أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ثائر سالم - انسنة العولمة او الراسمالية.. الحقيقة والوهم















المزيد.....

انسنة العولمة او الراسمالية.. الحقيقة والوهم


ثائر سالم

الحوار المتمدن-العدد: 6563 - 2020 / 5 / 14 - 03:45
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


لازالت ازمة العالم اليوم، ازمة عالم مابعد كورونا، تستثير عقول وضمائر البشر. فاصحاب الرأي والاختصاص او مفكرون ومثقفون، شانهم شأن جمهور واسع، يتفقون ويختلفون. على ماهو عام وماهو خاص في الازمة الراهنة. فهم يتفقون كليا او جزئيا على، مسؤولية النظام الدولي، ونظام عولمته، عن المصائب الاجتماعية، وتداعيات تهديد فيروس كورونا، على مستقبل الاقتصاد والحياة البشرية. ولكنهم يختلفون في تحديد طبيعة هذه المسؤولية، والاسباب والحلول، ادراكا او تاويلا.
و بعض هذه الاراء، حتى اكثرها نبلا، على مافيها من نزعة انسانية صادقة، تبدو احلاما واماني طيبة، لاتستطيع ان تدرك استحالة تحققها، كونها
تعجز عن فهم حقيقة، الية الراسمالية، وطابعها العالمي والمالي، مقومات استمراره، في المرحلة الحالية، او شروط انسداد افقه. ولهذا وتعكس جهلا بطبيعة الية راس المال عموما و مرحلة تعولمه المالي خصوصا.
فاراء مثل الرهان على " انسنة العولمة" او" انسنة الراسمالية" او "عقلنتها" او آراء" العولمة البديلة " التي تاتي في اطارها اراء تراهن على امكانية اصلاح للراسمالية" ينهي الممارسات الصناعية «الإنتاجويّة» التي تضافرت مع نمط الحياة الاستهلاكي" او افكار مثل "أهمية تحرير الفكر العام والنظام الاجتماعي والاقتصادي من منطق الربحية العاجلة ومن دكتاتورية الآنية الساذجة التي تعمي عن إدراك الجوهري وعن فهم المحددات الحقيقية للمصير الإنساني".
مثل هذه الافكار، تبدو ظاهريا، انها تلامس مشكلات الواقع الحقيقية. ولكنها ملامسة ظاهرية لم تتمكن من بلوغ جوهره. ومع ذلك تبدو افكارا متقدمة في منطقيتها النسبية، على افكار مثل امكانية" إصلاح النظام الرأسمالي العالمي إصلاحا جذريا "يكرس العدالة الاجتماعية ويعمم الخدمات الأساسية، مثل الصحة والتعليم"
فمثل هذه الاراء، اصحاب راي، كتاب وصحفيين او مثقفين. هي في احسن الاحوال احلام واماني طيبة، قد تعكس  نبل القصد ،  وانحيازا انسانيا، الا انها تبقى اراء متسرعة ان لم تكن ساذجة. فمحاربة كورونا، تبقى محكومة بالاخير، بآليات هذا النظام الاقتصادية والسياسية، ومنافع الطبقة التي تديره. والضمير والوعي ، مهما علا شانه ، سيبقى، محكوما في نهاية المطاف بهذه الالية وبسطوة هذه الجماعات المتحكمة بالقرار الاقتصادي والسياسي العالمي، التي هي اليوم طغمة راس المال المالي العالمية.

والاجراءات والسياسات التي تقدم عليها دول الطغمة المالية اليوم،  في مواجهة تهديد كورونا وتداعياته، الاقتصادية والاجتماعية، لا تتحقق، لاعتبارات انسانية خالصة ومن حافز الوعي والضمير اولا، بل هي اولا واولا لاعتبارات الاقتصاد الخالصة، و في اطاره..كما هو جلي اليوم في سياسات تلك الدول. فما هو متاح بهذه الدرجة المتقدمة، انما هو بسبب قدراتها المالية واليات نظامها المالي ، وليس بسبب اعتبارات اخلاقية وقيمية ، وعي سياسي او ضمير انساني عام.
فهذا النظام (الراسمالي) العالمي، بادوات سلطته المالية، وتفوقه العسكري ، والعلمي وسطوته الاقتصادية على السوق العالمية، وسلعها الاستراتيجية، لازال يؤثر على، ويتحكم بمصير اقتصاد بلدان العالم و اكبر اقتصادات بلدانه.
ورغم ان تغييرا كبيرا قد حصل على توازن القوى الاقتصادي والعسكري والنفوذ السياسي، قلل من الفجوة في التطور والقدرات، بينه وبين مجموعة من الكبار،(الصين خصوصا ومن ورائها او الى جانبها دول متقدمة، صاعدة اخرى) ، الا ان سلطة راس المال المالي العالمي، المدعوم من القوة الاولى المتحكمة في النظام الدولي، والى جابنبها شركائها وحلفائها التقليديين ، يتشاركون معها الاسس والمصالح ذاتها،  لازالو ا يمتلكون الكثير من ادوات الضغط الاقتصادية والعسكرية، والمالية، ومنها منظمات دولية، وفي المقدمة منها البنك الدولي، كاحد ادواتهم الاساسية، في استمرار نهج عولمتهم وفي مواجهة هذه التداعيات.
نعم تشير مؤشرات وصعوبات الوضع العالمي، الى ضرورة تغيير ما، في هذا النظام الدولي. ولكن شكل وحدود ، هذا التغيير، ليست جاهزة على الصعيد الفكري والاقتصادي، مادامت امكانية الاستمرار في ذات الالية و النظام ممكنة.

