أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد سلام جميل - الحركة الطلابية: من ثورة مايو الفرنسية إلى الحركة التشرينية العراقية














المزيد.....

الحركة الطلابية: من ثورة مايو الفرنسية إلى الحركة التشرينية العراقية


وليد سلام جميل
كاتب

(Waleed Salam Jameel)


الحوار المتمدن-العدد: 6647 - 2020 / 8 / 15 - 16:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يضيف اللون الأبيض جمالاً وشعوراً بالأمل والسلام بعيداً عن العنف والإنتقام. فحينما يسير الطالب بقميصه الأبيض الجميل يطغى على كلّ الألوان في أي مكان يسير فيه، فكيف إن كانوا مَن يرتدونه آلافاً وبمسيرات منظّمة وشعارات موحدة مدوّية؟!
في الأول من تشرين سنة 2019 شهد العراق أكبر حركة إحتجاجية منذ تأسيس النّظام الجديد الهجين بعد سنة 2003، وشكّلت هذه الحركة تحولاً كبيراً في الوعي الشعبيّ والسّياسيّ و لم تولد من رحم الصّدفة، بل من فعاليات وتظاهرات سابقة تمظهرت بأعلى وأبهى صورها في تشرين ونلاحظ ذلك من تحول الخطاب والمطالب الشعبية من الخدمية إلى البنيوية لإصلاح أجهزة النّظام الفوقية ومن ثمّ الإنتقال إلى الإصلاحات السفلية، وإن الخدمات ستتحقق تباعاً إذا ما صَلُحت أجهزة الدّولة من الأساس. كأنّ هناك شعلة من طاقة ملتهبة قد اخترقت القلوب والعقول، فتكاتفت القوى الوطنية الشعبية، بكل مكوناتها، بشبابها وشيوخها، بنسائها وأطفالها، بمرجعياتها الدينية والإجتماعية، حيث رسمت لوحة متكاملة عن العراق وحضارته ومكوناته الجميلة. ارتفع اسم العراق من بين حطام اليأس والطائفية والمناطقية والرّكام شامخاً رافعاً رأسه عالياً حينما سمع الشعب ينادي بأعلى صوته (نريد وطن). في الحقيقة إن هذه الحركة تحتاج دراسات مكثّفة على جميع المستويات، السياسية، الإقتصادية، النفسية، والإجتماعية. وهنا أودّ أن أشير بجلال وإحترام عالي إلى حركة الإحتجاج الطلابية السلمية التي أدامت زخم الإحتجاجات وكانت النّفس كلّما ملأت قنابل الفاسدين الدّخانية سماء ساحات الإحتجاجات السلمية وحبست هواء العراق عن أبناءه الصامدين.
في سنة 1968 انفجرت حركة مايو في فرنسا نتيجة للسخط الشعبي والظلم المتراكم التي فرضتها الشروط المحلية والدولية على الشعب آنذاك، وما نتج من تراكمات سياسية واقتصادية واجتماعية سيئة إضافة لتقييد الحريات والتي اشعلت الغضب الشعبي لينتفض من أجل الحرية.
كانت ىسلطة الجنرال ديغول قاسية جدا على الشعب الفرنسي، إذ فرض قيوداً كبيرة على الحريات والمعارضة والمفكرين بحجة الحفاظ على الأمن العام والنّظام. لم يستسلم المفكرون والفلاسفة والمعارضون لطغيان السلطة وأصدروا بيانات تدينها وتحرّض على العصيان المدني ضدها وعدم الإلتحاق بالجندية؛ وقد صاغ البيانات ووقع عليها أعلام كبار أمثال (موريس بلاتشو وجان بول سارتر) مدعومون بالنّقابات التي وقفت معهم جنباً إلى جنب. وهنا تحركت الجموع الطلابية بثورة عارمة جابت شواع باريس العريقة ورفعت شعارات الحرية وأثّرت على المجتمع الأوربي من لندن إلى برلين مغيرة وجه العالم منشدة نشيد الحرية والعدالة. وكان من شعاراتها "اركضوا يا أصدقائي... العالم القديم ورائي" و "إن لم تعطني حريتي فسأتولى الأمر بنفسي". هكذا قاد الطلاب ملحمة بطولية عرّت السلطة الظالمة ونشرت روح الحرية والدّفاع عن المظلومين وعن الحقوق المسلوبة. ويحكي لنا التاريخ مساهمة فاعلة لكبار المفكرين الذين أثّروا بالفكر الإنساني ككل أمثال (بول سارتر وميشيل فوكو) الذين نزلوا إلى الشارع لتقديم الدّعم وإدامة زخم الثورة ورفدها بالروح المعنوية العالية لتواصل مسيرتها. ولم تخلُ السّاحات من الأساتذة الذين جعلوها ثورة فكرية سياسية إجتماعية بكل أبعادها، ورغم الخسائر التي ترافق أية ثورة فإن ما حققته من نتائج كانت تستحق التضحية.
