أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم نعمة مصاول - الشعر في زمن كورونا ... الشاعرة اروى السامرائي انموذجاً














المزيد.....

الشعر في زمن كورونا ... الشاعرة اروى السامرائي انموذجاً


جاسم نعمة مصاول
(Jassim Msawil)


الحوار المتمدن-العدد: 6640 - 2020 / 8 / 8 - 10:56
المحور: الادب والفن
    


الشاعر هو لسان حال المجتمع وضميره الواعي والمُعبّر الحقيقي عن افراحه واحزانه ونكباته والويلات التي تمر به ... والشاعر الذي يعيش بوجدانه حيثما يكون مع مجتمعه هو الشاعر الحقيقي ... والشعر كما قال عنه الاديب والشاعر السعودي عبد الله ادريس: (هو وليد الشعور، والشعور هو تأثر وانفعال ورؤى وأحاسيس وعاطفة ووجدان وصور وتعبيرات) تدور في ذهن الشاعر... ويمكن ان نضيف بأن الشعر وثيقة مهمة يمكن من خلالها التعرف على أحوال المجتمعات على مرَّ العصور... من هنا نرى عبر التاريخ عدداً من الشعراء من ساهم بابراز حالة مجتمعه وخاصة في زمن الويلات، وربطِ المُناسبات والأحداث الخاصّة بهم وبمجتمعهم بالقصائد الشعريّة، ومن ثم عَمِلوا على تطوير صورة القصيدة ومحتواها، وكان لهذا التطوّر نتائجهُ المُهمّة والتي ما زالت محفوظةً في الكُتُبِ التاريخيّة القديمة والحديثة للشّعر العربي.
لقد سبق وباء كورونا اوبئة اخرى عديدة مرت في العالم العربي والعالم عموماً قديماً وحديثاً، وكتب شعراء عن هذه الاوبئة وكيف كانت تحصد البشر وتقض مضاجعهم وما آل اليه الناس خلال الاوبئة، حتى ان تلك الاوبئة اضعفت دولاً قويةً عديدة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وجعلتها تئن من ضربات تلك الاوبئة.
لا نريد ان نذهب بعيداً في التاريخ، إذ كتبت الشاعرة العراقية الراحلة نازك الملائكة قصيدة " الكوليرا " في العام 1947 عندما حل هذا الوباء في ارض الكنانة ليضرب شعب مصر بقسوة، وهي من أشهر القصائد عن الاوبئة في العصر الحديث.
وفي جائحة كورونا اليوم، اطلت علينا شاعرة عراقية مغتربة هي الشاعرة العراقية المبدعة اروى السامرائي التي كتبت قصيدة رائعة عن وباء كورونا الذي نعيشه الان بخوف وقلق وهو يحصد الالاف ليرسلهم الى القبور الصامتة، ونحن محاصرون في بيوتنا في حجر صحي هو الاقسى خائفين مذعورين او هاربين من الموت الى طرق مجهولة لاتؤدي بنا الى السلام والاطمئنان.
واطلقت على قصيدتها اسم " كورونا في صورة التكوين " التي رأت من خلالها أنه لابد لها ان تساهم كما الشاعرة نازك الملائكة في توثيق هذا الوباء تاريخياً عبر قصيدةٍ تصف فيها حالة المجتمع وهي في وسطه، تعيش معاناته اليومية، وأن تخلد هذا الوضع المأساوي في قصيدة تختزن كثيراً من المشاهد الدرامية في حياة الناس اليومية، كما أرادت ان تكون جزءاً من الذاكره المشتركة للعراق خاصة و العالم عامة من خلال هذه القصيدة.
تصور القصيدة في بدايتها كيف تسلل وباء كورونا الينا ليبدأ بتحطيم الناس وكأننا في مشهدِ رعبٍ في فيلمٍ سينمائي، إذ تقول:
تحت غيوم الليل
جاءت تتلصص
لفرجة من الضياء
بين زفرات الانفاس
أخذت تتسرب في الهواء
عبر انفاق الروح الحجرية
إذ ان الوباء عندما تمكن من التسلل الى اجسادنا أخذ ينخر في مسامات دواخلنا ونصبح كأننا اسماك زينة محاصرين في احواض زجاجية كأجسام خارج النظام الشمسي تائهة لاتعرف وجهتها تسودها الفوضى والضعف وتعاني الاختناق:
حينما تسدل
سنارة الموت
