أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي مقدّم - الرأسمالية بكافة أشكالها: نظام موبوء















المزيد.....

الرأسمالية بكافة أشكالها: نظام موبوء


علي مقدّم

الحوار المتمدن-العدد: 6535 - 2020 / 4 / 11 - 21:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قال لي صديقي: هذا الكوكب المعولم أصبح موبوأً. أجبته: الوباء ضرب الكوكب منذ عقود، إلا أنه الأن بات أوضح، هذا كل ما في الأمر.
أزمة كورونا عرَّت النظام الرأسمالي وخاصةً بنسخته الغربية، والتي عرفت تحولات جذرية منذ سبعينات القرن الماضي أدت إلى إعتماده أكثر وأكثر على الرأسمالية المالية، كتطور موضوعي لديناميكية نظام يعتمد بالدرجة الأولى على معيار الربح الأقصى. هذه الديناميكية أدت إلى عملية إنتقال قطاعات كبيرة من الإنتاج من الغرب إلى الشرق لإنخفاض كلفة الأيدي العاملة فيه.
حافظت بعض الدول على صناعات إستراتيجية كقطاع الأسلحة مثلاً لأهميته في اللعبة الجيوسياسية، بالإضافة إلى هامش الربح الكبير الذي يؤمنه. قطاع إنتاج الأسلحة، يعرف الأن عصراً ذهبياً حيث إرتفعت النفقات العسكرية للدول بنسبة 33.7% في الفترة الممتدة بين 2008 و 2017 حسب معهد إستكهولم الدولي لأبحاث السلام. تتصدر الولايات المتحدة في لائحة نفقات التسلح العالمية بنسبة الثلث تقريباً ( 649 مليار دولار ) والتي وصلت بمجملها إلى 1780 مليار دولار في العام 2008. في الوقت الذي تعاني عشرات الولايات فيها من عدم قدرة مستشفياتها على تأمين المستلزمات الأساسية لفرقها الطبية لكي يقوموا بعملهم لمجابهة الجائحة. تحتل فرنسا المرتبة الثالثة في هذه اللائحة، بعد الصين، في ميزانية تبلغ ٦---٥--- مليار دولار تقريباً. هذا وإرتفعت في فرنسا ميزانية تصدير الأسلحة بنسبة 43%، في السنوات الأربع الأخيرة، في الوقت الذي تم شطب 64 ألف سرير في مستشفياتها بين 2003 و 2006 . فرنسا تعاني أيضاً فرقها الطبية من نقص حاد بالمستلزمات، لعدم قدرة مصانعها المحلية من تأمين الإنتاجية اللازمة. طبعاً، فالأولوية هي لإنتاج الأسلحة وليس لإنتاج الكمامات والمعدات الطبية اللازمة

إدارة الأزمة في الصين وفي الأوهام حول طبيعة نظامها

في المقابل كثرت في الفترة الأخيرة، موجة الترويج للنظام الصيني الذي أثبت مبدئياً، قدرته على إدارة وإحتواء الأزمة. الحق يقال، وليس بهدف الدفاع عن النظام الصيني، الذي يُعتبر جزء من المنظومة الرأسمالية والإمبريالية أيضاً (سأعود لهذه النقطة لاحقاً)، إلا أن لا يمكن عدم التوقف أمام رمزية المشهد عندما نرى الطائرات الصينية محملة بالمعدات الطبية وهي تحط في مطارات مراكز الرأسمالية في الغرب.
حَرَصَ النظام الصيني على إبلاغ العالم أجمع على خطورة هذا الفايروس، في الوقت التي كانت الأنظمة في الغرب ملتهية بسذاجة بلعبتها الديمقراطية، مطلقة العنان بوقاحتها المعتادة، لحملات السخرية من ديكتاتورية النظام الصيني وكيفية إدارته للأزمة قبل أن تصل إلى عقر دارها. كل هذا لن يلغي موضوعياً، طبيعة النظام الصيني، كنظام رأسمالي، إعتمد شكل رأسمالية الدولة، وأصبح لاعباً أساسياً في صراع الأنظمة الإمبريالية على تقاسم موارد العالم وأسواقها خدمة لشركاتها المحلية.

