أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبدالخالق حسين - ثورة 14 تموز وعبدالكريم قاسم (8) الثورة والحزب الشيوعي العراقي















المزيد.....



ثورة 14 تموز وعبدالكريم قاسم (8) الثورة والحزب الشيوعي العراقي


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1618 - 2006 / 7 / 21 - 10:09
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الفصل الثامن
الثورة والحزب الشيوعي العراقي

لعب الحزب الشيوعي دورا بارزاً في تاريخ العراق السياسي الحديث منذ تأسيسه عام 1934 وقد ترك بصماته في أحداثه السياسية بشكل عميق لا يمكن تغافلها. وقام بنشاط سياسي مؤثر على الحركة الجماهيرية أكثر مما يناسب حجمه من حيث عدد الأعضاء وذلك لأسباب عديدة منها، نوعية الأعضاء، فكان أغلبهم من الثوريين المحترفين للنضال السياسي والمتفانين في تطبيق أفكار الحزب وتحقيق أهدافه. وقد استطاع الحزب كسب شعبية واسعة بين الجماهير لتبنيه شعارات معاداة الإستعمار والإقطاع والنضال من أجل رفع المستوى المعيشي للطبقات الفقيرة، العمال والفلاحين والكسبة والمثقفين وغرس القيم الوطنية.

أسباب شعبية الحزب
1-العامل الثقافي: نظراً لكونه تنظيماً سياسياً أيديولوجياً (ماركسي-لينيني) فقد أولى الحزب الثقافة أهمية استثنائية في برنامجه. (أود هنا التنبيه إلى أنه عندما نتحدث عن الثقافة فهي مسألة نسبية تبعاً لظروف المرحلة التي كان يمر بها العراق الغارق في ظلام الأمية آنذاك). فكان الحزب موضع جذب للمثقفين الذين شكلوا دعامة أساسية في عضويته. وفعلاً اهتم الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه بالنشر والتثقيف والثقافة والمثقفين، ونشر التعليم ومكافحة الأمية بين جماهير العمال والفلاحين في كافة أنحاء العراق وحتى السجون حولوها إلى معاهد دراسية. وبالتالي، فكان المثقف العراقي يرى أن الحزب الشيوعي هو المكان المناسب له يلجأ إليه لتحقيق طموحاته الثقافية. فأغلب الشعراء والكتاب والإنتلجنسيا العراقية بصورة عامة كانوا من اليسار، إما شيوعيين أو أصدقاء للشيوعيين . وانتقلت هذه الخاصية حتى إلى العوائل الدينية المعروفة في العراق ، مثل الشبيبي في النجف الأشرف حيث كان أحد أبناءها، حسين محمد الشبيبي، عضواً في المكتب السياسي للحزب في الأربعينات وضمن القياديين الذين تم إعدامهم عام 1949، وكذلك عائلة الماشطة في الحلة وقد برز من بينهم الشيخ عبدالكريم الماشطة في حركة السلم اليسارية. كذلك الشيخ عبدالجبار الأعظمي من رجال الدين البارزين وصاحب مجلة الثقافة الإسلامية وإمام وخطيب جامع الوزير ببغداد كان متعاطفاً مع الحزب ومن أنصار السلام وتعرض للإعتقال والمحاكمة بعد إنقلاب 8 شباط 1963 .

2-غياب الديمقراطية: إن غياب الديمقراطية في العهد الملكي كان من أهم الأسباب التي أدت إلى انتعاش الأحزاب السرية وخاصة الحزب الشيوعي الذي صار الملاذ لأغلب المثقفين كما بينا أعلاه، وحتى الذين كانوا من العناصر الوطنية البرجوازية. ولعدم توفر الديمقراطية الحقيقية اضطر هؤلاء إلى الإنتماء للحزب الشيوعي. وقد أدرك زعيم الحزب ومؤسسه يوسف سلمان يوسف (فهد) هذه الحقيقة وانتقد وجود البرجوازيين "المتذبذبين" في صفوف الحزب وكان يصفهم أحياناً "بالمهذارين" وأكد أن مكانهم الصحيح هو في الأحزاب الوطنية الديمقراطية البرجوازية التي كانت موسمية بسبب غياب الديمقراطية، مما أضطرهم لإختيار الحزب الشيوعي لهم.

3- الإضطهاد السياسي: وهذا مرتبط بعامل غياب الديمقراطية ، يعود بالأساس إلى طبيعة السلطة الملكية الحاكمة وإلى جذورها الإجتماعية ومدى استيعابها للوضع العام. فثقافة نوري السعيد عثمانية متخلفة و كان يعتمد على العنف وحده في محاربة المعارضة الوطنية. ولو استخدم الوسائل الديمقراطية في مواجهة المعارضة لكان العراق على غير ما هو عليه الآن ولما احتاج أن يمر في مسلسلات العنف ولما حصلت ثورة 14 تموز. وكان خوف الحكم الملكي من الشيوعية غير مبرر. فالأحزاب الشيوعية في العالم لم تستطع استلام السلطة في أي بلد بالوسائل الديمقراطية. لذلك كان اضطهاد السلطات الملكية للحزب الشيوعي قد قدم خدمة كبيرة للحزب وألحق دماراً شديداً بالعراق لاحقاً، كان من الممكن تلافيه.
لقد لعب عامل الإضطهاد السياسي دوراً لا يستهان به في توسيع شعبية الحزب، والذي تعرض له على أيدي السلطات في العهد الملكي رغم عدم تبنى الحزب شعار إسقاط االملَكية أو الكفاح المسلح . صحيح أن الحكومات في العهد الملكي كانت تطارد أغلب الأحزاب الوطنية والقومية الأخرى، إلا إن التعذيب والتنكيل والإعدام كان من نصيب الشيوعيين وحدهم. فكان مجرد كونه حزب معارض يحمل أيديولوجية معارضة للسلطة يكفي لتعريض أعضائه إلى السجون والتعذيب وإسقاط الجنسية وحتى الإعدام كما حصل لقيادته عام 1949.
ونتيجة لهذا الإضطهاد، والعمل السري خلال عشرات السنين، فقد تمرس الحزب على النضال وكسب خبرة عالية جداً في تنظيم الجماهير وكسب الشارع والسيطرة على المنظمات المهنية والإجتماعية بعد الثورة.

4-دفاعه عن الفقراء والكادحين: استطاع الحزب أن يتغلغل في صفوف العمال والكادحين في المدن والفلاحين في الريف ويدافع عن مصالحهم ويبث فيهم الوعي السياسي والطبقي وكسبهم إلى صفوفه وحشدهم بالعداء ضد مضطهديهم ومستغليهم، بحيث غرسوا في تفكيرهم أن الحزب الشيوعي هو مكانهم الصحيح للنضال من أجل التحرر من الإستغلال وتحقيق حياة أفضل لهم وللأجيال القادمة وأن "الحتمية التاريخية" التي تبشر بها نظريات الحزب هي حقيقة مطلقة لا ريب فيها أبداً. ولذلك استطاع الحزب كسب جماهيرية واسعة بين العمال والكسبة والفلاحين والمثقفين وخاصة في أوساط المعلمين وغيرهم من شغيلة اليد والفكر.