اما من الجهة الاخرى فان:
تعاظم وتكرر مظاهر الازمة  والفشل ومظاهر الاهدار والفوضى، الاستهلاك  اللاعقلاني ، والتطور غير المتوازن في قطاعات الانتاج و الاقتصاد، وعواقب الاستهلاك الضار للبيئة، من تلوث بيئي وفيضانات وتصحر الى الامراض والاوبئة ، و اعاقة فرص التطور المتاحة، وسياسات التمييز في الحقوق  بين البشر والبلدان، هي ظواهر تلازم هذا النظام الدولي بجوهره الراسمالي.
لقد بات هذا النظام اليوم قوة معرقلة حقا للتطور الانساني بشكل عام. ماذا يعني ذلك؟
هذا يعني ان الحكم التاريخي، بضرورة الانتقال الى نمط آخر للاقتصاد والحياة والثقافة والاستهلاك، يتيح الاستخدام العقلاني للموارد المتاحة، (ثروات مادية ومعرفية وعلمية واقتصادية)، ولايترك مجالا لفوضى السوق واخلاقياتها، ان ترسم ملامح الاقتصاد والحياة. نمط اجتماعي واقتصادي، ارقى انسانية واكثر عدلا ، يمكن ان يكون بديلا واقعيا للراسمالية ، يزيل من حياة الانسان والمجتمعات، كل مظاهر وظواهر الاختلال، التي اشرنا لها، والتي لازالت تهدد قيم الانسانية والعقلانية والعدالة، التي بات المجتمع البشري بامس الحاجة لها... قد صدر. ورغم ان التاريخ قد اعلن هذه الحاجة، منذ زمن طويل نسبيا، ومنح البشرية اكثر من فرصة. وكانت هناك ولازالت اكثر من محاولة لنجاحها. الا ان النجاح التام لم يتحقق بعد. وتلك قضية تحتاج بذاتها الى موضوع بحث آخر.
ولكن بشكل عام يبدو ان ادوات وشروط هذا التحول ولاسيما الشروط الذاتية، لازالت غير متوفرة او غير مكتملة بعد،  لا على الصعيد العالمي، في بلدان المركز الراسمالي ذاته قبل غيره، ولا  في البلدان الاخرى، التي لم تنضج فيها حتى الظروف الموضوعية اساسا.

اما الحلول المقترحة، لاتعدو ان تكون اصلاحات لايمكنها تحقيق العدالة الاجتماعية، ومعالجة كل الاختلالات البنيوية، الملازمة لقوانين السوق الراسمالية، (كما يطمح البعض او يعتقد ). فمحاولة استقراء عالم مابعد كورونا، لايجب ان تشطح في الخيال والاماني، بعيدا عن هذه الحقائق الجوهرية.
انه الاختلاف بين قرائتين.. قراءة واقعية، تستمد واقعيتها من فهمها العلمي للراسمالية كنظام اجتماعي اقتصادي ، ولآلية عمله، وطبيعة تناقصاته، وحتمية مآله الذي لم يحن اوانه. وقراءة ، تجهل او تتجاهل حقيقة الراسمالية، وتتصور ان الوعي والضمير والاخلاق، والتعاطف الانساني ، وليس الضرورات الاقتصادية والارباح، وخطر الفناء، كفيل بان يرغم الراسمالية ان تكون اكثر انسانية. وتلك قراءة مثالية، جذورها في القرون الاولى لولادة الراسمالية، وهي تجدد نفسها اليوم ، كرؤى محدودة الافق، لا تستطيع ان ترى مجتمع ما بعد الراسمالية.
او انها رؤى تتبنى الراسمالية وتعتقد خطأ، ان مانلاحظه من عيوب، وما نشهده من عواقب كارثية، انما هي مجرد انحرافات غير عقلانية، يمكن تجاوزها، بالعودة الى مرحلة ماقبل الراسمالية المالية. او انها الرهان على مرونة اثبتتها الراسمالية، في ظروف تاريخية اخرى. وتلك قراءات بمجموعها ، لاتستطيع ان ترى او لاتريد ان ترى في كل الاحوال، الخلل البنيوي لنمط الراسمالية.



#ثائر_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطنية : رؤية وخيار وسياسة
- الراسمالية: بين الليبرالية والماركسية
- الراسمالية المالية الى اين؟
- كورونا ومستقبل العولمة
- كوفيد ١٩:  تهديد جدي لنمط حياة وسياسات             ...
- كلمة حق
- تحدي نوعي
- الحراك: شجاعة ووعي يستحق الاحترام
- الصراع الامريكي الايراني : الحقيقة والوهم
- الحراك الشعبي: الاصلاح والثورة
- سياسة الطريق المسدود
- التحول نحو الديموقراطية نماذج... مسارات ومآلات
- الماركسية لاتشيخ
- مفارقات العولمة / الحداثة / الاصالة ..3
- مفارقات العولمة /الحداثة / الاصالة 2
- فشل انظمة ..ام شلل مجتمع وثقافة 3
- فشل انظمة ..ام شلل مجتمع وثقافة 2
- مفارقات العولمة / الحداثة/ الاصالة
- فشل انظمة ..ام شلل مجتمع وثقافة
- قراءات في المشهد الايراني


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ثائر سالم - انسنة العولمة او الراسمالية.. الحقيقة والوهم