أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسيب شحادة - چدعون چيتاي ١٩٤٠٢٠١٩














المزيد.....

چدعون چيتاي ١٩٤٠٢٠١٩


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 6468 - 2020 / 1 / 18 - 23:50
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


چدعون چيتاي ١٩٤٠٢٠١٩
جامعة هلسنكي


رحل عن هذه الفانية في بيته في هلسنكي، صديقي چدعون چيتاي (ڤاينراوب في الأصل) في الخامس والعشرين من شهر تشرين ثانٍ في العام الفائت، إثرَ صراع مع مرض السرطان في الجلد. لفظ جدعون أنفاسه الأخيرة، كما أبلغتني زوجته، بسلام وهدوء، وبجانبه كانت ابنته ياعيل وزوجته الفنلندية البروفيسورة في علم النفس في جامعة تامپري. يبدو أنّ المرحوم، كان قد أحسّ باقتراب نهاية أجله، قلب الإنسان دليله، فسافر في شهر تموز ٢٠١٩ إلى حيفا مصطحبًا زوجته، وقد قال لأصدقاء له هناك بأنّه يشعر كأنّه يقول وداعًا لمسقط رأسه المثير للجدل. دُفن چدعون في المقبرة اليهودية في هلسنكي وشقيقه الأصغر الشهير عاموس، منتج أفلام أيضًا، تلا صلاة الموتى عليه (قديش)، وممّا ذكره عاموس في كلمته بعد انتهاء مراسم الدفن: شقيقي لم يكن مؤمنًا إلا أنّه ظلّ يهوديًا وحافظ على العادات والتقاليد اليهودية التي من ضمنها البحث عن الحقيقة والتمرّد.

چدعون وُلد في مدينة العفولة في فلسطين، وعاش في حيفا، قبل أن يغادرها إلى فنلندا في العام ١٩٦٥ وحصل على الجنسية الفنلندية. والداه ولدا في فلسطين في عهد الحكم التركي، وكان والده الذي درس هندسة البناء في ألمانيا، قد هرب من الحكم النازي في ثلاثينات القرن العشرين. نوى چدعون السير في أعقاب أبيه فالتحق بجامعة زيوريخ التكنولوجية، ولكنّه توقّف عن تلك الدراسة وشرع بانتاج الأفلام، لا سيّما الوثائقية Gig Films Oy: يوميات جندي في التعبئة، ١٩٨٧؛ أُوم شموم سبع ساعات حتى الموت، ٢٠١١، باسم الله، لقاءات موسيقية. زاول المرحوم مهام عدّة في التصوير والإنتاج والتحرير والإخراج؛ لم يكن عضوًا في الحزب الشيوعي ولكنّه كان قريبًا في آرائه السياسية والاجتماعية والاقتصادية من مبادىء الحزب الشيوعي في البلاد، وعمِل مصوّرًا في صحيفة الاتّحاد الحيفاوية الشيوعية وأسّس أرشيف الصور فيها. تكلّم چدعون عدّة لغات بطلاقة، إضافة للعبرية، لغة أّمّه، مثل: السويدية والفنلندية والإنجليزية والألمانية والفرنسية وقليلًا من العربية الفلسطينية.

مواقفه السياسية كانت واضحة وحازمة، عارض العسكرة والحرب والعنصرية والتمييز بكل أشكاله، وكل ذلك يتجلّى في أفلامه مثل: يوميات الجندي والعنف الأبيض اللذين يعالجان الأبارتهايد في جنوب إفريقيا. ويذكر أنّ چيتاي كان قد أجرى مقابلة مع إسحق رابين للراديو الفنلندي بشأن السلاح الإسرائيلي في جنوب إفريقيا ذات الحكومة العنصرية. كلّ من عرف چدعون، وكنت قد التقيت به في هلسنكي للمرّة الأولى في منتصف تسعينات القرن العشرين عن طريق صديق سويدي مشترك، يعلم يقينًا مدى حساسيته للعدل والحرية والأخلاق النبيلة، والدفاع عنها، كان عفويًا، عصبيّ المزاج، يقول ما يفكّر به بدون رتوش، ويستمع لآراء الآخرين، كان يغرّد خارج السرب. دافع دومًا عن الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، الذي ما زال يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي، أطول احتلال في العصر الراهن. كان ذا قلب واسع لا يحقد على أحد. قاسى الأمرّين في مسقط رأسه في إسرائيل في كلّ مرّة زارها، حيث يتمّ اضطهاد الفلسطينيين وحتّى جرائم حرب، كان جريئًا لا يخشى أحدا. وكان چدعون يكتب مقالاتٍ في الصحيفة العبرية الإلكترونية ”الضفّة اليسارية“ وينظر في: http://hagada.org.il/author/%D7%92%D7%93%D7%A2%D7%95%D7%9F-%D7%92%D7%99%D7%AA%D7%90%D7%99/.

