أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فالح عبد الجبار - منطق الميليشيا، منطق الدولة















المزيد.....

منطق الميليشيا، منطق الدولة


فالح عبد الجبار

الحوار المتمدن-العدد: 1631 - 2006 / 8 / 3 - 11:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يكاد الوضع في بغداد أن يوازي عذابات الجنوب اللبناني، تدميراً وتهجيراً وقتلاً، مع فارق أن أهوال بغداد صناعة محلية أبطالها الميليشيات والمافيات. حسب بعض التقديرات ثمة ثلاثون ألأف عائلة هجرت منازلها تحت وقع التهديد السنّي في الكرخ، والشيعي في الرصافة. لم يبلغ التوتر الطائفي هذا القدر الهائل من قبل.
ويبدو أن العام 2006 ينزلق، بقصد، في وجهة معاكسة للعام 2005.
العام الماضي كان عام البدء بتأسيس الشرعية الدستورية، التي اجتذبت كتلا سنّية مؤثرة الى العمل السلمي المؤسساتي (الحزب الإسلامي، أهل العراق، وكتلة المطلك).
في المقابل، دشن عام 2006 رحلة معاكسة هي تحول كتلة شيعية من العمل المؤسساتي الى العنف السافر عبر الميليشيات، وهي نقلة باتجاه الطائفية المعممة. بتعبير آخر ان جرثومة الاجرام الاصولي - البعثي، القتل الجماعي على الهوية، أصابت الآن الضحية والجلاد معاً. وبذا أصبح الاجرام الطائفي مبدأ سامياً للمجتمع الجديد، يعلي من شأن غريزة الانتقام العشوائي، وغزيرة الفتك، ويقضي، في آخر المطاف، على أي مظهر من مظاهر الدولة المدنية وأساسها القانون. والمعروف، أيام العهد الملكي، أن القتولات كانت تسوى بين العوائل بدفع الديّات والتنازل عن الشكوى، لكن الدولة كانت تصر على أخذ «الحق العام»، أي انزال العقاب بالقاتل، باعتبار أن «العقوبة هي حق المجرم»، كما يقول فقهاء القانون.
من الوجهة السياسية، يبدو أن سلسلة التفجيرات التي ابتدأت بالعدوان على مرقدي الإمامين في سامراء، وترافقت مع الإعدامات العشوائية، وانتهت بالتطهير الطائفي في أبرز أحياء بغداد، كانت رداً على عام الانتخابات وعام الدستور، وإلا فنجاحها، كما نعتقد، راجع الى ضعف تماسك بعض الزعامات الشيعية الإسلامية.
وتتوجه سهام النقد، بالدرجة الأساس، الى جيش المهدي _ ميليشيا حركة السيد مقتدى الصدر، ومنظمة بدر، ميليشيا المجلس الأعلى للثورة الإسلامية بزعامة السيد عبد العزيز الحكيم. ويبدو أن هاتين المنظمتين مسؤولتان بصورة أو بأخرى عن ظهور وتبلور وترسخ كتلة شيعية حربية تنشط خارج نطاق المؤسسات الشرعية. ولعل هذا، كما يبدو، جزء من حمى تقليد الطوائف والجماعات لبعضها البعض. فالتشيع مثلاً يقتضي، ضمن تقاليده الفقهية، وجود مرجعية دينية عليا، أما التقاليد السنّية فتخلو من هذا التقليد. لكن هيئة علماء المسلمين صارت تتحدث عن نفسها بوصفها «مرجعية» وحيدة لأهل السنّة، محاكية التقاليد الشيعية. في المقابل، صارت بعض الأحزاب والحركات الشيعية تتجاوز رأي المرجعية العليا في النجف، مشهرة مبدأ الاستقلال والتعدد، محاكية التقاليد السنّية. وكان آخر عنقود المحاكاة انتقال كتل سنّية الى العمل الدستوري على الغرار الشيعي المعتدل، مقابل انتقال كتل شيعية الى العمل المسلح غير الدستوري على الغرار السنّي المتطرف.
لعل انتقال «جيش المهدي» الى التطهير والثأر الطائفي يشكل مفاجأة، قياساً الى تريخه. فقد برزت الحركة الصدرية، حاضنة جيش المهدي، على خلفية نزعة عراقية أُشهرت في وجه القادمين من المنفى، كما في وجه سلطة التحالف الموقتة (سلطة الاحتلال). وكان الصدر نقطة جذب للقوى السنّية المتطرفة التي حاربت في الفلوجة بالتزامن مع تمرداته في النجف. أما اليوم فإن هذه القوى عينها تصف الصدر بأنه «إرهابي».
ولعل انتقال الصدر الى اعلاء شأن المواجهة مع كتلة المتمردين السنّة - البعث يرجع في جانب منه الى الضغوط القاعدية في حركته بالذات، التي تطالب بالثأر، أو، في الواقع، تبادر الى الانتقام من دون الرجوع اليه. لكن الضغوط القاعدية، وضعف انضباط جماعات جيش المهدي، لا تفسر وحدها انتقال الصدر من ميدان الى ميدان آخر مختلف كلياً. ولعل هناك رغبة ايضاً في الظهور بمظهر المدافع الوحيد عن «الطائفة»، أو احراج بقية الزعماء، وتعزيز مواقعه الخاصة في مجرى الصراع الشيعي - الشيعي على الزعامة. ولعل مثل هذا الحافز الشخصي والتنافس ليس غائباً عن الاحاطة بالمجلس ومنظمة بدر، لكن المجلس يخشى إعادة تأهيل البعث.
فالمعروف ان جيش المهدي يفتقر الى الضبط بسبب طابعه كتجمعات محلية تدين بالولاء لشخص الزعيم، وان هذا التكوين يمكن ان يفقد تماسكه ويفلت عن سيطرة موجده. أما منظمة بدر فانها تبدو أكثر تماسكاً: فهي تقوم على المبدأ اللينيني للتنظيم: لجان وخلايا وتسلسل هرمي مركزي. مع ذلك فإن الاثنين مرشحان للخروج عن سيطرة الزعماء السياسيين، خصوصاً ان هؤلاء الأخيرين يفتقرون الى أدوات ملموسة للضبط والسيطرة، ويعتمدون في ذلك اصلاً على مسؤولين محليين هم ذاتهم أس البلاء.
وبوسع المرء ان يذكّر السياسيين بتجربة «الجهاز الخاص» (العسكري) لحركة الاخوان المسلمين بمصر يوم قرر الجهاز اغتيال جمال عبد الناصر، دون موافقة من القيادة السياسية. وهناك تجربة الحزب الحاكم المخلوع الذي وقع عام 1963 ضحية جناحه العسكري بالذات، مثلما وقعت أحزاب أخرى في المطبّ.
مثل هذه الالتباسات ستضع قادة هذه الحركات، عاجلا أو آجلاً، أمام خيار صعب. فإما منطق الدولة، أو منطق الميليشيا. ولا يمكن الجمع بين الاثنين الى ما لا نهاية.
ومن المؤسي ان نجد كثرة من زعماء كتلة الائتلاف تلهج بخطاب الوحدة الوطنية في العلن، وبخطاب الثأر والاستبعاد في السر. وكما أشرنا فإن انتقال جيش المهدي يرجع الى رغبة قوية في احتلال موقع الزعامة في الوسط الشيعي، في حين أن المجلس يسعى، بحق أو بغيره، الى تقليص أو حتى إفشال مشروع المصالحة الوطنية، مخافة ان يؤدي الى اعادة تأهيل البعث، واعادة هيكلة الجيش العراقي.
وأياً كان الحافز، فإن المآل المحتوم لمثل هذه الازدواجية هو تهديم مؤسسات الدولة، وسقوط صخرة سيزيف الى القعر من جديد. لا ريب ان سيادة منطق الميليشيا سيقضي على مشروع المصالحة، ويقضي على فكرة الدولة الدستورية، فاتحاً بذلك باب حرب أهلية لن يخرج أحد منها، ان وقعت، ظافراً.
ولعل في الوسع وقف التدهور بانزال فرق الجيش العراقي الى الأحياء التي تعاني من التطهير المذهبي لوأده. كما ينبغي لوزارة المالكي ان تفرض احتكار الدولة لوسائل العنف المشروع بحزم أكبر، وأن تتحرك كل القوى المشاركة في الائتلاف التي تعارض العنف غير الرسمي لتمارس الضغط على زعامات منظمة بدر وجيش المهدي، لكي تضبط وتلجم العنف الذي تمارسه هاتان المنظمتان، أو أن تتخلى عن حماية المتجاوزين منها.
ولعل فتوى (أو نداء) السيد علي السيستاني التي تحرم القتل والاقتتال باطلاق، تشكل عنصر دعم معنوي لوزارة المالكي لكي توقـــف انفلات غرائز العنف هذه، رغم ان مؤسسة المرجعية لم تعد على ذلك القدر الهائل من النـــفوذ الذي كانـــت تتمتع به قبل عامــــين. مع ذلك فإن مرجعية السيستاني تقوم باحياء ومواصلة دور الزعيم الوطني جعفر ابو التمن، ابي الوطنية العراقية بحق، وتكاد المرجعية ان تكون وحدها في هذا الميدان.



