أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - غصّات، القائمة المشتركة وذكرى توفيق زياد















المزيد.....

غصّات، القائمة المشتركة وذكرى توفيق زياد


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 6288 - 2019 / 7 / 12 - 04:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غصّات: القائمة المشتركة وذكرى توفيق زياد
جواد بولس

المشتركة
أُصبنا بنوبة فرح كبيرة عندما فشل بنيامين نتنياهو بتركيب حكومته، وإضطراره إلى حل الكنيست المولودة حديثًا والاعلان عن جولة انتخابات ثانية ستجرى في السابع عشر من أيلول القادم ؛ وذلك في سابقة مثيرة لم تشهدها إسرائيل من قبل.
بعضنا فرحَ شماتةً بالرجل الذي لم يُخفِ تشاوفه على مواطني الدولة العرب واستعداءه المكشوف لهم والتحريض عليهم بوجبات من العنصرية المنفلتة، وذلك بعد تحويلهم إلى "فزّاعات" شيطانية يخيف بها المواطنين اليهود ويستفزّ مشاعرهم الدفينة.
والبعض فرحَ لاعتقاده بأن الجماهير العربية قد كسبت فرصةً جديدة للمّ شمل قبائلها بعد أن مزقته مؤامرات ومغامرات وحماقات ورهانات قادة القائمة المشتركة في ثلاثة أعوام وجودها وقبل جولة الانتخابات السابقة، حيث لم ينجحوا، رغم جميع التصريحات والوعود والتطمينات، بالعودة إلى "بيت الطاعة" مخيّبين آمال من آمن بأن الوحدة في قائمة هي "سدرة المنتهى" أو ربما عصا موسى القادرة على فجّ بحار العداوة الممدودة بينهم، وعلى نقل جميعنا إلى "أرض ميعادنا" المشتهاة.
وهنالك فئة شعرت، في أعقاب فشل اعادة تركيب المشتركة، بأن "أيّام اللولو" العربية المألوفة قد ولّت؛ فطفقوا يعدّون أنفسهم لامتطاء عنق المستقبل ولحصاد بيادر جافَتها مواسم العز والجنى.
على جميع الأحوال، فلقد أتاح فشل نتنياهو المذكور لفئات عديدة فرصة لإعادة النظر ولاستخلاص العبر ؛ لكنه هيّأ للبعض، في الوقت ذاته ، فرصة لبناء "عرائش" سياسية جديدة، كان بعضنا قد تكهّن بأنها تتخمر تحت قناطر عقودنا الهرمة إلى أن صار إنباتها من ضرورات ساحاتنا المحلية وحتمًا ناضجًا ينتظر فقط لحظةً مؤاتية كي ينطلق كالسهم نحو أحضان القدر.
لقد عجزوا مرة أخرى ولم يعلنوا، حتى كتابة هذا المقال، عن تذليل العقبات التي ما زالت تعيق اعادة بناء القائمة المشتركة. من الواضح ان الجماهير ستحاسبهم جميعا ولن تميّز بين جانٍ وبين صادق او مغرور ؛ فالتفاصيل لن تقنع إلا المقتنعين ولن تستفز البراهين إلا المستفَزين، بينما ستُرصّد الخسارة عجزًا في بنوك التاريخ وتتكدّس قناطير الخيبة في خوابي المدّعين والتائهين.
إنّ ما يجري أمام أعيننا ليس مجرّد مخاضات عادية يمارسها فقهاء بالسياسة ويرسم معالمَها دهاةٌ في التفاوض ويخططها قادة لا يشق لهم غبار ولا "يقعقع لهم بالشنان" ؛ فبعض العصاة هم مجرد هواة يعبثون برميات نرد عبثية، وجزء من أولئك يلعبون بالنار بجانب وسائد أطفالنا ويتصرّف آخرون كما قالت العرب : "فنفسي وبعدي الطوفان" ؛
والمصيبة انهم يقرأون مثلنا عن أثر ما تقترفه حماقاتهم وعمّا تسبّبه أطماعهم ولا يعيرون مشاعر العامة لفتةً أو اهتماما وكأنهم قد اقتنعوا بما قلناه منذ شهور ، وهو أننا نطلّ، من دون شك، على نهاية "المغامرة المشتركة" ونرافق تهاوي ذيول رحلتها التي كانت تشبه رحلة النيزك بعد أن يولد ويشتعل ويخبو بأسرع من رمشة.
لقد كبرت الغصة في حلوقنا ؛ فحتى لو نجح الخبراء والوسطاء والوجهاء بتضميد جراح أولئك "الاخوة الاعداء" وبجبر عظام كراسيهم الساحرة، لن يبقى في قناديلهم زيت ولا في جعابهم ورد ولا خمر. سوف يصحون على خرابات " بُصرى" الدامية وعلى أطلال ستشهد كيف تسقط الذرى وكيف لا يُبكى على وطن أضاعته نساؤه.. ورجاله.

