أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هشام السامعي - العقل العربي .. من صراع التسلّط إلى إمكانيات البقاء !!















المزيد.....

العقل العربي .. من صراع التسلّط إلى إمكانيات البقاء !!


هشام السامعي

الحوار المتمدن-العدد: 1700 - 2006 / 10 / 11 - 09:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يطلق لفظ (العقل) في اللغة ويراد به معان متعددة، فقد ورد في المعجم الوجيز: إن العقل هو إدراك الأشياء على حقيقتها(1). ومنها العقل: التثبت في الأمور، وسمي عقلاً لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك. ويقال عقل فلان: أي عرف الخطأ الذي كان عليه، والعاقل هو المدرك الفاهم الحكيم(2)
وحتى نلج سريعاً إلى خط المنتصف في محور الحديث ننط بحركة عقلانية للقول ،بأن ذهنية الاستبداد العربي لم تقتصر في كثير من الجوانب على مراكز صنع القرار السياسي أو العسكري التي حكمتها مجموعة من الصنميات والديكتاتوريات من أوائل القرن المنصرم حتى وقتنا المعاصر بل إمتدت لتشمل كل مراكز سلطة القرار سياسياً وإجتماعياً وحتى ثقافياً ،أثرت في ذلك كثير من الممارسات الإستبدادية التي عاشها المواطن العربي أو ورثها من تاريخ طويل من الإستبداد والتسلط نتاج حالة تراكمية سابقة ،عاشها المواطن العربي ( العقل العربي ) بكل سلبياتها وبدعاو كثيرة تبرر تلك الممارسات بدءاً من دعوى المحافظة على الطابع العربي ( الإسلامي ) والخوف من الغزو الفكري الغربي ،وتارة بدعوى الحالة الخطرة التي تمر بها الأمة في كل تلك المراحل وضرورة الطاعة لكل أمر صادر من مراكز القرار ( حتى وإن كان ضد الإنسانية وضد الفرد نفسه ) لضمان أي خدش يمكن أن يصيب الذاكرة العربية التي ظلت مشدودة إلى الماضي لتاريخ الحضارة الإسلامية المتهالك .
كل ذلك أوجد حالة من القبول والموافقة والإنصياع لكل الأوامر الصادرة من السلطة الأعلى بدون أية مناقشات أو حوار حول هذه الأوامر بدوره شكل هذا النسق حالة من اليأس لدى الكثيرين من إمكانية ممارسة الحياة بصورتها العامة كمجتمع مدني وحياة تبحث دوماً عن الحضارة وظهور حالة من الخوف عند البعض من مناقشة هذه الأوامر بحجة أنها مكتملة الشروط لقدسية القرار ،كل هذه السلبيات طغت على العقل العربي حتى أصبحت حالة الاستبداد ممارسة طبيعية لضرورة التنشئة الصحيحة كما يعتقدها البعض من ذوي التفكير السلطوي ولا يجوز في أي حال من الأحوال الخروج بمفردات جديدة للخروج من هذه الذهنية ،لأن مجرد التفكير بحلول لهذه الحالة يعتبر خيانة للمجتمع والإنسانية بشكل عام ,أو هي محاولة لخلق فتنة المجتمع في غنى عنها على الأقل في الوقت الراهن كما يعتقد الكثير منهم الآن .
ثم ماذا ؟
لم يجد المواطن العربي أي ضرورة لتجديد هذه الذهنية وحمايتها من الضربات التي يراد بها تحويل الفرد الحر إلى تبعي للسلطة الأقوى ،ذلك أن محاولات عديدة للتغيير في الوطن العربي كان مصيرها الفشل لعدة أسباب لعل أهمها عدم الوضوح في الفكرة أو عدم التضحية من أجلها ،وهو ما ولد لدى المجتمع حالة من الرضى عن واقع العبودية التي تمارسه كل سلطات الحكم في المجتمع مكرساً بذلك العودة إلى منهج السيطرة للقوة التي تدير المجتمعات .
