أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (28)















المزيد.....



-خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (28)


احمد جمعة
روائي

(A.juma)


الحوار المتمدن-العدد: 6602 - 2020 / 6 / 25 - 17:53
المحور: الادب والفن
    


"كُنْتَ أعلم أنك ستسافر وتتركني، ولم تُشر مرة لمصيري" لم تغب تلك العبارة من بال تقي المرجاني طوال تلك السنين، كانت جوري معه في كل مكان يذهب إليه، تتوارى لأيام وأسابيع وحتى شهور، لكنها لم تتجاوز الوقت الذي تتقد فيه ذاكرته وتنتعش بالحوارات والوقائع التي أرهقتهما هما الإثنين، تذكر ليلة مصرع الضابط الإنجليزي، وصرختها المدوية حين أعلن أنه سيسلم نفسه. موسيقى الزمن الجميل المتوحش تَدبّ في أوصاله وكأنها سلك مغناطيسي يجذبه للأحداث الدامية رغم ما فيها من لذات خاطفة، لولا سفيان وشيري وأنجيلا ما انْبَلجَت الصور الوعرة التي تختبئ وراءها الصور الماجنة قبل أن ينزلق إلى لندن في زيارته الأخيرة هذه للقاء الابن المعطوب، كان كنز التداعيات والصور مقفلاً بدواعي السلامة الذاتية وربما الذهنية، وفجأة وقع ما لم يكن على البال، وقع سفيان في فخ الخطيئة مثله هو قبل سنين سحيقة، لكنه التشخيص الخاطئ للجسد هو ما فجر كنز الذكريات، حتى قفزت جوري من بين كل الركام وجلست على عرش الصور التي أَنعشها الخريف اللندني.
"القدر يرسم طريقك لكنك أَنتَ من يسير عليه.
من الداخل شعر بأنه ثقب غميق أجوف يسمع رنين ذاته تستجمع قطع الزمن المبعثرة وتركبها على وزن اللحظة الشاردة، وحده الصمت أطبق على الأب والابن، والليل الذي يخفي وتيرة الأحداث. جلسا عند عشبة زهرية خضراء في مقدمة الحانة إلا من موسيقى هادئة كالماء المكسور يختبئان عن بعضهما، حتى النظرات فَرّت محدقة في الأرجاء من دون أن تلتقي كما من قبل، إنه الهروب من المواجهة، والفرار من أمام الصدمة، كأن ناطحات السحاب الهوائية التي أنشأوها كانت في الخيال، شعر كل من سفيان وتقي بِقْطع اللعبة تتداعى بعكس أحلام الرجل الكبير الذي أسس الأمبراطورية المالية، لم يُشْقِيه سقوط صروح الأصنام التي عبدوها، كانت جوري ودلال وإفيلين وراشد وشيري وأنجيلا ودلال، هم الأصنام التي علقوا فيها كما فسر تقي بفلسفته البركانية تصدع الصورة التي كادت تكتمل لولا تسارع المفاجآت. كان الهدوء في الحانة الخضراء بالفندق هو ملاذ الأب الذي اسْتدعاه ليسهل الفرار من مواجهة السقوط، وحين طال الغياب تسارعت النظرات بينهما حتى كاد سفيان يفقد وعيه حين صرخ وبنبرة لفتت الانتباه حين كُسِر سكون الحانة عندما لم يطق الصمت فكاد يختنق.
"سأُضاجع أول امرأة أُصادفها، حتى أتحرر من قيد الجسد الخاطئ الذي فَكَت أغلاله شيري، لا أُريد العودة لمكاني السابق، ماذا لو كانت هي وحدها من تغويني؟
نظر له الأب نظرة متسائلة وقال بلا مبالاة.
"هل احترفت التنجيم؟ أنت لا تذكرني بنفسي سفيان قبل ستين سنة، لا أقبل التنازل عن ما خصصته الدنيا لي، لماذا تخسر كل ما تهبك الدنيا؟
كان هناك طبقٌ أمام سفيان راح يتناول منه قطعة صغيرة، رشف على إثرها من كأسه والتفت نحو والده.
"أُريد العودة إلى الديار.
