أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال الشريف - الحب الأول لا يغيب !!!















المزيد.....

الحب الأول لا يغيب !!!


طلال الشريف

الحوار المتمدن-العدد: 1658 - 2006 / 8 / 30 - 10:45
المحور: الادب والفن
    


ِِقصة قصيرة:

علا صوتها عبر سماعة التليفون، واحتدت نبراتها، وهي تقول, يا دكتور، أنا ست متزوجة، وأحب زوجي، وهو يحبني, وكفاك إزعاج برسائلك لي، وكتاباتك عني, فأنا لم أعد أحتمل هذا الذي تفعله, وأرجوك ابتعد عن طريقي.

اضطرب للحظة، ثم طلب منها ألا تتحدث بهذه الأشياء أمام أحد, لكونها تتحدث في وجود شقيقها، الذي كان أول من رد علي التليفون قبلها، وأن أحداً من أهلها لم يكن علي علم بعلاقتهم السابقة، وسيفاجئون من كلام مثل هذا بين ابنتهم وصديقهم الدكتور (....).

وقد زادت الطين بله، عندما بدأت بعصبية تعدد الجالسين حولها، ليسمعوها، وهي تطلب منه أن يبتعد عن طريقها, قائلة: أريدهم أن يسمعوا, فهذا أبي، وهذه أمي يجلسون أمامي، ويسمعون،وأرجوك أن تكف عن مطاردتي وابتزازي.

وكان عليه أن يقفل الخط، وينهي هذه المكالمة، لكنه لم يستطع، فقد مر عامان دون أن يسمع صوتها، أو أن يراها،وكان ينتظر زيارتها لأهلها من الخارج بمنتهي الشوق والحنين، فكيف يستطيع أن يغلق السماعة؟ وهو يستمع إلي صوتها المميز، الذي كان يرن في أذنيه كلحن الخلود. هذا الصوت الذي جرفه إلي سحر عينيها منذ ست سنوات، ليقع في حبالها، ولم تهدأ ثورة حبه لها منذ ذلك التاريخ، رغم زواجها، وطفلتها الأولي القادمة معها لزيارة أهلها.

هدأها بكلماته، وهو يقول خلاص، مادمتِ تحدثتِ بالسر الذي لا يعرفه أحد غيرنا طوال هذه المدة، فاسمعيني جيداً. أنا لا أبتزك، ولا أطاردك بالشكل الذي تتحدثين عنه, فقصتنا العاطفية قد انتهت منذ أن اخترت الزواج بآخر, ولكن هذا لا ينهي الذكري الجميلة، وتلك الأيام التي بيننا، فهي أصبحت من الذكريات التي نملكها كلانا، وأنا أتحدت إليك بعزة الأصدقاء، اللذين كانا في يوم من الأيام حبيبين ودودين، ولهما قصة عشق جميلة .

فقالت، أنت تحرجني بكتاباتك، وعندما أقرؤها، أفهم منها كل ما كان يدور بيننا بطريقة مفضوحة، وتربكني صراحتك الزائدة، بتحديد الوصف، وكأن أي أحد من القراء يستطيع التعرف علي، وأنا قد أصبحت متزوجة، ولي طفلة.

فقال لها كيف هذا؟ فالناس تقرأ لكل الكتاب، والشعراء، فهل كلهم مفضوحين إلي هذا الحد؟ أَوَ كلما كتب كاتب قصة، أو شاعر، أو ولهان، أو متيم، قصيدة، أو خاطرة، فبالضرورة أن يكون هذا جزء من حياته، أو تجربته الخاصة؟ فقالت: لا، فالكُتاب، كثيراً ما يؤلفون، وكثيراً ما يكذبون, فقال لها نعم، و كل القصائد أيضاً ليست حقيقية.

فقالت لا، لكن الشعر حقيقي، ولا ينبع إلا من عاطفة ذاتية، وتجربة شخصية، وهو أكثر فضائحية من القصص والروايات، وأنت قد نشرت أكثر من عشرين قصيدة، تكاد تصفني تماماً، فقال لها: وهل تريدينني أن أصف أي واحدة غيرك؟ فقالت: لاتهمني، فأنا امرأة متزوجة، فقال لها: هل تقرئي ما أرسله لك؟ فردت عليه دون تفكير، أحياناً تصل مشفرة، فقال لها: لماذا لا تطلبي مني إعادة إرسالها؟ وعندها استدركت، قائلة، لا لا لا، لاتصلني رسائلك بتاتاً، فأنا وضعت علي أيميلك بلوك، لأنني أحب زوجي وزوجي يحبني،وخلاص مع السلامة يا دكتور، أريد أن أنهي المكالمة، فأجاب بعد أن أدرك أنها تقرأ، وتحتفظ بكل ما يرسله لها.

إذا أردتِ فأغلقي السماعة؟ فهذا شأنك، ولماذا تستأذنين مني؟ أنت حرة وتستطيعين إغلاق التليفون الآن.
وانتظر أن تغلق الخط، لكن الخط بقي مفتوحاً وهي تحاول الحديث إليه. وهو يستمع ولا يرد، واضعاً السماعة علي أذنه، و يصدر نحنحات، كأنه مشغول بشي آخر.