5- موقف الحزب من التمييز العرقي والطائفي: ونظراً لتبني الحكم الملكي سياسة التمايز العرقي والطائفي في العراق، وكون الحزب الشيوعي هو حزب علماني وطبقي وأممي يسعى إلى مصلحة الطبقة العاملة والفلاحين والفقراء والكادحين وشغيلة الفكر، بغض النظر عن انتمائهم القومي والديني والمذهبي، فقد وجدت الشرائح والفئات الشعبية المحرومة من حقوق المواطنة الصحيحة بسبب التمييز العرقي والطائفي، ملاذاً لها في الحزب لتحقيق العدالة والمواطنة الكاملة والمساواة في الوطن الواحد. لذلك نرى الحزب قد كسب شعبية واسعة في الأوساط العربية الشيعية والقوميات والأقليات الأخرى كواسطة لتحقيق نظام يلغي التمايز العرقي والديني والطائفي الذي كان سائداً آنذاك. ومن الواضح أن أغلب الذين انتموا للحزب كانوا من الفقراء فلم تتوفر لهم الفرصة لقراءة وفهم الأيديولوجية الماركسية-اللينينية، وإنما انتموا بسبب الأهداف المعلنة في العدالة والتآخي والمساواة ومعاداة الإستعمار وكرد فعل لمظالم السلطات الجائرة.

دور الحزب في الجبهة
كان للحزب دور مهم في تشكيل جبهة الإتحاد الوطني عام 1957 التي ضمت الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الإستقلال (ديمقراطي قومي عربي) وحزب البعث العربي الإشتراكي، بالإضافة إلى الحزب الشيوعي العراقي. كما وشكل الحزب الشيوعي تحالفاً ثنائياً مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كان يتزعمه المرحوم الملا مصطفى البارزاني والذي كان قد أبعد مع المئات من الثوار الأكراد البارزانيين إلى الإتحاد السوفيتي منذ عام 1947 ولم يعودوا إلى العراق إلا بعد ثورة 14 تموز 1958.
وقد وضعت الجبهة برنامجاً كاملاَ أقرت فيه تغيير السلطة . وفي نفس الوقت كانت تنظيمات الضباط الأحرار قد التحمت وشكلت لها قيادة موحدة متمثلة في اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار والتي كان يرأسها الزعيم الركن عبدالكريم قاسم. وكانت قيادة الحزب على إتصال بالزعيم عبد الكريم قاسم قبل الثورة عن طريق العقيد وصفي طاهر ورشيد مطلك، وكذلك مع الأحزاب القومية عن طريق فائق السامرائي وصديق شنشل. وكانوا يعلمون بموعدها قبل أيام. واتخذوا الإستعدادات اللازمة. ولما اندلعت الثورة كان أغلب الشيوعيين في السجون أو في المنافي. وكان زعيم الحزب آنذاك هو حسين الرضي (سلام عادل).
الحزب في الأشهر الأولى من الثورة
لقد تمتع الحزب الشيوعي، كغيره من أحزاب الجبهة، بحرية العمل السياسي، خاصة خلال العام الأول من عمر الثورة. وسمح له بإصدار عدد من الصحف مثل (إتحاد الشعب) ومجلة الثقافة الجديدة ومجلة المثقف وعدد من الصحف الأخرى المتعاطفة مع الحزب مثل صوت الأحرار والبلاد والإنسانية والحضارة وغيرها. وقام الحزب بتعبئة الجماهير لدعم قيادة الثورة وحمايتها من المؤامرات. وشكل لجان حماية الثورة والمقاومة الشعبية وقد استطاع الحزب نتيجة لتمرسه في النضال السري سنوات طويلة أن ينطلق بعد الثورة ويحكم سيطرته على أغلب المنظمات المهنية والإجتماعية مثل النقابات والإتحادات والجمعيات كما ذكرنا أعلاه..

موقف الحزب من الديمقراطية
كانت كلمة الديمقراطية تتردد كثيراً في صحافة الحزب وأدبياته، ولكن بمفهومه وشروطه الخاصة في تلك المرحلة. فكنا نسمع بالديمقراطية الشعبية والديمقراطية المركزية والديمقراطية الموجهة والديمقراطية الجديدة ..الخ وقد عرفنا الآن أن كل هذه المصطلحات ما كانت إلا أسماء مهذبة لشكل من أشكال الأنظمة الدكتاتورية التي كانوا يسمونها بالديمقراطيات الشعبية (الدول الإشتراكية سابقاً). فالحزب ما كان يؤمن إلا بدكتاتورية البروليتاريا والتي لم يسقطها من برنامجه إلا في مؤتمره الخامس عام 1993.
أما على الصعيد العملي، فقد كان الشيوعيون يعتقدون بحجب الديمقراطية عن مناوئيهم ومن يسمونهم بأعداء الثورة وحتى لو كان هؤلاء الخصوم يؤمنون بالديمقراطية، كما تبيَّن ذلك في صراع الحزب مع الحزب الوطني الديمقراطي والأحزاب الأخرى بعد الثورة. هذا ما لمسناه من خلال سلوكه بعد الثورة وهو خارج السلطة لمجرد انه سيطر على الشارع. إذ اتبع الشيوعيون سلوكاً أضر كثيراً بحزبهم ومستقبله ومستقبل البلاد، كما قدم خدمة لا تثمن وبالمجان لأعدائه وأعداء الثورة والبلاد. فالحزب الشيوعي كأي حزب ثوري وسري من الأحزاب السرية يحمل آيدويلوجية آنذاك، كان يؤمن بسياسة العنف المقدس إزاء الخصوم الطبقيين وأي تنظيم سياسي أو إجتماعي لا ينسجم مع الآيديولوجية الماركسية اللينية.

