هم من يحتاجون إلى التغيير لكي يعيش الأولاد حياة نفسيه وروحيه طبيعيه]62
إن ظاهرة الإدمان تخص فئات عمريه واسعه بالضروره وتشمل فئة الشباب والمراهقين وحتى الأطفال، حيث يقوم هؤلاء المدمنين بأعمال الفوضى ومختلف أنواع المحرمات والممنوعات لخلق واقعهم، هذا من ناحيه ومن ناحيه أخرى فإن كثيراً من العوائل تساهم في خلق جيل مدمن من الأبناء بإعطائهم الحبوب المهدئه أو المنومه وخاصة العلاجات المقدمه للأطفال المرضى المصابين بالنشاط المرضي غير العادي، ولكنها تُقدم الآن للأطفال الطبيعين لتهدئة ضجيجهم فقط، يقول الدكتور "ستانلي توريكي" بأن [حوالي 700 ألف طفل أمريكي يتعاطى مادة "الريتالين" وهو يُعطى عادة للمرضى المصابين بصعوبات في التركيز وأصحاب النشاط غير العادي Hyper active ـ ويعطى الآن لتهدئة الطلاب من قبل المدرسين الكسالى ومن قبل الوالدين غير المبالين بأولادهم لتهدئتهم، ويصفها الباحث بانها أشبه بتلبيسهم لسترة المجانين لتكتيفهم من قبل المدرسين والوالدين ولكي يُوفروا أوضاع وحياة أسهل لهؤلاء، وقد تساعد هذه الماده الأطفال المرضى في حياتهم التعليميه والاجتماعيه إلا أنها تستعمل الان كاصلاح سريع لأوضاع غير متوازنه في البيت والمدرسه]63
إن الاستخدام الخاطي للعقارات المنومه أو المهدئه من قبل أشخاص غير مختصين أدى إلى ظهور جيل من الأطفال المدمنين على هذه المواد وقد يكون السبب أحيانا هو إدمان الوالدين أنفسهم وجعل المخدرات جزء أساسي من حياتهم اليوميه كالماء والغذاء، ولايخفى خطورة النتائج المترتبه على خلق أجواء وأوساط يسودها فقدان الوعي وعدم الانضباط بسبب الإدمان مما يؤثر على طمأنينة المجتمع وسلامته.
إن السقوط الحضاري يتضخم بشكل سريع والذي يجد نقاط ارتكاز عديده منها الوقوع في دائرة الجريمه والإدمان والعدوان الاجتماعي بأنواعه والابتعاد عن الايمان بالأديان السماويه فالكثير من العوائل الأوربيه فقدت ايمانها وتمسكها بالقيم والتعاليم السماويه والتي تُضاد كل مظاهر الشر والفساد في المجتمعات، وقد أشار الكثير من الباحثين إلى أن الارتباط الديني والايمان قد ساعد الكثير من العوائل والأفراد على الشفاء النفسي من الإدمان والعذابات النفسيه الأخرى والتي يُسببها الفساد الاجتماعي كالاعتداءات الجسديه، ويذكر الباحث الأمريكي "مايك ليو" في مجال [علاقة الايمان بعلاج مجموعه من المريضات النفسيات بسبب الاعتداء عليهن بأن الايمان والعقيده الدينيه قد ساعد في علاجهن وكان الاحساس الديني هو احدى الوسائل المهمه التي ساعدت على الشفاء وعلاج احساسهن بالآلام النفسيه والعذابات بسبب الاعتداء عليهن جسدياً ]64 .
