أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سارة في توراة السفح: الفصل الحادي عشر/ 2














المزيد.....

سارة في توراة السفح: الفصل الحادي عشر/ 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6456 - 2020 / 1 / 5 - 16:55
المحور: الادب والفن
    


" آه، فهمتُ المسألة "، قالها عليكي آغا الكبير لصديقه.
لقد جاء دورُ حمّاد، هذه المرة، كي يوضح ما غمضَ من سر الطيف المزعوم. كانا قد واصلا الانحدار في الدرب إلى نهايته، ومن ثم عليهما قطع الجادة الرئيسة، المعتبرة بمثابة المصب لأزقة الحي. في سياق كلامه، دعا صهرُ محمد آغا معلّمه السابق للتجوّل في الكرم، أينَ زُعم أنّ طيفَ امرأته قد ظهرَ مراراً فيما مضى من الأشهر. هذا الأخير، قبلَ الدعوة مسروراً، كونها تتيح له قضاء بعض الوقت في أحد أماكن طفولته الأثيرة. يومياً، عند الذهاب والإياب من وإلى العمل، كان يقطع الطريق المار بإزاء الكرم، لتهف في أنفه الرائحة الحرّيفة، المنبعثة من أشجار التين، وكانت تبعث غبطته لذات السبب.
شاعراً بالسعادة تحت سماءٍ منقطة بالسحب، فيما يفوح عبقُ التربة المشبعة بماء أمطار النهار، قال عليكي آغا الكبير: " كم قضينا هنا من أوقاتٍ بين الأشجار، أو في السباحة بالنهر. وكنا نفرّ حالما يظهر محمد آغا بسحنته المخيفة، بالأخص لو كانت أفواهنا ما تفتأ تمضغ ثمرة تين أو صبّار! ". ضحك حمّاد وعلّقَ بالقول، " لكنه للحق كريمٌ داخل بيته، ولولا أنني وكيل أعماله لسنواتٍ ما كنتُ صدقتُ مسألة شحّه وحرصه "
" يقال أنه فكّر ذات مرة بأخذ ضريبة من الأهالي، كون شبكة مياه الشرب تمر من النهر عبرَ مسراب كرمه "
" ربما كان ذلك قبل حلولي في الحارة "، قال حمّاد ثم أردفَ متسائلاً: " كأني بالمياه تُضخّ من أسفل إلى أعلى بوساطة عفاريت خفيّة، بحيث تصل إلى آخر بيوت الحارة؟ ". كان القمر قد ظهرَ عندئذٍ على شكل الهلال، ما أضفى مظهراً جليلاً على البقعة المشجرة. قال عليكي آغا الكبير بنبرة مداعبة، " ذكرُك القوى الخفية، جعلها تنشط وتُنير لنا السماء ". بعد ذلك أوضح جواباً على استفهام رفيق الليل: " لا أعلم تحديداً كيفَ تجري العملية، سوى أن الضغط هوَ مَن يأخذ على عاتقه دفع المياه باتجاه الأعلى ومن ثم تتلقفها شبكة السراديب، لتوزعها على آبار البيوت ".
قال حمّاد وقد أيقظ الحديثُ ذاكرته أيضاً: " محمد آغا، ذكرَ لي بمناسبة الأقاويل عن شبح ابنته الراحلة، حكاية مماثلة جرت في الحارة الأخرى، جسر النحّاس، في زمنٍ مضى. وهيَ أن رجلاً، يُدعى ‘ سلو فقير ‘، هوى في بئر المسجد ليلاً دونَ أن ينتبه إليه الناس. صرخاته من الجوف العميق، بقيت تصل لأسماع الجيران الليل بطوله. صباحاً، لما افتقده أهله، عُلِمَ عندئذٍ حقيقة الحادث. لكنهم لم يعثروا عليه أبداً، لا في قاع البئر ولا في السراديب المتصلة به. قيلَ أنّ سلو فقير أضحى طيفاً، ولا زال الناس يسمعون صوته ليلاً، آتٍ من أعماق آبارهم ". لحظة انتهاء حمّاد من سرد الحكاية، صدرَ على حين فجأة صوتُ خشخشةٍ؛ وكأنها وقع أقدام على أوراق الأشجار اليابسة. ما جعله يجفل، قافزاً من مكانه بفزع: " رباه، ما هذا؟ ".
" ليسَ طيفاً على أيّ حال..! "، قالها معلّمه السابق وقد قرقرت ضحكته. ثم أضافَ، وكان محتفظاً بعدُ بالهدوء: " لو كانت حيّة فلا خوف منها، لأنها هيَ بنفسها خائفة ". في الوهلة التالية، اندفعَ طائرٌ من الأرض باتجاه إحدى الأشجار القريبة. عقّبَ عليكي آغا الصغير، قائلاً: " إنها بومة، اصطادت على الأغلب فأراً قليل الحظ ".

