أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - تقول الحياة: يبقى الغناء أدوم وأنبل















المزيد.....

تقول الحياة: يبقى الغناء أدوم وأنبل


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 6329 - 2019 / 8 / 23 - 08:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تقول الحياة: يبقى الغناء أدوم وأنبل

جواد بولس

ألغت بلدية أم افحم حفل الفنان تامر نفار الذي كان مقررًا أمس في المركز الجماهيري على خشبة مسرح وسينماتك المدينة، وذلك بعد أن أكتشف رئيس وأغلبية أعضاء المجلس البلدي "أنّ مضامين أغنيات الفنان بعيدة كل البعد عن الجانب الديني والاخلاقي والتربوي والثقافي المتعارف عليه في أم الفحم؛ ولاحتوائها عبارات ومصطلحات وأفكار لا تتلاءم ولا تتناسب مع قاموسنا الثقافي والحضاري والمجتمعي، على أقل تقدير" ، وذلك حسب ما جاء في بيانهم الذي تناقلته الأخبار والمواقع.

كانت شبكات التواصل الاجتماعي أبرز الساحات التي شهدت معارك بين من انتقد وشجب ورفض القرار وبين من دافع عنه ؛ ولقد اتسمت لغة بعض المعقّبين، كما بات دارجًا "ومألوفًا" في مثل هذه المشاهد، بالعنف وبالبذائة وبالتقريع، فجاءت بعيدة عن آداب الحوار "الثقافي والحضاري والتربوي" المُجدي كما هو جدير بأقلية مضطهدة، تنام جائحة على سياسات قمعها وسلب حقوقها وتصحو ناعقة على ضحايا سقطت برصاصها فتلعق دماء خناجرها.

مواقفي في قضايا الحرّيات معلنة ومعروفة ولقد دافعت عنها مرارًا وجهارا ولم ألُذ بالصمت تقيّة ولا أتخذت الجبن يومًا ياطرًا ولا مرسى؛ وعليه فأنني، اليوم، كما كنت في أمسي، أقف مع حق المغني في الغناء، حرًا بلا قيود؛ وأستطيع، بالمقابل، أن أتفهم كل فرد من مجتمعنا لا يحب غناء تامر أو ينتقد أسلوبه ورسالته أو يقاطع حفلاته ولا يشارك فيها ؛ لكنني أعرف، كما يعرف الكثيرون أننا بعيدون عن هذه المعادلة الانسانية الحضارية بُعد قايين عن هابيل؛ فالقضية بيننا وعندنا أعمق وأعقد، وهي لم تبدأ مع اغنية "سلام يا صاحبي" ولن تنتهي مع "راجع عالبيت" حتى اذا تراجعت بلدية ام الفحم عن قرارها أو أُرغمت بالقضاء بالتراجع، واستطاع "ابن مفرق ال 48" أن يجنّ على المسرح كحصان وحشي.

لم يفاجئني قرار بلدية ام الفحم، وكما قلت مرة، فإنّ قادة الحركات الاسلامية السياسية ومن يدور في افلاكهم هم اناس متصالحون مع ذواتهم لا يهادنون بعقائدهم بل يفاخرون بها من على كل منبر ، واذا تمكنوا من موقع للقرار فانهم يعملون بهدي عقيدتهم ويسعون لتحقيق أهدافهم بدون مواربات ولا ايهامات.

المشكلة، بهذا المعنى، ليست عندهم بل لدى من لم يحمِ قلاعه حتى وهو يراها تهوي برجًا بعد قنطرة، ولدى من بوّر حقوله وهجر دروبها ليتيه في أحضان العجز .

لا أعرف كيف ستتصرف مؤسساتنا القيادية ومعظم جمعيات المجتمع المدني أزاء القرار الذي اتخذته بلدية ام الفحم، رغم مساسه بمكانة "الحيّز العام" بمفهومه المدني الواسع، وتنكره لحقوق مئات المواطنين الفحماويين الذي اختاروا حضور الحفل واشتروا سلفاً جميع بطاقاته، ورغم قمعه لحقوق فنان موهوب يشكل وفرقته "دام" حالة مسرحية ابداعية لافتة تشهد عليها جماهيريته المثبتة في ميادين بلداتنا من أقصى الشمال وحتى الجنوب.

معظم تلك الهيئات، وأخص منها هنا "اللجنة العليا لمتابعة شؤون الجماهير العربية" و"القائمة المشتركة" و"اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية" تعاني من اشكاليات بنيوية عسيرة ومتأصّلة ستمنعها من اتخاذ مواقف صريحة معارضة لقرار بلدية ام الفحم ؛ لن ننتظر المفاجآت لأننا خبرنا، في عدة سوابق شبيهة، صمت أو مداهنة تلك الأحزاب والحركات وتنكرها للدفاع عن الحريات الفردية والفئوية المسلوبة في بلداتنا ؛ فكيف ننسى كم مسرحية منعت لأن بطلتها كانت أنثى؟ أو كم مهرجان رقص عورض لكونه فعالية "مختلطة" ورجسًا ، أو ايام رياضية "فاضحة" ألغيت.. وغيرها وغيرها .

هل ننتظر على همزة الأمل ؟

رغم تشاؤمي لا أعرف لماذا يساورني شعور أننا مقبلون على عاصفة قد تلد بيننا صحوة ستقودنا إلى ربيع حقيقي.