باحواضنا الزجاجية الانيقة
ونحن
كأسماكِ الزينة
نتخبط في السديم
حبيسين
نلوذ بشقائنا
نعاني الاختناق
وتصف وباء كورونا وكأنه ملك الموت الذي يريد ان ينقض على ضحيته التي لاحول لها ولاقوة، خائفة من فراق الاهل:
والجالس أمامنا
محاط بهالتيهِ
المرعبتين
الخوف من الفراق
ورحلةٍ مجنونةٍ
مغلفةٌ
بالاساطير المثيرة
ظلال الموت والحزن والمعاناة تخيم على اجواء القصيدة عندما تصل الى هذه المرحلة التي يتحطم فيها الانسان ويفقد احبائه وذكرياته بعد أن يخطفه ملك الموت الذي هو وباء كورونا.....
وتتساءل الشاعرة كيف يمكن لنا ان نجتاز هذه اللحظات المليئة بالحزن والالم والضعف أيضاً إزاء وباء يتربص بنا كأنه مسؤول إداري يتلذذ بمعاناتنا وألمنا والخوف الذي يسود حياتنا اليومية من وباء لايرحم، وهو في الحقيقة ليس مسؤول ادراي بل هو ملك الموت بعينه، وهذه المرة الاولى كما اعتقد هكذا يوصف بها ملك الموت في الشعر العربي و ناهيك عن العمق الفلسفي و العقائدي في الوصف:
كيف تمضي هذه
اللحظة الجاحدة
والمتربص بنا
لاشيء سوى
مدير إدارة
بقسمٍ وسطي
يتلذذُ لأنفاسنا المحاصرة
لشهقاتنا الغامضة
غير أنَّ قلب الشاعرة الذي يخفق محبةً للبشرية أبت إلا أن تزرع الامل رغم الانكسار، لنوقف هذا الوباء بمقاوتنا له بكل السبل كي تنتصر الحياة ونستمر في العيش ويبقى الانسان ليعمر هذه الارض ويستمر ببناء الحضارة:
يشفط بإبرته المائية
ارواحنا
مخلفاً مدار الجسد
بأحزانه،
خليةً خاويةً
ترفض التفسخ من احلامها
لترممَّ صورة التكوين ،،،،،،
لقد تمكنت الشاعرة من توظيف لغتها الرصينة والمتماسكة من أجل خلق صور شعرية تتحدث عن دراما تعرض لها المجتمع فجعلتها معبّرة عن واقع مرير لمعاناة يومية، وهذا بحد ذاته ابداع يضاف الى تجربتها الشعرية، كما ان قصيدتها تحتوي في الوقت نفسه على قيمة أدبية وعمق فلسفي يتعلق بموضوع الموت.
لذا يمكن القول ان الشاعرة اروى السامرائي استطاعت ان تنقل لنا صورة واقعية عن ماسببه هذا الوباء اللعين في مجتمعاتنا وحولها الى اقفاص الحجر الصحي خائفة مرعوبة لايمكنها الخروج الى حيث ما تريد، الا ان الاملّ باقٍ بالانتصار على هذا الوباء واستمرار الانسان بالعيش وبناء حضارته التي اوقفتها كورونا.
علينا ان نذكر في الختام ان الشاعرة اروى السامرائي اقامت امسية شعرية في معهد العالم العربي في باريس في شهر تشرين الثاني 2019 حضرها نخبة من المثقفين العرب والفرنسيين وجمع غفير من المهتمين بالشعر، وسيقوم المعهد بطباعة ديوانها الاول قريباً.
(كندا)



#جاسم_نعمة_مصاول (هاشتاغ)       Jassim_Msawil#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة (شهقاتُ الورود)
- قصيدة(عيونُكِ تترصدُني)
- قصيدة(ضوءُ أناملِها)
- قصيدة(سرابُ الروحِ)
- قصيدة(بهجةُ عينيها)
- قصيدة(ولادةُ حُلمٍ)
- قصيدة (طقوسٌ ممنوعة)
- قصيدة(فرحٌ في الغربة)
- قصيدة(أشواقٌ ترتعشُ)
- قصيدة(سفينَتي عطشى للبحرِ)
- قصيدة(عودةُ الضوء)
- قصيدة(قيثارةُ الحلم)
- قصيدة(تراتيلُ السماء)
- قصيدة(لنْ أودعَّ الشمسَ)
- قصيدة(ضياعُ الفردوس)
- قصيدة(تلكَ السيدةُ)
- قصيدة(حين تبتسمُ النجومُ)
- قصيدة(نشيدُ الشمس)
- قصيدة (أيقونةُ الحُبِ)
- قصيدة(موعدٌ مع الذكرى)


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم نعمة مصاول - الشعر في زمن كورونا ... الشاعرة اروى السامرائي انموذجاً