المطالبة بالحكم
لقد بلغت شعبية الحزب الشيوعي أعلى درجة في احتفالات الذكرى الأولى للثورة عام 1959. وأطلق خصوم الثورة على هذه الشعبية "بالمد الأحمر". وكان الحزب قد أعلن طلب المشاركة بالحكم على شكل هتافات في المسيرات الجماهيرية في عيد العمال في االأول من أيار عام 1959 "عاش زعيمي، عبدالكريمي، حزب الشيوعي بالحكم مطلب عظيمي".
وفي نفس الوقت كان هناك صراع داخل قيادة الحزب الشيوعي حول إستلام السلطة. وانشقت القيادة حول هذا الموضوع إلى متحمسين لإستلام السلطة وعلى رأسهم سلام عادل (حسين الرضي) زعيم الحزب وآخرون. أما الجناح المضاد فكان يضم أربعة أعضاء من المكتب السياسي وهم زكي خيري، عامر عبدالله، محمد حسين أبو العيس وبهاء الدين نوري. وقد أطلقوا عليهم (كتلة اليمين المتخاذل). قُدِّموا لمحاكمة حزبية وقدموا نقداَ لاذعاَ لأنفسهم.
وبرزت فكرة المشاركة في السلطة أو حتى إستلامها عند زيارة وفد من الحزب إلى الصين الشعبية عام 1959، ويقول الراحل صالح دكلة الذي كان عضواً في وفد الحزب إلى الصين الشعبية وفي لقاء مع القيادة الصينية برئاسة شوآن لاي، رئيس الوزراء الصيني آنذاك، أن الحزب الشيوعي الصيني كان يشجع الحزب الشيوعي العراقي لإستلام السلطة وذلك بسبب ما يتمتع به الحزب من شعبية واسعة، ولكنهم في نفس الوقت تركوا الأمر إلى الرفاق العراقيين لتقدير الموقف.
أما موقف الحزب الشيوعي السوفيتي بقيادة نيكيتا خروتشيف، فكان ضد إستلام الحزب الشيوعي العراقي للسلطة وحذر من مغبة هذا العمل وذلك لعدم إمكان سكوت القوى الغربية والإقليمية عن ذلك وأنهم أي (السوفيت) غير مستعدين لخوض حرب نووية مع حلف الناتو في سبيل عراق شيوعي. وطالب السوفيت الشيوعيين بدعم حكومة عبدالكريم قاسم الوطنية. على أي حال إن تنامي شعبية الحزب الشيوعي العراقي قد أثار الذعر والفزع في نفوس الكثيرين. ويقول نجم محمود بهذا الصدد:
"وأمام الأوضاع المستجدة في العراق وظهور جماهيرية الحزب الشيوعي العراقي سيما بعد تنظيم مؤتمر السلام الذي تتوج بمسيرة شارك بها نحو مليون مواطن في 19 نيسان 1959، أعرب ألن دلس مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عن مخاوفه أمام جلسة سرية للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي في 28 نيسان 1959. وهو اليوم الذي طالبت فيه جريدة الحزب الشيوعي العراقي (إتحاد الشعب) إشتراك الحزب في الحكومة العراقية. فقال دلس، كما نقلت النيويرك تايمس (29/4/1959): " إن الوضع في العراق هو أخطر ما في العالم اليوم.".
كما ويذكر ماكميلان في مذكراته (ركوب العاصفة، ص 535) "إن كلاً من إيران والسعودية أصبحتا في حالة من التهيج العصبي الشديد" حول التطورات الجارية في جارهما، العراق." {وكان الملك سعود كما يذكر ماكميلان في مذكراته، بعث إليه برسول يلتمس منه التدخل العسكري الأنكلو-إمريكي لإيقاف الزحف الشيوعي في العراق.."