#فالح_عبد_الجبار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مائة عام على ثورة المشروطة مائة عام من الزمن الضائع
- العراق: صراع المقدس والدنيوي في بناء الأمة
- العراق: تصادم القبيلة والأصولية الوافدة
- على الهامش العراقي: الرئيس قانونياً
- أكتوبر البلاشفة، أو الثورة المنسية
- الدستور العراقي قبل الانتخابات وبعدها
- لائحة التعديل الدستوري
- العراق: الأوجه الكثيرة للإستفتاء على الدستور
- الدستور العراقي واستدراك التفويض
- العراق وسواه من أوضاع مشابهة: الوسطية الضائعة منذ نصف قرن
- انهيار الاتحاد السوفيتي والتجربة -الاشتراكية
- نحن والعالم في ظلال 11 أيلول
- المنهج النظري و التجريبية في كتاب الطبقات الاجتماعي لحنا بطا ...
- العراق: صراع العروبة والأسلمة في الدستور وحوله
- الدستور العراقي:المعركة الاخيرة ؟
- سوسيولوجيا البداوة والمجتمع العراقي 2-2
- المجتمع العراق و سوسيولوجيا البداوة 1-2
- اطلالة على مفهوم العولمة
- الفقهاء في النجف 3-3
- الفقهاء في النجف


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فالح عبد الجبار - منطق الميليشيا، منطق الدولة