أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود جلبوط - الصيغة الطائفية اللبنانية المتفجرة دوريا 2















المزيد.....

الصيغة الطائفية اللبنانية المتفجرة دوريا 2


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1747 - 2006 / 11 / 27 - 10:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا يمكن لأي دراسة لظاهرة الطوائف والمذاهب كأديان وعقيدة أو للطائفية كعلاقة سياسية أن تلامس الواقع والحقيقة بمعزل عن تاريخيتها وبدون تناول سياقات البنية الاجتماعية التاريخية الحاضنة لهذه الطوائف أو العلاقة الطائفية تحليلا شاملا , اقتصاديا و سياسيا و فكريا , ومسارب كل ما سبق باتجاه الاقليمي والدولي وطبيعة هذا الدولي وهذا الإقليمي , وأن يتم تناولها كموضوعة من صنع التاريخ وابنة الحاضر , وكغيرها من الظواهر التاريخية , لا يمكن فهمها فقط من خلال فض رموزها المقدسة وإنما من خلال وضعها في سياق نشوئها وصيرورتها وعيا ذاتيا اجتماعيا حاضرا , لذلك فإن تناول الطوائف أو العلاقة الطائفية بشكل مجرد عن حواضنها الاجتماعية التاريخية وعن التأثرات الخارجية فيها هو مجانبة للموضوعية وتغييب متقصدا أو جهلا للحقيقة , الموضوعية والحقيقة الضروريتان لفهم ما يجري في البلد المعني لاستنباط حلول للخروج من هذه الأزمة ومأزق الاصطراع الأهلي الدوري الذي يستهلك الآلاف من الضحايا والآلام البشرية والمليارات من الدولارات في كل جولة , وأخطر مافيه أنه يراد له أن يكون نموذجا يحتذى من الطرف الدولي الاحتكاري لتعميمه على "شرقنا المتوسط الجديد" بل عولمته في العالم الثالث من خلال شعاراته المتنوعة طورا „صراع الحضارات“ وطورا „الحروب الدينية“ وطورا“الحرب على الإرهاب“ الديني بإرهاب ديني آخر لصرف الإنتباه وتحوير الاصطراعات الاجتماعية عن محاورها الحقيقية , والتي تسود العلاقات البشرية عبر التاريخ إن في البنية المحلية أو عبر العلاقات الدولية في تجلياتها العالمية , والتي ظاهرها الأفكار والأديان والعقائد , وحقيقتها الصراع على الثروات والمصالح وفضل القيمة والسيطرة .

ومن هذا المنظور فإن القوى البورجوازية كنخب حاكمة ورجال دولة هي التي سعت لتعميم الخلط النظري بين التعددية الدينية والإثنية في المجتمع كظاهرة طبيعية , وبين تسييس هذه التقسيمات من أجل الولاءات والتنضد الاجتماعي على أساسها للتمويه على استغلالها وظلمها للفئات الشعبية في سبيل ترسيخ سيطرتها الغير مشروعة على المجتمع ومفاصل الدولة كجهاز لإدارة الاستغلال مما أدى إلى تضليل كبير للجمهور على أن السلطة الحاكمة هي حصيلة التركيبة الدينية الإثنية المتعددة , وأن هذه التعددية هي السبب في اختراق الدولة في الطائفية .
وفي هذا الصدد يقول مهدي عامل في تحديد البنية الطائفية اللبنانية : „ليست الطوائف طوائف إلا بالدولة. والدولة هي التي تؤمن ديمومة الحركة في إعادة إنتاج الطوائف كيانات سياسية هي، بالدولة وحدها، مؤسسات. لكن منطق الفكر الطائفي يقلب الأشياء نقائضها، فتظهر الدولة الطائفية، كأنها نتيجة تعدّد الطوائف، بينما بها -أعني بالدولة- تتعدّد الطوائف، وبها يُعاد إنتاجها، من حيث هي كيانات سياسية“ .

ومن النكتة بمكان أن يكون وجود الطائفة مشرعن في دستور الدولة لتضفى عليها شرعية وجود , كما كنت قد نوهت في مقالتي 1 السابقة حول نفس الموضوع , الذي عدل عدد الطوائف الأساسية في لبنان أكثر من مرة في فترات تاريخية متفاوتة مما دفع مهدي عامل لتساؤل فكاهي „أليس طريفاً أن تكون الطوائف بحاجة الى اعتراف الدولة بها حتى تكتسب جدارة الوجود؟ فإذا لم يكن اعتراف بها، أكان وجودها سرّياً، خفيّاً، خارجاً على القانون، وخارجاً بالتالي، على الوجود؟“ .