كان وجه تقي يشع ببريق غير مألوف الليلة بالذات، مشاعر توقظ بصيرته التي نامت وقتاً وصحت على إحساس بضوء من أيام الحرب العالمية الثانية يتسلل إلى غَوْره ويتجه نحو سفح الدنيا القديمة التي عاشها في جنوبي المحرق وقضى وقته بين دار دلال القوادة ومنزل جوري الوليفة، إحساس ممتع جعله يغيب خلال الأيام الأخيرة عن ملازمة ابنه الذي شعر بثمة حدس غريب ينبئه عن والده الحاضر الغائب مؤخراً.
"هل سمعت ما قلت تقي؟ أريد العودة للديار.
ابتسم الآخر وقال هو يتطلع نحو النادلة التي أسرعت بالحضور فأشار لها بكأس مماثل للذي أمامه.
"ابني، أنصحك ألا تعود وأَنْتَ بهذا الحال، دعنا نمضي وقتنا هنا بعيداً عن الديار، لن تندم على شيء هناك سوى الحر والرطوبة وصوت الأذان، تَذْكر؟
تغيرت ملامح سفيان وبدا أكثر بهجة فجأةً.
"ماذا ألم بك تقي مؤخراً؟ كأنك تتحرر من قيود لازمتك عقوداً، هل للأمر علاقة بي؟
"لا، فقط أقارن بينك وبين ما كُنْت عليه بمثل سنك، أنا أرى الدنيا منذ وُلدت وكأنها لحظة أُحاول أن أمتص رحيقها حتى الرمق الأخير، بينما أَنتَ تهدرها منذ اليوم الأول الذي جئت فيه إليها، تعبت وأنأ أشرح لك ابني، لماذا تتجاهل المتعة والسعادة المخصصة لك منها وأنت على علم بأنك تاركها وراحل في يومٍ ما وقد يكون غداً وربما الآن من يعلم؟.
التقط أنفاسه واسْتدرَك متحمساً وهو يشير حوله للمكان.
"أنظر حولك ابني، كم هي لحظة بهيجة ورائعة هذه العشبة الخضراء الباردة والمعطرة بوجوه من حولنا غير كئيبة وشراب منعش لا يتوفر لغيرنا في مثل هذه الرقعة، ويكفينا نجلس أنا وأَنتَ تحت سقف هذا العشبة ونحن بصحة نحتسي رحيق الحياة، أنا أُفكر في جوري التي مضى على عشقي لها ستون عاماً وأتُوق بشغف لو أستعيد ثانيةً فقط من ذاك الوقت، بينما أنت تجلد ذاتك وتهدر مخصصاتك من الدنيا وتبكي تريد العودة للديار، ما بالك سفيان؟ هل تصدق أني لا أريد من هذه الدنيا سوى دقيقة أرى فيها جوري.

****
رآها لأول مرة مُنْتَشية في مشيتها، تعبر الممر بين غرف المنزل الكبير لدلال القوادة وقد قادته قدماه إلى هناك عبر أخبار أو إشاعة تبادلها شباب حي الفاضل بالمنامة عن وجود منزل بجنوب المحرق تقطنه فتيات هوى من مختلف أنحاء المعمورة ويتقدن جمالاً وإثارة ويَسْتعرن بالشهوة، عبر البحر من خلال قارب عند الظهيرة توجه نحو الدار كما وًصِفَت له وهناك اقْتحم المنزل إثر جدل مع أحد الصبية أغراه بالمال فسمح له بعبور عتبة الباب، كانت تلك المرة الأولى التي يدلف فيها دار دلال ومنها رأى فتيات الهوى تتفاوت أشكالهن ومستويات جمالهن وأعمارهن وكانت هناك جوري التي بدت له من بينهن ذات جاذبية متميزة رغم شعرها الشعث الملبد ولونها الأصفر الباهت وفستانها الواسع الذي بدا فضفاضاً عليها إلا أنه اقْتنَص من عينيها نظرة خاطفة رأى فيها فتاة متوحشة ومثيرة لو توفرت لها العناية، لحق بها حتى دلفت الغرفة الزرقاء ولحق بها رجل مُسن وبدين ود لو لَحَق به وانتزعه من ورائها لكنه اصطدم ساعتها لأول مرة بدلال التي أمسكت بيده وسحبته متسائلة من يكون وماذا يفعل هنا؟ من يومها عرف دلال ونسج علاقته معها بواسطة المال الذي كان في يده باستمرار، عَرَفَتْهُ بتقي أفندي، أطلقت عليه لقب أفندي تيمناً بشخصية عراقية تقرب لها وتدعى باسم تقي.