هل حاول الحزب إستلام السلطة؟
لم يكن الهلع في الداخل من قبل القوى القومية والدينية وشيوخ العشائر وملاك الأراضي وأصحاب العقارات بأقل مما كان عليه في الخارج من الخطر الشيوعي في استلامه السلطة في العراق. فقد حصل إنطباع في الرأي العام العراقي والعربي والعالمي أن إستلام الحزب للسلطة مسألة حتمية وقريبة، وكما أشيع في وقتها أن أحد وزراء قاسم سارع إلى تقديم طلب الإنتماء إلى الحزب, وكان الناس يتعمدون في حمل صحيفة (إتحاد الشعب) عند مراجعاتهم للدوائر الرسمية من أجل إرعاب الموظف على إنجاز معاملته بسرعة.
فهل كان هناك فعلاً نوايا أو محاولات لدى الحزب الشيوعي العراقي لإستلام السلطة؟
هنا أنقل مقطعاً بالكامل مما كتبه صالح دكلة في مذكراته (من الذاكرة-سيرة حياة) وكان عضو اللجنة المركزية ومسئول منطقة بغداد للحزب آنذاك. فقد أجاب على سؤال وضعه بنفسه وهو:
هل كان إستلام السلطة السياسية أيام قاسم شعاراً دعائياً أم للتنفيذ؟
فيجيب صالح دكلة قائلاً:
من بديهيات إستراتيجية أي حزب شيوعي منذ البيان الشيوعي أيام ماركس هو الهدف الإستراتيجي الذي تعمل من أجل تحقيقه الطبقة العاملة وسائر فئات الشغيلة. من هذا المنطلق يكتسب شعار إستلام الحزب الشيوعي للسلطة السياسية إحدى المستلزمات الضرورية للحزب الثوري. ولكن حتى يتحقق شعار إستلام الحزب الشيوعي للسلطة السياسية، فإن ذلك يتوقف على عددٍ من العوامل الذاتية والموضوعية وعلى توازن القوى السياسية سواء في بلد معين أو على صعيد المنطقة أو العالم تجعل من هذا الشعار مجرد شعار للدعاية والتحريض إلى شعار من أجل العمل المباشر.
يخيل إليَ إن سياسة الحزب الشيوعي العراقي منذ اللحظات الأولى لإنتصار ثورة تموز كانت تتضمن مثل هذا الفهم، فعندما طرح الحزب ضرورة إزالة التناقض بين قاعدة الثورة وشكل الحكم الذي جاء بعد ثورة تموز، إنما كان يعبر عن فهم عميق لأهمية السلطة السياسية ودورها في المجتمع. لقد كانت القاعدة الجماهيرية التي استند إليها طموح الحزب الشيوعي في إحتلال موقع متميز أو في إحتلال الموقع الأول في السلطة السياسية، كان يستمد جذوره ومبرراته من واقع السيطرة الكاملة التي تمتع بها
الحزب الشيوعي على الحركة الجماهيرية. فنقابات العمال وحركتها كانت بقيادة الحزب الشيوعي كما تمتع الحزب الشيوعي العراقي، لاسيما في الأيام الأولى لثورة تموز بالموقع الأول في قيادة الحركة الفلاحية. وإذا كان الحديث يجري عن المنظمات الديمقراطية الطلابية والشبابية والنسائية، فلقد كان دور الحزب الشيوعي هو الدور الحاسم في قيادة هذه الحركات.
ولذلك فإذا كان الحزب الشيوعي يطمح لإحتلال موقع في السلطة السياسية ، فلأنه يحتل هذا الموقع في الحركة الجماهيرية. ورغم أن شعار مشاركة الحزب في الحكم قد طرح في الشارع العراقي دون دراسة ولكنه في الواقع كان يعبر عن حاجة واقعية لخلق التوازن الضروري بين قوى المجتمع العراقي.
وقبل أن تكمل ثورة تموز عامها الأول، فإن التناقض بين القاعدة الإجتماعية للثورة وشكل الحكم قد برز على نحو سافر وذلك من خلال الهجوم الذي تعرضت له الحركة الديمقراطية في مختلف نواحي الحياة على أيدي أجهزة السلطة وبتشجيع من القوى الرجعية. وهذا ما ترك تأثيره على السياسة اليومية للحزب الشيوعي، هذه السياسة التي تمثلت في فترة الإحتفالات بالذكرى الأولى لثورة تموز أي صيف عام 1959.
أذكر في الأيام التي كنا نعد لإحتفالات الذكرى الأولى لثورة تموز، ان طرح الرفيق الراحل سلام عادل في أحد إجتماعات لجنة بغداد، تكتيك التصدي للتجاوزات والإنتهاكات التي باتت تتعرض لها الحركة الجماهيرية. ولقد أطلق سلام عادل على هذا التكتيك "تكتيك قتل الديك". وملخص الفكرة التي يرمي إليها التكتيك مستقاة من واقع الحياة العملية في المجتمع العراقي. فلقد أورد سلام عادل قصة إن رجلاً هو كبير أسرته، قد عرف بأن الجيران قد قتلوا ديكهم. فجمع أولاده وقال عليكم بقتل ديك الجيران. فلم يحملوا رأي الرجل محمل الجد حتى جاءوا مرة ثانية يقولون إن جيرانهم قد قتلوا الكلب. فقال لهم اذهبوا واقتلوا الديك. وهكذا كلما تجاوز الجيران فكان يرد عليهم بضرورة قتل الديك، حيث يعني ذلك لا تترك العدو أو الخصم يتجاوز دون أن ينال العقاب الرادع.
في مثل هذه الأجواء التي سادت أيام الذكرى الأولى لثورة تموز، حدث الحادث التالي حول التفكير بضرورة أخذ الحكم أيام قاسم. وملخص القصة: في إحدى الأمسيات الواقعة بين 3 إلى 7 حزيران 1959، تلقيتُ تقريراً بوصفي مسئول منطقة بغداد، يفيد أن ثمة حركة إنقلابية يعد لها بعض الضباط القوميين والقاسميين ومنهم أحمد صالح العبدي الحاكم العسكري العام أيام قاسم. وتستهدف هذه العملية الإنقلابية الإطاحة بعبد الكريم قاسم وتصفية الحزب الشيوعي.
فالتقطت سماعة الهاتف واتصلت بجريدة إتحاد الشعب، حيث يعمل سلام عادل. فرد عليَ، وطلبتُ أن أراه بسبب ما توفر لديَ من معلومات. فأمهلني قليلاً وقال هو والرفيق الشهيد جمال الحيدري سيحضران بعد قليل إلى مكتب بغداد الذي لا يبعد كثيراً عن جريدة الحزب.
بعد قليل وصل الرفيقان، فالتقيت بهما في مكتبي وبادر بالسؤال: ما الذي لديك؟ فعرضتُ عليهما التقرير. فكان جوابهما إنها نفس المعلومات التي تلقتها قيادة الحزب من مصدر آخر فضلاً عن انه قد أبلغا قبل فترة وجيزة من قبل الرفيق سعيد مطر، أحد الضباط الشيوعيين العاملين في وزارة الدفاع، أن ثمة أمراً مصدره وزارة الدفاع ، يقضي بإعتقال قيادة الحزب الشيوعي العراقي. فطرح سؤال، ما الذي ينبغي عمله؟ فبادرتُ إلى الجواب قائلاً: لنتغدى بهم قبل أن يتعشوا بنا.
فتداولنا في الأمور وتوصلنا بأن من الصعب، بل ومن المستحيل أن نحصل على رأي موحد فيما يتعلق بعملية أخذ الحكم في قيادة الحزب، عندها تركز الحديث عن الإمكانات التي يمتلكها الحزب في الجيش. فاقترح سلام عادل أن نستدعي الرفيق عطشان الأزيرجاوي وهو أحد منظمي الخطوط العسكرية ولا سيما في سلاح الدبابات. فجاء وعرض أمامنا إن تنفيذ مثل هذه المهمة أمر ممكن ومتيسر حتى بدون الإستعانة بتنظيماتنا العسكرية في الخطوط الأخرى.
فتقرر في تلك الليلة إخراج مظاهرات تسد جميع الطرقات من الباب الشرقي إلى باب المعظم وتمنع خروج أياً كان من وزارة الدفاع . وأغلق مكتب جريدة إتحاد الشعب وانتقل الرفيقان سلام عادل وجمال الحيدري إلى دار في منطقة باب الشيخ قريبة من مكتب بغداد. واتفق على إن التحرك سيتم بعد منتصف الليل بفتح الطريق نحو وزارة الدفاع لإعتقال عبد الكريم قاسم وبقية الضباط لاسيما المتآمرين. في هذه الإثناء عاشت بغداد تلك الليلة والجماهير تحتشد في الشوارع والأزقة وتردد هتافات بحياة الجمهورية العراقية وحينما حاول البعض الخروج من وزارة الدفاع، لم يتمكنوا من ذلك لأن الشوارع كانت مغلقة بالجماهير والمكتب الوحيد من مكاتب الحزب الذي بقي على صلة سواء بمنظمات الحزب أو بسلام عادل هو مكتب بغداد.
راح مرافقو عبد الكريم قاسم وكبار ضباط وزارة الدفاع يستفسرون ما الذي يجري في بغداد. ولم يحصلوا على أجوبة شافية لأن إتحاد الشعب وهو المقر الرئيسي لقيادة الحزب قد أغلق وصاروا يتصلون بأعضاء قيادة الحزب في دورهم. وكان هؤلاء يتصلون بدورهم بإتحاد الشعب دون أن يحصلوا على رد. كما اتصلوا بدارَيْ سلام عادل وجمال الحيدري، فلم يعثروا عليهما. فاتصلا بمكتب بغداد يسألون عن هذه المظاهرات التي تملأ شوارع بغداد، فأخبرتُهم بأنه قرار من الحزب. فاجتمع القادة وتوجهوا إلى مكتب بغداد وكانوا كل من الرفاق عامر عبد الله وكريم أحمد وزكي خيري وآخرون وأخذوا ينحون باللائمة عليّ كوني اتخذتُ قراراً واصدرتُ التوجيهات بإلتظاهر في هذا الوقت من الليل دون مبرر. فأجبتهم انه قرار أبلغني فيه الرفيق سكرتير اللجنة المركزية. فذهبوا دون أن أدلهم على مكان سلام عادل وجمال الحيدري، ولكنهم عرفوا المكان من بعض الرفاق الذين يقفون في الشارع.
فذهبوا إلى الدار حيث التقوا بسلام عادل. ويبدو أن مناقشات حادة جرت بحيث اضطر الرفيق سلام عادل بالمجيء إلى مكتب بغداد وأشار بتفريق المظاهرة وإبلاغ الرفيق عطشان الإزيرجاوي بإرجاء التحرك..! (انتهت شهادة صالح دكلة).
إن هذه شهادة من عضو اللجنة المركزية ومسؤول منطقة بغداد، تثبت محاولة الحزب لإسلام السلطة عن طريق العنف. ولما بلغ الخبر إلى عبدالكريم قاسم، كما ينقل جاسم كاظم العزاوي، سكرتير الزعيم في كتابه ، أنه راح في تلك الليلة إلى مقبرة الشيخ معروف وهو يتحدث طول الليل عن نهاية الإنسان والخيانة مستخدماً عود الثقاب باحثاً عن قبر أبيه.

