أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - عائشة العلوي - شذرات اقتصادية... كورونا، الشجرة التي تغطي الغابة...















المزيد.....

شذرات اقتصادية... كورونا، الشجرة التي تغطي الغابة...


عائشة العلوي
(Aicha El Alaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 6515 - 2020 / 3 / 15 - 10:59
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


يعيش العالم في عولمة شاملة. لقد تعددت مجالاتها، فبعدما ارتبطت طيلة القرن الماضي بالمجال الاقتصادي والمجال المالي والمجال السياسي، فإنها انتقلت بعد ذلك إلى مستويات أكثر عمقا، كسرت معها الحدود الثقافية والاجتماعية؛ لتنضاف إليها في سنة 2020 المجال الوبائي أو العولمة الوبائية.

الوباء ظاهرة مَرضية ومُعدية، ليست بجديدة في التاريخ البشري. لقد عرف الإنسان انتشار الوباء على مرِّ السنين واختلفت حِدَّته حسب نوع الفيروس؛ وأزهق معه أرواح العديد من الناس. بَيْد أن جديد وباء 2020 أنه سريع الانتقال لاستفادته من وسائل النقل الحديثة وكذا تغير وتطور سلاسل القيمة العالمية (Chaines de valeur mondiales ‘GVCs’).

لا تهمني كيف انتشر الفيروس أو أسبابه، ما يهمني أن كورونا أكدت للجميع (حكومة وشعبا) أن المصير الإنساني واحد يجمعنا كلنا أينما كنَّا في دول الشمال أو دول الجنوب، في دول مصنفة متخلفة أو في طور النمو أو في دول تعتبر نفسها متقدمة ومتطورة.

كورونا، وَحدَّت المواطنين(ات) بغض النظر عن انتماءاتهم(هن) وعاداتهم(هن) وأديانهم(هن) وصلواتهم(هن) ولغاتهم(هان وأيديولوجياتهم(هن) على كلمة سواء: الحد من انتشار الفيروس والقيام بنفس الإجراءات الوقائية للتصدي لهذا الوباء الذي يذكر الإنسان ب"ضعفه" أمام الطبيعة. مهما يكن مصدر كورونا، هل هو إنتاج بشري أم تطور وتحول طبيعي لفيروس، المهم أن سياسات وأنظمة كل الدول تواجه هذا الامتحان العصيب لتنقذ مواطنيها ومواطناتها.

الأكيد أن كورونا أثَّر على عدة قطاعات، لكن الاقتصاد العالمي لم يصل بعد إلى مرحلة الانهيار الاقتصادي. وفي حالة حدوث أزمة عالمية، لن تكون كورونا السبب، بل ستكون فقط الشماعة التي سيعلق عليها كل إخفاقات النظام الاقتصادي العالمي.

يرجع الفضل لكورونا في إخفاء معالم الجرائم السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترتكب كل يوم منذ مطلع القرن الحالي والتي تسارعت حدتها منذ انتشار الوباء لانشغال الرأي العام بها. فنتائج هذه السياسات أخطر وأعمق من كل الألم الذي تسببه كورونا، كحرب أسعار النفط بين أمريكا والسعودية وروسيا، ملف اللاجئين السوريين والأرباح المالية والاقتصادية والسياسية التي تجنيها تركيا من وراء ذلك، أزمة الساحل والتدخل الفرنسي في الشؤون الإفريقية للدفاع عن مصالحها في افريقيا، ملف ليبيا وسوريا والتدخلات الدولية في تقرير مصيرهما وما يسببه من أزمات إنسانية وخيمة (الهجرة، الإرهاب، تجارة البشر، الخ)، ملف الشرق الأوسط واتفاقية القرن وما سببته من عزلة للقضية الفلسطينية، التقلبات المناخية وأضرارها على الدول الإفريقية، انهيار منظومة الحماية الاجتماعية في العديد من الدول، انهيار المنظومة الديموقراطية، عودة شبح ارتفاع الديون الخارجية في العديد من الدول الفقيرة والنامية، وباقي مختلف القضايا العالمية الأخرى.