توفيق زياد
تلقيت دعوة من مؤسسة توفيق زياد في الناصرة للمشاركة، في الخامس من تموز، في حفل احياء الذكرى الخامسة والعشرين "لرحيل القائد والشاعر توفيق زياد" .
قررت الحضور بلا تردد، متخلّيًا ، هذه المرة، عن موقفي بعدم المشاركة في احتفاليات كثيرة، لرغبتي بالابتعاد عن ضوضائها وعن ممارسة طقوس صارت مكرورة ومزعجة ولا تنصف المحتفى بهم ولا تعطّر حاضرهم ولا ذكراهم.
وصلت قاعة مدرسة راهبات مار يوسف متأخرًا بسبب "جلطات" الشوارع التي منعت كثيرين مثلي من الوصول في الوقت المحدد ، فدلفت مسرعًا ولم انتبه لكثير من الوجوه التي مررت بها ولا لمن وقفوا في مدخل القاعة ليستقبلوا المحتفين ؛ كنت مطرقًا وساهمًا. حاولت قبل جلوسي على مقعدي اقفال شريط أحداث طويل رافقتني فصوله خلال مشواري الى الناصرة.
لتوفيق زيّاد مكانة أثيرة عندي، وفي نفوس أبناء جيلي خاصة بين طلاب الجامعات الجبهويين الذين خاضوا معارك الكرامة في وجه الفاشيين في سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم. أبو الأمين ، صاحب الوسامة الشقية، لصيق في ذاكرتنا مثل جين خفي يسكنك ويبقى فيك فلا تشعر به إلا عندما يهاجمك داء الحنين القاسي.
كانت ذكرياتي معه قليلة، فالثمين قليل، ورغم مرور السنين ما زلت استحضرها ، مع بعض رفاق الدرب الثابتين، بنوع من الفرح القاني، كذاك الذي تمارسه المرافيء وهي تودّع سفن العاشقين.
كان برنامج الحفل معقولًا ورزيناً؛ نالت فيه الموسيقى حيّزًا وافرًا واضفى الغناء معها على الحسرات ظلاً بديعًا. آثر المنظمون ابقاء القاعة مظلمة وأضاءوا المسرح بمهنية واضحة، فرقصت الشموع وناغت ضمم الزهور الزاهية.
وعلى غير عادات العرب اكتفى المنظمون بكلمتي ترحيب، فحيّت السيدة نائلة زياد، شريكة حياة "ابو الامين"، الحفل باسم المؤسسة الراعية، وبعدها خاطب الحفل عادل عامر باسم الحزب الشيوعي. كلمتان قصيرتان عن حياة عريضة كالمدى.
كنت أسمع بين فقرة وأغنية تصفيقًا، ولكن ذروة الليلة كانت حين عرض على الشاشات فيلم وثائقي عمل على انتاجه واخراجه الشاب سري بشارات وبالتنسيق مع مخرجة الحفل مها الحاج ابنة الناصرة المتألقة.
لن تفي الكلمات ما رأينا في قرابة العشرين دقيقة؛ فلقد أطلّ علينا زيّاد كبطل من الأساطير ينفض العدم ويغزو خواصر الأمل ويصفعنا بسياطه المجدولة بنسغ المقاتلين البسطاء الذين لا يهابون مواجهة الا اذا كانت مع دمعة أم ثاكلة أو أمام عبرة طفلة جائعة.
في دقائق مرّت كلسعة نار كاوية، ساحت دموع الرجال وتنهدت النساء. نقلتنا الصور من منصة إلى منصة ومن ميدان الى ميدان حيث كان أبو الأمين واقفًا في جميعها كالبوصلة يرشد الجموع نحو قلب العاصفة ويزرع الريح في قلوب الناشئة.
بكينا بصمت وشكرنا رأفة العتمة. كنا كلما صرخ الزياد نمتليء حسرة وشوقًا وأسى؛ وكنا كلما هزت سبابته شباك المستحيل نغور في كراسينا خوفًا من أن يمدها نحونا ويهيب "أناديكم".
لم نشاهد فيلمًا عاديًا بل كانت تلك تراتيل سماء تلاها أمامنا ندّاف الأمل وسيد الميادين العاصية ؛ كانت الدموع حارقة؛ فما سمعناه كان أقرب إلى لوائح اتهام واضحة بحق كل من هجر تلك الدروب وتخلّى عن "القابلة"؛ لقد رأيناه قائدًا يصوّب ناره دومًا نحو الطغاة ولم يهادن ؛ وشاهدنا كيف كان يرفع قبضاته في وجه من حاولوا، باسم الدين، زرع الفتنة وتأليب "الفقراء" على "الكفار" الحمر، فواجههم كنمر "سرحان العلي" ولم يساوم ؛ وتابعناه عاشقًا للوردة الحمراء ولصدور الحياة مصرًّا على أن المرأة كانت وستبقى لحاء السعادة الأنضر؛ ولم يبع في ذلك موقفًا مقابل قبّرة أو زنبقة ؛ وشاهدناه واثقًا بأن البقاء على هذه الأرض لن يتمّ إلا بنضال مشترك يقوده الأحرار من كل قوم وشعب وعرين.
كانت الليلة جميلة كخميلة ساحرة؛ ذهبت اليها مدفوعًا بحدسي وبقلقي؛ وخرجت، قبل اشعال الضوء، ممتلئًا بغصات وبحسرات، فمضيت افتش عن وعد وأسأل من يهبنا قائدًا يرفض أن يغمز جانبه كتغماز التين ويأبى أن يقايض جديلة بصك غفران أو أن يقعقع له بالشنان.
أعرف أن بعض الرفاق سيرفعون حواجبهم مفترضين انني تطفلت على زيّادهم؛ وأعرف، بالمقابل، أن آخرين من معسكر "الرفضاء" سيتهمونني بداء المغالاة والولاء "للطغاة".
لجميعهم أقول إنني استحضرت "توفيقي" الخاص، القائد الانسان والشاعر الانسان فغالبتني غصتي؛ ومن لم يشعر بها مثلي فليعد وليشاهد، مرات ومرات، ذلك الفيلم/الوثيقة فعساه يجد ضالته أو ربما أسمه مدرجًا ضمن لوائح الاتهام.
لم تنته الغصات ..