إن محاولة إستلام الحزب للسلطة مسألة مثيرة للجدل لم تحسم بعد، حتى بين الشيوعيين أنفسهم فمنهم من يؤيد رواية دكلة ومنهم من ينفيها ومنهم مع إستلام السلطة ومنهم ضده. ولكن ومن خلال مناقشاتي مع العديد من الشيوعيين أكدوا لي أن فكرة إستلام السلطة كانت رائجة وأغلب الشيوعيين كانوا متحمسين لها في تلك الفترة. وفعلاً كان هذا الموضوع محور صراع في قيادة الحزب آنذاك. فعند استفساري من الدكتور عزيز الحاج، القيادي الشيوعي السابق، بهذا الخصوص أجاب بالنص قائلاً: " مسألة قرار الحزب بأخذ السلطة في حزيران 1959: إنني أقرب إلى رواية صالح دكلة رغم إنني لا أعرف دقة ما أورده من تفاصيل وأحاديث. لكن هناك روايات أخرى منها ما تقدمه ثمينة زوجة الفقيد سلام عادل إذ هي تنفي ما ينسَّب لسلام عادل من نوايا أخذ السلطة قائلة أن الحديث كان عن تطبيق خطة للطوارئ كانت معتمدة، وكانت تقضي { من أجل منع مؤامرة، ثم لمنع ضرب الأكراد عام 1961} بإستخدام التظاهر وقوانا العسكرية لإجهاض التحركات و"إجبار" قاسم على الإنصياع؟؟ غير أنها لا تجيب ما إذا كانت تحركاتنا العسكرية ستؤدي لحرب أهلية مع قاسم نفسه. فما معنى "إجباره" إن لَم يكن إصطداماً مباشراً بقاسم؟، فإذا رفض مطلبنا فمعناه ضرورة أخذ السلطة منه ونفيه للخارج في أحسن الأحوال. كما إن أم إيمان (ثمينة الرضي) تختار تاريخ تموز لا حزيران في توقيت الأحداث، وهنا أيضاً أنا مع ذاكرة دكلة..".
كما وينفي الحاج وجود مؤامرة التي ذكرها دكلة فيقول : " ..لم تكن هناك مؤامرة ولا يحزنون، وإن دكلة هو من المسؤولين المباشرين عن توريط القيادة في قرارات التحشيد والإجراءات الإستثنائية في تلك الليلة. وعن المرحوم عطشان ضيؤول الأزيرجاوي في تقييم القوى (العسكرية)، يرى الحاج أنه "..(ورغم نضاليته وإخلاصه) يبالغ ويتطرف، وهذا من إنطباعاتي عنه في سجن نقرة السلمان.." .

دور الحزب في الصراعات السياسية
لعب الصراع السياسي الدموي بين القوى السياسية دوراً كبيراً في عرقلة مسيرة الثورة وشل قيادتها في تنفيذ برنامجها السياسي والإقتصادي والإجتماعي وذلك بإشغالها بحماية أرواح الناس من أعمال العنف والشغب، مما مهد السبيل أمام خصومها لإغتيالها في 8 شباط 1963. وقد اندلع الصراع في البداية بين التيار القومي والبعثي من جهة والتيار الوطني المتمثل بالحزب الوطني الديمقراطي والشيوعي والديمقراطي الكردستاني وأغلب الأقليات القومية في العراق من جهة أخرى في أعقاب رفع شعار الوحدة الإندماجية الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة من قبل التيار القومي-البعثي وعارضتها التيارات الأخرى. لقد أثارت المطالبة بالوحدة الفورية الهلع في الشيوعيين خاصة وذلك لعلمهم بما حصل للشيوعيين السوريين بعد الوحدة بين سوريا ومصر وللحزب الشيوعي المصري الذي تم حله وإعدام أحد قادته شهدي عطية وكذلك ما جرى لزعيم الحزب الشيوعي اللبناني من تعذيب حتى الموت على أيدي المباحث المصرية كما مر بنا في فصل سابق. فكان ناصر ضد الأحزاب، بينما كان عبدالكريم قاسم مع حرية الأحزاب. وقد وشمل هذا الصراع السلطة والشعب، من قيادة الثورة إلى مختلف طبقات دوائر الدولة وشرائح المجتمع، حيث بدأ الإنشقاق بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف وبالتالي الاستقالة الجماعية للوزراء القوميين وما تلاها من عواقب وخيمة، أشبه بنظرية الدومينو.. كل قطعة تسقط القطعة التي تليها، أي كارثة تفضي إلى كارثة أخرى.
كما قدم الشيوعيون خدمة لا تثمن للبعثيين في هذا الصراع وذلك عن طريق إطلاق شعارات وهتافات لم تكن في صالحهم ولا في صالح الثورة،، لأنهم بذلك قاموا بدعاية واسعة وبالمجان لتعريف الشعب العراقي بحزب البعث الذي لم يسمع به قبل الثورة إلا نفر قليل، وذلك عن طريق رفع شعارات وترديد هتافات هابطة ضد البعث (المايصفك عفلقي)، فراح الناس يتساءلون عن هذا الحزب وما هي أهدافه ومن هم قادته..الخ
ولم يتوقف عداء الشيوعيين لحزب البعث والقوى القومية الأخرى، بل تجاوز ذلك حتى إلى الحزب الوطني الديمقراطي فيما بعد، بسبب المنافسة الحزبية الضيقة على كسب الجماهير والهيمنة على الشارع والمنظمات الشعبية. وكمثال، اذكر هنا بعض الحوادث المؤسفة.

حادثة الفاو:
كنت شاهد عيان في هذه الحادثة المؤلمة. ففي عام 1959 أراد الحزب الوطني الديمقراطي فتح فرع له في مدينتي (الفاو) من أقضية البصرة التي ولدتُ ونشأتُ فيها حتى نهاية تعليمي المتوسط. بدأ الاحتفال بعد الظهر في مقهى كبير في مركز المدينة وكانت الجماهير محتشدة فيه وفي الشارع المحاذي له، يستمعون إلى كلمات الخطباء. وكنتُ يومها صبياً أتفرج على الرصيف مع الآخرين. وكان من بين الحاضرين أعضاء قيادة فرع الحزب الوطني الديمقراطي في البصرة ومنهم المرحوم جعفر البدر والأستاذ عبدالأمير العرادي والأستاذ نائل سمحيري وغيرهم، وكلهم من وجهاء البصرة المعروفين بمكانتهم الإجتماعية المحترمة. وبينما كان الحفل جاريا وبهدوء وإذا بمظاهرة صاخبة تنطلق من مقر نقابة العمال القريبة من مكان الإحتفال، اندفعت كالسهم وبشكل هستيري نحو مكان الإحتفال وهجموا على المقهى وهم يهتفون بشكل جنوني (إنريد دولة حرة بعثية ما بيها.!) ثم تطور الهتاف إلى (إنريد دولة حرة ".." مابيها..!). وبدأ الهجوم والضرب بالكراسي. واستطاعت الشرطة والناس حماية الشخصيات داخل المقهى وإنقاذهم وذلك بإخراجهم من الباب الخلفي للمقهى إلى الباص حيث عادوا إلى مدينة البصرة بعد جهد جهيد وهم في هلع وأسوأ حالة نفسية. علماً بان المرحوم جعفر البدر كان له الفضل على الكثيرين من الشيوعيين في العهد الملكي حيث كان مديراً لمعمل البيبسي كولا وكان يختار أغلب عماله وموظفيه من الشيوعيين وغيرهم من المناضلين السياسيين الذين سدت في وجوههم أبواب العمل في الأماكن الأخرى بسبب إضطهاد السلطة الملكية لهم.