ان الارتباط الديني ساهم في علاج الكثير من الامراض الاجتماعيه، وقد تنبهت المجتمعات الاوربيه الى اهمية ذلك مؤخراً، وقد اطلعت على برامج بعض الكنائس حيث تقام جلسات الصلاة لاجل شفاء بعض المرضى والمصابين بالآلام النفسيه كما تساهم الفصول الدينيه للتوعيه بخطورة المخدرات والادمان، إذ أن الكثير من الاطفال والعوائل تعيش تحت ظل الموت البطئ بسبب الادمان، وكانت العوده الى التمسك بالقيّم الساميه هو الطريق الامثل للخلاص الروحي من هذه الاوضاع، ويعاني الاطفال والمراهقين من صعوبة الحياة في داخل هذه العوائل المدمنه، وتساهم المؤسسات الدينيه في محاولات التغيير لهذه الاوضاع الصعبه .
يذكر الدكتور "جارلس تسشيفر" [أن التحذير من المخدرات يجري في المدارس وفصول التعليم الديني ويُنشر في مجال الرأي العام لهذا اصبح لدى الاولاد فكره عامه عنها وعن وجوب وضع القواعد الصارمه في الحياة والحدود المؤكده للمحافظه على الصحه العائليه وعدم التقرب من المخدرات]65 .
ثانياًـ انتشار ظاهرة التخلي عن الابناء "التبني": وهذه هي احدى الظواهر التي أثرت على التشكيل النفسي والاجتماعي السلبي لجيل الابناء، حيث يتخلى الكثير من العوائل الفقيره أو الشابه عن ابنائهم لقاء مقابل مادي وأحياناً تكتفي بالمقابل المعنوي، حيث يعتقد الوالدان بأنهم يكسبون بهذا مستقبل أفضل لأبنائهم، وتؤدي العلاقات السريعه وغير المخططه الى تواجد اطفال غير مرغوب بهم وهؤلاء الاطفال حينما يصلون عادةً الى السن الذي يكتشفون به غربتهم عن العوائل المتبنيه يصابون بالكثير من المشاكل النفسيه والتي تخلق توتراً سائداً في الاوساط الاجتماعيه وفي البيت والمدرسه وفي مجالات الحياة المختلفه، حيث يشكل هؤلاء الابناء نقاط قلق وعدم اطمئنان وعدم ارتباط روحي لفقدانهم لأهم مايعزز ثقة الطفل بنفسه الا وهو حب الوالدين ورعايتهم، ووجود هؤلاء الاطفال في عوائل مُتبنيه لن يعوضهم أبداً ولن يمنحهم الهدوء النفسي، ويعتقد الكثير من الباحثين [بأن الاطفال حينما يكتشفون بأنهم متبنوْن يعانون كثيراً ويعيشون تجربه حياتيه غير عاديه ويأخذ بانتقاد عائلته والتي هي ليست العائله الأم لانها ادعت ذلك لفتره من الزمن، ويتساءل دائماً عن سبب اهمال الأم التي ولدته والعائله التي انتجته، ويحمل هؤلاء الاطفال أفكاراً غريبه وفهم خاطئ عن ميراث حياتهم ويحملون أيضاً الحزن خائفين من مصارحة والديهم الجديدين بأحزانهم]66 .