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حاج يرأس البنك القومي الإسرائيلي
- في موديعين والعفولة وكرم السلام، العنصرية واحدة والفاشية لا ...
- المشتركة في غرفة الانعاش من جديد
- عقارات باب الخليل ومسرح العبث
- لوحدنا لا نستطيع التغيير ولكن بدوننا لا يمكن أن يحدث التغيير
- أمير مخول أسير محرر أم أسير سابق؟
- النكبة وما أدراك ما النكبة
- -منتدى الحقوق المدنية- أفكار خارج المألوف
- المشوّهون
- والقول ما قالت الأمعرية
- انتخابات الكنيست هل من مفاجأة؟
- سأصوت،لن أقاطع
- كان في القدس سوق للخواجات
- الحركة الكسيرة الفلسطينية
- خاطرتان والطريق الى النجاة
- لا تتركوا الصناديق وخيدة
- الانتخابات، هواجس من اجازة مرضية
- القائمة المشتركة، بقايا نيزك
- أوقاف القدس في رعاية ملكية وحماية رئاسية
- القائمة المشتركة، نهاية مغامرة


المزيد.....




- -حميدتي-: مصر قصفت قواتنا وأمدت الجيش السوداني بطائرات صينية ...
- الجزائر تراجع اتفاق الشراكة مع أوروبا
- باريس: سنسلم كييف طائرات -ميراج 2000-
- قتل ويُتم وجوع وتداعيات مدى الحياة.. هكذا سلبت الحرب حقوق أط ...
- الخارجية الأمريكية: لبنان ينبغي ألا يتحول إلى غزة أخرى
- خبير شؤون إسرائيلية: إيران شماعة يعلق عليها نتنياهو فشله في ...
- دقلو -حميدتي-: مرتزقة من أوكرانيا في صفوف الجيش السوداني ودو ...
- هدم فندق في لاس فيغاس جراء التفجير
- -حزب الله- ينفذ 22 عملية نوعية ضد الجيش الإسرائيلي ويتصدى لم ...
- حماس وفتح تبحثان إدارة غزة بعد الحرب


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - غصّات، القائمة المشتركة وذكرى توفيق زياد