لقد كان لهذه السياسة نتائج تدميرية على الوعي الجماعي الذي أصبح عصيا على استيعاب خطل وسوء التضامنات المبنية على أساس الدين أو المذهب أو الأثنية لتحقيق التعاون والتضامن والتكافل وشعور الاطمئنان في ظل سلطة أو دولة تتحكم بها مصالح فئوية ضيقة وخاصة , لا تراعي أي من المطالب أو المصالح العامة للشعب , ويصر هذا الوعي الجماعي باستمرار المحافظة على الولاء الديني والملّي والقرابي المنتظم ثقافيا زمن البنية الخراجية القديمة التي رعته ايديولوجيا الدين في حينه ليصبح ولاءا طائفيا في زمن البنية الكولونيالية في وقتنا الحاضر عبر ممارسة سياسة وأيديولوجيا طائفية „مع الشعور بالإثم يدفع به إلى إخفائها ، وإظهار التمسك المبالغ فيه وأحيانا المرضي بمباديء الوطنية المجردة ومظاهرها الشكلية. وهو ما ساهم في تكوين وطنية وقومية شكلية، فارغة من أي التزام، ومفتقرة إلى أي محتوى سياسي ، بل عاطفي، خارج إطار ترداد الشعارات وتكثيرها“ كما ذكر مفكرنا برهان غليون في كتابه ((نظام الطائفية , من الدولة إلى القبيلة))

إن السياسة التضليلية في الخلط وعدم التمييز التي مارستها البورجوازية الكومبرادورية بين وجود طوائف في المجتمع من ناحية والممارسة الطائفية السياسية من قبل السلطة أو تطييف أجهزة الدولة من ناحية أخرى هي التي منعت القوى الشعبية من الإصطفاف على أساس اجتماعي مدني أو برامجي حزبي , ودفعتها للتطيف السياسي حتى ولو معارضة أو كانت مقاومة ضد الاحتلال , فأدى هذا إلى شرعنة الدولة طائفيا حتى عبر صناديق الاقتراع بوصفها حتمية كتعبير عن خصوصية محلية لا يمكن تجاوزها , وإن تجرأت المجموعات السياسية ذات النزوع الوطني الديموقراطي في التفكير بإمكانية التغيير (كالقوى اليسارية الديموقراطية أو اللبرالية) فستواجه من السلطات الحاكمة والمتحولقين حولها بذريعة أن هناك مخاطر الحرب الأهلية كبديل إن فرط عقد هذه الصيغة السياسية المتطيفة , أو سيلحق الغبن في اقتسام السلطة والثروة لدى الجانب المسيطر في الدولة المطيفة .
شرك كبير وخطير وضعته البورجوازية الكولونيالية المحلية بالتعاون مع المستعمر الامبريالي الفرنسي السابق للوطن وللبنية اللبنانية(كما يفعل الامبريال الأمريكي الآن في العراق اقتداءا) في محاولة لإعادة إنتاج بنيتها الكولونيالية المحلية التي تحوي أطيافا دينية ككل البنيات الاجتماعية الأخرى عبر التاريخ , "طوائف لا كيان ولا وجود أنطولوجي لها إلا عبر علاقة سياسية محددة بحركة معينة في الصراع الطبقي في شكل منها محدد بشروط تاريخية خاصة ببنية اجتماعية معينة , ولأنها كذلك فهي قائمة بالدولة لا بذاتها , في هذه البنية المجتمعية وفي شروطها التاريخية المحددة التي هي هي شروط حركة الصراع الطبقي فيها "جذورها مادية في البنية الحاضرة بالرغم من ولادتها في مرحلة تاريخية سابقة , ولكن من الضروري ردها إلى البنية الحالية من العلاقات الإنتاج الكولونيالية السائدة الآن بالرغم من أن رحمها هو الزمن الفائت , هي شكل النظام السياسي الحاضر والنظام الإيديولوجي الذي فيه تمارس البورجوازية اللبنانية سيطرتها الطبقية" , إذا فالطائفية في لبنان هي علاقة سياسية محددة بشكل تاريخي محدد من حركة الصراع الطبقي في شروط البنية الكولونيالية اللبنانية .