الحوادث الأخرى: لم تكن حادثة الفاو الفريدة من نوعها، بل تكررت في أغلب المدن العراقية وأدت بعضها إلى خسائر في الأرواح. وقد بلغت تجاوزات الشيوعيين حتى إلى الوزراء من أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي. إذ يقول محمد حديد (وزير المالية): كان الشيوعيون يتظاهرون بين فترة وأخرى أمام وزارتي إعتقاداً منهم بأن الثورة ما زالت لم تصل إليها بعد، فقد احتجوا على وزارة المالية دون أن يكون لهم إهتمام بشؤون المال والأعمال.
أما هديب الحاج حمود فتصدوا له خلال وجوده في الوزارة وخارجها ورفعوا ضده شعارات (هوسات) مثل: "هديب إقطاعي شلون تأمِّن به إسمع يا كريِّم". علماً بأن هديب الحاج حمود كان قد آوى الشيوعيين في العهد الملكي في بيته عندما كانوا مطاردين من قبل الشرطة، وكان رحيماً بفلاحيه فقد انصفهم وذلك بمنحهم نسبة 60% من المحاصيل الزراعية، وجهز المزارع بمكائن السقي لزيادة الإنتاج وتحمل هو القسط الأكبر من النفقات، الأمر الذي ساعد على رفع المستوى المعيشي للفلاحين العاملين في أراضيه وكان محبوباً ومحترماً من قبلهم.
كذلك وقع إعتداء من قبل الشيوعيين على الوطني الديمقراطي في أماكن ومناسبات أخرى، إذ ينقل الدكتور على كريم سعيد عن يونس الطائي الذي أخبره قائلاً: "عندما حصلت المظاهرة الكبرى بعيد العمال العالمي عام 1959، جاء بعض أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي إلى عبدالكريم قاسم، وكنت حاضراَ، فأشتكوا إليه ضرب الشيوعيين لهم، وكان يرافقهم الأستاذ محمد حديد (وزير المالية)، وأجهش بعضهم بالبكاء، فما كان من الزعيم عبدالكريم قاسم إلا أن أخرج منديله وشاركهم البكاء بعد أن جلس مثل جلستهم ثم قال لهم " أنا مظلوم مثلكم واحتاج للبكاء، ولكن يجب أن ننتظر."
وقد بلغ الأمر إلى حد أن حاول الشيوعيون الإعتداء حتى على المهندس المعماري المعروف رفعة نجل المرحوم كامل الجادرجي زعيم الحزب الوطني الديمقراطي، فاتصل بمحمد حديد والذي أخذه إلى الزعيم قاسم يشكو أمره.

رأي الجادرجي في الشيوعيين:
يذكر رفعة الجادرجي عن زيارة قام بها عامر عبدالله إلى بيتهم لمقابلة والده وليقنعه بإعادة دور الجبهة فلم يفلح. فيقول: "وبعد أن ترك عامر عبد الله الدار قال الوالد: صعب العمل مع الشيوعيين، فهم يركبون رأسهم عندما يشعرون بالقوة. وتصبح التقدمية والوطنية وقفاً عليهم. أما إذا كانت الأمور في غير صالحهم فتراهم أول من ينادي بضرورة التعاون والمطالبة بتكوين جبهة وطنية" .

رأي بطاطو: يقول الأستاذ حنا بطاطو في كتابه، تاريخ العراق، إن الشيوعيين اعتمدوا في كسب الجماهير على إثارة مخاوفها والعمل على توتير الأجواء بالإدعاء عن مؤامرات ضد الجمهورية. ولكن لا تستطيع الجماهير أن تعيش على أعصابها إلى ما لانهاية، ولذلك سأمت من هذا الإسلوب وبدأ الإنحسار، خاصة بعد أحداث الموصل وكركوك وخطاب الزعيم في كنيسة مار يوسف الذي أدان فيه أعمال الفوضى والشغب وأخذ موقفاً متشدداً من الحزب مما هو معروف في تاريخ تلك المرحلة.

دور الحزب الشيوعي في حوادث العنف
لقد وقعت أحداث مؤسفة خلال الإحتفالات بعيد الثورة الأول، فجرت مصادمات دموية في المسيب والديوانية والحي وغيرها في وسط وجنوب العراق ذهب ضحيتها عدد كبير من الأفراد من كلا الطرفين. كما حدثت اضطرابات دامية أيضاً في كركوك اتخذت أبعاداً أوسع مما تقدم وذهب ضحيتها 79 قتيلاً أو أكثر من ذلك. وقد أثارت هذه الأحداث الزعيم عبد الكريم قاسم فألقى كلمة في كنيسة مار يوسف في 19 تموز/يوليو 1959 هاجم فيها أعمال العنف التي ارتكبت في كركوك ومدن أخرى. ثم عقد مؤتمراً صحفياً في 29 تموز 1959 تحدث فيه عن الجرائم التي ارتكبت في كركوك ومدن أخرى من العراق أشار من طرف خفي إلى أن الشيوعيين هم الذين قاموا بها، إذ جاء في حديثه: "لو لم اشجب هذه الأعمال في كلمتي في مار يوسف، فإن كرامتنا كانت ستهدر في الخارج، وكانت ستثار ضجة حولنا في الصعيد العالمي. لدي تصاوير التقطت خلال الحوادث تدين بعض الجماعات، فانظروا إلى هذه الأعمال الوحشية التي صدرت عن أبناء الشعب الواحد. نحن نريد ديمقراطية، فهل هذه هي الديمقراطية؟ وهل هؤلاء هم أعداء الشعب؟ ماذا كانوا يريدون؟ انظروا إلى هذه الأوضاع. فهل فعل الصهاينة مثل هذا في دير ياسين؟ أن هذا العمل أريد به أن يتكرر في الناصرية والسماوة وفي بغداد وفي الأعظمية والكرادة والكرخ إلا إننا أوقفناها في اللحظات الأخيرة، إن الذي يفكر بهذا التفكير الفوضوي فهو سافل وهو أحط من الفاشيست".