وبالعودة للخلف قليلاً تحديداً إلى القرون الوسطى والتي مثلت نقطة الإنتكاسة أو بداية تاريخ النكبة بالذات كان من البديهي أن نتحدث عن حالة مزمنة ليست وليدة عقود معينة بل مثلت موروثاً لما يقارب الثلاثة قرون ،وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار مرض التسلط والقوة صفة عربية وجدت في الإنسان العربي منذ عصور بداية عصور الإنحطاط وأزدادت أكثر مع سقوط آخر ولاية إسلامية متمثلة بالدولة العثمانية .
النضال من أجل الديمقراطية !!
رغم أن هذا المصطلح صناعة خاصة بمجتمعات أوروبا منذ بداية نشأة الدولة المدنية في أثينا في عصر ازدهار الفلسفة وحتى بداية عصر النهضة في أوروبا في القرن السابع عشر وما بعده إلى أنه يمثل تطابقاً للمصطلح العربي ( الإسلامي ) الذي أسس له نبي البشرية محمد صلى الله عليه وسلم وهو منهج (الشورى) المتمثل باختيار الحاكم وفق رغبة الأغلبية ومشاركة الشعب للحكم من خلال مجالس الشورى التي يكونها الخليفة المنتخب من قبل الشعب ومع أن هذه التجربة كانت تأسيساً للمجتمع المدني في القرن الأول للهجرة إلا أن التاريخ لم يثبت أي تجربة حقيقية وناجحة للتداول السلمي للسلطة فيما بعد ،فبعد موت النبي عليه الصلاة والسلام آلت إدارة الحكم للخليفة أبي بكر الصديق الذي حكم لفترة زمنية بسيطة أنتقلت السلطة فور موته إلى عمر بن الخطاب والدور هنا تكرر وبعده عثمان بن عفان ثم آخر الخلفاء علي بن أبي طالب الذي تنازع السلطة مع أبي سفيان وهذا إثبات لنظرية أن نزاع السلطة صفة المجتمعات التي لاتحترم إرادة الشعوب ،ورغم أن الخلافة كانت تذهب إلى الحاكم بطريقة شرعية وهي الإنتخاب إلا أن تجربة تنازل عن السلطة لفئة أخرى لم يتم طوال هذه المرحلة الزمنية والتي تُعّرف على أنها أفضل مراحل نمو المجتمع المدني ( الإسلامي) وفق مبدأ الديمقراطية العربية ،ولهذا كان الصوت المنادي بضرورة تطبيق الديمقراطية وإنتهاجها كدستور يحكم البلاد ينقصه الإستدلال وإثبات ذلك عبر تجارب سابقة أثبتت نجاحها يمكن أن تعمم كفكرة لما ينظر له دعاة الإسلام .
ولذلك ظلت معظم الأصوات الأصولية التي تنادي بضرورة الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية على وجه التحديد دون وضع خطوط أو تعريفات دلالية على نوعية الهوية أو كيفية الدفاع عنها هي التي تسيطر على الخطاب العام للمجتمعات الناشئة و ظل العقل العربي لفترة زمنية يصنع قوانين جديدة أو حواجز يمكنها أن تحافظ على هذه الهوية إيماناً منه أن التهاون في قضايا الهوية معناه الانسلاخ والاجترار خلف المجتمعات الغربية التي بدأت النهضة فيها وتطور أساليب الحياة لديها ،هذا كله لم يمنع أو يحد من ظاهرة الشعور بالنقص في الهوية الشرقية والتي دفعت كثيراً من مفكري الشرق إلى الإتجاه غرباً لغرض دراسة هذه الثقافة وربما إستخلاص حالة زواج كاثلوكي معها كما فعل الكثير من الكتاب والمفكرين المستغربين ،وظلت هذه الحالة حاضرة في ذهن الرجل الشرقي لفترة زمنية كبيرة قبل أن يبدأ الإهتمام بهذه الظاهرة بحجة أنها عملية إنقلاب على الثقافة العربية ( الشرقية ).
