أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسماعيل شاكر الرفاعي - هوامش كورونية















المزيد.....

هوامش كورونية


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 6518 - 2020 / 3 / 19 - 22:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هوامش كورونية 2

هتف صديقي الذي بلغ اشده : " عاش عقل الإنسان "
فسألته : " هل من مناسبة لهذا التمجيد والأطراء للعقل البشري ؟ "
قال : - المناسبة ان العقل البشري يواصل الدخول في المنطقة التي احتكرتها الأديان وحرمت عليه دخولها ، وجاءنا بنبأ منها : نبأ الفيروس كورونا ، اذ ان هذا الفيروس مثل عالم الغيب الذي يشكل عماد عقيدتنا : لا يرى بالعين المجردة ، وهو مثل قوة عالم الغيب الذي بسطته لنا الكتب المقدسة : ذو سطوة شمولية وقوة لا تضاهى على الفعل وقدرة على الفتك بالبشر . ومثلما لعالم الغيب لاهوتييه من اصحاب الكلام ، للفيروس كذلك علماؤه من الأطباء والعلماء والصيادلة . وفيما يدرس اللاهوتيون نصوص عالم الغيب ويستنبطون منها صفات قوته الخالقة وأحكامه ، ينحو علماء الفيروس منحى آخر : يدرسون وجود الفيروس المادي ، وتأثير حمضه النووي على خلايا الإنسان ، ومن نتائج هذه الدراسة يضعون له الحقن والأمصال والعلاج الشافي . أي ان علماء الفيروس يدرسون ذات الفيروس وصفاته من اجل السيطرة عليه ، وذلك هو ما قام به أسلافنا قبل آلاف السنين حين فكروا بالسيطرة على ظواهر الطبيعة العنيفة كالعواصف والفيضانات ، بأن اخترعوا لكل ظاهرة اله : عن طريق رشوته بالقرابين والنذور تمت لهم عملية السيطرة عليه وجلب رضاه وبالتالي : السيطرة على الظاهرة الطبيعية العنيفة وتجنب أذاها .
سألته : - الست مذعوراً وقد بدأت الناس بالتدافع ، وحتى بالعراك والخصام حول حجز بضعة أمتار لقبورهم ؟
أجابني : - كلا ، انا مستعد للاستمرار بسخافة الحياة لزمن طويل من اجل رؤية فتوحات العقل البشري ، والى اين ستصل .
- وماذا عن هؤلاء الذين لا يفكرون بمواجهة الفيروس وقرروا الهروب منه الى عالم ما بعد الحياة كما صورته لهم أديانهم ؟
- هؤلاء ميتون في الحياة قبل ان يذهبوا الى قبورهم ويسكنوا فيها الى الأبد . كانت حياتهم شريط متصل من الأنين وتبكيت الذات على افعال هم أجبن من ان يمارسوها ولا اقول يرتكبوها ، انني اتعجب من فعل الاستغفار الذي يكرره الواحد منهم عشرات المرات في اليوم : وهو لم يقم ابداً بأي فعل ينكره الضمير الإنساني . اود ان أقول لك بوضوح : بأن الشيء الأساسي الذي يمارسونه من الأفعال لا يعدو ان يكون أفعال تلبية نوازع غرائزهم وإشباعها ، وهي بمجملها من الأفعال التي لا تتطلب تآمراً لتنفيذها : ومع ذلك تراهم يواصلون ليلهم بنهارهم : في الاستغفار ، وفي طلب العفو من قوة ( يؤمنون ) بأنها تراقبهم من وراء ستار . انهم في هذا الموقف متناقضين جداً : فهم في الوقت الذي يؤمنون فيه بأن أعمارهم محددة من قبل تلك القوة ، وأنه لا يمكن لهم ولا لأية قوة أخرى تغيير مواعيدها ، تراهم يملأون دنياهم بالشكوى اذ هم يشعرون بانهم ميتون لا محالة في هذه اللحظة او في اللحظة التالية .
- وهل تشعر بالخزي والعار من مواقفهم هذه ؟ البشر محاصرون ، ومن يحاصرهم غير مرئي ويحقق فبهم إصابات ضخمة لا يمكن الاستهانة لها .
- لا ، انا لا اشعر بالخزي ولا بالعار اذا كان الموقف الذي تتخذه مجموعة بشرية مبنياً على ارادة ناتجة عن وعي ، لا عن خوف او ارتباك . الموقف الواعي : موقف تمت دراسته ، فهو خلاصة رأي تم التعاون الفكري على اتخاذه ، وهو ما يندر ان يتوصل اليه الخائفون ، فيهرعون كما هي عادتهم الى الاستنجاد بالموتى من اجل مساعدتهم على طرد شبح الموت . لقد ظلت البشرية تراوح مكانها آلاف السنين : تعيد خلالها انتاج أسلوب حياتها وأسلوب تفكيرها فقط لانها لا تملك الجرأة على تجريب الجديد ، وما الاستنجاد بالموتى لدرء خطر الموت الا من بقايا منهج التفكير البشري القديم ، حيث كانت تقام الطقوس والمواكب والنذور والاضحيات لاستعادة الموتى من الآلهة والملوك والأبطال وليس للأحياء ، وستظل هذه المجموعة البشرية تحتفل بكل ما هو ميت وتنفر من كل ما هو حي : ولهذا تتدافع على امتلاك القبور ، وليس على امتلاك طريقة في التفكير ترتفع بمستوى عيشهم في الحياة وترتقي به .
- وهل ظل بصيص أمل : وفيروس كورونا يباشر الهجوم ، ومع ان لا احد سمع تهديده ووعيده بالقضاء على الجنس البشري ، الا ان أعراضه وطريقة انتشاره السريعة بين دول العالم تشير الى ان هدفه يتمثل بالقضاء على الجنس البشري .
- وهل استسلم الجنس البشري له ؟ كلا لقد استنفر العقل البشري امكانياته ، وعمل كقدرة كلية الفعل والتأثير ، فحاصر هذا الفيروس جغرافياً ، ثم باشر بالهجوم عليه بما استطاع العقل البشري تهيئته من الأدوية والعلاجات . العقل واحد من حيث بنيته ومن حيث طريقة اشتغال آلياته : من مختبرات نيويورك الى مختبرات بكين مروراً بمختبرات ألمانيا وفرنسا وإيطاليا ، وهي آليات اشتغال لم يعمل العقل في المشرق العربي على توطينها ، ولهذا يهرب عقل المشرق العربي - في كل تحد يواجهه العالم - : الى ماضيه ( السعيد ) الذي يؤمن بان كل شيء تكون فيه مرة واحدة ، ومن هذه الأشياء التي تكونت في هذا الماضي : الاستنجاد بالموتى من اجل تجنب الموت او تأجيله .. هل يعقل هذا : ان تطالب الموتى بالتحرك لدرء الموت عنا : هم الذين فشلوا في تجنبه وابعاده عنهم ...
- وهل تعتقد ان العقل البشري يمكن له ان ينجح في هذا الأمر ؟
- نعم . نجاحاً باهراً . لم يفشل العقل البشري تماماً في ايجاد الحلول لأزمات نمط الإنتاج الرأسمالي الدورية منذ اول كساد عالمي حدث في 1929 ، وكان ينتهي دائماً بحلول اكثر إنسانية واقل تشبثاً بوحشية مبدأ تكثير الأرباح ، فبعد هذا الكساد وبعد الحرب الكونية الثانية اقنع : ميانمار ميكنز : العالم الرأسمالي بصحة نظريته عن تدخل الدولة في تسيير الشأن الاقتصادي ، وعن اعادة توزيع الناتج القومي بما يضمن حياة كريمة لفقرائه وشغيلته ونسائه وشيوخه وأطفاله ، وانطلق الكومبيوتر انطلاقة باهرة بعد ان تم وضع الحلول الصائبة لإشكالياته الرقمية عام 2000 ، ومعه انطلق العالم الإلكتروني والافتراضي ، وأصبح مفهوم : العالم كقرية كونية واحدة ، موضع التطبيق ...
- والآن في ظل جائحة فيروس كورونا ؟
- ستقفز البشرية قفزة تاريخية تتجاوز بها كل انجازاتها التكنولوجية والعلمية السابقة . وسيكون مردود هذه الوثبة الإيجابي عظيماً على البشرية ، اذ ستتقلص فترة ايجاد اللقاح اللازم والعلاج الشافي لكل فيروس جديد الى أيام بدلاً من أسابيع ، وربما الى ساعات ، وسيزداد انطفاء رموز وممثلي العالم القديم على أنفسهم لان مناهجهم وخاصة في أزمة كورونا اثبتت انها وهماً من الأوهام وأضحوكة ، هم الذين قرعوا رؤوسنا منذ مئات السنين بالحديث عن عالم الغيب وكونهم وكلائه في الارض . لقد كذبتهم أزمة فيروس كورونا التي عجزوا عن التنبيء بأي جانب من جوانبها ، او مساعدة البشرية في وضع الخلطات الكيمياوية لها وحتى العطارية منها . وسبب فشلهم في الماضي والحاضر : نابع من كون منهجهم في الرؤية والتحليل مقتصر على مناجاة غير المرئي وغير المحسوس في دعاء طويل مليء بالاستغفار والاعتذار والتذلل علهم يستدرون عطف تلك القوة اللامرئية لتخمد فعالية الفيروس : ولكنهم كانوا اول ضحاياه . اننا نعيش في عالم لا ينجح مساره : الا بتحويل كل ما هو غير مرئي وغير ملموس الى شيء قريب ، مرئي ، وملموس ومقروء عياناً ، لكي يتم اخضاعه وتحويله الى تجربة مختبرية ملموسة ومرئية ...



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيادة الدولة ام سيادة الحشد ؟
- استكانات شاي صباحية
- حق الحياة بلا وصاية
- فيروس كورونا
- بمناسبة انطلاق الثورة الكردية
- بين الثورة والاصلاح
- ليس باستراتيجية عنف التيار الصدري يمكن العبور بالعراق الى بر ...
- هل ينقذ الثورة تشكيل كيان سياسي
- دعوة الصدر الى مظاهرة مليونية : انتحار حضاري
- مقتدى الصدر مرة اخرى
- مقتدى الصدر إنموذجاً
- خطاب الرئيس الامريكي : اعلان عن ولادة حرب باردة مع ايران
- عن جلسة البرلمان العراقي لهذا اليوم
- كيف سيكون شكل الرد الايراني
- انا من يخاطب نفسه
- الثبات المبدأي لثوار العراق
- الملثمون او قتلة الثوار
- لا حوار ولا تفاوض مع العالم القديم
- هل استقال عبد المهدي ؟
- مذبحة الناصرية


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسماعيل شاكر الرفاعي - هوامش كورونية