وما هي إلا برهة، حتى، سمعها تقول لماذا لا ترد؟ لماذا لا تغلق التليفون، إما أن تغلق، أو ترد علي. فقال لها: لماذا لا تغلقي أنت؟ فأنا لا أستطيع الإغلاق. وصمت طويلاً دون كلام. حتى انفجرت قائلة: ألو ألو دكتور ، وين رحت؟ ليش بتعمل فيه هيك؟ لماذا لا ترد يا ( .... )؟ وبقي صامتاً، دون إصدار أي صوت أو نحنحة، وهو يستمع لهذيانها، وهي تحاول إجباره علي الكلام، و عندما فاض بها الغرام، وأدركت أنه يستمع إليها، ولا يريد الكلام، قالت: طيب دكتور، أرجوك أن ترسل لي باستمرار ما تكتبه من خواطر، وشعر عن حبنا، فأنا أعيش علي كلماتك، وأحفظها في ملف خاص علي الكومبيوتر، لكي لا يراها أحد، وهي الذكريات الجميلة التي لم يمنحها لي غيرك، فأنا أشتاق إليك ليلاً ونهاراً، ولا تفارقني قسماتك، فأنت أجمل صفحة في حياتي، أنت البداية، وبك قلبي قد بدأ الخفقان، وليس لامرأة أحلي من ذكري رجل أحبته بكل مشاعرها، وكل الأشياء الأخرى التي نلمسها بحواسنا، ونجربها، سرعان ما نفقد معانيها، وزخمها، ولذتها، إلا أنت، الذي تصحو وتنام ذكراه معي، ولا تفارقني، ولا أنساها أبداً، رغم محاولتي نسيانك، فزواجي لم يضع نهاية لحبي لك، بل زاد اشتياقي وحنيني لأطيب وأجمل مخلوق عرفته.

كل هذا الحديث، كان يستمع إليه، دون رد، وفجأة، قال لها بصوت غلب عليه الاجهاش: مبروك الحمل الجديد، فردت عليه باندهاش كبير، قائلة: معقول؟ كيف عرفت ذلك؟ لا أحد يدري بهذا، أنت جني، ولا يعلم بذلك إلا زوجي فقط، ولم نخبر أحداً بتاتاً، وكأنك موجود بيني وبينه، فقال:نعم أنا موجود بينكما، فأنا جزء منكِ، وأنتِ جزء مني، ونحن روحاً واحدة، فهل أدركتِ هذا؟ فصمتت لحظات، وهي تتمتم،ولا تدري ماذا تقول،ثم قالت تعرف يا ( .... )، نعم نعم، لقد حدث لي من قبل، واستغربت حينها، فعندما كنت في الطائرة في رحلة داخلية قبل تسعة أشهر، وصادفنا مطب هوائي كبير، ولم أكن من قبل، قد تعرضت لخطر شديد شعرت معه بإمكانية الموت إلا هذه المرة.

تصور يا ( .... ) كنا نحس أننا علي وشك الموت فعلاً في آتون هذا المطب الهوائي العنيف، وبدأ الركاب بالصراخ، فتكورت محتضنة طفلتي، ولم يأتني في هذه اللحظة إلا صورتك.. ملامحك.. صوتك فقط، وكأنه طوق نجاة هبط إلي من السماء، وبقيت في مخيلتي مسيطراً، حتى شعرنا بالأمان، وتجاوزت الطائرة هذا المطب المرعب, وعندها بدأت أتذكر طفلتي ذات الثلاثة أشهر، التي كنت أحتضنها، وبعدها بلحظات، تذكرت أبي وأمي، وبعدها بلحظات أخري، وعندما نظرت إلي ابنتي، تذكرت زوجي.

نعم يا ( .... )، أنت بي، وبداخلي، ومعي في اللحظات الحاسمة، وها أنت تعرف بأنني حامل،وكأنك جزء من كياني، من رحمي،من دمي، ولا أحد في الدنيا عرف ذلك، فأنت قديسي، وأنت مني، ومعي، وأنت أنت الذي أحببت , ويكفيني أن تكون معي في اللحظات التي لا أثق بالتوحد فيها بأحد، إلا أنت إلا أنت،يا رحمي، يا دمي، يا كلي، يا أولي وآخري. فكيف أنساك يا ( .... )؟.




#طلال_الشريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كله يفوق !!
- التوحش !! قصة قصيرة
- أباتشي اتنين وزنانتين !!!!
- سنذهب الي بحرنا كل يوم يا جاك !!!!
- ياشيخه هقوشتيني !!!!
- رنا يا حلوة الحلوات!!!!
- إن الحرب تشتعل !!!
- لا تبك يا طيب !!
- أبد أبد !!!
- مريدون ... للنذل والحرامي والديوث !!!
- المنجليط .. والمنجلوط !!
- اخلاص حتي اللحظات الأخيرة !!
- اصابات متكررة .. بنيران صديقة !!!
- قدر !!
- من تخرج السين .. ثيين
- هل كان فوز حماس ... خير لابد منه ؟!!
- احرث وادرس كله لبطرس!!!
- نداء ... للتراث !!!
- سويلم والتمارييز
- لأحبائنا ...هذا النداء !


المزيد.....




- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال الشريف - الحب الأول لا يغيب !!!