حين وَلَج مع فتاة هوى أخرى حين لم يُكْتب له المثول أمام جوري الذي سمع اسمها من فتاة أخرى، كانت تلحق بها وهي تبكي في زيارته التالية ومن يومها علقت به وأغرته بفستانها الضيق هذه المرة ولون عينيها مع تبرجها الذي كان مبالغاً فيه، أصر أن تدخل معه رغم تأكيد دلال القوادة بان الفتاة غير مستعدة اليوم وغير مهيئة للمعاشرة، أصر أن يلتقي بها حتى لو لم يعاشرها ويكتفي بالتعرف عليها وحينما اخْتلى بها لم يَرّ للوهلة الأولى ما يُغري أو ينم عن رغبة تُؤجج شهوته فيها، وفوق ذلك شم رائحة ما انْبعَثت منها ما جعله ينفر منها وتركها مما غرس في نفسها شعوراً بالازْدِراء، لكنه ظل شيءٌ ما يشده نحوها خاصة حينما يستذكر نظراتها وزاد من ميله تجاهها المرة التالية التي رأى فيها فخذها العاري وهي تهبط من عتبة الدار إلى الفناء الخارجي، بدا له مكتنزاً بلونه البرونزي المشدود، لاحت له حينذاك صورة جسدية لها وهي عارية ما ألْهَب خياله فيما وراء هذه الملابس من جسد مُكْتنز وشهوة اسْتَخلَصها من نظراتها المتقدة باستمرار كلما صادفها، وفي النهاية حسم أمره وقرر أن يختلي بها وحينما رفضت إثر إزْدِرائه لها في المرة السابقة أغرى دلال القوادة بمبلغ مضاعف فأجبرتها على الاختلاء به، وحينما رفضت الانصياع لمطالبه الغريبة والتي بدت لها شاذة، صفعها وأجبرها على نزع ملابسها واغتصبها وحينما عَلِمَت دلال بما جرى منعته من المجيء لكنه عاد بوسيلة المال التي ما لبث أن طلبها من جديد بعد أن إعتذر لها بل وركع لها أن تسامحه ومن يومها أَلِفَ لها ونسجت العلاقة على هذا المنوال.
كانت ذات بشرة خمرية اللون طرية المظهر، وقوام متناسق الطول يميل للنحافة ولكنه مُكْتنز عند الردفين والفخذين، وعينين واسعتين رماديتين تفوح منهما نكهة البحر وتتحولان فيما بين الليل والنهار إلى عينين عسليتين كما وصفهما خياله حينما يتراى له بريقهما عند المعاشرة، كانت صبية مُحَلقة بجسد ناري اكْتشفَها منذ اللحظة الأولى التي رآها ثم ما لبث أن ولع بها وصارت توقد خياله، جوري انغرس اسمها في عقله واستقر في وجدانه وأصبحت جنونه الذي قاده لسلسة من الصدام الدموي معها كلما ثارت غيرته أو رآها مع رواد غيره في الدار، فتشتعل غيرته الضارية، خاصة إذا ما وجدها مع جندي أو ضابط من جيش الاحتلال إبان الحرب التي كانت في بداياتها وفرضت على البلاد أن تستسلم للجيش البريطاني يقرر ما يريد، كانت فترة الحرب العالمية الثانية هي الحقبة التي نُسِجَت فيها العلاقة بينهما وتوثقت مع مرور الوقت خلال الفترة الصعبة والقاسية التي شهدتها الديار وتولد فيها الفقر والمجاعة والعوز وركود شمل الجميع، لم يجد ما يَقْتاته السكان سوى ما يوزع بالبطاقة أو بالسرقة والاحتيال، وحدها جوري من بين فتيات الهوى في الدار فازت بحب وعطف تقي الذي أغدق عليها كل شيء بإستطاعته، نَفَحها المال باستمرار خاصة بعد علمه بأنها ترعى عجوزاً معها في المنزل وهي والدة زوجها الذي يقضي نصف شهور السنة غائباً في الغوص، وحين اشتد الجوع هَرَبَ لها الطعام كالحبوب والتمر والزيت واليريش وغيره، في الوقت الذي كان يزداد عطفه عليها، كان يوسعها بالضرب كلما اشتدت غيرته حين رؤيته لها مع غيره، وبلغ الأمر بدلال القوادة اليأس منهما فتركتهما يتصالحان ويتعاركان مكتفية بنصيبها من المال.
