أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جمال علي الحلاق - كيف نؤسّس جيلا يعرف كيف يعيش ؟














المزيد.....

كيف نؤسّس جيلا يعرف كيف يعيش ؟


جمال علي الحلاق

الحوار المتمدن-العدد: 1604 - 2006 / 7 / 7 - 11:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- 1 -

هل يؤسّس - الذي يدعو الى الموت - حياة ؟
وعندما يكون الموت هو الحياة ، ألا يعني هذا ان الحياة هي ليس كل شيء في الحياة ؟ وأن الذين يقيمون فيها موجودون أصلا في غيرها ؟ ثم هل يكفي هذا تفسيرا لشحوب الحياة عند من يروّج للموت فيها ؟

لا اريد الخوض في التجريد ، ما يهمني الآن هو أن أطرح سؤالا مغايرا - يهيمن عليّ كحكّة مزمنة - وضروريا جدا في اللحظة الراهنة ( كيف نؤسّس جيلا يعرف كيف يعيش ؟ )

ها أنا في الأربعين وأجدني أحبو ، ولا أطمع أن أكون معلّما لمادة أجهلها .

لكن ، وبحكم تجربة – لا أظنّها ضحلة تماما – يمكنني القول ، ان ثقافتنا كانت مكرّسة دائما تحت سؤال : كيف نموت ؟

لم تكن الحياة هي ما يهم ثقافتنا ، بل الموت ، وكان التركيز دائما على الآخرة التي لن تكون في الحياة ابدا .

لا زال الوعي السومري والفرعوني يعيد انتاج ذاته عبر مسمّيات أخرى كالإسلام مثلا . كلّ ما هنالك اننا استبدلنا أسلوب الدفن السومري ، حيث كان الدفين يأخذ شكل جنين - في رحم هو القبر - منتظرا ولادته في العالم الآخر ، وضيّقنا سعة الرحم الفرعوني ، فأصبح الدفين يأخذ شكل الاستقامة دلالة على التوحيد ، تحت هرم هو الاعتقاد .

وبقيّ الانسان موجودا في الحياة لأجل الآخرة ، ومن هنا نسينا تماما ان ننتبه للحياة أصلا ، ومن هنا جاء جهلنا في ان نعرف كيف نعيش ؟

وبالتأكيد ، لم تكتف ثقافتنا بأن تروّج للآخرة ، بل تمادت ذلك حتى جعلت التخلّص من الحياة تحت هرم الاعتقاد هو الحياة الحقّة ، ومن هنا جاء ( تمجيد الانتحار ) بعد أن تمّت قراءته على انه استشهاد .

سألتني صديقة فلسطينية وكنا معا نشارك في بحث ميداني لتقييم أوضاع العراقيين في الأردن : لماذا لا تصلّي ؟
قلت : ولماذا أصلّي ؟
قالت : أحب ان يكون الذين أحبهم معي في الجنة .
قالت بخباثة : في القرآن " وإن منكم إلا واردها " ، وهذا يعني أنك ستمرّين بي وانا في الجحيم ، الا انك لن تقيمي طويلا ، ومع هذا فإننا سنلتقي ، وربما نكمل بحثنا الميداني في الجحيم .

ضحكنا يومها ، وكانت تدرس علم اجتماع ، حتى انها اصبحت مديرة لجمعية هدفها تنمية الطاقات النسائية او ما يشبه ذلك ، واتصلت بي هاتفيا وقالت : اتمّنى ان تزورنا ، ومنحتني العنوان ، وكانت المفاجأة ان الجمعية تقع بعد مقبرة ، فلما وصلت ، قلت لها : لقد وضعوا الشخص المناسب في المكان المناسب ، عرفوا انك معنيّة بالآخرة فجعلوك خلف المقبرة .

كانت معنيّة ب ( تأثيث الآخرة ) ، لذا كان سلوكها الاجتماعي محدّدا ب ( شروط الآخرة ) ، في الثلاثين من تفتّحها ، أو فوقها بقليل ، ولم تتزوّج بعد ، تصحو يوميّا على عنوسة تتراكم ، قُتل فيها الجانب الأنثوي ، فقدت العمود الفقري لحياتها ، فأحبّت أن لا تفقد الآخرة .

هذا المشهد المتراكم على حياتنا اليومية ، يصلح ان يكون نافذة لقلب سؤال الثقافة من كيف نموت ؟ الى كيف نعيش ؟

أعي تماما ان الأمر ليس بهذه البساطة ، لكن ، هذا لا يعني ايضا أن نقف متفرّجين وكأن حياتنا هي لغيرنا ، وأننا مجرد أشباح ركبوا قطارا لا يعنيهم .

وبالتأكيد ، فإن صياغة السؤال في ( كيف نؤسّس جيلا يعرف كيف يعيش ؟ ) يعلن منذ البداية الى انه ليس سؤالا مكتبيّا ، وليس بحاجة الى تثاقف تنظيري ، السؤال يبدأ من السلوك وينتهي اليه ، فالقضيّة إذن في جوهرها قضيّة ممارسة ، وأعتقد أن تكريس بعض المشاهد المتراكمة بشكل يومي قد يؤدي الى انتباهات فردية بدءا ، لكنها في النهاية لن تكون إلا خطّا اجتماعيا .



#جمال_علي_الحلاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى ( صفيحة ) المدى وجاراتها : درس في الأمانة الثقافية
- عوني كرومي : الجاد في لحظة هازلة
- عيسى حسن الياسري : قديس خارج الوقت
- الشعر العراقي الحديث : قراءة اجتماعية
- فلنمت وحيدين بعيدا
- يموت المعنى وتستمر الحياة
- تعليب النساء لمن ؟ محاولة في تفكيك المنظومة الذكورية
- الذات والعقاب قراءة في نمو المستوى الدلالي لمفهومي الغربة وا ...
- دعوة للتضامن مع الصحفيين العربيين عدلي الهواري وعبد الهادي ج ...
- العائلتية نظام حيواني قراءة في ثقافة صدئة
- فايروس حق الاعتراض : الفعل هو الكلام حتى لا يتجرأ أحد على تج ...


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جمال علي الحلاق - كيف نؤسّس جيلا يعرف كيف يعيش ؟