انتفاضة تشرين العراقيّة

رائد محمد نوري

الحوار المتمدن-العدد: 6434 - 2019 / 12 / 10 - 16:57
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    

ليس من ثورةٍ في العراق، بل هي انتفاضةٌ تضافرت عوامل خارجيّةٌ وداخليّةٌ متقاطعةٌ على إشعال شرارتها، وأذكت أوارها قلوبٌ غاضبةٌ حزينةٌ مقهورةٌ رفضت واقعها المزري، فنبضت في ساحات التّظاهر على أمل إنقاذ الشّعب والبلاد من حريق فساد السّلطة وتبعيّتها لقوىً إقليميّةٍ ودوليّةٍ مشتبكةٍ تريد أن يكون العراقيّون وقود حروبها الطّاحنة.
تريد قوى المحاصصة لسلطتها أن تظلّ حاكمةً حتى استخراج آخر قطرة نفطٍ من آخر بئرٍ منتجةٍ في (العراق)، وتريد (أمريكا) لسلطتها أن تظلّ حاكمةً على آبار النّفط العراقيّة حتى استخراج آخر قطرة نفطٍ من آخر بئرٍ منتجةٍ، ويريد المنتفضون ألا تأكل المحاصصة العرقيّة الطّائفيّة مستقبل (العراق).
أمّا الإرادة الأولى، فقد بلغ بها الوهن مبلغاً صارت معه عاجزةً عن إعادة إنتاج نفسها؛ لا سيّما في وسط وجنوب (العراق)؛ وقد انعكس هذا الأمر على قابليّة السّاسة على التّوفيق بين تبعيّتهم للشّريكين المتخاصمين (إيران) (الخامنئي) و(أمريكا) (ترامب).
أمّا (أمريكا)، فتريد من المنتفضين أن يكونوا سلاحها لإحكام الطّوق الاقتصادي على (إيران)، وليس مهمّاً بعد ذلك طبيعة النّظام الحاكم ما دام النّفط العراقي يتدفّق بانسيابيّةٍ إلى الأسواق العالميّة وفق الإرادة الغربيّة.
ويغفل المنتفضون الطّامحون إلى تغيير النّظام الحاكم في (العراق) عن حقيقة أنّ انتفاضتهم لا تشكّل ؛للآن؛ تهديداً خطيراً على أرباب المحاصصة القادمين من (كردستان) والمدن الأخرى الواقعة إلى الشمال والغرب من (بغداد)؛ لأنّ انتفاضتهم لما تفرز بعد قيادةً موحّدةً تستطيع إنتاج خطابٍ سياسيٍّ ثوريٍّ واحدٍ يفجّر العراقيين ويوحّدهم حول هدف إنقاذ المستقبل العراقي من هؤلاء السّاسة والتّجار والمقامرين الذين يعيثون بالشّعب والبلاد فساداً.
ستنتصر الانتفاضة، لكنّ انتصارها سيكون منقوصاً، وسرعان ما ستأكل خيبة الأمل الفرح في العيون؛ لأنّ القائمين على الانتفاضة عاجزون عن توصيف حركتهم توصيفاً علميّاً دقيقاً، ولأنّهم لما يقدموا ما يبرهن على أنّهم يملكون وضوح الرّؤية وشموليّتها، ثمّ إنّ كثيراً من المنتفضين ينتمون إلى الطبقات الوسطى التي تتّسم مواقفها الثّوريّة بالميوعة والتَّذبذب، لكنَّ أهميّة الانتفاضة تتمثّل في أنّها ستكون بمثابة التّدريب العملي على الثّورة القادمة.
ويبقى السؤال: متى ستكون هذه الثّورة؟







بغداد: 10-12-2019

#رائد_محمد_نوري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات