أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الناصري - كلمات أخرى الى ستار غانم راضي العابر في الزمن المفقود















المزيد.....

كلمات أخرى الى ستار غانم راضي العابر في الزمن المفقود


أحمد الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 1685 - 2006 / 9 / 26 - 09:55
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


ستار غانم راضي ( سامي حركات ) ذلك الإسم اللامع الذي ملأ جبال كردستان وحركة الكفاح المسلح بآراءه ومواقفه النقدية الجديدة والجرئية، ذلك الإسم الذي خرج من أحياء الفقراء وبيوتهم وطرقاتهم المتربة، وتمرد على التابوهات الغبية والتقليد، وعلى الأسماء والرموز المتهرئة، ومقدسها اللفظي البائر، ورفض الإمتيازات الرخصية التي أغوت البعض ومسختهم، وإستخدم العقل النقدي الى أقصى حدوده، دون أن يتوقف عند النصائح السطحية والمتطلبات الشكلية للنقد والجدل والمراجعات، وأعتبر النقد منهجاً وفضاءاً مفتوحاً، يحتاج الى شروط صارمة وأدوات معرفية هامة وكثيرة، وهكذا بدأ مشروعه الكبيرفي نقد الحالة الحزبية والإجتماعية والسياسية العامة، وكان يتطلع الى آفاق واسعة في المعرفة والكتابة والجدل، لكن يد الفاشية المتخلفة تمكنت منه، وأختطفته وهو لم يزل في بداية مشواره وبداية مشروعه النقدي الثوري، في ساعة مجهولة لكن حزينة، تلك الساعة هي زمنه السري ووقته الخاص المنطقع من سياقه الطبيعي والوجودي، والذي توقف فيه عن الحضور، ودخل لحظة الغياب السرية التي لاتزال قائمة الى هذه اللحظة الحزينة أيضاً .
سأظل أكتب عنك يا صديقي القريب، ويا صديقي الغريب في غيابه المأساوي، سأظل أبحث عنك، وأظل أرقبك وأراقبك، وأظل أنتظرك في منعطف العمر، لعل معجزة حياتية تحصل، ولعل شيئاً غير مألوف يدخل في المألوف، ولعل الإنتظار يموت ويسقط، مثل بعض الظواهر الحياتية والطبيعية الأخرى التي تنبثق من العدم ولو بشروط خاصة، أو كما في الميتافيزيق والتخيل والحلم، سأكتب عن سجاياك وعن تجربتك الخاطفة لكن المركزة والمعمقة، سأكتب عن أحلامنا المتواضعة والمغدورة، عن تجربتنا في مواجهة الخطأ، عن الجرأة الزائدة، وعن الحكمة والعقلانية والخطر، وعن الوضوح والمواجهة الواعية والمخططة، عن لغة التهكم والفجاجة، وعن التطور والتخلف والضعة، وعن آلاف الكيلومترات التي قطعناها سوية، بعضها أفقياً، وبعضها طولياً، حيث كنا ندور في نفس المكان ونحن نبحث عن حجر الفلاسفة، عله يساعدنا على تغيير الأوضاع بشكل سحري، أوكنا نحث الخطى في جب أخوة يوسف في شتاء عام 84 الطويل والقاسي، متكورين على أجسادنا المنهكة والمنتهكة، حيث هرير ليالي الشتاء الطويلة، التي فرضها أخوة يوسف أو تلاميذ يهوذا، والذي واجهناها ببطانية عسكرية سوداء واحدة وقذرة، ونحن ننام على الفضلات البشرية، وسط الخطر الداهم والتهديدالمنفلت، في مفارقة ملفتة وسوداء ومضحكة وغريبة في آن، سأكتب عن صبرك الطويل والبالغ، عن صبرك الجميل، وعن ذوقك الرفيع في كل شيء، وعن تجاربك العاطفية العابرة والمستقرة، وموقفك من المرأة، وعن المكابدة الخاصة والعامة، وعن حبك للدنيا والناس، وعن مساهماتك السياسية والنظرية، وسعة بصيرتك ونظرتك للظواهر والحالات المتنوعة التي واجهناها أو التي واجهتها وحيداً، رغم العزلة شبه الإختيارية، ورغم الشح في المصادر وفي كل شيء تقريباً ، لكنك كنت تفاجئنا يومياً برأي جديد أو بمعلومة جديدة، ولاندري من أين تأتي بها ونحن في ذلك الحصار وتلك العزلة الباذخة، ربما هي الموهبة والقدرة على المجالدة وعبور الحواجز والموانع مهما علت ومهما تعددت أو كبرت.
