أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - صلاة الشعر حينما تصدق














المزيد.....

صلاة الشعر حينما تصدق


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 6452 - 2020 / 1 / 1 - 12:58
المحور: الادب والفن
    


يتبادل كل من الرجل والمرأة الاتهامات بشأن الوفاء بعهد علاقة الحبّ الحميمية بينهما فنلحظ الرجل يتّهم محبوبته بأنها أقلّ وفاءً وتضحيةً ؛ إذ تقول قصة شائعة ان حبيبين اتفقا على إنهاء حياتهما انتحاراً بعد ان سُدّت كل أبواب الأمل بينهما للاقتران فوقفا على احد الجسور ليرميا نفسيهما في الماء غرقا وكان الرجل هو الأسبق فرمى بنفسه وغرق ؛ لكن المرأة لم تفعل ما فعله حبيبها فتراجعت وعادت الى بيتها سالمة غير عابئة برحيل حبيبها ، لهذا شاعت المقولة الساخرة المعبّرة والواخزة : النساء أولا ، ولا يخفى على ما في هذه الجملة من هزّة مؤلمة تفوق التندّر والسخرية المرّة .
لكن المرأة هي الاخرى تتهم الرجل بانعدام وفائه وكثيرا ما كان يتنقل حبيبها من قلب امرأة إلى أخرى وقصة الفتاة الصربية المعلمة الجميلة " نَدي " مع حبيبها الضابط " ريليا " ليست قصة أسطورية ، اذ كانا يلتقيان على الجسر القائم في ضواحي مدينتهما الصغيرة " فرنياتشكا " بشكلٍ دائم ويقضيان مشوارهما ويتناجيان همسا وعشقاً هناك ، لكن الحرب العالمية الاولى -- ومااقساها – قد اندلعت حيث استدعي الضابط الشاب العاشق " ريليا " للمرابطة في احدى الجزر اليونانية تاركا عشيقته تهيم كل يوم على الجسر وحدها وتذرعه طولا وعرضا انتظارا لحبيبها دون ان تيأس لكن العاشق المارق خذلَها وأحبّ فتاة يونانية وأرسل الى حبيبته الاولى بلاغا بفسخ الخطوبة ؛ وما ان صدمت بهذا الخبر حتى امتلأت بالحسرة والأسى وأخذت تذبل وتنحل تدريجيا الى ان ماتت حزنا وكمَدا .
بعد هذه المأساة التي حلّت بالعاشقة " ندي " ومرور سنوات حتى كادت ان تُنسى ؛ كتبت الشاعرة الصربية " ديسانكا " قصيدة (صلاة من اجل الحبّ) للتذكير بحادثة العاشقَين " ندي و ريليا " وفيها مقطع مؤثر تقول فيه :
تعالا ؛ ايها العاشقان
أقيما برهةً في هذا المكان
قفا على الجسر
انه مرتع الهوى المذبوح
هنا نحبتْ مشاويرُ الحب
ارميا مفتاح الحب في الماء ليخلد في قعر النهر
ديسانكا الشاعرة هي وحدها من خلّدت هذه المأساة التي حاقت بالحبيبين ، وعلى اثر هذه الحادثة المؤسفة توسعت عادة غلق الأقفال على مفاصل الجسور ورمي مفاتيحها في النهر كما تفعل الفتيات والفتيان حاليا على جسر الفنون في باريس الأشهر عالميا في رصف الأقفال وتراكمها باعتبارها عاصمة للرومانسية والحب ومدينة النور والأضواء الدائمة ، رغم توجيهات بلدية مدينة النور بالتخفيف منها خوفا من ثقل الأقفال الحديدية والتي قد يصل الى حوالي مليون قطعة ، ولم تنفع توسلات البلدية للحدّ من هذه الظاهرة والتعبير بطريقة اخرى وأساليب متنوعة لإبراز الحب بتقليعة جديدة غير الأقفال وذلك من خلال اللافتات التي تمنع وضع القفل ولكن بطريقة مهذّبة كأن تقول ( باريس تشكركم لو امتنعتم عن وضع الاقفال ) أو ( هلاّ عبّرتم عن حبكم بطرائق اخرى دون ان ترهقوا الجسر ) وتلجأ الحكومة الى قطعها بمناشير حديدية بين آونة وأخرى ، فهذه العادة ليست فرنسية أصلا كما يخيّل الى البعض مع انه الجسر الأشهر في إحكام الأقفال ورمي مفاتيحها في نهر السين انما هي مستوحاة من الإرث الصربي مثلما هي خالدة عندنا في قصة قيس وليلى عند العرب وروميو وجوليت لدى الانجليز وقصة شيرين وفرهاد في التراث التركي .
وقد امتدت هذه التقليعة الى مدن اخرى تقليدا لعادة العشّاق الصرب كما في روما وبرلين وكولن في ألمانيا وبروكسل ووصلت الى موسكو ايضا ولم تسلم جسور المدن الصغيرة من إثقالها بالأقفال في معظم الأمكنة حتى وصلت هذه التقليعة الى كوبري قصر النيل في العاصمة المصرية القاهرة وفي جسر ستانلي الواقع في الاسكندرية وامتدّت هذه التقليعة الى جسر " تيلي ميلي في العاصمة الجزائرية " مثلما وصلت الى بصرتنا الفيحاء في العراق قبل بضع سنوات وقام عشّاقها بإحكام الأقفال على احد جسورها لكنها لم تستمر عندنا بسبب القيود المانعة المشددة التي فرضها احد الأحزاب النافذة المحسوبة على التيارات الإسلامية في البصرة .
هكذا يفعل الشعر فعله لو صدق وخرج من لوعة المعاناة ، فما أجمله لو جسّد الحب الحقيقي بمراراته وشقائه مثلما يمثّله بروعته وجمال لقاءاته ولمّ شمل الحبيبين .

جواد غلوم



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصلةٌ شعريةٌ لبغداد الواهنة الكسيحة
- قفشات وتسميات مبتكرة صاحبتْ ثورة الاشقاء السودانيين
- أحببْ عقائد الآخرين محبتك لدينِك
- هكذا تعلّم الأنظمة الراقية أجيالَها الجديدة
- عناءٌ وشقاءٌ ؛ صديقان لا يفترقانِ عني
- صناعة الابداع ؛ رؤية وانطباع فيما يُكتب الآن
- تــكْـتَـكَـتْ ساعة الصفر فلا توقفوها
- بعض مظاهر النفاق الشائعة في وسطنا المجتمعيّ
- تقليعة صينيّة في فضح الفاسدين
- طلبُ رجاءٍ الى جسدي
- قتل الحرفيّة العراقية وتدمير الاقتصاد في زمن النظام الريعي ا ...
- أتَضوَّر عشقاً
- هل جننتَ حتى تبتسم ؟؟
- بانتظار قطاف مشمش المزارع غودو
- بين الحاجة والابتكار
- حِبالٌ خانقة
- رفقتي الى شارع المتنبي مع حفيدتي المغتربة
- أخطاءٌ مقدّسة
- إناقة الأكاذيب أمام الحقائق العارية
- أجنحة طائرة على أوجاعها


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - صلاة الشعر حينما تصدق