أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن عجمي - الثورة على اليقينيات














المزيد.....

الثورة على اليقينيات


حسن عجمي

الحوار المتمدن-العدد: 6425 - 2019 / 12 / 1 - 21:48
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


تبدأ الثورة بكسر المُحرَّمات و تحريم الحلال و تحليل الحرام. تكمن ماهية الثورة في التحرّر من اليقينيات لكي نتحرّر حقاً من سلطة الطغاة القائمة على اليقينيات الكاذبة التي لا تقبل الشك و المراجعة و الاستبدال. فغاية الثورة الحقيقية كامنة في إحلال سيادة المعتقدات الممكنة أو المحتملة التي تُحرِّرنا بكونها مجرّد معتقدات ممكنة الصدق أو احتمالية الصدق بدلاً من أن تكون يقينيات قامعة للحريات و الحقوق الإنسانية.

الثورة الحقيقية ثورة فكرية و علمية تُترجَم إلى ثورة سلوكية. و جوهر هذه الثورة هو اعتبار أنَّ كل المعتقدات و السلوكيات متساوية في مقبوليتها و قيمتها ما يُحتِّم سيادة المساواة بين جميع المواطنين من جراء المساواة بين كل معتقداتهم و سلوكياتهم رغم اختلافها فيولد بذلك السلام الحقيقي و تنشأ الديمقراطية الحقة. فالثورة الحقيقية ثورة على اليقينيات بهدف تحقيق السلام و احترام الحريات و الحقوق الإنسانية بفضل المساواة بين كل العقائد والمعتقدات والسلوكيات التي ينتجها أو قد ينتجها أي إنسان.

للثورة عِلم يتكوّن من مبادىء منها مبدأ التحرّر من اليقينيات لأنها تقتل مالكها من خلال سجنه بمعتقدات مُحدَّدة غير قابلة للشك والمراجعة فرافضة بطبيعتها للآخرين ومعتقداتهم وسلوكياتهم ما يُؤسِّس لسيطرة الأنظمة الديكتاتورية. و من مبادىء عِلم الثورة مبدأ المساواة بين كل العقائد والمعتقدات والسلوكيات و مبدأ أنَّ لا سلطة سوى لسلطة الحقوق الإنسانية كحق كل فرد في أن يكون حُرّاً فيما يعتقد ويتصرّف و مبدأ أنَّ كل مواطن سلطة أعلى و مصدر كل سلطة أخرى ما يتضمن حق كل مواطن في محاسبة و محاكمة كل سلطة أخرى إن مارست الفساد أو القمع أو لم تقم بواجباتها في خدمة الشعب والمجتمع ما يضمن تحقيق ولاية المواطن بدلاً من أية ولاية أخرى حيث تتوحَّد السلطات المختلفة (كالسلطة التشريعية و التنفيذية والقضائية) في أيدي المواطنين. فالإنسان مجموع كل الحقوق و بذلك لا سلطة أعلى من سلطة المواطن أي لا سلطة سوى لسلطة الحقوق. و لا تنجح الثورات العربية سوى باعتماد عِلم الثورة القائم على التحرّر من سجون عقولنا و سلوكياتنا الماضوية و المُحدَّدة سلفاً.

تتشكّل الثورة من عدم تفضيل معتقد أو سلوك على آخر. و الحرية الحقيقية ثورة مستمرة وبذلك الحرية أساسها عدم تفضيل سلوكيات ومعتقدات على أخرى. فحين نُفضِّل معتقدات وسلوكيات على أخرى نتعصب لها فنرفض معتقدات وسلوكيات الآخرين المختلفة عن معتقداتنا وسلوكياتنا ما يُحتِّم رفض الآخر فسيطرة الاضطهاد و الأنظمة الديكتاتورية. و بما أنَّ الثورة الحقيقية تتكوّن من عدم تفضيل معتقد أو سلوك على آخر , إذن الثورة الحقة تحترم و تُحلِّل كل الحريات و من ضمنها الحريات الجنسية فتُحلِّل الشذوذ و الدعارة و كل ما قد لا نراه أخلاقياً رغم أنه أخلاقي بالنسبة إلى مَن يمارسه. هكذا الثورة الحقيقية ثورة على المُقدَّس و أكاذيبه. فتحليل الحرام و تحريم الحلال ماهية أية ثورة حقيقية ما يجعلها ثورة على ذواتنا ومعتقداتنا وسلوكياتنا الماضوية المُحدَّدة سلفاً. فاللامُحدَّد كلامُحدَّدية ما هو الأصح و الأفضل و الأصلح فكرياً و سلوكياً و أخلاقياً هو المصدر الأساس لأية حرية و ثورة.

تكمن الثورة الحقيقية في الثورة على ذواتنا من خلال تحرير أنفسنا من اليقينيات وسجونها. و نتحرّر من يقينياتنا القاتلة بأكاذيبها من خلال تحويل معتقداتنا اليقينية إلى معتقدات ممكنة الصدق أو محتملة الصدق لا ترفض بطبيعتها الآخرين المختلفين عنا. تكمن ماهية الثورة في تحريرنا من ذواتنا المُحدَّدة مُسبَقاً فالمُحدَّد يسجننا بمُحدَّديته فيقتل إنسانيتنا. هكذا الثورة و الحرية زوجان لا يفترقان لأنَّ الثورة تُحرِّرنا من ذواتنا الماضوية فلا نتعصب لها فنقبل الآخر ما يؤدي إلى سيادة الحرية و السلام معاً. فلا حرية بلا سلام و لا سلام بلا حرية. الثائر الحقيقي ثائرٌ على ذاته. و الحُرّ الحقيقي حُرّ من ذواته الماضوية المُحدَّدة بماهيات كاذبة و يقينيات مخادعة.

الثورة الحقيقية ثورة على ثنائية المُقدَّس و المُدنَّس و ثنائية الحلال والحرام و ثنائية الإيمان و الكفر فهذه الثنائيات تقمع الشعوب و تسجنها بأكاذيب الطغاة طغاة الدين و طغاة السياسة. الثورة الحقيقية ثورة علمية لأنَّ العِلم خالٍ من تلك الثنائيات كما هو خالٍ من اليقينيات المُقدَّسة ما يُحرِّرنا من سجون معتقداتنا وسلوكياتنا الماضوية فيدفع بنا نحو قبول الآخر و التطوّر. فلا ثورة بلا حرية و لا حرية بلا تطوّر. بالعقل العلمي نحيا و نتحرّر و بالعقل العلمي لا نموت. لكن العِلم ثورة على المُقدَّس لخلوه من اليقينيات التي تشكّل أسس وجود المُقدَّس و الاعتقاد به. بذلك الثورة الحقيقية ثورة على الله الذي يُستخدَم لنشر الجهل والتجهيل و تبرير حُكم الطغاة. بالثورة على الله نتحرّر. وهذا قمة الإيمان لأنه إيمان بقدرة و مقدرة الإنسان و بذلك هو إيمان بما خَلَقَ الله ما يُؤكِّد على أنه إيمانٌ أعلى بالله و أسمى. لا ثورة بثنائياتٍ كاذبة.



#حسن_عجمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلما ازداد اليقين قَلَّت المعرفة
- العِلم سبيل السلام و الحرية
- العدالة كسلام
- المعارف السوبر مستقبلية
- المعرفة قرار إنسانوي
- المعرفة قرار عقلاني
- العلوم السوبر مستقبلية
- الحقيقة فن استنتاج المعاني
- الحياة فن إضفاء المعاني
- المعاني السوبر حداثوية
- العلوم السوبر حداثوية
- جدل الثورات الفلسفية
- المجاز فن المعاني الصادقة
- الإعجاز المخادع و البلاغة الكاذبة
- المعنى فن إنتاج اللغة
- الشِعر فن استدعاء التأويل
- الكون فن إيصال المعاني
- الجمال فن انتظام المعاني
- الفن تحويل اللامعنى إلى معان ٍ
- العقل فن إنتاج الواقع


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن عجمي - الثورة على اليقينيات