وأورد في ما يلي مقتطفات مما ورد في هذا الموقع:

”حان الوقت للكشف: قبل ٣٨ عامًا صوّرتُ المرأة التي بكت على خراب بيتها، بعد أن هدم الجيش الإسرائيلي الذي خدم فيه زوجها البيتَ في منطقة عسكرية ٩، ثمّة سكن بدو من قبيلة عرب السواعد. ظهرت الصورة على ملصَق/پوستر دعا للقيام بإضراب في يوم الأرض في الثلاثين من آذار عام ١٩٧٦. وبعد تطهير المنطقة العسكرية ٩ من العرب، أصبح المكان يحمل الاسم ”چوش سيچڤ“ لليهود فقط. يبدو أنّّه ليس كافيًا أنّ أوامر حكومات الدولة اليهودية تُدخل الشاباك، ذراع الأمني العامّ، في عرب إسرائيل لتدميرهم ولتهويد الجليل؛ ولذلك يغرس الشاباك متعاونين (مشتاپيم) معه لأنه يرمي إلى جعل أبناء البلاد أعداء ويضاعف البغضاء التي ستؤدي إلى الترحيل/ الترانسفير، ومنذ ذلك الوقت إلى الآن أقيم في الدولة اليهودية نظام حكم أبرتهايدي صهيوني، حكم العنف تجاه العرب الفلسطينيين، الذي يخلّف ندوبًا لدى الجنود والمواطنين الإسرائيليين أيضًا، وهو الذي أدّى في نهاية المطاف إلى اغتيال رئيس الحكومة … في نابلس كسرنا بالقوة وبالعقل الانتفاضة ... “.

دأب چدعون وزوجته على زيارة إسرائيل/فلسطين مرارًا وبحثت زوجته تأثير صدمات الحرب والعنف على الأولاد الفلسطينيين، لا سيّما في غزّة. ويذكر أن چدعون كان قد تخلّى عن جنسيته الإسرائيلية بعد حرب العام ١٩٦٧. بمقدار النقد اللاذع الذي كان چدعون يوجّهه لسياسة إسرائيل العنصرية كان مقدار حبّه للغة العبرية، لغته الأولى، الثقافة اليهودية والبلاد والشعب هناك. حبّه للتحدّث بالعبرية السليمة الثرية وشغفه لسبر أعماق أصول الكلمات وتشعّب الدلالات، بدا لي واضحًا منذ اللقاء الأوّل بيننا، ثم استمرّ سنين طويلة. ذلك الحبّ للعبرية زرعته في روح چدعون والدته إفرتية مرچليت المثقفة، القاصّة والمعلّمة.

چدعون أحبّ الحياة، وكان حُلمه أن يُصبح لغويّا في الآخرة.



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جولة في الإپونيمات (ج) الجزء الخامس والأخير
- جولة في الإپونيمات القسم الرابع (ث)
- جولج في الإپونيمات (ت)
- جولة في الإپونيمات (ب)
- جولة في الإپونيمات (أ)
- الرسالة الممنوع إراؤها للغرباء
- من أقوال مار يعقوب السروجي الملفان
- صورة الهيكل على ظهر بدلة فاخرة
- من الداخل الضغط كبير لأنّ الخلاصَ قريب
- نظرة على استعمال ومعنى -بيث- مضافًا في السريانية
- وديعة مثالية لدى رئيس، راعٍ ومحبّ
- تجنيد شبابنا في الحرب العالمية الأولى
- الكاهن قتلني
- ماذا يكتب أبو العبّاس القلقشندي عن السامرة؟
- حول أسماء السامريين الشخصية
- كتاب مفتوح لرؤساء البلديات والمجالس المحلية العربية في البلا ...
- نافذة على السريان واللغة السريانية
- بعد الهزّة الأرضية عام ١٩٢٧
- مطر في بداية الصيف
- بابا هرتصل يبعث بقبلات رقيقة لابنته


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسيب شحادة - چدعون چيتاي ١٩٤٠٢٠١٩