توطدت العلاقة بينهما خلال حقبة الحرب، زاد هوسه بها و اشتدَّ رعونة حتى رأت فيه دلال وبقية فتيات الهوى ذروة الجنون، كانت بعضهن يحسدن جوري على ولعه بها حتى وهو يُبْرحها ضرباً، لأنها بنفس الوقت كانت تتباهى بالمال في يدها وبالهدايا مع التموين الغذائي الذي كان يسرقه من دارهم، في المقابل كانت قد وَهَبته جسدها بلا حدود ولا شروط، لم تضع خطوطاً له ولا موانع، كل ما كان يطلبه يناله حتى كاد يترك بصماته على كل جزء من جسدها، وما جعلها تستسلم له وتتركه ينال ما يخطر بباله ليس فحسب لإغداقه المال عليها وإنما ما شعرت به من عاطفة جياشة تجاهها بلغت حد البوح لها بجنونه بها، لكنه لم يصرح بحبه، لعله كان يخشى مَغَبَة الالتزام والسقوط في فخ الوعود فاكتفى بالهيام بها، كانت إذا أرادت اسْتفزازه لِلَّفت انْتباهه تظاهرت بالخروج مع زبائن آخرين، كانت تستغل الجنود الإنجليز وتداعبهم وهم سكارى وتأخذ إجرتها مضاعفة، كانت تصبح لئيمة أحياناً مقابل لؤمه هو الآخر، كان الاثنان يتقدان وَهَجاً، كلما احتدم اللهيب بينهما غاصا في بحر من الشهوة، يظلان مختفيين طوال اليوم، لا يسمع لهما سوى تَأجَّج العاطفة، كان إذا وله عليها يركب القارب من طرف المنامة بالقضيبية ليعبر للمحرق، ثم يقطع المسافة مشياً على الأقدام من بداية الساحل بمحاذاة نقطة البوليس حتى منزل دلال بجنوبي المحرق، سواء في الصيف حين تكون الحرارة كالجمر تخرج على اثرها الزواحف من جحورها، وتقطر الجدران بالرطوبة، أو خلال زمهرير الشتاء يعصف الطقس وتتجمد الأسماك في مياه البحر، لم يتوقف عن عبور البحر بالقارب، أو بقطع المسافات مشياً إلا حين افتتح جسر الشيخ حمد.
"لا أملك مَنْع نفسي من رؤيتك، هناك شيءٌ ما بِكِ يثير نهمي، ليست نزوة بل نزعة نحو هذا الجسد الناري وهذه الروح الزكية، أتوق إليك، أرغب في امتلاككِ حتى الموت معك.
"يستسلم الرجل للمرأة عندما ترفض طلبه فقط"
لا تسمع هذه الكلمات إلا عندما تتمنع عن ملاقاته، يحدث ذلك عندما تعاني من الألم الذي يسبق الدورة الشهرية، أو عندما يكون راشد زوجها عاد من رحلة الغوص بعد شهور من الغياب، وفيما عدا ذلك كانت مستسلمة للمَنُون على صدره.
شتاء، ربيع، صيف، خريف، كل الفصول تتوالى، الحرب تشتد، والجوع يضرب البشر، واليريش هو الوجبة الرئيسية التي توزعها الحكومة من خلال مستشار قوات الاحتلال، وحدهم الرجال الميسورون والهائمون على وجوههم وجنود الاحتلال مستمرون في البحث عن المتعة، ومن دون هؤلاء الشبقين لا تملك فتيات الهوى بمنزل دلال فرصة للعيش، كانت جوري تروي لتقي وهي محلقة بالسباحة في نهر الكلمات عندما تكون متأملة يسبقها ذكاؤها الفطري الذي كان باعثاً على تعلقه بها، تروي معاناة رفيقاتها مع الفقر والفاقة في رعاية ذويهن من الآباء والأطفال والرضع الذين يموتون أمام عيونهن مع انْسداد أبواب الرزق، شهدت فترة الحرب أوج أزمة كساد مر بها الناس، ولم تمنع هذه الحالة الصعبة من ازدهار بيوت الهوى.