وفي حركة تشرين العراقية -التي ما زالت تتنفس في كلّ الساحات الإحتجاجية- أصبح الثّقل الكبير والزّخم الهائل للطلاب أو المدّ الأبيض كما يحلو للشعب العراقي تسميته، نقطة حاسمة في إدامة الزخم والإصرار والعزيمة وبعث النّشاط في كل السّاحات. وكلّما قلّ النّفس في السّاحات ودبّ اليأس وضعُفت الهمم، نرى المدّ الأبيض الجارف مضرباً عن الدّوام وقادماً إلى السّاحات كالرّيح العاصفة ليغذي المحتجين بأوكسجين الحرية ورفض الظلم والفساد فتنشط السّاحات من جديد وتعلو الهتافات أعنان السّماء و (االسلمية) الشّعار الأعلى الذي تصدح به حناجرهم الثّورية.
هذا اللون الأبيض السّاطع يظفي لإحتجاجات تشرين السّلمية رونقاً آخراً برّاقاً من نوع مختلف ويرسم لوحة ناصعة تعبّر عن هموم العراقيين وعمق حضارتهم. هذه المشاركة الحضارية قد غيّرت بالفعل مجرى التّاريخ السياسي والإجتماعي للعراق الحديث، فلم يتوحد الشّعب من قبل كما اليوم ولم يبرز المد الأبيض كما برز في تشرين. ذابت العنصرية والطائفية والقومية في ساحات الإحتجاجات التي قادها الشّباب بشكل أساسي مع سائقي عربات (التكتك) الصغيرة وهم من الطبقة الفقيرة المسحوقة بصدور عارية وسلمية حطّمت كل مشاريع العنف التي أُريد من خلالها إسقاط شرعية الإحتجاجات.
عرّت الحركة الطلابية كل الطبقة السياسية والمتعاونين معها من مثقفي السلطة وكتّابها والمتملقين من أجل حنفة من المال إلّا أنّ من المؤسف له أنها فقدت دعم الأساتذة بشكل مناسب مع تصاعد وتيرة الغضب الشعبي ولم يتواجدوا بحجم كبير ليكون هم القيادة والفخر للحركة الطلابية النّشطة. فالطلبة كانوا يقودون الحركة الإحتجاجية من دون أساتذتهم إلا القليل منهم.
إستمرار المد الأبيض بهذه الروح المعنوية والتنظيم المميز سيخلق في المستقبل حركة واعية قوية تفرض على السلطات شروطها لبناء دولة يعيش الجميع في ظلها بسلام وعدالة دون تمييز أو ظلم.
تواجد الطلاب يرفع المعنويات ويزيد زخم ساحات الإحتجاج ويرعب الفاسدين ويجعلهم تحت طائلة المسائلة الشعبية دوماً وسيصنعون مستقبلاً مشرقاً لجيل واعِ غير خاضع أو ذليل ولا يقبل غير الحرية والعدالة منهجاً للحياة.



#وليد_سلام_جميل (هاشتاغ)       Waleed_Salam_Jameel#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصير قيادات الثورة بعد الوصول إلى السلطة: صدام حسين والخميني ...
- الإنتخابات المبكرة في العراق: الواقع والتّحديات
- البدايات والنّهايات المفتوحة!
- تظاهرات الخريجين في العراق... شمس حارقة ودولة مارقة... ما هو ...
- دولة -التغليس- والكشف العظيم!
- اصرخ يا بائس... فليحيا العدل!
- وماذا بعد إقرار قانون الإنتخابات؟!
- إلى متى ستبقى المعركة مُؤجلة؟ ألم يحن الوقت؟!...
- الحراك الشّعبي التّشريني في العراق... رؤية تنظيمية قبل فوات ...
- الحملة الوطنية لإكمال قانون الإنتخابات... ناشطون يطلقون حملة ...
- الإنتخابات البلدية في العراق: رؤية نحو بناء ديمقراطي تنافسيّ


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد سلام جميل - الحركة الطلابية: من ثورة مايو الفرنسية إلى الحركة التشرينية العراقية