لا ندري للآن نحن أصدقاء سامي ورفاقه وخاصته، متى جرى إعتقاله وأين وكيف ؟؟ ومن هي الجهة الفاشية التي قامت بذلك ؟؟ وعدد الجلاوزة وأسمائهم وسحنهم الكريهة ؟؟ وأين إقاتدوه ؟؟ وكيف وصلوا إليه ؟؟ أو من الذي وشى به إذا كانت هناك وشاية أو إعتراف وتراجع أو خيانة أو إندساس وإختراق تنظيمي ؟؟ لانعرف الساعة واليوم والشهر الذي جرى إعتقال سامي حركات به ؟؟ ولا نعرف كم من الوقت بقي في المعتقل لحين تصفيته وقتله ؟؟ وماهي الأساليب المتبعة ضده ؟؟ وهل كان في زنزانة إنفرادية، أم في موقف جماعي ؟؟ كل هذه الأسئلة وأسئلة أخرى ظلت حائرة ومن دون جواب أو توضيح ولو بسيط لها، ولقد بذلنا جهداً كبيراً في تتبع آثار سامي والوصول الى نتيجة محددة، عبر عائلته أو أصدقاءه وزملائه من طلاب وخريجي كلية الزراعة في بغداد، أو المجال الذي نشط فيه بعد تسلله الى بغداد في مرحلة ما بعد الإنتفاضة، وقيادته لعمل تنظيمي وفكري وإعلامي وجماهيري واسع وهام جداً، وكنا نأمل في الوصول الى نتيجة ما بعد الحصول على جميع وثائق المؤسسات الأمنية الفاشية المفككة، لكن هذه الأمكانية تراجعت وتلاشت تقريباً، بسبب إتلاف هذه الوثائق أو التصرف الخاص بها من قبل جهات غير وطنية أو أفراد أو من قبل المحتل، كما إن غياب الإستقرار الأمني وإنفلاته وخراب الوضع السياسي وطغيان الإرهاب الجماعي والفردي، قد أنهى تقريباً إمكانية متابعة مشكلة المفقودين وكشف مصائرهم، وتبيان الحقائق لإهلهم وعوائلهم وأصدقاءهم، وللرأي العام الذي يتطلع الى أجوبة شافية وقاطعة، لكن الرأي العام منشغل الآن بأكداس الجثث المرمية في الشوارع والمزابل والمجاري، في مفارقة دموية صارخة، تشكل الصفحة الثانية والخطيرة من مسيرة الدم والقتل العراقي .
أقدر وأعرف الظروف القاهرة والشاذة التي يمر بها وطننا، لكنني أستغرب من الصمت المريب الذي يسود في أوساط أصدقاء سامي ومعارفه وكل الشهداء الأبطال، ولماذا هذا الجحود والنسيان والتناسي ؟؟ هل خلاف سامي أو منتصر سبباً لذلك الصمت ؟؟ لكن لماذا لم يكتب عن الأسماء الأخرى ؟؟ أين هي الأرشفة المنظمة والعلمية وتسجيل الشهادات والذكريات عن الأصدقاء ؟؟ أين هي الأعداد الكبيرة التي عاشت في الجبل أو مرت به، من أن تسجل أو تحكي أو تنقل لو قصاصات بسيطة أو شذرات من ذاكرة طويلة لأيام وشهور وسنين طويلة ؟؟ وتجربة قاسية ومتنوعة ؟؟ أين هي الذاكرة الصداقية والإنسانية، الطيبة والبسيطة لكن الصادقة، لكي تسجل الأحلام والأمال والأحزان المشتركة ؟؟ وتسجل مالها وما عليها ؟؟ أين هي وثائق تلك التجربة وتقييمها وتدوين يومياتها وتفاصيلها ؟؟ هل جف حبر الذكريات، أم إنها ذكريات لاتستحق التسجيل والتدوين والنقل ؟؟
سأقترح يوم إفتراضي لإستشهاد صديقنا الكبير والجميل ستار غانم راضي ( سامي حركات )، وهو واجب وحق لنا، بعد محاولة أخيرة للتعرف على مصيره، ولكي يصل هذا النداء الجديد الى كل من يهمه أمر صديقنا سامي، لمن يعرف عنه أية معلومة أو إشارة مهما كانت بسيطة، ربما توصلنا الى الخيط الأساسي لكي نتمكن من كشف هذا المصير المأساوي لسامي ولغيره من المفقودين والضحايا في زمن الفاشية القذرة والغادرة، أو في زمن الإحتلال القذر والغادر، وفرق الموت المتعددة، وهم للأسف كثر ، ويشكلون مشكلة وطنية وإجتماعية وإنسانية ونفسية بالغة الخطورة والتعقيد، مشكلة مأساوية بقدر محنة الوطن الحزين الراهنة، وجزء بارز منها، وهي تغطي خارطة البلاد من أقصاها الى أقصاها.
في ذكرى غيابك وفقدانك أهدي لك كل الكلمات الجميلة التي تحبها، وكل الأغاني والقصائد التي تعشقها، وكل الكتب التي تهتم بها، أهدي لك الياس ( الآس ) العراقي المحبب لك، أهدي لك وردة الصداقة والموقف المشترك وذكريات التجربة العميقة والجرئية، أهدي لك رايتنا وكتبنا وأشرطتنا التي دارت بها البغال الوفية في أرجاء الوديان والقمم والشُعب والكهوف الجبلية، ولم تسترح منا، ولم نسترح منها، في مواجهة طويلة كأنها لاتنتهي، ومازلت أحمل الحلم المشترك، وأتطلع الى لقاءك كي نراجع التجربة، ونكتشف أين أخطأنا وأين أصبنا، وماهو المطلوب الآن من مهام وطنية جديدة وصعبة ومختلفة، لمواجهة طوفان الدم الراهن، ولبناء وطن يحمي أطفاله وأحلامة ومستقبله، وطن يطعم فقراءه بالسخاء العراقي المعهود، ويخلصهم من الموت وفقر الدم وسوء الحال .. والسؤال هل لنا أن نقوى ونقدر على الإستمرار والمجالدة في هذه المحنة الطويلة ؟؟ أعرف أنك تقدر .