ظل تقي المرجاني يمشي ويعبر الوقت والمسافة أسير الشهوة المحتدمة في داخله، وكلما اشتد شبقه للمرأة، زاد تمسكه بها، خالف القوانين مع الرجل الكبير عبدالرحيم المرجاني، أغضبه كثيراً لكن سرعان ما كسب وده بجرأته وذكائه وفطتنه التي بنى عليها الأب آماله في تولي تقي زمام أمور المصالح وقد أخذت تتنامى مع الإنجليز خاصة، كما أضحى المورد الأساسي للحكومة المحلية من كافة المواد المستوردة من الهند والعراق وإيران وحتى مع بريطانيا في فترة تلت نهاية الحرب، كل هذا الاعتماد الذي قامت عليه ثقة المرجاني لابنه لم تردعه عن انْتهاز كافة أشكال الاحتيال من وراء ظهر الرجل لكسب وُدّ فتاته ورعايتها ليتمكن بالمقابل من نيل رضاها لتفتح له أبواب فردوسها الجسدي الذي لم يصدق أن ثمة امرأة في الكون على تلك الصورة من اللهيب الناري المنبعث من كافة أجزاء جسدها حينما يثور بركانه. عندما يغيب يومين أو ثلاثة تتآكله الغيرة والشكوك خشية أن تلعب من ورائه فرغم تعلقها به وخضوعها له وذعرها من قبضة يده الحجرية، إلا أنه ظل في قلق مزمن وتوتر نَهَب أعصابه وجعله دائم الغضب كلما ابتعد عنها وغاب لفترة لنضوب المال أو لإبعاد شكوك والده وكسب رضاه، لكنه يدفع ثمن هذا الغياب في رعونة ضارية تجعله يفقد توازنه مع من حوله إلا دلال ظل واعياً لانفعالاته أمامها خشية غضبها ومنعه من زيارة الدار.
علقت سنوات الحرب بذاكرته ومَسّت شَغاف قلبه حتى ظلت السنين التالية تسحب بأذيالها أينما نأى، أضْحَت جوري والحرب توأمين انْسجما معاً في الدنيا، لازماه المدى الزمني الأزلي، أينما توجه أو ابتعد أو غار، تظل فتاة الهوى الوحيدة الباقية في عالمه هي وذكريات الحرب. الطريق لمنزلها وفناء الدار والشجرة المغروسة هناك ومصرع الضابط البريطاني على يديه وحس رقية الكفيفة ذات الحدس الخيالي والنوافذ والرائحة والغرفة التي طالما تسلل إليها وقت الظهيرة أو عند منتصف الليل، السجادة المهترئة والفراش الأرضي الذي شهد ذروة جنونه الشبقي وذروة عطشها الجسدي، كان المنزل المعزول في رقعة بعيداً عن سلسلة المنازل في تلك المنطقة هو محيط عالمه في الفترة التي امتدت من بداية الحرب العالمية الثانية حتى نهايتها عندما فَرَّ من الديار نحو لندن للدراسة ومن ساعتها غابت جوري ولم تَغِب ذكراها حتى وهو في لندن اليوم.
وضع على باب شقتها بعد أن تسلل قبل المساء خلف سيدة مع طفلها يسكنان ذات البناية، باقة ورد طبيعية حمراء، تخللتها وريقات خضراء وأغصان صغيرة مليئة بنتوءات من الأشواك المخفية الحادة، وبطاقة زرقاء فاتحة كتب عليها بالحبر الأسود عبارة "لقد أَحْبَبتُك ولكن التيار عاكسني آمل لك حظاً سعيداً مع غيري" تركها وغادر البناية، وعلقت عيناه نحو العمارة من الخارج وهو يبتعد وعلى نافذتها المطلة على الشارع آملاً لو أنها هناك واقفة عند النافذة وتراه وهو يَفر مهرولاً لتتساءل، ماذا يفعل هنا؟ ثم تفاجأ عند الخروج بباقة الورد الشوكية وحالما تحملها وتقبض عليها لتقرأ العبارة فَتَخْز الشوكة أحد أصابعها أو أكثر فينفجر الدم وتعلق تلك الصورة بذاكرتها ما حَيَيت ترزق.