لن يحدث هذا قبل معركة الانتخابات المقبلة في السابع العشر من أيلول/سبتمبر المقبل؛ لكننا، رغم غبارها، نستطيع ان نرى البراعم تزهر في حواكير جديدة وان نسمع الضجيج يسيل من أقلام بدأ أصحابها يشعرون بفداحة الخسائر وبذل الهزائم ويخشون من فقدان "ساحات بلداتنا" ومن سحق مناعاتنا التي حافظت علينا كأقلية حين عرفنا كيف نصمد وكيف نصون قيم الحرية والتعددية والكرامة الوطنية؛ وكيف نحترم الرأي المغاير ونربي أبناءنا على أصول التعايش مع الآخر المختلف ولماذا يجب أن يفصلوا بين ما للأرض وللتراب وبين ما للغيب وللسماء.

لم تقبل كل هيئات أم الفحم السياسية والاجتماعية بقرار البلدية فاصدرت عدة جهات بياناتها المندّده والمعارضة والمدافعه عن فضاء البلد وعن حرية الفكر والتعبير عن الرأي، تمامًا كما هو متوقع من مجتمع يتفانى أعضاؤه من اجل بقائه حرًا وصامدًا في وجه سياسة القمع والتشريد والتدجين.

الى جانب التحرك الفحماوي كان محمد بركة من أوائل من أصدروا بيانًا ضد قرار البلدية، قال فيه " تامر نفار فنان ملتزم بشعبه وبقضية شعبه وهو يحمل أسلوبه الفني الخاص به... من يريد ان يحضر عرضه فليحضر، ومن لا يريد فهذا حقه…أما منع العرض فهذا غير مقبول ..لا يليق ببلدية ام الفحم أن تقف في نفس مربع الحظر مع ميري ريغف التي قادت وتقود حملة تحريض لشطب تامر نفار بسبب مواقفه السياسية الوطنية".

انه بيان هام رغم كونه تصريحًا شخصيا، لن يصدر مثله عن لجنة المتابعة العليا، التي يرأسها محمد بركة، لأننا نعرف أن في داخلها جهات متوافقة مع قرار الغاء الحفل، فهذا الموقف هو أضعف الايمان عندهم !

لا تنفرد لجنة المتابعة العليا بهذه الاشكالية المكتومة والتي، على ما يبدو ، لا مفر من مواجهتها وتفكيكها، ولكن ليس على حساب سلامة المجتمع وحصانته ولا على حساب حقوق الأفراد والتحكم في مجاري الهواء وحبسه عن رئات الناس كما كان الوضع في السنوات الماضية.

لم تشفع لمحمد بركه مكانته القيادية ولا شراكته في اللجنة العليا مع حلفاء من أصدروا القرار في بلدية ام الفحم؛ فلقد هاجمته جموع المعقّبين بشراسة وزجَره بعضهم بالا يتدخل كغريب في شؤون بلدهم، ولم يوفروا في حقه مذمة ولا شتيمة ولا تجريحا !

ما أشبه اليوم بالأمس، فلقد شهدنا في وقائع سابقة مثل هذه التهجمات، أو حتى هدر دم من تجرأ وعبّر عن ايمان ومعتقد بأن عقله هو مولاه الأكيد وبأن الحرية هي القيمة العليا وبانها لا تتجزأ وأن الحق في الحياة مقدس واحترام الآخر المختلف هو أساس العدل.

ما ابعد الأمس .. فبيان محمد بركة لم يكن وحيدًا؛ بعده صدرت بيانات أخرى، كان أبرزها بيان "الجبهة الديمقراطية" و"الحزب الشيوعي"، الذي دافعوا فيه، بلغة فائقة الكياسة والدبلوماسية، عن حق الفنان تامر نفار بالغناء ورفضوا فيه قرار البلدية وتمنوا على رئيسها الغاءه.

لقد قالوا قولهم ومضوا، فهل ستفعل مثلهم القائمة المشتركة وسائر القيادات أم ستترك مصائرنا أسيرة لأهواء إسرائيل و لعدل محاكمها وقضائها ؟

ننتظر



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين وقف مرسيل ومحمود على مسرح جرش
- غصّات، غصة الموت، غصة أطفال العيساوية
- غصّات:وعد صائب وغصة وادي الحمص
- غصّات، ربحي الأسير ونصّار الشهيد
- غصّات، القائمة المشتركة وذكرى توفيق زياد
- حاج يرأس البنك القومي الإسرائيلي
- في موديعين والعفولة وكرم السلام، العنصرية واحدة والفاشية لا ...
- المشتركة في غرفة الانعاش من جديد
- عقارات باب الخليل ومسرح العبث
- لوحدنا لا نستطيع التغيير ولكن بدوننا لا يمكن أن يحدث التغيير
- أمير مخول أسير محرر أم أسير سابق؟
- النكبة وما أدراك ما النكبة
- -منتدى الحقوق المدنية- أفكار خارج المألوف
- المشوّهون
- والقول ما قالت الأمعرية
- انتخابات الكنيست هل من مفاجأة؟
- سأصوت،لن أقاطع
- كان في القدس سوق للخواجات
- الحركة الكسيرة الفلسطينية
- خاطرتان والطريق الى النجاة


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - تقول الحياة: يبقى الغناء أدوم وأنبل