ولأن نشوء النظام الطائفي في لبنان ارتبط بشكل أساسي بتطور رأس المال الكولونيالي في مناطق دون أخرى , ولدى طائفة دون أخرى , في المرحلة التاريخية المعينة , فقد سمح للطائفة/المنطقة الأكثر رأسمالا أن تفرض نظامها الكولونيالي من خلال العلاقة التابعة مع الرأسمال الامبريالي الذي ساعدها على السيطرة على جهاز دولة مركزية متطيفة عبر صيغة توافق طائفية , وأن تلزم بقية المناطق/الطوائف بنظمها وقوانينها .
ولما كان الاستغلال الاجتماعي والإنماء الغير متوازن يؤدي إلى حقد طبقي , فقد كان يتمظهر على خطوط التقسيمات الطائفية , فيتجلى حقدا طائفيا , يغذى من الكولونيال المحلي ويشجع من الكولونيال الإقليمي بمساندة الخارج الامبريالي .

فالاستنتاج أن البنية اللبنانية هي بنية طائفية صحيح , ولكن هي طائفية فقط من خلال الممارسة السياسية الدولاتية للكولونيال المحلي المسيطر على أجهزة الدولة المطيفة أو المتطيفة , وعبر التفاوت الاجتماعي والإنماء الغير متوازن للمنطقة/الطائفة بحماية الإقليمي الكولونيالي الأقوى والخارج الامبريالي وليس العكس , وبالتالي فإنه يغدو لنا وكأن دور الحروب الأهلية الدورية المتكررة في لبنان ينحصر في تغيير الأفضليات للمكتسبات الطائفية السائدة وتبديلها , وليس ثورة على التركيبة القديمة وفك علائقها المعيقة للتقدم والتي تسد آفاق الخلاص في التلاحم الاجتماعي الحقيقي لبناء المجتمع الديموقراطي على أساس عقدا اجتماعيا مدنيا غير طائفي .

إذا فهناك استمرار في لبنان للمسلك الذي أوصل لبنان إلى ما هو عليه الآن , فالسلطة تنزع لإقرار واستقرار امتيازاتها المتوارثة , ولا يوجد معارضة تسعى للفكاك من هذه الصيغة , وإن وجد فهي لا تأخذ بعين الاعتبار الموازين الحقيقية ولا شبكة العلاقات السائدة , محلية وإقليمية ودولية .
ولا أمل بحل إلا بالخروج من هذه الصيغة العتيدة العنيدة "الصيغة الطائفية" , ولكن وكما قال السياسي "بيضون" في كتابه "الجمهورية المتقطعة" : المشكلة في لبنان ليست الدواء بل المداوون , فالحل يتيم لا أهل له كأن تدعو الطائفيين للخروج من طائفيتهم .



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصيغة اللبنانية الطائفية المتفجرة دوريا 1
- في الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن
- ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا
- نهاية طاغية ولكن لو.....
- المسكوت عنه
- قصة........حدث في مركز اللجوء المركزي في Halberstadt
- طبيعة الصراع الطبقي في حركة التحرر الوطني متابعة
- إلى صديقي الساكن في الضفة الأخرى من المنفى
- في حركة التحرر الوطني القومي من الإمبريالية ...متابعة
- الامبريالية وكيفية الخروج من أزمته الراهنة ...متابعة
- البنية الطبقية للنظام الامبريالي
- قصة قصيرة ......فسحة صغيرة من الحرية
- قصة قصيرة جدا......فسحة صغيرة من الحرية
- من أين يأتي هذا الإيغال والمبالغة في سفك دماء الأطفال والغلو ...
- وين العرب.....وين الإسلام ؟؟
- قراءة في البيانات والكتابات السياسية لبعض أطراف المعارضة الع ...
- كتابة على جدار حر
- بالأمس ابتهجت وابتهجت معي قريتي الجاعونة
- خنجر من لحمي في لحمي
- أنا والسياسة الواقعية أو الواقعية السياسية


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود جلبوط - الصيغة الطائفية اللبنانية المتفجرة دوريا 2