أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام السامعي - أزمة الموروث في الفكر العربي المعاصر !!















المزيد.....

أزمة الموروث في الفكر العربي المعاصر !!


هشام السامعي

الحوار المتمدن-العدد: 1699 - 2006 / 10 / 10 - 08:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يشير الكاتب والمفكر العربي محمد عابد الجابري في كتابه ( تكوين العقل العربي ) إلى إشكالية فهم الموروث العربي في العقل العربي بعد تقسيم التاريخ الثقافي لأوروبا والدول العربية إلى عدة عصور أو مراحل حيث يذكر أن التاريخ الأوروبي قسم إلى ثلاث فترات أو مراحل وعصور هي : العصر القديم ( الإغريقي _ اللاتيني ) والعصر الوسيط ( المسيحي ) والعصر الحديث , إننا هنا أمام إستمرارية تاريخية تشكل إطاراً مرجعياً ثابتاً وواضحاً , وسواء كانت هذه الإستمرارية حقيقية أو موهومة , وسواء نظر إليها على أنها تمتد بحركة متصلة أو قطائع فأن المهم وظيفتها على صعيد الوعي , أنها تنظم تنظم التاريخ وتفصل بين ما قبل وما بعد بصورة تجعل من المستحيل التطلع حتى على صعيد الوعي الحالم إلة عودة ماقبل ليحل محل بعد وبعبارة أخرى أن هذه الإستمرارية الحقيقية أو الموهومة لافرق تمد أصحابها بوعي تاريخي يجعلهم يتجهون نحو المستقبل دون أن يتنكروا إلى للماضي , وأيضاً دون أن يجعلوا هذا الماضي أمامهم فيقرأون فيه مستقبلهم , إن الماضي هنا يحتل مكانه الطبيعي من التاريخ , وأيضاً وهذا هو المهم من الوعي بهذا التاريخ .
والحقيقة أن كلام الدكتور عابد يشرح العقلية العربية أو الفكر العربي في الوقت الراهن بوصفه فكر يتطلع دوماُ إلى الإنقلاب والعودة بقفزة إلى الخلف مئات السنين ظناً أن تلك الفترة التي أزدهر فيها الفكر العربي وبنيت على أرض الجزيرة العربية حضارة الإسلام إبان بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وبعدها فترة الخلفاء الراشدين هي أجمل الفترات التي يمكن أن يعيش فيها العربي حياة أمنة متكافئة مع جميع أقرانه من بشر الأرض , هذه الذهنية ولدتها سنين من التقوقع في إطار لم يُمكن الكثير من تجاوزه وبدوره شكل ذلك تساؤل كبير يقول إذا كان الواقع العربي الآن يعتبر مرحلة الإنتكاسة بالنسبة للفرد العربي فأن البحث عن حقبة تاريخية قديمة ( تخديرية ) يمكن أن تساعد الفرد العربي في البحث عن طريقة للعودة إلى تلك المرحلة من مراحل البشرية .
هذه النظرة بدت ملاحظة من خلال التندر بما صنعه الأوائل في كثير من الجوانب فبعد الصدمة التي أوقعتها في نفسية المواطن العربي النهضة الأوروبية حاول المواطن العربي جاهداً على المناورة وعدم ترك مساحات يمكن أن يقرأ فيها أسرار التطور الغربي ( الأوروبي على وجه التحديد ) أو الإعتراف به كتاريخ جديد وحضارة جديد , وهذا مادفع المواطن العربي إلى الإستدلال بوقائع تاريخية أو مآثر عربية قديمة أحرزها العربي قديماً كنوع من المواجهة مع الغرب حتى لايشعر المواطن العربي أنه قد بدأ يفقد أهميته في هذا العالم وأن وجوده يجب أن يعمد بأحداث أو فلسفات جديدة , و لأن عقلية الرجل العربي القادم من البادية ( وحياة الصحراء ) لازالت ترى في أبو تمام وأبو العتاهية والجاحظ وتتابعاً حتى جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وكل الأعلام التي كانت هنا في الفترات السابقة بأنهم الطفرات التي يصعب تكرارها من جديد أو إيجاد بيئة مناسبة لولادة هذه الأعلام مرة أخرى , هذه العقلية من الصعب أن تفكر في عملية بناء حضاري وثقافي جديد وهي لازالت ترى في الحداثة القائمة الآن والسرعة الفائقة في تواكب الحضارة بأن هذه الحداثة أو الفكر الحديث عبارة عن مؤامرة يراد بها الإنتقاص من تاريخ هذه الأمة الذي طمرته السنون , وهذا بالضبط ماذهب إليه الكثير من المفكرين في زمننا المعاصر والذين أرجعوا عملية النكوص المعاش حالياً إلى تآمر الغرب ضد هذه الأمة والحملات التي شنتها الصليبية ضد الإسلام وحاولت تجفيف منابعه , متناسين في الوقت ذاته الدور السلبي الذي عاشه المواطن العربي في القرون الماضية والذي هيأ الجو للهزيمة النفسية لدى الأجيال التي جاءت تتابعاً على هذه الحالة .
وهو مايؤكده المفكر العربي رضوان زيادة في كتابه أيديولوجيا النهضة في الخطاب العربي المعاصر : إن العرب يعيشون الآن في حالة أشبه ما تكون بارتحال جماعي إلى عصر النهضة، والارتحال يعني فيما يعنيه التفكير في العصر الذي نرحل ونهاجر إليه لنفكر من خلاله، وهنا يصعب علينا تجاوز المجال الذي وضعنا أنفسنا فيه ما دمنا نحن من أراد التفكير لمستقبله من خلال سلفه وماضيه , إذ أننا وبالعودة إلى بدايات طلب النهضة في سبعينيات وثمانينيات القرن الـ 20 نجد أن النهضة في الخطاب العربي المعاصر هي قدر الأمة لا محالة مدركته مهما طال بها الزمن، غير أن الزمن مر والنهضة تزداد بعدا ونأيا، بل وبمنطوق هذا الخطاب نفسه أصبحت النهضة سرابا لا يمكن إدراكه مع عودة الاحتلال الأجنبي لجزء جديد من الأراضي العربية المتمثلة في الاحتلال الأميركي للعراق , ثم يضيف رضوان زيادة قوله أن هناك اضطرابا مفهوميا في تحديد النهضة ومقوماتها، ويعود ذلك في معظمه إلى غلبة الأيديولوجيا على المعرفة بغية تصنيف التاريخ وفق رغباتها , فالخلل في الخطاب العربي عن النهضة ينبع من عدم تبلور مفهوم شامل للنهضة، وعدم التمييز بين خطوات سياسية أو اقتصادية تندرج في سياق عملية إصلاحية، وبين مسار عملية تنموية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية كافة، وتخلق تراكما على هذه الصعد كافة، إذ لا يعقل أن تحدث نهضة ثم تتوقف فجأة ثم يجيء زعيم ملهم لينجز نهضة ويقرر هو نفسه فجأة أن يوقفها , إن ذلك يعكس عدم الإدراك الكافي لسياق التحولات الدولية وموقع العرب فيها ودورهم وطبيعة تفاعلهم مع العالم , من المسموح به للمواطن العربي أن يتحدث عن الديمقراطية وشروطها وأصولها في فلسطين والعراق الواقعين تحت الاحتلال لكنه من الممنوع أن يتحدث عن الاستبداد الداخلي الذي يعيشه , فالنهضة باختصار هي مسار عملية تنموية متكاملة، والتنمية هنا لا تعني المؤشرات البشرية والاقتصادية فحسب وإنما تشمل التنمية الإنسانية التي تعرف ببساطة بأنها عملية توسيع الخيارات ,وبما أن الإنسان هو محور تركيز جهود التنمية، فإنه ينبغي توجيه هذه الجهود لتوسيع نطاق الخيارات في جميع ميادين سعي الإنسان.