ويفقد الطفل بهذه الحاله الثقه بعائلته القديمه والجديده ويصبح وحيداً وغريب الاطوار لخوفه من الماضي والمستقبل. ويذكر الدكتور "جارلس سشيفر" [بأن الاولاد المتبنون يسألون والديهم الجديدين عن سبب إهمال الوالدين البايولوجيين والحقيقيين لهم واعطائهم للتبني، ويوصي الدكتور "سشيفر" بأن يكون إجابة العائله المتبنيه بأن والديهم كانوا فقراء وغير ناضجين وغير مستعدين لتربية طفل لذلك خططوا بأن تتبناهم عائله تحبهم ومستعده لرعايتهم الى الأبد، ويوصي ايضاً بأن التبني قد حصل بسبب ظروف الوالدين الحقيقيين وليس مشاعرهم ولا يجب بأعتقاده أن يتصور الاطفال بأن والديهم الحقيقيين قد أحبوهم لحد كبير الى الحد الذي دعاهم الى التخلي عنهم لأجل مصلحة هؤلاء الاطفال، وسيشعر الاطفال بأنهم معرضين لتخلي العائله الجديده بسبب محبة هذه العائله لهم]67. وهكذا يوصي الباحثين العوائل المتبنيه بايجاد الأعذار والاسباب للعوائل البايولوجيه لتخليهم عن اولادهم، ولكن ماذا عن مشاعر الاطفال وإحساسهم بأن الصله الموجوده مع عوائلهم الجديده هي صله مصنوعه حسب ارادة ورغبة الوالدين الجديدين المحرومين من الاطفال لأن رابطة الدم مفقوده وان اخوتهم الاخرين في نفس العائله هم من عوائل اخرى متفرقه لايربطهم بهم سوى الحياة المشتركه، ولا اقول ان هذا الوضع لا يشكل أي مشاعر انسانيه نحو الاخوه المتبنون أو الوالدين الجديدين لكنه لا يمكن ان يعوض قيمة الاحساس بحنان الابوه أو الامومه الحقيقيه والذي يوفر نوع من السعاده والأمان لا يعلم فقدانهما الا المتبنون انفسهم. ان هذه الظاهره تتسع في جميع انحاء العالم بسبب حرية العلاقات الجسديه وانخفاض مستوى الشعور بالمسؤوليه لدى الكثير من الشباب بعد ولادة الاطفال سواء خارج مؤسسة الزواج أو أحياناً داخلها وهكذا يوضع الألاف من هؤلاء الاطفال في دور الرعايه الأجتماعيه أو يُعرضون للتبني وحين يصلوا الى سن الدراسه تبدأ مخاوفهم وتزداد هذه المخاوف بأزدياد اعمارهم، كما يزداد احساسهم بالظروف الموجوده في نشأتهم وحياتهم الحاليه مما يدفعهم الى نوع من الكآبه والأنعزال احياناً، أو نوع من الرغبه في العدوان والتسبب بالآلام للاخرين بسبب الشعور بالغيره وأفضلية اللآخرين عليهم من المتواجدين في العوائل التقليديه السليمه، وقد يشعر هؤلاء الاطفال غير المتبنين بنوع من الرغبه في إثارة مشاعر هؤلاء المتبنين وبأنهم غير معروفي الاصل والعائله .
ويخلق هذا جيل من المراهقين والشباب مجهول الماضي ومتوجس من المستقبل وقلق من وجوده في عائله غريبه عنه، ويبدأ هنا السؤال المنطقي عن امكانية تخلي الوالدين الجديدين عنه، فليس هناك مايمنع أو من يمنع هذا التخلي، وسؤال آخر عن مدى ارتباط هذا المراهق أو الشاب في المجتمع الذي تنعدم فيه صلة القرابه لأن نقطة الارتباط تبدأ عادةً بالعائله الصغيره ثم تتسع الدائره وتتسع الى ان يجد الانسان نفسه محاطاً بارتباطات تربطه بمجتمعه الكبير وهذا ماينسج خيوطاً دقيقه ومتينه بالمجتمع تجعله جزءاً منه الى الابد . لكن مايحدث بالنسبه لمجاميع المتبنين وخاصةً للذين يُتبنون في مرحلة المراهقه هو اشبه بما يحدث لمجاميع من المهاجرين تواجدت بالصدفه في ارض غريبه وهي مضطره للتكيف بالظروف المحيطه وقد تتكيف فعلاً، وقد تسبب لنفسها وللآخرين الكثير من ردود الافعال العنيفه .
