أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وائل المبيض - تأملات حول الصيام














المزيد.....

تأملات حول الصيام


وائل المبيض

الحوار المتمدن-العدد: 6545 - 2020 / 4 / 24 - 10:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ما أقوله هنا، أريد له أن يكون كليا يونيفرساليا، أي يصلح للجميع، للمؤمن وغير المؤمن بالله. فلطالما اقترنت سيرورات التذويت بنوع من الممارسات الزهدية والتقشفية القاسية، ولطالما اقترن تهذيب النفس بنوع من الصيام حتى في المجتمعات غير الإبراهيمية، كالمصريين القدماء، واليونانيون والصينيون والحرانيون.

بكلمات دقيقة يتحدث الأديب الأسواني عباس العقاد، عن الصيام، فيقول ان " الإرادة فضيلة الصيام "، فهي أدبه وحكمته المنشودة، ويشدد على أهميتها فيقول : من ملك الإرادة فإن زمام الخلق جميعا بين يديه. نجد ذلك عند الأغريق أيضا، فمن لم يستطع قيادة نفسه، لن يستطيع قيادة الناس.

الإرادة هنا، هي ذات الإرادة التي نادى بها كارل ماركس الإشتراكي، إرادة التغيير.
حيث تؤكد الماركسية أن العالم إكتفى من التفسير وبات بحاجة ملحة للتغيير. اذن التغيير هو الغاية والصيام هو الكيفية التي تضعنا على أول طريق التغيير؛ لإحداث تغيير في هذا العالم الطبقي الظالم.
لماذا الصيام ؟
لإختلاف الناس في بطونهم، و أفعالها على العقل والمشاعر، وكما يقول الرافعي : ان الصيام يتناول الذوات بالتهذيب والتدريب المشترك، فيحول بين البطن والمادة، وبهذا يضع الإنسانية في كفة واحدة. ففكرة الجوع تساوي بين الفقير والغني، الرئيس والغفير، الجوع يجعلهم سواسية ببطونهم الفارغة، الجوع بكونه نقيضا للشبع، فالأشياء كما تحدث الفيلسوف الصيني" لاوتزه"،مرتبطة بنقيضها، فمن دون النقيض الأشياء لا معنى لها. هنا يتبين لنا الرحمة والعاطفة الإنسانية بكونها مفهوم انبثق عن ألم الجوع.
الجوع الذي يروض العالم بأسره، على نظام نمطي معين من المعيشة، يقف الكل أمامه سواسية كأسنان المشط، والذي يستتبعه بالضرورة، خيرا للكل على مدار العام، نتاجا لهذا النمط الإصلاحي.

أعيد القول بأن الإرادة هي فضيلة الصيام، فنجد الصيام السياسي، كإضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام في سجون الإحتلال الإسرائيلي، بمثابة إرادة للتحرر ورفضا للغطرسة الإسرائيلي بحق أسرانا البواسل، وكذا الأمر لدى من يعانون من السمنة ويطمحون إلى إكتساب جسد رشيق، يمتنعون عن الطعام، و صيام العبادة لدى المتوصفة لتزهو ارواحهم وتسمو من ضغائن ورواسب الحياة، وعند الرياضيين كممارسي رياضة اليوغا.

لذا أرى أن مقصدية الصيام الأساسية، تربية الإرادة، بأن يوازن الفرد بين الهو والأنا العليا،بتعبير فرويد، فيصير إنسانا لا حيوانا يركض خلف الطعام والجنس، ويتقن الصبر والمثابرة والسعي الحثيث دون كلل أو ملل، في كل ما من شأنه إعلاء قيمة الإنسان، وهو بذلك يطبق أنبل شعار عرفته البشرية :الإخاء والحرية والمساواة.

ولا نغفل عن حقيقة كون الصيام نقيضا للرأسمالية، فالأخيرة ترتكز على غريزة بشرية " الجشع والطمع، الخ "، وعلى نزعة إستهلاكية، تحفز الفرد على شراء ما نحتاجه وما لا نحتاجه، وهكذا أضحت السمنة أحد أخطر أمراض العصر، ولعلاجها أنتج الرأسماليون سلعا أخرى خالية من السعرات، لندور في حلقة إستهلاكية تطيل في عمر الرأسمالية.
في حين أن الصيام كند لها، يرتكز على ترويض الإنسان وإعلاء القيم الروحية والأخلاقية لديه، تهذيب وتأديب يصب في صالح البشرية جمعاء، وليس من أجل قلة قليلة كما تفعل الرأسمالية.



#وائل_المبيض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في يوم الأرض الفلسطيني
- في عيد الأم
- الكورونا بين المؤمن التقليدي والمتعقل
- في يوم المرأة لابد من وقفة
- الفيروسات والإنسان عشق قاتل لا ينتهي
- الفعل الصهيوني والعدمية الفلسطينية
- سوريا والعثمانيون الجدد
- خيانة الكلمات
- الروح الدينية و جماعات الإسلام السياسي
- خالف تسد
- مأساة الإنسان - اسطورة سيزيف
- ماهية الحب في عيد الحب
- نكبات كمية متلاحقة


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وائل المبيض - تأملات حول الصيام