أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - انتصار الدولة والمقاومة في لبنان ممكن!















المزيد.....

انتصار الدولة والمقاومة في لبنان ممكن!


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 1634 - 2006 / 8 / 6 - 09:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فيما بين 14 شباط 2005 و12 تموز 2006، كان اللبنانيون الذين يهتمون بانتقاص السيادة اللبنانية من قبل إسرائيل يميلون على العموم إلى التقليل من شأن انتقاصها الناجم عن وجود سلاح مستقل عن الجيش، وعن وجود قرار بالحرب (والسلم؟) مستقل عن الدولة. بالمقابل، نزع اللبنانيون الذي لا يكفون عن التنبيه إلى هذا الانتقاص الأخير إلى إغفال أو التقليل من شأن الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لسيادة لبنان واحتلال مزارع شبعا. وراء الانقسام اللبناني حول السيادة سيادة للانقسام في الاجتماع السياسي اللبناني، فاقمتها تداخلات إقليمية مؤثرة (أكثرها عدوانية التدخل الإسرائيلي)، والتباسات جغرافية تاريخية في منطقة المشرق العربي، يعرض الكيان اللبناني ألوانا متعددة منها.
لا يمنع ذلك، بل إنه قد يدعو إلى النظر إلى الحرب اللبنانية الإسرائيلية الراهنة بأنها فرصة لبلورة أفق حل وطني لبناني، يجمع بعدي سيادة البلد الداخلي والخارجي من جهة ويوحد اللبنانيين من جهة ثانية: انسحاب إسرائيلي من شبعا، وتحرير الأسرى اللبنانيين، وكفالة دولية بأن تكف إسرائيل عن انتهاك الأجواء والمياه اللبنانية، يكملهما توحيد السلاح واحتكار الدولة للسيادة الداخلية والخارجية.
ميزة تصور حل يتمحور حول سيادة لبنان أنه متوافق مع منطق الدولة بما هي كذلك، ويمكن تكون إجماع لبناني واسع حوله. أي أنه منطقي ووطني معا، فضلا عن كونه بسيطا وسهل العرض والفهم. وهو بعدُ مُضمًّن في المقترحات التي تقدم بها الرئيس فؤاد السنيورة أمام مؤتمر روما، وتتجه نحوه أفكار عدد متزايد من اللبنانيين ومحبي لبنان.
ينتفي أي مسوغ لاحتفاظ حزب الله، وهو لبناني، بسلاح مستقل عن الدولة إن لم تبق أراض لبنانية محتلة ولا أسرى في السجون الإسرائيلية. وبذلك تكون المواجهة الراهنة، التي كلفت لبنان كله الكثير جدا، فرصة لأن يستعيد الشعب اللبناني وحدته ويستكمل الوطن اللبناني سيادته بعد انقسام مديد وسيادة منقوصة أو غائبة منذ عقود.
قد لا يرضي هذا التوجه فاعلين إقليميين، لكن من المنطقي والعادل أن امتناع الفاعلين هؤلاء عن مشاركة لبنان المواجهة العسكرية الراهنة يحرمهم من الحق في جني مكاسب خاصة منها.
في المجرد، يمكن تصور أفقي حل آخرين، لكنهما لا يستجيبان لمطلبي توحيد اللبنانيين واستكمال السيادة الوطنية. الأول هو أن يحتفظ حزب الله بسلاحه وبقرارات سيادية، بصرف النظر عن أي تطور محتمل على مستوى شبعا والأسرى؛ والثاني أن يجرد الحزب من السلاح والقرار المستقل دون استرجاع المزارع ودون ضمان بأن تكف إسرائيل عن انتهاك سيادة لبنان. ليس هذان حلان لمشكلة لبنان بل "حلان" للبنان ذاته، لا يبهجان قلب إلا من يعتبر لبنان هو المشكلة.
لكن هل ترضى إسرائيل، ووراءها أميركا، بأفق حل يتمحور حول السيادة اللبنانية؟ ليس ثمة ما يدفعهما إلى قبول ذلك. لكن فرص الدفع بهذا الاتجاه أكبر إذا تبناه اللبنانيون، الحكومة وحزب الله بصورة خاصة، وكذلك الأطراف العربية "المعتدلة" التي أخذت تعدل موقفها البدئي، ولو في العلن (في مراعاة جزئية لميول شعوبها، وتسجيلا لتحفظ على التطرف الأميركي الإسرائيلي المفرط). وإذا اجتهدوا في تسويقه دوليا. وبالخصوص، في اتجاه الاستفادة من التباعد الملاحظ بين المواقف الأميركية والأوربية.
إن وضع برنامج سياسي معقول للصراع الراهن لا يقل أهمية عن خوض الوجه العسكري للصراع ببسالة. فهو يوفر للبنان "تصوراً متكاملاً لردع العدوان الاسرائيلي والخروج من هذه المحنة القاسية" كما لاحظت "حركة التجدد الديمقراطي"، يوم 28 تموز في تعليق لرئيسها نسيب لحود على خطة الرئيس السنيورة. وبالعكس، من شأن برنامج متطرف أن يغلق الأفق السياسي ويجازف بإهدار التضحيات اللبنانية. المتطرفون اليوم هم الإسرائيليون والأميركيون. وفي وسع سياسة معتدلة وثابتة من قبل حزب الله والحكومة اللبنانية أن تضعف موقفهما وتدفعهما، ولو بطريق ملتوية، إلى القبول بما يقبل به اللبنانيون والعرب والأوربيون.
ما الذي تجنيه إسرائيل من ذلك؟ بداية، كلما واجهت صعوبات أكبر على الجبهة العسكرية كانت الفرصة اكبر لأن ترى في حل لبناني شامل مخرجا لها. شرط إمكان هذا الأفق هو أن لا تنجح إسرائيل في تحطيم حزب الله أو استئصاله، أو في تدمير الدولة والمجتمع اللبنانيين. إذا انهارت الدولة، أو لجأت قوى لبنانية إلى تدبير رأسها بطريقتها، انهزم حزب الله مهما يكن أداؤه العسكري.
يمنح التصور المتمحور حول السيادة الوطنية الكاملة أفقا سياسيا لكفاح حزب الله الحالي، وإن كان مختلفا عما كان في باله وقت أسر الجنديين الإسرائيليين. وعلى أية حال، لم يعد الكلام على مفاوضات غير مباشرة بهدف تبادل الأسرى موافقا لمقتضى الحال. لقد تجاوزته الأحداث، والفاعلون الدوليون على اختلافهم باتوا يومئون إلى قضية شبعا، ويقرون بتبادل الأسرى. الوضع الحالي غريب بعض الشيء: حزب الله لا يشير إلى شبعا، بينما أخذ الأميركيون والإسرائيليون بالذات يتداولون الكلام عليها. الحزب مدعو إلى التكيف المرن مع تطور الأحداث في اتجاه يفترض أن يناسب تطلعاته وتطلعات اللبنانيين. إن استعادة مزارع شبعا هو وحده ما يمكن أن يتوج مقاومة حزب الله الفعالة بانتصار سياسي لبناني. بالمقابل، ثمة خطر حقيقي في أن يتسبب غياب الأفق السياسي أو عدم ملاءمته لا إلى تبديد التضحيات الحالية بل وإهدار انتصار عام 2000 بالذات.
لا مجال لنصر عسكري. ليس لأن النصر سياسي بالتعريف (لذلك إسرائيل عاجزة عن النصر، مهما ألحقت بنا من هزائم)، ولكن لأنه في مجال الموازين العسكرية المحض يدين التفوق المطلق لإسرائيل. ما يحد من هذا التفوق هو حسن سياسة الطرف اللبناني وعدالة القضية التي يدافع عنها. وحتى لو افترضنا أن إسرائيل رضيت الآن بتبادل الأسرى وتجمد الوضع على ما هو عليه، ما سيعتبر فوزا لحزب الله، فإن النقاش اللبناني والدولي حول الحرب وأسبابها وأكلافها سيضع الحزب في موقع مساءلة من قبل أكثرية اللبنانيين الذين شاركوه على العموم تحمل نتائجها، ما يهدد بضياع النجاح المحقق. أي أن الإنجاز العسكري لحزب الله لا يعني بالضرورة مكسبا سياسيا لبنانيا. وبالعكس. يمكن لتسوية سياسية تتمحور حول استكمال سيادة لبنان أن تنصف الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي لحقت بلبنان ومقاومة حزب الله نفسها. بهذا يتحقق انتصار للبنان ولحزب الله معا.