ثالثاًـ ظاهرة الغُربه في المجتمع الواحد: ان الاحساس بالغربه في كثير من المجتمعات الغربيه هو كبير جداً وخاصةً التي تضم قوميات مختلفه وتأتي هذه القوميات بجذورها معها وميراثها الحضاري المختلف وبعادات مختلفه أيضاً وهذا كما قلت يدعو الى ردود أفعال مختلفه أيضاً ضمن التكيف للواقع المُعاش وقد لاتتكيف هذه القوميات لهذا تعاني من مشاكل من نوع آخر، ألا وهو الضغط المتصاعد على التماسك العائلي والذي يؤثر بشكل واضح على التشكيل النفسي للأبناء ويظهر خاصةً في فئة الطلاب حيث يسبب لهم الكثير من اللامبالاة والبرود الروحي والذي يتعامل على اساسه مع جميع أفراد مجتمعه، ويبدأهذا البرود الروحي بالعائله ويكون حسب مستوى تماسكها. وتشمل ظاهرة الغربه هذه فئات كثيره من الشباب الاوربي ولايشمل فقط ابناء القوميات والاقليات حيث تدفع ساعات العمل الطويله والعلاقات الزوجيه الغير متجانسه وانعزال جيل الشباب بثقافته الخاصه والتي تحتوي على كل مضامين حياته ورغباته وطموحاته، كل هذا يدفع الى غربة الشباب ويضاف الى هذا اسباب اخرى مثل سوء استخدام اساليب العقاب في العائله والمدرسه وقد يكون العقاب متبادلاً احياناً لأسباب مختلفه فالابناء يمكن ان يُعاقبوا والديهم بأساليب مختلفه وهكذا يتبادل الجميع الاضرار والألم كما يتبادلون بعدها الشعور بالذنب. تذكر الباحثه الامريكيه "بربارا كوتمن" [بأن اللوم والشعور بالذنب يرتبطان بشكل مباشر بمفهوم العقاب وهذه المشاعر حينما تتنامى بين الآباء والابناء تصبح مؤشراً على أن الحب الموجود بينهم هو موضوع تساؤل]68 .
ان فقدان الثقه بين الآباء والابناء هو اهم المواضيع التربويه والتي تخص كلاً من العائله والمدرسه ويحدث هذا الفقدان للثقه لأسباب كثيره منها ضعف التماسك كما ذكرنا وضعف الشعور بالمسؤوليه من قبل الطرفين أي الآباء والابناء، ان الذي يحدث في المجتمع الاوربي بشكل عام هو أن الآباء لايثقون بما يفعله الابناء ولابتصوراتهم عن الواقع، كما تقوم العائله بسبب من الرغبه في حماية الابناء من الاخطار الاجتماعيه تقوم هذه العائله ببناء حاجز من الحذر من المجتمع الخارجي لكن هذا لايعني ابداً الحمايه الحقيقيه بدليل حيوية الطالب الامريكي والاوربي ودخوله الى كل مواقع النشاط الاجتماعي، كما يُدَلل هذا أيضاً على ضعف الثقه المتبادله بين الابناء والآباء. يؤكد الباحث الامريكي الدكتور "جارلس تسشيفر" على خطورة [منع الابناء من الحديث مع جميع الغرباء ويصبح الغرباء برأيهم أشراراً ومجرمين ومختطفين وهذا تثقيف خاطئ وغير ممكن بسبب التغييرات الحاصله في حياة الابناء فهم معرضون للعب مع اعضاء فريق غرباء وكذلك للدخول الى مدرسه جديده أو الذهاب الى السوق والحديث مع الغرباء وعلى هذا الاساس فإن التثقيف بكيفية التصرف في الحالات الاضطراريه والخطره هو الحل الافضل. والغريب في الأمر ان بعض الآباء يخشون الاعلان عن حالات الاعتداء الحاصله على ابنائهم خوفاً من الفضيحه وانتشار الأمر في المجتمع ويهملون هذه الحوادث ويشعر الابناء بأن الآباء يحمون المجرمين ولايحمونهم بهذا، وحقيقة الامر ان الآباء انفسهم غير مصدقين بأقوال ابنائهم]69 . ويعبر هذا عن الشكوك وعدم الثقه من قبل الآباء في سلوك الابناء والعكس صحيح، اذ أن فقدان الثقه يسيطر ايضاً على مشاعر الابناء تجاه سلوك الآباء وبالتحديد مايخص مشاعر الاهتمام والاحترام ومشاعر الأخلاص تجاه العلاقات الزوجيه .