مهما كان وسيكون عدد ضحايا فيروس كورونا، فلن يكون بحجم الضحايا اليومِيِّين للنظام العالمي الحالي. مهما كان ألَم ومُدة معاناة المرضى مع الفيروس، فلن تكون بمثل ألَم ومُدَّة معاناة اللاجئين والمهاجرين السريين والجائعين والمعدومين والمهمشين وضحايا الحروب، وغيرهم.

في الظاهر لا يوجد فرق بين العولمة الوبائية وباقي أنواع العولمة، حيث أنها تصيب الفقير والغني، والذكر والأنثى، والصغير والمُسن، ودول الشمال ودول الجنوب، وأكبر اقتصاديات العالم وأصغرها. بيد أن في جوهرها هناك فرق كبير بين العولمة الوبائية وباقي أنواع العولمة، حيث أن في انفتاحها (اكتساحها) بقاع العالم فيه عدل ومساواة، لكن في استقبالها (مواجهتها) فيه حيف وظلم. كيف لا وهناك من هو مُجهز بأحدث المعدات المخبرية ويملك المستشفيات والأطقم الطبية والأَسِّرَة اللاَّزمة، ويستطيع بناء مستشفى أو مستشفيات في أيام قليلة ويتوفر على كل الموارد المالية والبشرية لتدبير الأزمة. وبالمقابل، هناك من سيواجه كورونا ب "جافيل" وصابون "الحَجْرة" (مواد التنظيف الكلاسيكية/العادية).

نظام عالمي أنتج الفوارق الاجتماعية والتهميش، فأصبح من يتعايش مع الأوبئة وموت أفراد عائلته وأولاده جراء نقص للعلاج أمراً طبيعياً وصَنَّفه أنه قضاء وقدر. مواطنين/ات يواجهون الأوبئة/الأزمات بالتعويذات والشعوذة.

هناك فرق بين شعوب اعتادت على الأوبئة لأنها تكيفت معها بحكم سياسات لم تجعل الاهتمام برفاهية الفرد والجماعة ضمن مخططاتها الاستراتيجية، فخلقت إنسانا لا يثق في المصادر الرسمية للأخبار، يتعامل مع الخبر الرسمي أنه نصف المعلومة أو جزء ضعيف من المعلومة. فخلقت بالتالي إنسانا يتضامن فقط مع نفسه ومع محيطه القريب. ومن جهة أخرى، شعوب تعتمد على مسؤوليها، تثق في قراراتهم وأخبارهم، وتنضبط إلى كل الإجراءات لأنها تؤمن بأن مستقبل الفرد هو مستقبل الجماعة، الذي هو مستقبل الوطن.

فرق كبير في التعاطي مع العولمة، هناك السيد والعبد. فالسيد يملك من القوة من يجعله يتحكم في زمام الأمور مهما بلغت قساوة النتائج، لأنه يستفيد في كل الأحوال من الأزمات، أو كما يعبر عنه المَثلُ الشَّعبي مثل المِنشار: "نَازِلْ وَاكِلْ هَابِطْ وَاكِلْ". أمَّا الدول التابِعة في المنظومة العالمية، فهي من ستتحمل أعباء كل الخسائر المنتجة عن الأزمة كيفما كانت طبيعة الأزمة مالية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو وبائية، كالتي مرت في 2008 وتداعياتها لازالت ترخي بظلالها على العديد من الدول الفقيرة والنامية، لأنها وبكل بساطة لم تستطع أن تجيد التفاوض على مصالحها الوطنية، اختارت مُكْرهة تحالفات إقليمية هشة أو صراعات حدودية مستنزفة لطاقاتها ولخيراتها. ألم يئن الأوان أن تخلق هذه الدول نظاما اقتصاديا يدعم سيادتها الاقتصادية الوطنية ويحقق بالتالي أمنها الاقتصادي والاجتماعي والصحي. للأسف، مرة أخرى يتعرَّى واقع هذه الدول ذات اقتصاديات تابعة وهشة، وهذه المرة بكورونا.