لكن الاحتمال الأكثر واقعية ليس توقف الحرب وتجميد الوضع الراهن، بل أن تعمد إسرائيل إلى تدمير منهجي واسع النطاق للدولة والمجتمع اللبنانيين، بدرجة تتناسب مع إخفاقها في ضرب مقاومة حزب الله. وحده أفق سياسي يحظى بقبول دولي يتيح محاصرة هذا الاحتمال.
زبدة القول، إن أفق حل لبناني شامل هو وحده الذي سيمنح تسويغا وطنيا لبنانيا لقرار اتخذه حزب الله بمفرده ونفذه بمفرده يوم 12 تموز، وهو وحده الذي يدرج القرار ذاك والقتال الشجاع من قبل رجال الحزب ضمن استراتيجية وطنية شاملة يمكن أن يتوحد حولها اللبنانيون. وهو ما يتيح كذلك حرمان إسرائيل والأميركيين من تحقيق برنامجهم الاستئصالي المتطرف (اقتلاع حزب الله)، ويمنعهم تاليا من فرض إرادتهم على لبنان.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهل بيت الموت!
- مصلحة لبنان والعرب منع هزيمة حزب الله
- بالمقلوب: متطرفون عموميون ومعتدلون خواص!
- حرب ضد لبنان: استراتيجية ممتنعة وعدالة غائبة
- أقنعة النظام الشرق أوسطي المتعددة
- عن الأمن المطلق والمقاومة المطلقة وزيغ الحداثة
- محنة المثقفين السوريين بين أهل التخوين وأهل الاعتقال
- بين ليبراليتين في سوريا: -ليبرالية موضوعية- بلا وعي ذاتي، و- ...
- في صدد خصائص ثلاثة لليبرالية الجديدة العربية
- الليبرالية والديمقراطية والحداثة السياسية
- في أن الغرب طائفي، وأن موقع العقل الكوني شاغر
- إطلاق سراح الماضي لقطع الطريق على ثمانينات جديدة...
- احتلال الجولان وانتقاص مقومات الوطنية السورية
- تحت ظلال العار..!
- ميشيل كيلو وولادة المثقف السوري
- من -العروبة أولا- و-سوريا أولا- إلى الوطنية الدستورية
- -انغماس في العيب- حقاً!
- أوربا ومخاطر انفجار قيامي للشرق الأوسط
- خارج السلطة: تحول موقع الماركسية الثقافي
- تساؤلات بصدد الحرب الأهلية والحرب الطائفية


المزيد.....




- سامح شكري يبحث مع نظيره الإيراني حل المسائل العالقة بشأن تطب ...
- بعد تلويح قطر بإغلاق مكتبها.. تشكيك بدور -حماس الدوحة- وحديث ...
- هل -فشلت- شركة تسلا على نحو غير متوقع؟
- في إطار مراجعة دورها - هل تغلق قطر مكتب حماس في الدوحة؟
- واشنطن تبحث عن نفوذها الضائع في ليبيا
- غانتس يعلن أن إسرائيل لم تتلق ردا عن موافقة حماس على الصفقة ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مبنيين في مستوطنة شتولا شما ...
- مصر.. بيان من وزارة الصحة حول الإصابة بالجلطات بسبب -أسترازي ...
- فوز عمدة لندن صادق خان بولاية ثالثة
- الأرثوذكس الشرقيون يحتفلون بمراسم -النار المقدسة- في القدس ( ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - انتصار الدولة والمقاومة في لبنان ممكن!