أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود جلبوط - إلى صديقي الساكن في الضفة الأخرى من المنفى














المزيد.....

إلى صديقي الساكن في الضفة الأخرى من المنفى


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1693 - 2006 / 10 / 4 - 09:27
المحور: الادب والفن
    


أذكر أني على حواف يوم صقيعي , والثلج الأبيض , يحيط بنا في كل الأماكن , وعلى أطراف أصابع قلب متثاقل هارب التقيتك مشعلا ......

معا , وبالضبط عند الحدود الفاصلة بين وطن الطواريء ووطن المنفى , وقفنا.....

كانت المرة الأولى , وبعد أن فرغنا من جولتنا في برلين التي كنت لي فيها دليل سياحي , جلست مقابلا لك إلى الطاولة في مطعم صيني دعوتني إليه للغداء لنتعارف , كنت تتأبط قلبا أبويا كبيرا بعينين , يا للهول الآن وأنا أكتب , نسيت لونيهما , وابتسامة يبدو أنك احتفظت بها من أيام طفولتك لا تفارق شفتيك , وملكة للنكتة ....

تذكرت , وأنا جالس أستمع إليك تسرد لي موجزا من متن منفاك , أخيك الشهيد عبد الرزاق , كنت أبحث عنه في ملامحك , كنت بسيطا , متواضعا , صريحا , غادرك الغرور الذي يسم الكثيرين من الرفاق , فكنت مشتعلا ....

لقائي الثاني معك كان على التلفون عندما كنت أنا نزيل المشفى بسبب بعض آثار وطن السجن , كان هذا في منفاي في المنفى بعد فترة وجيزة من وصولي للمنفى ولم أكن بعد قد تعلمت اللغة الألمانية , كنت حينها قد أعلنت الإضراب عن العلاج فاحتاج الأطباء لمن يستطيع الحديث بالألمانية ليشرح لي عن وضعي الصحي فلم يكن حينها في مفكرتي سوى رقم هاتفك بالرغم من وجود الكثير من الأهل والأصدقاء في البقعة التي كنت أقطنها....

لم ألتقيك , وبسبب ما يفصلنا من مسافات , وبسبب منفاي في المنفى , إلا قليلا , ولكنك , ومن اللقاء الأول , خلعت عني غرابتك , و بسرعة ألفتك....

ربما كنت تفتقر للكثير من الحرتقات التي يرى الكثيرون من رواد السياسة والعمل الحزبي أنها ضرورية , ولكني أرى أن لديك الأسمى , النقاء الثوري , فكنت مثلا .

صديقي : إنني في هذا الصباح البارد العادي من غربتي العادية في يوم شتائي عادي , لكنه يزيد النفس وحشة : أشتاقك .
وأنا في خمسيني من التغريبة , ولجوئي النازف , ومنفاي المشرع للمدى : يطل علي محياك الشامخ متلألأ .

بالأمس عندما أتاني صوتك الواهن , الذي تخاف صديقتي , كما أسرت لي , أن تسمعه , عمني الصمت , جلست في زاويتي إلى الكمبيوتر الذي شجعتني على شرائه , ورحت أستجدي ذاكرتي المعطوبة , واكتشفت يا صديقي أني أبحث عنك منذ أدنى العمر الذي التقيتك فيه اعتباطا مشعلا منفيا , إلى أقصى العمر الذي وصلني فيه أنك مريض ولم أعد أستطيع أن أجدك .

بالأمس لما أتاني صوتك عبر الهاتف وهنا , تعبا , بعيدا , أحسست أن قهري قد زاد قليلا , وشعرت برغبة احتضانك , أن أكون قريبا منك جدا .

صديقي : لما لفني القهر من حماقتي الأخيرة وذاكرتي الأخيرة احتجت هدوءك .

واليوم أنا أحتاج موضوعيتك ...

وغدا أحتاج حميميتك , فأنا لا أحتمل فكرة فراقك .

هل أنت مثلي لا تتكلم إلا قليلا ؟ أم أنك هارب مما يعتمرك من قهر شبيه بقهري..

لم يجمعنا وطن الطواريء , لكنا تقاسمنا المنفى , فوحدتنا الشفافية , وفرقنا المرض , فأخذ معه مواعيدنا المعلقة .

هل كنت أحتاج أن تكون في محنتي هذه إلى جانبي , ربما , المهم أشعر أني أفتقدك ..

نعم أصارحك بأنك زدت أحزاننا , أنا وصديقتي وعلي وجفرا , وأناشدك أن تبقى معنا , فما زال فينا شوق لوعد ,
شوق لفجر يولد فينا من جديد , عله يحمل لنا فسحة من حرية للفسحة المتبقية من عمرنا , فأنا أشتم بشائرا للياسمين قد اقتربت....

أما زال لديك مثلي في قنديلك قليل من الزيت ؟؟ لا بأس فهو يكفينا للوصول إلى حواف حريتنا , لنعود إلى هناك , نجمع من حقول حوران باقة من برقوق نيسان , نضعها على قبر الشهيد أخيك .



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حركة التحرر الوطني القومي من الإمبريالية ...متابعة
- الامبريالية وكيفية الخروج من أزمته الراهنة ...متابعة
- البنية الطبقية للنظام الامبريالي
- قصة قصيرة ......فسحة صغيرة من الحرية
- قصة قصيرة جدا......فسحة صغيرة من الحرية
- من أين يأتي هذا الإيغال والمبالغة في سفك دماء الأطفال والغلو ...
- وين العرب.....وين الإسلام ؟؟
- قراءة في البيانات والكتابات السياسية لبعض أطراف المعارضة الع ...
- كتابة على جدار حر
- بالأمس ابتهجت وابتهجت معي قريتي الجاعونة
- خنجر من لحمي في لحمي
- أنا والسياسة الواقعية أو الواقعية السياسية
- من ذاكرة معتقل سابق ...الذاكرة الأخيرة
- هل الأول من أيار عيد للعمل أم عيد للعمال ؟
- ويرحل الحمام
- قصة قصيرة ...موعد في 8 آذار
- -إن درجة تحرر المرأة هي مقياس التحرر بشكل عام-
- محاولة في الغوص في العلاقة بينها وبينه , الرجل والمرأة
- قصة قصيرة......زمن الذاكرة
- حانت ساعة العمل لمنظري الصهيونية لتحقيق رؤاهم


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود جلبوط - إلى صديقي الساكن في الضفة الأخرى من المنفى