الغريب أن الوعي السلفي لا يدرك التناقض الحاصل بين إيمانه بأن التاريخ الإنساني "تاريخ متقدم نحو الأسوأ"، وبين "العودة للإسلام" في صورته الصحية النقية، بل مع أهم مبدأ إيماني يؤسس عليه تمسكه الديني: "صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان"! وفي حدود هذا التصور المتناقض يسهل فهم كيف أصبح تفجير برجي التجارة في نيويورك في 11 أيلول/ سبتمبر "غزوة مانهاتن"! في عقل السلفية الجهادية.()
وهنا ظهرت مصطلحات جديدة في الفكر المعاصر لعل أبرزها مصطلح صراع الحضارات والذي أسس له وتحدث عنه الكثير من المفكرين العرب والغرب على وجه السواء منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي , بدوره يحاول هذا المصطلح أن يبرر سر الهزيمة والتخلف الذي أصاب العقل العربي ممهدين بذلك للإيمان بنظرية المؤامرة التي تحاك على الأمة العربية وهذا مانتج عنه حالة من السلبية في التفكير العربي بالمستقبل برغم الوعي الذي يحاول الكثير من المفكرين زراعته في العقل العربي إلا أن محاولات الخروج بحلول تبؤ بالفشل عند أول عملية تحديثية أو تصحيحية لأن الأفاق تنغلق أمام هذه المحاولات لعدة أسباب أهمها عدم وجود تجارب سابقة أو ثقافة يمكن أن نعتمد عليها في رحلة النهوض أو لأن هذا الموروث لازال يحتكم إلا العقلية البدائية التي لم تفصل بعد بين المتغير والثابت في الفكر العربي .
لذلك يعتقد الكثيرين من المفكرين العرب أن العودة إلى تاريخ العرب قبل حوالي الألف وأربعمائة سنة هي الحل الأنسب لتخليص الأمة من حالة السلبية التي تعيشها حالياً , وهذا الحل بدوره لايقتصر على مجرد إستعادة القوة والمجد والشرف بل ويتعدى ذلك إلى التفكير بضرورة قيادة العالم بأسره وحكمه وفق القانون الذي كان سارياً في تلك الفترة , متجاهلين وسائل التعايش الحديثة والمتغيرات التي حدثت في العالم في خلال تلك الفترة الممتدة من القرن الأول للهجرة وحتى هذا القرن ومع أني أحمل صورة سلبية للقوانين السارية حالياً والتي تضبط سير الحياة إلى أني أيضاً ضد أن يظل الفرد العربي يحلم بإستعادة القانون الذي وجد قبل الف عام لكي يحكم به العالم في هذا الوقت .
ومن ذلك نستنتج أن عقلية المواطن العربي بحاجة إلى ضرب الثابت المتجذر في ذهنيتها والمتمثل بفترة الإزدهار الحضاري بالنسبة لسكان الجزيرة العربية والوطن العربي وحل الموروث الثابت من تلك الفترة وأستبداله بطريقة العمل المتجدد والمتغير من أجل المستقبل ووضع هدف إيجابي يحث على بناء تاريخ جديد بعيداً عن البكاء على أطلال الموروث التاريخي القديم .

()عبد الرحمن الحاج** التجديد الإسلامي وخطاب ما بعد الهوية



#هشام_السامعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيناك بلادي وأنا الغريب فيها !!
- ذاكرة الوطن / ذاكرة الموت !!
- حين تغيب الأميرة !!
- البردوني.. حين يرفض الخنوع حد الموت !!
- مع المجتمع المدني ضد سلطة رجال الدين


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام السامعي - أزمة الموروث في الفكر العربي المعاصر !!