|
في العاشرةِ من العُمْر .. كنتُ أقرأ
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 6616 - 2020 / 7 / 12 - 22:17
المحور:
الادب والفن
في العاشرةِ من العُمْر في الثالثِ الإبتدائي في بدايةِ الستّينيّاتِ منَ القَرْنِ "المَيّت" كُنّا أطفالاً نستَمِعُ إلى نجاة الصغيرة ، وهي تُغنّي قصائدَ "نزار" ، وإلى أم كلثوم ، وهي تغنّي كُلّ شيء ، في مقهى "الكيتاوي" ، في سوق حمادة ، مُقابلَ "حَلْقومَةٍ" ، وعشرةَ فلوس ، للمساء الواحد. في الرابع الإبتدائي ، في مدرسةِ "الخيزران" ، في "حَصّانةِ" الكرخِ القديمة كانت السِتْ "سِرِيّة" ، تتحدّثُ لنا عن كلكامش وعشتار يومَ كانَ أغبى التلاميذ يكتُبُ في دَرْسِ "الإنشاء" قصصاً قصيرة. منذُ "الصَفِ" الثالثِ المُتوَسّط كنتُ أعرفُ "اوفيليا" و "كورديليا" ، وأوديب ، وألِكترا ، و نيتشة .. و "هكذا تكلّمَ زرادشت". في "الرابعِ العامّ"،على أعتابِ "الثانويّة"، كانَ طَرّادِ الكُبيسي يتحدّثُ لنا عن أدونيس ، و مجلة شِعر ، وعن محمود درويش و عن "سرحان الذي يشربُ القهوةَ في الكافتيريا " ويقولُ لنا أنّ "الشوقيّاتَ" هيَ "خَرْطِيّات" وليستْ شِعراً ويُوَزِّعُ علينا ، مجّاناً ،"ديوانَ" شعرهِ اليتيم "أوراق التوت". في السادسِ الإعداديّ كُنّا "وجوديّونَ" .. كُلُّنا .. و "ماركسيّونَ" .. كُلُّنا .. في الوقتِ ذاته ولَمْ يَكُنْ هناكَ كتابُ ذَكَرَهُ كولن ولسن ، في "اللامنتمي" .. الذي يرى رؤى .. وفي "ما بعدَ اللامنتمي" .. الذي لا يرى شيئاً .. لَمْ نَقُمْ بقراءتهِ لاهِثينَ .. منَ الغلافِ إلى الغلاف .. من دون كيشوت ، وطواحينهُ ، و حروبهُ التي لا تنتهي ، بسيفهِ الخشبيّ ، إلى ثُقْبِ الجدارِ الذي لا يُنسى وتلكَ الجُملةُ المُدهِشة : "هذا فمُكِ الحقيقيّ" .. في "جحيم" هنري باربوس ، المترامي الأطراف. في "الصفِّ" الأوّلِ – كُليّة - كانَ خزعل البيرماني يتحدّثُ لنا عن نظرياتِ "فيكَسل" وعن دهاليزِ المدرسةِ النمساويّةِ في الإقتصاد . في الثاني - كُليّة - كانَ ابراهيم كُبّة ، يدخُلُ كالماردِ إلى قاعةِ الدَرْس ، وبسبعِ لُغاتٍ ، حيّةٍ وميّتة ، كانتْ تنهالُ علينا الأفكارُ و "المفاهيم" من أرسطو ، ونقودهُ التي لا تَلِد .. إلى فلاديمير أليتش لينين ، والإمبرياليّة أعلى مراحل الرأسماليّة. في الثاني - كُليّةً - أيضاً .. نصفُ الطلاّب ، لَمْ يكونوا قد تعَرّفوا على نصفِ الطالباتِ بعد .. وعندما كان أحدهم يُريدُ أنْ يتّصِلَ بزميلتهِ ، من تلفونِ الشارعِ ، كانَ يرتَجِف وإذا رَدّتْ عليهِ بعد طولِ إنتظار يكادُ يبولُ على نفسهِ من شدّةِ الخوف. في الثالثِ - كُليّة - كان هاشم السامرائي يُبرهِنُ لنا بـ "التفاضلِ والتكامُلِ" قانونَ الطَلَب ويقيسُ "مَيْلَ" المُنحنياتِ مِنَ اليسارِ إلى اليمينِ ، ومِنَ الأعلى إلى الأسفَلِ .. قبلَ أنْ "يميلَ" الكثيرونَ ، يساراً ويميناً ، ومنَ الأعلى إلى الأسفلِ ، بوقتٍ طويل. بعدَ الخامسِ - كُليّة - ودونَ أنْ "نَرْسِبَ" في مادةٍ واحدة ، على أمتدادِ خمسِ سنوات .. ساقونا إلى الثكنات ، جُنوداً "مُكَلّفين" ، لنُقاتِلَ "العُصاة" في شمال "الوطن". في الزمانِ "القديم" كانَ الطالبُ يُريدُ أن يقرأ عن كُلّ شيء ، و يعرفَ كُلّ شيء. في الزمانِ الحاليّ الطالبُ لا يقرأُ ، ولا يكتُبُ .. ولا يعرِفُ لماذا لا "ينزِلُ البعيرُ عن التلِّ مساءً" في "القراءةِ الخلدونيّة". في الزمانِ "القديم" لمْ نكُنْ "ننجَحُ ، إلاّ بشَقِّ الأنفُس . أمّا الآن ، فلا يَرْسِبُ أحدٌ ، إلاّ بشَقِّ الأموالِ ، والأنفُسِ ، والثمراتِ .. و بَشِّرْ الصابرين.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
توقيتاتٌ للقتلِ بالساعاتِ الكبيسة
-
جسورُ بغدادَ فارغةٌ كالقلب .. حَتّى مِنّي
-
هذا الذي هوَ أنتِ
-
هذا الخراب .. شامِلٌ وعميقٌ و كامِل
-
مزابل و مقابر و مسالِخ.. ومستشفيات
-
قصصٌ قصيرة .. تشبهُ الليل
-
كلّما أردتُ أن أنتَحِر
-
علاقات المنَصّات في زمان الكوفيدات
-
أشياء عاديّة جداً .. تشبهُ الماء
-
نحنُ نكتبُ.. والليالي تزيد
-
في التاسعةِ صباحاً .. بتوقيتِ اليرموك
-
بعضُ النساء .. بعضُ النساء
-
الماضي يمشي أمامي .. مثل كلبٍ أليف
-
أربعةُ أنواعٍ من الحُبّ
-
الحكومة والدولة والإقتصاد في العراق الراهن
-
الحكومة المحظوظة.. حكومة العراق، في الدولة الغائبة.. دولة ال
...
-
متقاعد، و حارس ليلي، وزوجة ثانية.. براتب تامّ
-
جورج فلويد، والإمبريالية الأمريكية، وعقولنا الصدئة، و مسامير
...
-
عن تقرير البنك المركزي العراقي المُكرّس للحفاظ على قيمة الدي
...
-
عندما ترى الوزير في المنام !!!!!
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|