تمتلك الصين أكبر طبقة عاملة من حيث العدد، عرف إقتصادها نمواً مذهلاً في السنوات الأخيرة. الصين لديها كل خصائص الأنظمة الإمبريالية: شركات إحتكارية عملاقة في جميع المجالات الإقتصادية والتي تعتمد على دعم الدولة، قطاع صناعة الزجاج مثلاً حيث تصنع الصين 38٪--- من الزجاج في العالم، قطاع صناعة السيارات في نمو سريع جداً مع التركيز على تكنولوجيا السيارات الكهربائية، قطاع إنتاج البضائع الإستهلاكية حيث تُغرق ببضائعها أسواق الكوكب بأكمله، مستفيدة من إستثمار جزء من أرباح صادراتها في بناء بنى تحتية في الصين وتصدير خبراتها لبلاد أخرى (وهنا نرى إستفادة النظام الصيني من أخطاء الرأسمالية الغربية).
حركة تصدير الخبرات في بناء البنى التحتية لنقل البضائع، يشكل جوهر مشروع طريق الحرير الجديد والذي يهدف إلى ربط الصين بأوروبا الغربية وأفريقيا وروسيا والشرق الأوسط (سكك حديد، موانيء، شق طرق، أنابيب غاز، ...) وطبعاً مع حماية هذا الطريق بالوسائل العسكرية المناسبة. في العام 2017، تم إنشاء أول قاعدة عسكرية للجيش الصيني خارج الصين، في دجيبوتي، مع هدف واضح هو حماية مرافئ نقل البضائع وحماية مصالح الشركات الصينية.
هذا بالإضافة إلى الشركات الإحتكارية الصينية التي بدأت بنقل جزء من إنتاجها إلى الخارج وخاصة أفريقيا، لإنخفاض تكلفة الأيدي العاملة فيها وعلى ما تشكله من أسواق واعدة لتصريف البضائع في المستقبل (هذا حال 300 شركة صينية لإنتاج الأنسجة في أثيوبيا على سبيل المثال). عدا عن سياسة شراء الأراضي الزراعية في أفريقيا (مدغشقر)، أميركا اللاتينية، أستراليا روسيا وحتى الولايات المتحدة.
حسناً، ليس الهدف هنا هو بناء دراسة عن طبيعة النظام الصيني وإنما محاولة لوضع الأمور في نصابها.

خلاصة

ما نشهده عالمياً هو عملية إنتقال للمركز الرأسمالي، وليس ما نشهده هو إنتصار لنظام شيوعي على الرأسمالية وما إلى هنالك من تحليلات إرادوية حالمة. عملية إنتقال المركز لن تغير من جوهر النظام الرأسمالي وطبيعته وإنما ستغير في موازين القوى وفي التحالفات الجيوستراتيجية. من جهة أخرى، ستؤمن، عملية الإنتقال هذه، الظروف الموضوعية لإنطلاق أو تعزيز جبهات تحرر وطني، إذا ما توفرت الظروف الذاتية المؤاتية لذلك.
أزمة كورونا ستمر على أوروبا وأميركا، وسترمي بظلها الثقيل جداً على رسم سياساتها المستقبلية. لكن مخطئ من يتوهم أن أزمة هذا النظام ستُحَل بمجرد إعادة بناء الإنتاج المحلي والذي عادة ما يترافق مع حركات سياسية قومية وعنصرية. يمكن للإنتاج المحلي أن يعالج بعض المشاكل التقنية، لكنه لن يُلغي تناقضات النظام الرأسمالي الإمبريالي (ألمانيا وهيمنتها على سياسة الإتحاد الأوروبي مثالاً)، ولن يُلغي الحروب الشرسة الذي سترافق حتماً عملية إنتقال المركز الرأسمالي.

نعم، إننا نشهد ولادة عالم جديد، لكنه لن يكون "أجمل" من سابقه أو أكثر إنسانية، إلا إذا تم تشكيل جبهات تحرر وطني في المراكز كما في الأطراف، وهذا لن يتم من خلال إستبدال مهيمن "غربي" بمهيمن "شرقي" وإنما ضمن إستراتيجية تعمل على إلغاء ظروف الهيمنة من جذورها.



#علي_مقدّم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمعات العربية: أزمة ثقافية أم أزمة هيمنة؟
- ملاحظات حول نتائج الإنتخابات الأوروبية في فرنسا
- في نظرية الفوضى والحتمية التاريخية
- في المقاربات الليبرالية المبتذلة
- الدوامة المفرغة في حالة اللاحسم بين الأصولية الإسلامية والعل ...
- في إستمرارية الصراع التاريخي بين العقل والجهل في البنى العرب ...
- أسباب التدخل الإمبريالي الفرنسي في مالي
- مفهوم اللامقايسة في تاريخ العلم والمجتمع
- في المعايير الإنسانية


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي مقدّم - الرأسمالية بكافة أشكالها: نظام موبوء