راح ينسج سيناريو للأيام والشهور والسنوات القادمة، أما اللحظة الآن فقد بدأ العد العكسي له مع تقي والده مشوار العودة للديار، بدا مشغولاً بتفاصيل السفر وإجراء الاتصالات وحجز الطائرة ولكن قبل العودة عَزَم على اختبار لابد منه وهو الخروج مع فتاة، أي فتاة وكان قد رسم الخطة ونفذها ليلة سهر فيها هناك بالحانة التي أضاع عنوانها من قبل، غير أنه صمم على إجراء مسحاً ميدانياً لأحياء وضواحي لندن للعثور عليها وحفظ منها صورتها ومناخها وهما على هيئة أجواء هاري بوتر، كانت هناك فتاة بدت شرهة للأكل واستنتج من مراقبته لها أنها نَهْمَة جسدياً، بادلته النظرات والابتسامات ولولا أنه ثَمَلَ وفقد حِس المعاكسة لتمكن من الانسجام معها واصطيادها، فهو يثق بوسامته وبديهية الدعابة مع الفتيات خاصة من يَثرن فيه الشهوة، بدت له تلك الليلة المسكونة بالغرابة منذ غادر شقة شيري وقذفت به سائقة الأجرة بتلك الحانة وهو يعيد تشكيل نمط حياته من جديد، بدأت تتغير مشاعره ولم يعد يحترق بألم الفراق أو الفَقْد، لاح له إحْساس بالمتانة والتحمل مع انعدام التأثر بردود الأفعال العاطفية، برزت له مناعة مفاجئة تجاه الأحداث وردود الأفعال من حوله. وما أثار دهشته بقسوة هو ردة فعله الباردة تجاه شيري، وقف طويلاً مُتَأملاً رد الفعل هذا وقد زَجَّ به للمبادرة بتركها والرحيل وهو الذي لم يطق احتمال توقع ذلك من قبل، شَكَّ في البداية بسلامة نفسيته وخمن أن يكون هذا السلوك حالة نكران آنية أراقتها صدمة العلاقة بينها وبين أنجيلا، لكنه بعد أيام مضت تأكد من متانة مناعته تجاه المشاعر، مع شيء ضئيل من الشعور بالرتابة من فراغ عاطفي لم يعد يفكر سوى بِسَده عن طريق العلاقات العابرة، قرر أن يَنْسج علاقات متعددة وفي كل مرة يَفْرغ من علاقة يرسل بعدها بفترة باقات ورد يَكْتب عليها عبارة"آمل لك حظاً سعيداً مع غيري"

****
بعد أن وثَبَ للحانة الهاري بورترية كما عرفها مع ذاته، دأب على مدى عدة ليالٍ وهو يودع لندن بحزمة من الاحتفالات يقيمها لنفسه أشرك معه في بعضها تقي من دون أن يزج به في الحانات والأماكن الصاخبة، أدرك الفتاة وحظي بالتعرف عليها بسرعة خاطفة كحالة العلاقات في هذه الحانات حيث كان في البداية يخشى التردد عليها لما تشيعه من ريبة وشكوك بمظهرها وطبيعة روادها وأشكالهم وتصرفاتهم الغريبة الأطوار، غير أنه سرعان ما آنس للمكان واسْتَنبَط من خلال الساعات التي قضاها هناك وتعرفه على الفتاة الغريبة التي تدعى إيف، طيبة ووداعة غالبية هؤلاء الذين لا توحي وجوههم للوهلة بهذا الانطباع، كان بعضهم عزاباً ومطلقين وعاطلين عن العمل يعتمدون على الإعانات الاجتماعية ومنهم النساء، أما الفتيات فغالبيتهن ممن قطعن الدراسة أو فُصلن من الأعمال، وهناك بحارة ومزارعون على علاقة بعضهم ببعض وكأنهم أُسرة تلتقي في هذه الحانة ليلياً، هذا ما استنتجه من حديثه مع إيف التي اكتشف أنها تعمل شرطية بالمرور في قسم البدالة الهاتفية بمركز المدينة، كانت طويلة ونحيفة لكنها مكتنزة في بعض الأجزاء، أراد في البداية سؤالها عن آنيت سائقة الأجرة التي قذفت به المرة الأولى إلى هنا، لكنه وزن السؤال وأدرك أنه من السيئ أن تسأل أو تستفسر عن امرأة وأنت تشرب مع امرأة أُخرى، ترك السؤال مؤجلاً لفرصة يسأل إحدى النادلات هناك وراح يلملم أفكاره للتواصل مع إيف التي بدت له مثيرة خاصة عندما تنظر إليه من أسفل عينيها، كما أثاره بروز كتفيها الرياضيين وإنشداد فخذيها العضليين، أغراه بالإبحار والاكتشاف لكن بحذر.