كما ذكر في خطابه في كنيسة مار يوسف: "أما ما حدث أخيراً في كركوك فإنني أشجبه شجباً تاماً، وبإستطاعتنا أيها الإخوان أن نسحق كل من يتصدى لأبناء شعبنا بأعمال فوضوية نتيجة للحزازات والأحقاد والتعصب الأعمى". ثم قال: "إنني سوف أحاسب حساباً عسيراً أولئك الذين اعتدوا على حرية الشعب في كركوك بصورة خاصة وفي المدن الأخرى والقرى والأرياف".
وقال الزعيم في حديث له مع وفد الإتحادات والنقابات العمالية:
"إن الذين يدعون بالحرية والذين يدعون بالديمقراطية لا يعتدون إعتداءً وحشياً. إن حوادث كركوك لطخة سوداء في تاريخنا ولطخة سوداء في تاريخ ثورتنا. هل فعل ذلك بيجوي أو هولاكو؟ هذه مدنية القرن العشرين؟ لقد ذهب ضحية هذه الحوادث 79 قتيلاً يضاف إليهم 46 شخصاً دفن بعضهم وهم أحياء وقد أمكن إنقاذ 3 أشخاص منهم فقط".
لقد اعتمد الشيوعيون على إثارة المخاوف من المؤامرات مما جعل قاسم يقول في مؤتمره الصحفي في 29/7/1959: "إنني أطلب منكم أن تقلعوا عن الكتابة عن أية مؤامرة، وإنه لتردي في الخلق أن ينشأ الأطفال على مثل هذه العبارة "ماكو مؤامرة تصير والحباال موجودة"، وغيرها من العبارات الهمجية والوحشية" وعرض عدداً من الخرائط على الطاولة وقال: "إن إتحاد الطلبة في كتابه المفتوح يقول: إن الشرطة وقوات الأمن قد داهمتنا ليلاً وفتشت مقرنا فلم تجد شيئاً، وأنا الآن أريكم ماذا فكر فيه إتحاد الطلبة" وأشار إلى الخرائط، وهي تحدد قاعات معينة في بغداد، أشير عليها دور بعض المشبوهين بنظرهم مع أرقامها، وبعض الأسهم التي تعين مواقعها.. ثم قال: "إخجلوا من هذه الفوضى، من أين جاءت عندهم هذه الخرائط، والتي لا بد لها من نسخ أخرى، فهي مطبوعة بالكاربون.. كما إن مدينة كركوك كانت دورها معلمة على الخرائط، وذهب الفوضويون إلى تلك الدور، وأخرجوا أصحابها وقتلوهم".
ونتيجة لهذه الحوادث ورد فعل حكومة الثورة، عقدت اللجنة المركزية إجتماعاً موسعاً في أواسط تموز 1959، انتقد فيها هذه الأعمال التي وصفها بالعفوية وصدرت عن الجماهير للحفاظ على مكتسبات الثورة. بمعنى أن الحزب مارس النقد الذاتي والإعتراف بالخطأ واعتبر ما حدث في مدن العراق أخيراً بأنها "إندفاعات خاطئة".
وبسبب هذه الحوادث المؤسفة، طالب الزعيم تجميد الأحزاب. فجمد الحزب الوطني الديمقراطي نشاطه وركز على نشاطه داخل الوزارة من أجل القيام بالبناء الإقتصادي والنهوض الإجتماعي. ورفض الشيوعيون ذلك. فتلقى الضربات نتيجة لعمله السياسي.
ووعد قاسم أن تكون فترة حضر الأحزاب أقصر فترة من أجل إيقاف الصراعات الدامية. وشرَّعت حكومة الثورة قانون الجمعيات في كانون الثاني عام 1960، وأجيز وفق هذا القانون 700 جمعية (حنا بطاطو،). وحصلت جميع الأحزاب التي قدمت طلباً للإجازة عدا الحزب الشيوعي العراقي وذلك بسبب أحداث الموصل وكركوك والمحاولة الإنقلابية في حزيران 1959 وغيرها من أعمال الفوضى التي شوهت سمعة الحزب في وقتها وما زال يدفع الثمن. وكذلك حزب التحرير الإسلامي الذي قدم شكوى إلى محكمة التمييز وفاز بالدعوى ولم يتدخل قاسم بقرار المحكمة. فيعتقد البعض أنه لو عمل الحزب الشيوعي نفس الشيء، لربما فاز ولكن الحزب لم يقم بذلك لإعتقاده بأن أعضاء المحكمة سوف لن يعاملوه كما عاملوا حزب التحرير الإسلامي.
وقد أدركت قيادة الحزب خطأ هذه السياسة بعد فوات الأوان. وأعترف بذلك السيد عامر عبد الله عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي آنذاك، في مقال مطول عام 1967، معترفاً بأخطاء حزبه، حيث يقول: "إن الوضع الثوري الذي تكوَّن في ربيع 1959، كان يمكن إستثماره لحمل قاسم على إنهاء فترة الإنتقال وإقامة الحياة الديمقراطية والمؤسسات الدستورية.. ودرء إنتكاسة الثورة.. غير إن ما فعلناه في الواقع هو تبديد طاقات ثورية هائلة في إستعراضات للقوى لا مبرر لها، وفي منازلات وتحديات مع قاسم والقوى الوطنية الأخرى، وفي التركيز على أهداف ثانوية، كالمطالبة بالإشتراك في الوزارة..الخ".