أكيد لن تستفيد أية دولة في إفريقيا من كورونا، بل ستتضرر من التبعات الاقتصادية لهذا الوباء. البداية كانت في جنوب افريقيا حيث تعتبر الصين من أهم الدول في تعاملاتها التجارية، وستليها أكيد دول شمال إفريقيا خاصة المغرب الذي سيتضرر كثيرا من سياسة غلق المطارات والمَوانئ والمؤسسات التعليمية. وإذا أضفنا إلى هذا الضرر الكبير للإنتاج الفلاحي المرتقب لهذه السنة جراء الجفاف، فالنتيجة ستكون كارثية خاصة مع تراكمات سلبية طيلة السنوات الأخيرة. أما المستفيد الأكبر من الأزمة الوبائية فهم دول القُطبين المُسيطِرَيْن على اقتصاديات العالم ومنها الصين حيث ستُحوِّل خسائرها الظرفية إلى أرباح طويلة المدى. وهذا الأمر بَاشرتْ فيه بالفعل منذ الأسابيع الأولى لانطلاق الوباء. لم يكن فقط القطاع الصحي الصيني من يواجه الوباء، بل كل القطاعات، حتى أنه عندما ستعلن الصين عن القضاء النهائي عن الوباء، فإنها ستكون قد غزت كل الأسواق ومنها الأسواق المالية وضاعفت أرباحها حتى في الولايات المتحدة الأمريكية؛ كأن شيء لم يحدث في الصين.



#عائشة_العلوي (هاشتاغ)       Aicha_El_Alaoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات اقتصادية... القرارات الاقتصادية أو اقتصاد -القرار- بمن ...
- شذرات اقتصادية... التنمية والثقافة، أية علاقة؟
- شذرات اقتصادية...التعدد والتنوع المجالي والتنمية، أي تصور لل ...
- شذرات اقتصادية... المرأة والتنمية: المطالبة بالمساواة هي -جر ...
- شذرات اقتصادية... قانون المالية 2020 والطبقة الوسطى ...
- شذرات اقتصادية... حقوق الإنسان والتنمية، أية علاقة؟...
- إلى شباب لبنان... من أجل استعادة الأمل دون جراح ودماء...
- إلى ابنتي الغالية، بمناسبة عيد ميلادها...
- كلام لا بد منه... بعيدا عن الشخصنة...
- شذرات اقتصادية... بطاقة المواطنة-الاجتماعية كآلية ضرورة في ا ...
- شذرات اقتصادية: هل هناك طبقة وسطى، وأي تعريف ودور لها؟
- النموذج المغربي-المغربي للتنمية، أية أبعاد؟
- شذرات اقتصادية: التنمية والتعليم
- شذرات اقتصادية: النموذج التنموي - العدالة الاجتماعية
- اقتصاد الريع، هل هناك سياسة لمواجهته؟...
- صعود النزعة المقاولاتية والريعية للمجتمع المدني …
- الهدف الرابع للتنمية المستدامة واستراتيجية التعليم بالمغرب- ...
- استراتيجية الهدم ونموذج التنمية بالمغرب …الحصيلة الراهنة 201 ...
- التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية... أية علاقة؟
- النموذج التنموي والعمل السياسي، أية علاقة ؟...


المزيد.....




- فرنسا: لجنة مكافحة الاحتيال ترصد وعودا مضللة في الخدمات الفن ...
- الرئة بـ-3 ملايين جنيه-.. اعترافات صادمة للمتهم بقتل -طفل شب ...
- سرقة 71 مليون دولار من بنك فلسطين في غزة
- حرب غزة: ترقب لرد حماس على مقترح الهدنة وتحذير أممي من -حمام ...
- للمرة الأولى.. إمبراطورية الغاز الروسي في مرمى سهام الاتحاد ...
- وسط جحيم خيام النايلون.. نازحو غزة محاصرون بين موجات الحر وت ...
- هل إعادة تشكيل وظيفتك حل للشعور بالرضا والتقدم في العمل؟
- مالمو تستعد لاحتضان -يوروفيجن- في أجواء تطغى عليها حرب غزة
- -لوموند-: مجموعات مسلحة نهبت نحو 66 مليون يورو من بنك فلسطين ...
- الوفد الروسي يحمل النار المقدسة إلى موسكو


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - عائشة العلوي - شذرات اقتصادية... كورونا، الشجرة التي تغطي الغابة...