"أَنتَ لم تأتِ هنا إلا للبحث عن شيءٍ ما، صحيح؟
كانت ابتسامتها ماكرة ولكنها بدت له مشجعة على التواصل محاولاً سبر غورها فيما يتعلق بالصداقات وما إذا كانت على علاقة بأحد.
"أَنْتِ تطرحين أسئلة وكَأَنكِ في العمل، جوابي أَبحث عن بهجة في مكان مختلف ومع أشخاص متميزين.
غرقت في الضحك وبدا لها ذكاؤه ما دفعها للاقتراب منه وسؤاله بنبرة ودية.
"كُنْتَ في البداية خائفاً.
هز رأسه شبه موافقٍ.
"صحيح، وهذا ما جَذَبني للمكان.
"الخوف؟
"نعم.
راحت تتأمل وجهه وتنظر في عينيه، احتست كأسها ونهضت متجهة للحمام وتركته وحده يتأمل بما قالته، راح يرمقها من الخلف وهي متجهة صوب الباب، رأى جسمها مشدوداً، كما بدت له إانْثَوية رغم مشيتها الرجولية، بدأ يدرك أنه محظوظ في اكْتساب ثقة الفتيات والنساء وشد انْتباههن خاصة في الحانات، ضحك وحدق حوله فرأى أحد الرواد يتأمله من على مسافة، أزاح نظره عنه وراح يشرب من كأسه. رآها آتية نحوه وقد أشارت في طريقها للنادلة بكأس مع إشارة بصحن، اقتربت منه وقالت وهي تتجه نحو الباب الخارجي.
"تعال دخن معي.
تركها تتقدم وبدأ يخشى اقترابه منها أكثر بهذه السرعة، اسْتعرض في لحظة خاطفة طريقة تعرفه على شيري وأنجيلا، فأدرك بأنه حَظِي بواحدة للتو، ابتسم ونهض من دون أن يَتلَفَّت وتوجه للخارج حيث كانت واقفة مع شخص يكبرها سناً يدخنان، وقف على مسافة منهما وأشعل سيجارته، تركت الرجل واقتربت منه.
"من نظرة الرجل أول مرة، أفْطِن بأنه يرغب بِيَّ.
قالتها بجرأة وهي تبتسم، ولأول مرة وجد نفسه محرجاً، ارْتَبَك لوهلة، فَرَّ من عينيها لحظة وما لَبِثَ أن ابتسم لها وقال بنبرة تحدٍ اكتسبها بغريزة مباغتة.
"لا أُخفي عليك في المرة الأولى جئت هنا صدفة، وفي المرات التالية لأراكِ، أَنتِ تجذبينني.
ألقى بعقب السيجارة على الأرض وسحقه بقدم ثم تهيأ للولوج إلى الحانة، اسْتوقفته قائلة.
"لم أعد أذكر اسمك.
"سفيان.
تبعته وجلسا في مكانهما، كانت الصالة مكتظة أكثر بكبار السن والبدناء، وارتفع صوت موسيقى البلوز الخفيفة مع تزايد حماسةِ الندلاء من الرجال وتقاعس الفتيات كما بدا من إيقاع الحركة في المكان.
"أَنتَ صريح معي، وسأكون صريحة معك، أنا أيضاً منجذبة لكَ، من الآن لا أَعد بشيء، كل ما في الأمر أنك تعجبني.
مد يده وأمسك بطرف أصابعها، نظرت نحوه وقد تغير لون بشرتها وبدت متوردة.
"لا أُصدق أنك تجرأت بهذه السرعة.
ابتسم قائلاً وهو يحدق في عينيها.
"كونك شرطية لا يعني أن هناك رادعاً، العكس أشعر بغموض يَكْتَنف وجودنا الآن معاً وبهذه السرعة، إحساس يغمرني وأنا أجلس معك لا أود إفْساده بالتحليل، كل ما في الأمر، أنا معجب بِكِ.
لحظة صمت سادت إلى أن رفعت عينيها على وقع خطوات رجل، طويل القامة نحيف البنية ذا بشرة بيضاء فاقعة واقفاً على رأس الطاولة، نظرت نحوه بغرابة سرعان ما زالت وحَلّت مكانها نظرة حَنْق ابتعد على أثرها فعادت تنظر لسفيان الذي دَبَت فيه البَلْبَلة، شعرت بها فسارعت بالتفسير.
"يُفترض ألا يوجد في المكان الذي أنا فيه، لا تشغل بالك.