دور الحزب في إنهيار الثورة
لقد ارتكب الحزب أخطاءً كبيرة سواءً في سياساته ومواقفه من الأحزاب الأخرى أو في مطالبته بالمشاركة في الحكم، أو في ترديده لبعض شعارات وهتافات إستفزازية مثل: (بسمك يا فهد يحكم المهداوي) وغيرها كثير، وإنزال بعض الأفكار في روع الناس مثل: لولا الحزب الشيوعي لما كانت ثورة 14 تموز، ولولا فهد لما كان عبد الكريم قاسم. هذه الأعمال، قد خلقت جواً من الرعب والهلع في القوى الأخرى في الداخل ولدى حكومات الدول الإقليمية والعربية والغربية في الخارج. وحصل اعتقاد شبه جازم أن عبد الكريم قاسم شيوعي أو متعاون مع الشيوعيين ويمهد لإعلان الحكم الشيوعي في أقرب فرصة.
من كل ما تقدم، أعتقد أن الحزب الشيوعي العراقي لعب دوراً كبيراً في تدمير الثورة بشكل مباشر أو غير مباشر. ففي تلك المرحلة التي كانت فيها الحرب الباردة على أشدها، ومنطقة الشرق الأوسط تمثل أخطر منطقة في الصراع بين المعسكرين الإشتراكي والغربي، فكيف كان بإمكان الشيوعيين إستلام السلطة؟.
إن توسع نفوذ الحزب الشيوعي وتصاعد شعبيته ومطالبته بالمشاركة في السلطة والصراعات الدموية بينه وبين التيار القومي ومن ثم مع الوطني الديمقراطي والتجاوزات على الشخصيات الدينية مثل الإمام السيد محسن الحكيم وترديد هتافات إستفزازية مثل (ماكو مهر بس هالشهر ونذب القاضي بالنهر) وغيرها من الأعمال، قد أثارت الرعب والهلع، ليس في نفوس القوى المعادية للثورة التي تضررت منها من يومها الأول فحسب، بل وحتى في نفوس تلك القوى التي دعمت الثورة في البداية وساندتها مثل الحوزات العلمية الدينية والتيار الديني وحتى الوطني ناهيك عن قوى التيار القومي وغيرها. لقد بلغ عدد الجهات والقوى، الداخلية والخارجية التي تحالفت ضد الثورة أكثر من أربعين جهة، من عبدالناصر وكميل شمعون وشاه إيران إلى السيد محسن الحكيم والشيخ محمد الخالصي ومحمود الصواف وشيوخ الإقطاع والأغوات وتجار الشورجة وغيرهم، لا يجمعهم أي جامع سوى عدائهم للشيوعيين وعبدالكريم قاسم. وكان هؤلاء مرعوبين من الخطر الشيوعي خاصة وقد أشيع عن أن العراق مقدم على حكم شيوعي لا محال. والعراق لم يكن بعد مهيئاً لا إقتصادياً ولا طبقياً ولا إجتماعياً لقبول نظام شيوعي أو حتى إشتراكي. إذ كانت البلاد مازالت تعيش مرحلة شبه إقطاعي والطبقة البرجوازية كانت في مرحلة الصعود، أما الطبقة العاملة فكانت ما تزال في مراحلها التكوينية. فليت شعري كيف فكر الشيوعيون بتطبيق دكتاتورية الطبقة العاملة التي لم تكتمل معالمها ناهيك عن النضج السياسي وهي مازالت في بداية الطريق.
إذاّ لماذا طالب الشيوعيون بإستلام السلطة وهل كانت الظروف ناضجة والأوضاع الدولية ملائمة لحكم شيوعي في العراق؟ وجهت هذا السؤال إلى الراحل صالح مهدي دكلة، فأجاب بأن نقص الخبرة والثقافة وغياب الوعي السياسي لدى قادة الحزب آنذاك كان وراء هذه الأخطاء.
فرغم ما ذكرنا في بداية هذا الفصل أن أحد أسباب شعبية الحزب كان يكمن في إهتمام الحزب بالثقافة والمثقفين، إلا إن مسألة الثقافة هي نسبية. فالمستوى الثقافي للشعب عموماً آنذاك كان واطئاً جداً والشعب كان غارقاً في ظلام الجهل والأمية. ولم تكن الكتب ومصادر الثقافة متوفرة آنذاك. وحتى أغلب قادة الحزب لم ينالوا من الثقافة والخبرة السياسية لتجعلهم جديرين باحتلال مواقع قيادية خطيرة لكي يكونوا مؤهلين للحكم. وكما يسأل الدكتور عزيز الحاج، (عضو اللجنة المركزية وكادر إعلامي نشيط في الحزب آنذاك): "هل مجرد كوننا دخلنا السجون وعانينا من الإضطهاد، يكفي لإستلامنا السلطة؟". إذ قضى معظم كوادر الحزب سنوات طويلة في السجون ولم تتوفر لهم الفرص لرفع مستواهم الفكري والثقافي، ناهيك عن عامة الشعب حيث كانت الأمية تصل إلى ما يقارب 80%.
كما وسألت الدكتور الحاج عن المستوى الثقافي لكوادر الحزب وقيادته في الفترة قبل ثورة 14 تموز فأجاب مشكوراً بما يلي:
" صحيح إن الحزب اهتم كثيراً بدور المثقفين في الحركة الوطنية الديمقراطية، ولكنه في داخل الحزب كان يميز بين الحزبي المثقف وبين الحزبي العامل والفلاح الكادح. والدليل تمايز فترة الترشيح بين الفريقين، إذ أن مدة ترشيح المثقف أطول. كما إن تحامل فهد بإستمرار على المعارضة الداخلية لأن أقطابها مثقفون وإتهامهم بكل التهم لمجرد المطالبة بالديمقراطية الداخلية وبفتح النقاش الداخلي مظهر لتأثره بالستالينية التي كانت تشكك بالمثقفين وتضطهدهم. وكان فهد حريصاً على الطاعة المطلقة ولا يرتاح للمساءلة والرأي الآخر. وطبعاً كان للظروف السياسية الخانقة دورها في ترسيخ تلك الروح. وأذكر أنه منذ سنة 1949 انتشر في الحزب (أي بعد فهد) تشكيك بالمثقفين الحزبيين وكثيراً ما جرى تقديم عمال بلا مستوى ثقافي على حساب المثقفين تحت شعار "تحسين التركيب الطبقي". لم يكن فهد من المنظرين للماركسية بل كان سياسياً على صلة بمطالب الشعب وخصوصيات المجتمع ، وكان رجل عمل ونضال، وثقافته كانت لينينية ستالينية أكثر من ماركسية متعمقة. وكان ذوو المستويات الثقافية العالية، الماركسية والعامة، في الحزب أقلية نادرة ولم تصدر الحركة الشيوعية أبحاثاً ماركسية متعمقة وتحليلية عن المجتمع العراقي إلا بنسبة محدودة لا تناسب عمر الحركة ونضالاتها وأمجادها العملية.".

والعراق معروف بثرواته النفطية ومحط أطماع الدول الغربية، ويمثل أهم موقع جيوسياسي في الشرق الأوسط. وكذلك معروف بتاريخه الإسلامي ومراقد الأئمة الأطهار من جميع المذاهب، وظهور المدارس الفكرية والمذاهب الإسلامية فيه، فهل يصح أن يسكت العالم الغربي وقادة الحركة القومية العربية والدول العربية والإسلامية والإقليمية الأخرى و رجال الدين في الداخل عن قيام نظام شيوعي في مثل هذا البلد أو حتى مشاركة الحزب في السلطة؟
وقد بحثت هذا الموضوع مع عدد من كوادر الشيوعيين آذاك، الدكتور حسين الوردي والدكتور عزيز الحاج، فأكدا، أنه كان من حسن حظ الحزب الشيوعي العراقي عدم إستلامه للسلطة. ولو كان الحزب قد استلم الحكم، لأضطر أن يضطهد معارضيه وبالتالي عموم الشعب بنفس الأساليب التي طبقها حزب البعث لاحقاً من أجل البقاء في السلطة، ولحصل في العراق في ذلك الوقت تماماً ما حصل في أفغانستان فيما بعد.



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لبنان يحترق ونيرون يتبجح
- ثورة 14 تموز وعبدالكريم قاسم ..الفصل السابع
- السباق نحو الهاوية!
- ثورة 14 تموز وعبدالكريم قاسم 6
- ثورة 14 تموز وعبدالكريم قاسم 5
- ثورة 14 تموز وعبدالكريم قاسم 4
- ثورة 14 تموز وعبدالكريم قاسم - 3
- ثورة 14 تموز وعبدالكريم قاسم - 2
- ثورة 14 تموز وعبدالكريم قاسم - 1
- لماذا معظم الإرهابيين مسلمون؟
- ثورة 14 تموز العراقية وعبدالكريم قاسم
- هل الإسلام دين التسامح؟ (3)
- هل الإسلام دين التسامح؟ (2)
- حول المصالحة الوطنية العراقية
- هل الإسلام دين التسامح؟
- الحكومات العربية والإرهاب
- هلاك الزرقاوي.. دروس وعبر!
- حوار مع القراء - 2
- نصر الله يدق طبول حرب أهلية جديدة في لبنان!
- الخراب البشري في العراق 3-3


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبدالخالق حسين - ثورة 14 تموز وعبدالكريم قاسم (8) الثورة والحزب الشيوعي العراقي