سيذكر التاريخ جيداً كيف أن محاولات تحرير العقل العربي من أزمة الثابت والمتغير والتي بدأ وضع لبناتها في العصر الحديث الإمام الغزالي ومن بعده الإمام محمد عبده والأفغاني ومن بعدهم حسن البنا وصولاً إلى القرضاوي والجابري كانت تقاوم كل محاولاتهم بكثير من أساليب الوأد والحرب عليها بدعوى أنها دعوى للانسلاخ من الهوية الأصلية إلى التشتت في الهوية الغربية غير الإسلامية مركزين بذلك على نظرية أن كل شيء يأتي من الغرب دائماً يكون محل شك وريبة بحكم أن الصراع القائم الآن بين المجتمعات الناشئة والبلدان المتطورة لايسمح مطلقاً أن يتم الإتفاق على نقاط تقاطع والتقاء بين هوية عربية مازالت جذورها ضاربة في العقل العربي وبين ثقافة غربية ينظر لها العرب على أنها ثقافة هشة ليس لها أي جذور ،وهنا تبرز الكثير من التصورات التي تناقش مفهوم المؤامرة إن صح التعبير على هذه الهوية العربية ،وهو مايؤكده المفكر المصري جمال سلطان في موضوع بعنوان : الإحياء السلفي في خطر قوله " تتجمع في الأفق معالم موجة عاتية من الهجوم على التيار السلفي، بمرجعياته ومناهجه ورجاله وفكره ورموزه وأتباعه ومؤسساته وكل ما يتصل به. الهجمة الجديدة ليست ككل هجمة سابقة؛ وذلك لأنها الأوسع على الإطلاق، وأن مساحة التآمر فيها تشمل مساحات هائلة من مجتمعات العرب والمسلمين وحتى العالم الغربي، وأيضاً بالنظر إلى ضلوع دول كبرى في هذه الهجمة، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا، وما يدور في فلكهما من دول ومراكز ومؤسسات، وأيضاً بالنظر إلى أن هذه الهجمة مخططة بشكل جيد ومتكامل وتسير بخطى حثيثة أكثر إصراراً على تحقيق " نتائج "، وكل ذلك يجعلني أؤكد على أنها الهجمة الأخطر على الوجود السلفي في عالم اليوم، وما لم تتضافر الجهود، وتنشط الأفكار، وتستشرف المستقبل وتتحسب للخطوات، فإن كارثة حقيقية سوف تحيق ـ لا قدر الله ـ بالإحياء السلفي في عالم اليوم وربما لعقود طويلة قادمة " وأعتقد أن المفكر المصري جمال سلطان إنما يعني بالإحياء السلفي هو الجزء الظاهر من تراثنا ومعتقداتنا الإسلامية ،وبرغم أني لا أؤمن كثيراً بنظرية المؤامرة ،ذلك أن مثل هذه التصورات إنما هي نتاج لحالة الفزع التي أصابت المجتمعات النامية التي أكتشفت نفسها فجأة خارج إطار الفعالية في العالم الآن ،والخلاصة أنه وبرغم أن تيار التحديث يهب تجاه هذه المجتمعات إلا أن أشرعة السفن تبدو ممزقة بحكم عمليات التسلط التي يمارسها القبطان ،وبذلك يكون علينا أن ندرك أن القبطان إنما هو الفكر الذي لايرى الحقيقة في غير ماينادي له أو مايطمح ،بمختلف التيارات من أقصى اليسار حتى أطراف اليمين .
مراجع :
(1) مجمع اللغة العربية: المعجم الوجيز، دار التحرير للطباعة والنشر، القاهرة، 1980، ص 428
(2) قدري حافظ طوقان: مقام العقل عند العرب، دار القدس، بيروت، بدون تاريخ، ص



#هشام_السامعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الموروث في الفكر العربي المعاصر !!
- عيناك بلادي وأنا الغريب فيها !!
- ذاكرة الوطن / ذاكرة الموت !!
- حين تغيب الأميرة !!
- البردوني.. حين يرفض الخنوع حد الموت !!
- مع المجتمع المدني ضد سلطة رجال الدين


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هشام السامعي - العقل العربي .. من صراع التسلّط إلى إمكانيات البقاء !!