ان الدعوه السائده الآن في كثير من الدول الغربيه للعوده الى المُثُل العليا والروابط العائليه المقدسه، كما اهتم بعض الباحثين الاجتماعيين ورجال الدين بالدعوه للارتباط الوثيق بالاديان وإقامة الصلوات في المدارس والمستشفيات، وقد وجدت هذه الدعوه القبول في كثير من الاوساط الاجتماعيه، وأثبتت الدلائل على ان التمسك بالعقائد يؤدي الى خلق دوافع ايجابيه نحو السلوك السوي والأخلاق العاليه. وقد أُقيمت الكثير من التجمعات الجماهيريه والطلابيه في اوربا لبحث موضوع الاهتمام والثقه المشتركه بين الابناء والآباء، وقد طرحت الكثير من الحلول لتوثيق الصله في العائله وحفظ الشكل والمضمون التقليدي لها، ولكي يبقى الاهتمام الحقيقي للعائله بأعضائها ذلك الاهتمام الوثيق الذي حفظ وجود العائله ووجود المجتمع البشري بأكمله، وتؤكد الكثير من البحوث الاجتماعيه على وجوب وضع الحدود غير المخترقه للأبناء والتي تصمم القواعد الاساسيه للقيّم العائليه المبنيه على التفهم المشترك والثقه المشتركه .
ان العلاقات السائده في المجتمع تتأثر تأثراً كبيراً بما يحدث في الوسط العائلي الصغير، فأتساع دائرة الغربه الاجتماعيه في العائله يصل الى حدود العلاقات مع الجيران ومع الزملاء لتتخذ اشكالاً من العلاقات الجافه وغير المباليه بشؤون الآخرين، وكثيراً مانلاحظ ان كل مايحدث في أي عائله من سلب أو إيجاب لايشعر به أحد من افراد المجتمع والسبب هو أن خصوصية الفرد وحريته مقدسه في المجتمعات الغربيه الى الحد الذي وضع بين كل فرد وآخر حاجز حديدي غير مخترق، وقد أثر هذا على العلاقات بين جيل الابناء والطلاب منهم بشكل خاص حيث تطبق عليهم نفس القواعد والأسس في العلاقات بين الكبار، وكانت هذه القواعد والتي تجعل الفرد مسؤولاً عن شؤونه ان لم يخرق القانون ويُترك وحيداً متخبطاً عسى ان يجد الطريق لوحده، ولهذا يطلب الشباب دائماً المزيد من الخبره والتجارب الحياتيه والاسفار لكي يعلم حقائق الاشياء عن طريق التجربه والخطأ، ولهذا تزداد نسبة اخطاء الطلاب المراهقين والتي تصلالى حد العدوان والعنف والتخبط، ولايستغرب القارئ من ان ظاهرة العنف في الغرب هي جزء من تجربة الشباب والمراهقين السلبيه للتعامل مع الواقع، وقد تشربوا مسبقاً كل مصادر هذا التعامل وجذوره والتي هي في نوع العلاقات الاجتماعيه وتأثير وسائل الاعلام وخاصةً السينما والتلفزيون كذلك تأثير التربيه المدرسيه والتي اكدت دائماً على جانب المعرفه وغلبته على الجانب التربوي، ولم تخلق ميزاناً صحيحاً مابين الاساليب التربويه وحجم ونوع المعلومات العلميه والتي يتعلمها الطالب خلال سنوات دراسته .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف والشباب والعقاب / الجزء الثاني
- من أغضب من في 11 سبتمبر !؟
- العقاب البدني والعقاب المعنوي
- مقدمة كتاب العنف و الشباب والعقاب


المزيد.....




- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...
- الحكم على الإعلامية الكويتية حليمة بولند بالسجن بذريعة “الفج ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...
- إلغاء حكم يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
- تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت ...
- محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس ...


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - ناهده محمد علي - مشكلة العنف_نتائج هذه المشكله في العالم