أدرك أن كثيراً من العلاقات هنا معقدة ومتشابكة، وركز اهتمامه في تعميق الصلة بها رغم عدم معرفته بخلفيتها، لكنه نذر نفسه منذ جاء لندن للمغامرة التي اعْتادها منذ فترة اليأس الضارية وقت بلغت به الخيبة في العالم حداً فكر فيه بأسوأ الظروف وهو على حافة الهاوية أن يعيش، مرت أوقات قبع في عزلة مع الأفكار السلبية القاتمة يجلد ذاته من دون عزاء سواء الشراب والمخدرات. عاد ينظر للمرأة وقد ازاح قلقه من الرجل الطارئ وأشار لها بطلب كأس آخر.
"أَنتِ بطيئة في الشراب.
فجأة رفعت كأسها ورشفت ما تبقى فيه وهمست في أذنه.
"إدفع حسابك واتْبَعني خارجاَ.
لم يفكر بشيء سوى جسدها الرياضي الذي خَمَّنَ بوجود وشوم في مكان ما فيه، متى يحين وقت اكتشاف خريطته بالتضاريس؟ بعد شيري وأنجيلا لا وقت للعلاقات الجادة والطويلة. تبعها للخارج بعد أن دفع فاتورته، تلفت حوله فوجد بعضاً من كبار السن يحدقون فيه وكأنهم فطنوا للتحركات المريبة بينه وبينها.
وجدها تنتظره على بعد أقدام من الرصيف في الجهة المقابلة من الحانة، عبر الشارع، وحالما اقترب أشارت له بفتح الباب والدخول، لم يتردد دَلَفَ بسرعة وبدا لها مطيعاً دون ارتياب، زال التوجس المخفي بداخله وسرعان ما اسْتعاد رونقه مع صوت الأغنية التي كانت تدور.
"هل تخشى أن أذبحك؟
ضحك وهو ينظر لها وقد بدت له عن قرب أكثر إغراءً مما ظن، كان يتأمل ساعديها العضليين وصدرها البارز مع نظرتها له بين فينة وأخرى، ابتسم ورد بنبرة واثقة وقد بدا منشرحاً.
"أنا مطمئن لأني برفقة شرطية.
"لا تَعْتَمد على ذلك كثيراً.
بدا من لهجتها المستفزة والتي يغلفها الغموض أنها تتعمد إثارته بتلك النبرة المُريبة، ظلت تحاول أن تثير فيه الجزع لغاية تَهْييجه، ثم غيرت نبرتها قائلة.
"لا تقع في الحب.
رد بسرعة وتحدٍ.
"الحب السريع كسحابة الخريف لا تمطر سوى الدموع.
مالت نحوه وقبلته بسرعة خاطفة وزادت من سرعة السيارة الكبيرة والقديمة الزرقاء، كان الشارع مكتظاً بالسيارات وبعض المشاة وتذكر بأن الليلة نهاية الأسبوع، لم يتستغرب حركتها المباغتة فقد كانت طوال الوقت تمهد لها بالعبارات المحشوة بالتهديد، أدرك بأنها لن تجد الليلة شاباً بوسامته تخرج معه، لكن رعبه بدأ لحظة اجْتاحته نوبة ذعر الفراش، وكيف سيكون أداءه هناك؟ حاول إزاحت الهلع من عمق قاع عالمه القديم المفجوع، تذكر بأن الجزع هو عدو الشهوة، والارتياب في ذاته هو الخطر الداهم على رجولته، نظر لها فوجد وجهها متورداً وتكاد الشهوة تعري رغبتها التي باتت مكشوفة له، مد يده وأمسك بيدها، كانت الساعة العاشرة وثلاث دقائق والدنيا بدت له مختلفة، فقد زالت اللحظة الاحتقان الذي سببته علاقة شيري بأنجيلا، همس بصوت هادئ مستقر.
"إيف.
"نعم.
"لا شيء.



#احمد_جمعة (هاشتاغ)       A.juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (27)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (26)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (25)
- وعي الشعوب من وعي الأمم!!
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (24)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (23)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (22)
- تجليات روائية، تشيخوفية
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (21)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (20)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (19)
- -خريف الكرز- رواية مُنعت في بعض الدول. ج (18)
- -خريف الكرز- رواية مُنعت في بعض الدول. ج (17)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (16)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (15)
- PDF الرواية والمثلث المُحرم...!
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (14)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (13)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (12)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (11)


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (28)