أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال علي الحلاق - عوني كرومي : الجاد في لحظة هازلة














المزيد.....

عوني كرومي : الجاد في لحظة هازلة


جمال علي الحلاق

الحوار المتمدن-العدد: 1587 - 2006 / 6 / 20 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


- 1 -

اعداد هائلة تولد كي تنسى من ذاكرة الناس ومن ذاكرة التاريخ ، إلا ان قلة نادرة جدا تلك التي تولد كي تترك بصمتها على الآخرين ، وعوني كرومي من هذا النادر جدا .

يدخل يومك ، ثم تراه يتربع على التفاصيل ، يمتلك حضورا راكزا ، يدخل في ثناياك كي يقيم ، بينما يمرّ الآخرون بلا حضور .

إذا كانت الحياة صدفة ، فإن جزءا من هذه الصدفة هو الذي جعلني ألتقي بعوني الجميل ، كنت قادما من القرية مشحونا بأسئلة مدببة ، وقد تحسس بدوره تلك الاسئلة فقال : تعال معنا.

لم أذهب معهم ، لأن حجرة كانت تنتصف طريق الذهاب ، كانوا يسمّونها أسعد عبد الرزاق .


- 2 -


كان الجميل نبيل وادي - الذي انزلق معي من رحم واحد - سبب التقائي بعوني في بغداد ، ومن الساعة الأولى دعاني الى مطعم في ركن من شارع السعدون قريبا من مسرح الستين كرسي ، وكان نبيل معي ، جلسنا نأكل ، وكانت الوجبة ثلاثة أنفار كباب ، بدأ عوني يأكل بيديه دون أن يستخدم الشوكة والسكين ، وكنا أنا ونبيل نأكل في غاية اللياقة ، لم يكتف عوني أن يأكل بيديه ، بل بدأ يأكل بطريقة فوضوية جعلت شيش الكباب يتناثر على المائدة ، لم أجرؤ على الصمت ، قلت له متسائلا : هل كان الانسان البدائي يأكل بهذه الطريقة ؟ ضحك عوني وقال : الانسان البدائي كان يتذوق الأكل لأنه يأكل بيديه وليس بالشوكة والسكين .

خرجنا من المطعم ثم وقفنا قرب بائع الشاي ، وبينما كان عوني يشرب الشاي ، إحمّر وجهه ، واختلف تنفسه ، قال نبيل : ها دكتور ؟ أجابه : ماكو شي ، خفقان ويروح .

حصل هذا وهو يستعد لتحضير صراخ الصمت الأخرس .



- 3 -


قالوا عنه : برشت العراق ، وقد كان أكثرهم استيعابا له على صعيد التطبيق ، كان مخرج حياة ، ودرسا في كيفية الدخول الى الحياة .

يجلس بيننا نحن الأدباء الشباب ، أو هذا ما كان يطلقه هو علينا ، نبيل وادي وأنا ، يجلس بيننا كي يقترب منا أكثر ، يتحرّك رضا ذياب ، يصيح : أنا جائع أنا جائع أنا جائع ، بأعلى صوته فيتقزز عوني لا من إداء رضا ، بل من طريقة إخراجه هو للصيحة ، جلس مثل طفل تائه يبحث عن عاصفة يتعلق بأذيالها ، قال أحدنا وهو شخص لا أذكره الآن : فلنجعلها تلبية .
صرخ عوني : لا تقترح ، قم واصعد خشبة المسرح وأدّها ، فلما صعد وأدّى ما أراده ، قفز عوني الى السماء ، وأظنه أمسك بالسابعة صارخا : هذا هو المسرح .



- 4 –


بعد العرض الأوّل لصراخ الصمت الأخرس ، فتحت نافذة للحوار حول العرض ، كان الجميع يتحاور حول سينوغرافيا المسرح والمستوى الدلالي لها ، أما هو فابتدأ حديثه عن ضحكة طفلة كانت ضمن الجمهور - وكانت الضحكة انفعالا مباشرا تجاه حركة قام بها " رائد " ثنائي رضا ذياب – أضحكت الجمهور كله ، لحظتها اعتبر الضحكة جزءا من العمل المسرحي خصوصا وانها جاءت عفوية بشكل مطلق ، وأظنه تمنّى أن تتكرّر الضحكة مع كل عرض .





- 5 -


كان الجاد في لحظة هازلة ، يعمل على مسارح أشبه ما تكون بمقاه شعبية ، ومع هذا فقد كان روادها محدودين جدا ، مسرح الستين كرسي ( صراخ الصمت الأخرس ) ، أو منتدى المسرح ( ترنيمة الكرسي الهزاز ) حيث تألقت انعام البطاط وإقبال نعيم .

قلنا له مرة في ملتقى الصليخ الأدبي وقد استضفناه : لماذا لا تغادر مسرح الستين كرسي ؟ لماذا لا تعرض على المسرح الوطني ، أجاب يومها ، أنا أعرف جمهوري فلماذا أعرض على خشبة مسرح فارغ ؟

ومع هذا فقد أخرج " بير وشانشيل " للكاتب المسرحي عباس الحربي على خشبة مسرح في الوزيرية - لا أذكر اسمه ربما كان مسرح الوزيرية – وكانت القاعة مكتظة بالحضور ، واعتقد انه أخرج " الانسان الطيب " على المسرح الوطني ولاقى نجاحا هائلا .


- 6 -


في أمسيته في ملتقى الصليخ الأدبي ، سأله أحدنا ، وأظنه كان حسن قاسم مطشر : لماذا لا نمتلك أعمالا مسرحية كبيرة ؟
أجاب عوني ، والانفعال باد على وجهه ، حتى خفنا أن تعتريه حالة الخفقان مرّة أخرى : عندما تذهبون أنتم الى بوابة السينما والمسرح وتمزقون قائمة الممنوعات المعلقة عليها سنتمكن من خلق مسرح كبير .

كان هذا عام 1990 في بغداد .


- 7 -


عندما انتهت حرب الخليج عام 1991 ، سألنا عنه ، فقيل لنا : خرج مع الناس الى الاردن أثناء الحرب .




#جمال_علي_الحلاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيسى حسن الياسري : قديس خارج الوقت
- الشعر العراقي الحديث : قراءة اجتماعية
- فلنمت وحيدين بعيدا
- يموت المعنى وتستمر الحياة
- تعليب النساء لمن ؟ محاولة في تفكيك المنظومة الذكورية
- الذات والعقاب قراءة في نمو المستوى الدلالي لمفهومي الغربة وا ...
- دعوة للتضامن مع الصحفيين العربيين عدلي الهواري وعبد الهادي ج ...
- العائلتية نظام حيواني قراءة في ثقافة صدئة
- فايروس حق الاعتراض : الفعل هو الكلام حتى لا يتجرأ أحد على تج ...


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال علي الحلاق - عوني كرومي : الجاد في لحظة هازلة