بطاقة شخصية
الأسم الكامل : ستار غانم راضي
الأسم الحركي : سامي حركات
مواليد 1954 مدينة الثورة بغداد
خريج كلية الزراعة – بغداد
كادر طلابي معروف في بغداد
أعتقل في عام 79 على يد السلطة الفاشية في بغداد
إلتحق بصفوف حركة الأنصار في كردستان منذ بدايتها عام 79
كادر حزبي وعسكري بارز .
قاد حركة فكرية وسياسية في كردستان، ضد أخطاء ومواقف القيادة اليمينية للحزب الشيوعي العراقي، وقد أعتقل على يد عناصر القيادة اليمينية مع مجموعة الشهيد منتصر المعروفة .
أسس مجموعة ( الشيوعيين العراقيين ) .
أصدر وساهم في كتابة العديد من الكراسات والدراسات والبيانات الهامة .
ساهم في الكثير من الحوارات والنقاشات مع منظمات وشخصيات ماركسية .
عاد الى بغداد بشكل سري، بعد فشل الإنتفاضة الوطنية عام 91، ويبدو إنه أعتقل عام 93 ولم يعثر له على أثر للآن، لا في المقابر الجماعية ولا في الوثائق والسجلات المكتشفة في الأجهزة الأمنية الفاشية، رغم جهود إصدقاءه .



#أحمد_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليقات سريعة على أحداث وأخبار أمريكية ساخرة ومتنوعة
- متابعة وتعليق : حول تصريحات ورسائل بوش والإدارة الأمريكية ال ...
- كلمة : رأي في المسألة النووية الإيرانية وأوضاع المنطقة
- ماذا حصل في العراق في شهر تموز الفائت ؟؟
- كلمة : عن الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية
- كلمة : وحشية العدوان الصهيوني وحجم الكارثة
- لبنان الكرامة والشعب العنيد
- يوميات العدوان : المرحلة البرية الأخيرة المتعثرة، ووضع المقا ...
- يوميات العدوان : مفارقة الربط التعسفي بين الشرعية الدولية وا ...
- يوميات العدوان : إجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب المتأخر، ش ...
- يوميات العدوان : قراءة أولية في مشروع قرار مجلس الأمن الدولي
- متابعة ليوميات العدوان : العدو يفشل في التقدم البري، والمقاو ...
- متابعة وتعليق : مصير الهجوم الصهيوني الرئيسي الأخير، هل إنتص ...
- تعليق : مابعد اللحظة الراهنة ، الهجوم الصهيوني الجديد، وعدم ...
- كوندليزا رايس في غرفة العمليات الحربية الصهيونية
- مجزرة قانا الجديدة : الأمريكي والصهيوني يكرع الدم اللبناني ب ...
- كلمة : إطردوا كوندليزا رايس، وأمنعوا القوات الدولية في الجان ...
- كلمة : المقاومة اللبنانية باقية، ولواء كولاني الوحشي ينهزم، ...
- بيروت مربع الوجود والبقاء والحياة
- المنطقة تحترق والعالم الرأسمالي يتفرج وينتظر ويخطط للمستقبل


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الناصري - كلمات أخرى الى ستار غانم راضي العابر في الزمن المفقود