***
بضعة أيام على الأثر، وكان على ابن نيّو أن يعدّ نفسه أيضاً " قليلَ الحظ ".
حصلَ ذلك مساءً، في خلال مروره على مضافة الزعيم، بعدما سبقَ وأُبلغَ من لدُن الأب بضرورة الذهاب إليه. حالما دخل على الحاج حسن، وتلقى منه رد تحيته، أحسّ بثقل في القلب. برغم أن الحاج استقبله وعلى فمه ابتسامة، وما لبثَ أن دعاه للجلوس على الأريكة الأقرب لطاولة أعماله. قال له بصوته العميق: " أرملة عمك أوسمان، تبتغي البقاءَ دونَ زواج وفاءً لذكراه. كذلك أبلغت حرمنا ". لقد شدد على مبتدأ الجملة، عسى أن يخفف على طالب القرب وذلك بتذكيره أن المعنية تنتمي لجيل آخر. في الأثناء، وبينما عليكي آغا الكبير يُحاول استيعابَ الجملة، كان بصره متعلقاً بلوحةٍ معلقة على الجدار فوق رأس الزعيم، تتضمنُ نقشَ آيةٍ قرآنية " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ".
قال الرجلُ المكسور الخاطر غبَّ لحظة صمت، متكلّفاً الابتسامَ: " نعم مفهوم، ليعينها الرب ويوفقها ". حدق فيه الزعيم بعينين حكيمتين، ثم قدّم هذه النصيحة: " امرأتك لديها ولد، فنل الأجرَ عند الله بمعاملتك له كابن من صلبك "
" يعلمُ الله أنني أفعل ذلك، والولد عزيزٌ عليّ "
" كما أن الله لا يضيّع أجراً في الحياة الأولى أيضاً، ويُمكن أن يمنّ عليك بذرية في قادم الأيام "
" إنه السميعُ المجيب "، قالها عليكي آغا الكبير متنهداً.
سيمر نحوَ الشهر، قبل أن تتعهّد سارة إبلاغَ الرجل الملول بخبرٍ سار، هذه المرة، جعله يطوي نهائياً موضوعَ الأرملة: " امرأتك حامل ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سارة في توراة السفح: الفصل الحادي عشر/ 1
- سارة في توراة السفح: بقية الفصل العاشر
- سارة في توراة السفح: الفصل العاشر/ 3
- سارة في توراة السفح: الفصل العاشر/ 2
- سارة في توراة السفح: الفصل العاشر/ 1
- سارة في توراة السفح: بقية الفصل التاسع
- سارة في توراة السفح: الفصل التاسع/ 2
- سارة في توراة السفح: الفصل التاسع/ 1
- سارة في توراة السفح: بقية الفصل الثامن
- سارة في توراة السفح: الفصل الثامن/ 2
- سارة في توراة السفح: الفصل الثامن/ 1
- سارة في توراة السفح: بقية الفصل السابع
- سارة في توراة السفح: الفصل السابع/ 2
- سارة في توراة السفح: الفصل السابع/ 1
- سارة في توراة السفح: بقية الفصل السادس
- سارة في توراة السفح: مستهل الفصل السادس
- سارة في توراة السفح: الفصل الخامس/ 5
- سارة في توراة السفح: الفصل الخامس/ 4
- سارة في توراة السفح: الفصل الخامس/ 3
- سارة في توراة السفح: الفصل الخامس/ 2


المزيد.....




- الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش ...
- أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا ...
- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سارة في توراة السفح: الفصل الحادي عشر/ 2